كلمة أ. د. ألكسندر أبي يونس في ندوة كتاب “فؤاد شهاب ما له وما عليه” للدكتور لويس صليبا، الجامعة الأميركية للتكنولوجيا، الفيدار-جبيل، الخميس 20 شباط 2025
ندوة حول كتاب البروفسور لويس صليبا
فؤاد شهاب : ما له وما عليه/ قراءة في تجربة حكم رائدة في تاريخ لبنان المعاصر
المكان: جامعة A.U.T. الفيدار الزمان: الخميس 20 شباط 2025 الخامسة مساءً
كلمة د. ألكسندر أبي يونس
كتب المبعوث الأميركي روبرت مورفي بتاريخ 2 حزيران 1964 ما يلي: “زاد تقديري الخاص لشهاب خلال الأسابيع الصّعبة في بيروت سنة 1958، ذلك لأنّه نذر نفسه للخدمة العسكريّة وإنّني متأكّد بأنّه لم يطلب الرّئاسة. ومع أنّ الطّموح السّياسي يبرز بسرعة لدى البعض، فإنّ شهاب يملك قدرًا كبيرًا من الإدراك والتّعقل. وقد قَبِلَ الرّئاسة على سبيل التّسوية لكون ذلك أمرًا ضروريًّا وأساسيًّا لإقرار السّلام في لبنان”. ويعتبر اللواء فؤاد شهاب، القائد العسكري الوحيد في الشرق الأوسط الذي وصل الى سدّة رئاسة الجمهورية من دون انقلاب عسكري كما كان يحصل في البلدان المجاورة والإقليمية، وقد انتخب في المجلس النيابي وقد ترشّح ضده ريمون إده حفاظًا على الديموقراطية.
لقد قرأ فؤاد شهاب بالكتاب وطبّقه، وله الفضل بفرض الأمن والاستقرار ما انعكس إيجابًا على ازدهار الاقتصاد، وعمد إلى استكمال بناء مؤسسات الدولة (مصرف لبنان-الضمان الاجتماعي-مجلس الخدمة المدنية-المشروع الأخضر….) وعلى تطوير الإدارة والمجتمع والجيش، ودفاعه عن السيادة اللبنانية (اجتماع الخيمة مع الرئيس عبد الناصر). بالمقابل، وعلى الرغم من الدور الأساسي الذي لعبه المكتب الثاني في حماية لبنان، إلّا أن تجاوزاته مع بعض الأفرقاء السياسيين بخاصة تجاه العميد ريمون إده، تعتبر جزئيًا من مسؤولية فؤاد شهاب.(مع إنّ قواعد أخلاقية جمعت الرجلين في ممارسة السياسة وفي النزاهة والتجرّد ونظافة الكفّ. لكنهما تباعدا بسبب تعارض عميق في المزاج، وأسلوب العمل، والمدرسة السياسية التي ينتمي إليها كل منهما).
يتساءل البعض عن الجدوى من هذا الكتاب الجديد طالما يوجد مراجع عدّة عن فؤاد شهاب. غير إن كتاب البروفسور صليبا قيمة علمية مُضافة، امتاز بصياغة مختلفة وبالجرأة وهذا واضح من غلافه، بالإضافة الى طرح قضايا ومسائل واجهت عهده الرئاسي، بخاصة أكلة الجبنة التي لا نزال نعاني منها حتى يومنا هذا، وتخوّفه من الطموح السياسي لقادة الجيش الذين سيخلفونه، ومن فقدان العدالة الاجتماعية. إحترَمَ الكاتب المنهجية العلمية، وقوانين البحث الأكاديمي، واستعرض معظم المؤلّفات التي تناولت فؤاد شهاب مثنيًا على بعضها ومنتقدًا بعضها الآخر. أما الجديد الذي أتى به هذا الكتاب فهو استناده على يوميّات الأب يعقوب السقيّم الذي كشف معلومات مهمّة عن الأمير كنا لا نزال نفتّش عنها بخاصة بعدما أحرقَ الرئيس أرشيفه. باختصارٍ، أرَّخَ البروفسور لويس صليبا بموضوعية عن فؤاد شهاب، فأعطاه ما له، وناقش ما عليه.
نرحّب بجميع الضيوف الأعزاء الذين كلّفوا أنفسهم عناء حضور ندوتنا، ونشكر المسؤولين عن الجامعة الأميركية للتكنولوجيا على دعوتنا، وقبل أن نبدأ بمداخلة الوزير السابق المهندس جان-لوي قرداحي، أَسرُدُ لكم هذه الرواية وبعض من سيرته الذاتية:
في العام 1959، زار المهندس لويس قرداحي الرئيس فؤاد شهاب مع وفدٍ جبيليّ للطلب منه بناء مدرسة رسمية لأبناء المنطقة كون جبيل حُرمت من الإنماء لفترة طويلة لأسبابٍ سياسية. وافق الرئيس شهاب على هذا المطلب ووعد بتلبيته حال توفّر المال. عندها بادر المهندس لويس قرداحي بالتبرّع ببناء هذه المدرسة شرط أن تتكفّل الدولة بتزويدها بالهيئة التعليمية. تفاجأ الرئيس شهاب وانتظر ليرى إذا كان بإمكان هذا الشاب تحقيق وعده. عندها طلب لويس قرداحي من والد زوجته شكري عدوان منحه قطعة أرض لكي يبني عليها ثانوية جبيل الرسمية. فوافق هذا الأخير معتبرًا هذا العقار الحصّة الوراثية لإبنته منى. وفي العام 1962، بنى المهندس لويس قرداحي ثانوية جبيل الرسمية على نفقته، وحلمه أصبح حقيقة.
أظهر الرئيس فؤاد شهاب تقديرًا للويس قرداحي على ما أنجزه بخاصة وإن هذا الأخير كان يرى في السياسة الشهابية التنموية والإصلاحية فرصة ذهبية مهمة لإنماء بلاد جبيل وتخليصها من الفقر والحرمان.
وفي السنة ذاتها لبناء ثانوية جبيل الرسمية، ولد جان-لوي قرداحي في بيتٍ شهابيّ، وقد حاز على شهادة في الهندسة سنة 1986 من سويسرا. وسنة 1995، افتتح مؤسسة لويس قرداحي الثقافية في جبيل التي تُأَرْشِف تاريخ المدينة بالوثائق والصور والقطع الأثرية. وفي العام 1998 انتخب رئيسًا لبلدية جبيل، وفي العام 1999 أصبح رئيسًا لاتحاد بلديات قضاء جبيل. عيّن وزيرًا للاتصالات ثلاث مرّات متتالية من تشرين الأول 2000 ولغاية نيسان 2005. لعب الوزير جان-لوي قرداحي دورًا فاعلًا في الحياة الاجتماعية والإنمائية والثقافية والرياضية والسياسية، وهو عضو في روابط وجمعيات عدّة أبرزها جمعية فرسان مالطة، وله 3 مؤلّفات.
الكلمة للوزير السابق المهندس جان-لوي قرداحي
الوزير السابق، الدكتور شربل نحّاس
أُنشئت وزارة التصميم العام في لبنان سنة 1954 خلال عهد رئيس الجمهورية كميل شمعون ورئيس الحكومة سامي الصلح، وتطوّرت هذه الوزارة خلال عهد الرئيس فؤاد شهاب الذي اشتهر بالتخطيط لمختلف المشاريع اللبنانية قبل أن ينفّذها. للأسف حُلَّت هذه الوزارة سنة 1977، ولو بقيت، لكان من المنطق أن يتبؤّها شربل نحاس ليكون الشخص المناسب في المكان المناسب، لأنه حائز على شهادة الهندسة والتخطيط من باريس، وشهادة الدبلوم في العلوم الاقتصادية، والدكتوراه في الانتروبولوجيا.
هو من مواليد بيروت سنة 1954، وكان أستاذًا محاضرًا في الجامعة اللبنانية لمدة 12 عامًا بين 1979 و1991. وكان مسؤولًا عن إعادة إعمار وسط بيروت بين عامي 1982 و1986. عمل في القطاع المصرفي حتى سنة 1998. وضع استراتيجية التنمية الاجتماعية في لبنان، وهذه لطالما ركّز عليها فؤاد شهاب الذي كان يقول: “المشكلة في لبنان هي فقدان العدالة الاجتماعية”.
نشر الدكتور نحاس أبحاثًا عدّة حول مسائل التعليم والهجرة والعمل. وعُيّن وزيرًا للاتصالات عامي 2009 و2011، ووزيرًا للعمل خلال عامي 2011 و2012. ويشغل منذ العام 2016 منصب أمين عام “مواطنون ومواطنات في دولة”، غير أن اللواء الأمير فؤاد شهاب كان يقول: “في لبنان سكّان، وليس فيه مواطنون”. وعندما أدلى شهاب ببيانه الأول في 4 آب 1958 إثر انتخابه رئيسًا للجمهورية، استبدل كلمة مواطنين بكلمة الشعب اللبناني، لقناعته بأننا لم ننجح بعد في التحوّل من شعب في دولة الى مواطنين في وطن”. فماذا يقول الوزير السابق الدكتور شربل نحاس؟
الكلمة الآن للدكتور محمد سلهب، الرئيس السابق لجامعة التكنولوجيا والعلوم التطبيقية اللبنانية-الثقافية. تأثّر بالمدرسة الشهابية، الأمر الذي دفعه الى المساهمة في تأسيس “التجمع الدستوري الديموقراطي”، واعتماد سياسة التثقيف والتوعية للرأي العام، والعمل بالحقل الأكاديمي.
ومسك الختام مع صاحب الكتاب البروفسور لويس صليبا