“لبنان الكبير: المخاض العسير شهداء لبنان في الحرب العالمية الأولى ودورهم في نشاة الكيان” كتاب للبروفسور لويس صليبا صدر عن دار ومكتبة بيبليون/جبيل في 405ص

“لبنان الكبير: المخاض العسير شهداء لبنان في الحرب العالمية الأولى ودورهم في نشاة الكيان” كتاب للبروفسور لويس صليبا صدر عن دار ومكتبة بيبليون/جبيل في 405ص وتجليد فاخر.

إنّه امتداد لكتاب المؤلّف “لبنان الكبير أم لبنان خطأ تاريخي” وهو حلقة في سلسلة ومشروع دراسات وبحوث في الكيان الناشئ 1920، ويصدر في إطار الاحتفال بمئويّة لبنان الكبير 1920-2020.

تستوقفنا بداية صورة الغلاف، وسائر الصوَر في الداخل، وهي كلّها لقطات فوتوغرافية حيّة للمجاعة في لبنان 1915-1917 بكاميرا المؤرّخ إبراهيم نعوم كنعان (1887-1984). والغلاف مشهد مروع: ربّ عائلة لبناني يشنق نفسه في منزله وسط جثث امرأته وأولاده الثلاثة الذين قضوا جوعاً. والمشنقة هي أبرز رموز تلك المرحلة العصيبة من تاريخ لبنان، إذ أُعدم عليها خيرة شبّانه وأعلامه. ولا يزال الوطن يُحيي ذكراهم في 6أيار من كلّ سنة. والكتاب بمعظمه مكرّس لهؤلاء الشهداء ودورهم في الإعداد لنشأة الكيان أي لبنان الكبير 1920.

والبداية من الإشكالية الأولى: وثائق القنصليّة الفرنسيّة في بيروت: لماذا تُركت هذه الأوراق المهمّة، ولم تُتلف قبل مغادرة القنصل الفرنسي جورج بيكو بيروت؟! وكيف نجح الأتراك في وضع اليد عليها؟ وبمساعدة مَن؟ وما كان دورها في تعليق العديد من أحرار لبنان والعرب على المشنقة. قيل الكثير بشأن هذه الوثائق، وتضاربت الآراء وتناقضت. وبين القَول والقول المضادّ يحاول الباحث أن يستجلي حقيقة الأمر معتمداً على المستندات، ولا سيما وثائق الخارجيّة الفرنسية التي نُشرت مؤخّراً وأوضحت الكثير من الملابسات. كما يغربل مختلف الروايات التي تحدّثت عن خيانة مترجم القنصليّة فيليب زلزل وإرشاده الأتراك إلى مخبأ القنصلية ويفنّدها. ليطرح في النهاية السؤال الكبير: مَن المسؤول عن هذا الخطأ الجسيم الذي أودى بحياة العشرات من أعيان اللبنانيين والعرب؟!

والفصل الثاني يروي سيرة الشهيدَين الصحافيَين الخازن، ويتوقّف عند دور الصحافة اللبنانيّة في زمن المتصرّفيّة في الدفاع عن امتيازات لبنان وتشبّثها بالمحافظة عليها، وسعيها، المعلَن تارة، والمضمَر طوراً، لتوسيع حدوده وإعادة ضمّ الأقضية التي سُلخت عنه مع قيام نظام المتصرّفية.

والباب الثاني يجمع وثائق تاريخيّة تتناول شهداء لبنان الكبير ودورهم، وأسباب إعدامهم، مثل شهادة الأب يوسف الخوري الذي عرف معظم المساجين في الديوان العرفي. يروي هذا الكاهن ذكرياته عنهم وما أسرّوا به إليه، ويرسم صورة حيّة عن الوضع في الديوان العرفي وفي عاليه، كما يتناول التوزيع الطائفي لهم: السجناء أكثرية مسيحية، والشهداء أكثرية إسلاميّة! والفصل التالي يتعقّب بيانات السفّاح جمال باشا بشأن ضحاياه الشهداء وقافلتَي 21 آب 1915 و6 أيّار 1916. ويورد أبرز الردود على هذه البيانات، ويحاول من خلال تحليل القول والقول المضادّ أن يستجلي الوقائع. وفي فصلٍ تالٍ يعرض المؤلّف نماذج ومستندات من تحقيقات الديوان العرفي عاليه، فيبيّن أنه كان مجرّد أداة بيد السفّاح. ويضرب مثلاً على ذلك: نصّ استنطاق فريد الخازن لم يُثبت أيّ جُرمٍ عليه، ورغم ذلك أُعدم مع أخيه!!

والباب الثالث يدرس جملة إشكاليّات تثيرها مسألة الشهداء.والأولى توزيعهم الطائفي: فشهداء القافلة الأولى كانوا كلّهم مسلمين، في حين أن أربعة من شهداء القافلة الثانية كانوا مسيحيين، مقابل 17 من المسلمين. ممّا تطلّب إضافة عددٍ من المسيحيين في سبيل توازن طائفي منشود فأعدم السفّاح الأخوَين الخازن في 6/6/1916، ولا نزال نعاني من مسألة التوازن الطائفي إلى يومنا هذا.

والفصل التالي يدرس دور الأمير شكيب أرسلان في تلك الحقبة: حُكي الكثير عمّا قام به، لا سيما وأنّه كان مقرّباً من الأتراك. وتضاربت الآراء بشأن هذا الدور وتناقضت. بعضُ أُسَر الشهداء اتّهمه بالعمل على إعدامهم، في حين ينسب إليه آخرون سعياً مشكوراً لتخليص عدد من المتّهمين. فما هي حقيقة كلّ ذلك؟

وفي الخلاصة، فهو كتاب يأتي في وقته، ويُجلي حقيقة الكثير من غوامض تلك الحقبة التي كانت حاسمة في نتائجها وتداعياتها وأوّلها قيام لبنان الكبير 1920.

شاهد أيضاً

مداخلة هشام أبو جودة ابن شقيق الصحافي ميشال أبو جودة في ندوة كتاب “فؤاد شهاب ما له وما عليه” لـ لويس صليبا، الجامعة الأميركية للتكنولوجيا AUT، الفيدار-جبيل، الخميس 20 شباط 2025

مداخلة هشام أبو جودة ابن شقيق الصحافي ميشال أبو جودة في ندوة كتاب “فؤاد شهاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *