المفقود والمردود من آثار الودود
كلمة في الذكرى السنوية للأب عفيف عسيران
عين سعادة 18/09/2012
أعزائي أحباء الأب عفيف وأهله:
نحن على قاب قوسين من ذكرى مرور ربع قرن على وفاة الأب عفيف عسيران، ولعلّ أثمن خدمة تُسدى إحياءً لذكراه هي جمع تراثِه وكتاباته وأبحاثِه المنثورة هنا وهناك وإصدارُها من ثَم مطبوعةً فـي كتاب أو مجموعة كتب تحوي آثاره الكاملة.
إنه مشروع أعمل على إتمامه منذ أكثر من عام، والتقرير الموجز الذي سأتلوه على مسامعكم الآن لا يهدف فقط إلى الإعلان عمّا أنجز حتى اليوم من هذا المشروع الكبير ، بل يسعى بالأحرى إلى التنبيه وطلب المؤآزرة فـي ما لم ينجز بعد، فأيةُ معلومة يمكن أن تفيد فـي البحث والعثور على ما لا يزال إلى اليوم مفقوداً من كتابات العفيف.
1 – آثار عفيف المردودة
ما جهز عندي حتى الآن مجلّد كامل يضمّ أبحاثه ومقالاته الفرنسية وقد قمت بترجمتها إلى العربية، كما يحوي آثاره المنشورة سابقاً. إضافة إلى عددٍ من الكتابات والمحاضرات غير المنشورة التي عثرنا عليها، وهو ما نسمّيه المردود من آثاره، ومن بينها محاضرة بموضوع الدعوة، ألقاها الأب عفيف فـي مدرسة الفرير/كفرياشيت فـي شمال لبنان فـي 04/06/1988 أي قبل شهرين من وفاته.
وقد سُجّلت المحاضرة المذكورة على كاسيت ڤيديو وفيها يعرض معلومات مهمّة عن اهتدائه وعماده ومحاولة اغتياله 1986، وجرى تفريغ محتوى الكاسيت وتدوينه نصّاً مكتوباً سينشر فـي المجلد الأول من الآثار الكاملة.
وفـي نصّ غير منشور له يذكر العفيف أنه قام بالتعاون مع الأب حنا يشوع الخوري بترجمة سِفر التكوين إلى العربية، وهذا العمل جزء من مشروع باشَرَه عفيف وقوامُه ترجمة نصوص الكتاب المقدس بلغة عربية قرآنية، وكان قد أصدر منه ترجمةً لمزامير داود.
اتصلنا بالأب حنا يشوع الخوري فـي شهر كانون أول 2011 وسألناه عن هذه الترجمة، ثم عاد وبلّغنا لاحقاً وفـي الشهر عينه أنه عثر عليها، وسيعمد إلى إنهاء العمل فيها وإعدادها للنشر.
ونحن إذ نشكر لأستاذنا الخوري يشوع تعاونه، نأمل أن يمدّنا بالنسخة الموعودة فـي أقرب وقت.
2 – الآثار العفيفية المفقودة
أما ما لا نزال نبحث عنه من الآثار العفيفية المفقودة فأبرزه التالي:
– كور فـي الفلسفة مطبوع على الدكتيلو، وهو عبارة عن مجموعة محاضرات ألقاها الأب عفيف فـي الجامعة اللبنانية/كلية الآداب فرع صيدا، حدثنا العديد من تلامذته عن هذا الكور المطبوع، ولم نجد حتى الآن نسخة منه.
– ترجمة رسائل القدّيس بولس إلى العربية، تحدّث عنها الأستاذ إبراهيم اللاذقاني فـي شهادته المخطوطة عنه وعنوانُها الرسول الثالث عشر فقال: باشر الأب عفيف عسيران بترجمة رسائل القديس بولس بأسلوب قرآني، ولكن مشيئة الله تمّت قبل أن ينهي هذه الترجمة. وبالفعل فقد عثرنا على مقتطفات من هذه الترجمة ضمن رياضة روحية بموضوع تأملات فـي المعمودية أقامها الأب عفيف فـي بيت العناية/الفنار فـي 04/12/1977.
ونأمل العثور على نصوص أخرى من هذه الترجمة، ونرجو مَن يعرف أي شيء عنها أن يفيدنا بما عنده.
– تعليم مسيحي Catéchisme موجّه للمسلمين. تحدّث عنه الدكتور أنطوان فرجالله فـي شهادته بالفرنسية المنشورة عن عفيف، فقال: “ألّف الأب عفيف تعليماً مسيحياً خاصاً بالمسلمين، وقد فُقد، ويجب العمل على العثور عليه لأنه فريد من نوعه”، (ص 20).
فعسانا نوفّق بمساعدة مَن يعرف شيئاً عن هذا التعليم فـي أن نضمّه إلى فئة المردود من آثاره بعد أن طال فَقْدُهُ.
ترجمة عربية لقانون رهبنة إخوة يسوع الصغار Règle de vie ذُكرت فـي وثائق وأرشيف الرهبنة وكاسيتات تجويد للقرآن بصوت عفيف مذكورة فـي الأرشيف عينه.
– أطروحة الدكتوراه فـي الفلسفة التي قدّمها الأب عفيف فـي جامعة لوڤان عام 1949 كما يذكر هو نفسه فـي نبذة عن حياتي.
لم نعثر حتى اليوم على أي أثر لها رغم جهود العديدين مِمَّن رَوَوا أنهم بحثوا عنها. فأيةُ معلومةٍ جديدة عن هذه الأطروحة قد تساعد فـي العثور عليها.
3 -دراسات الأب عفيف وتحقيقاته فـي التصوّف الإسلامي
نشر الأب عفيف نصوصاً محققة لشهيد الصوفية عين القضاة الهمذاني مع دراسة لها. بعضها بالعربية مثل شكوى الغريب عن الأوطان إلى علماء البلدان. صدر فـي طهران عام 1962 مع مقدّمة ودراسة قيمة، حصلنا على نسخة أصليّة من هذا الكتاب، وسيُنشر فـي المجلّد الأول من الآثار الكاملة.
– زبدة الحقائق فـي كشف الدقائق لعين القضاة الهمذاني حصلنا على نسخة منه تحوي مقدمة بالفارسية.
– التمهيدات/لعين القضاة الهمذاني نص ودراسة. وهي أطروحة دكتوراه للأب عفيف بالفارسية، نشرت لاحقاً فـي طهران، وبحوزتنا نسخة منها. وقد حصلنا كذلك على ترجمة لنص التمهيدات إلى الفرنسية قامت بها زميلتنا المستشرقة كريستيان تورتيل Christiane Tortel ونشرتها فـي باريس عام 1992 بعنوان: Les Tentations méthaphysiques.
ونحتاج أقلّه الآن إلى ترجمة دراسة عفيف ومقدمته من الفارسية إلى العربية.
– رسائل عين القضاة الهمذاني، نشرها الأب عفيف بالتعاون مع د. علي نقي منزوي، ونشرت فـي طهران فـي ثلاثة مجلدات، 1969 – 1972.
نحتاج أقله إلى ترجمة مقدمة عفيف ودراسته من الفارسية إلى العربية.
وفـي خلاصة عرضنا نقول
طالما أُخِذ على الأب عفيف أنه لم يكتب، أو كان مقلاًّ فـي الكتابة. وهو فـي الحقيقة، ورغم انشغاله بإدخال الفرح إلى قلوب هؤلاء الصغار، فقد ألّف الكثير، ولكنه لم يُعْنَ بحفظِ مؤلّفاته وتجميعها. وأكثر نصوصه الفرنسية والعربية اكتُشفت مبعثرة هنا وهناك بعد وفاته. ولا نزال نأمل بالعثور على المزيد منها لنردّه إلى حظيرة الآثار الكاملة لهذا الأب الودود.
وهكذا فكأن لسان حال عفيف كان يردّد ولا يزال:
هذه آثارنا تدلّ علينا
فابحثوا من بعدنا على الآثارِ
لذا علينا أن نجمع آثار عفيف كي يُتاح لنا أن نقتفي أثره ونسير على خُطاه.
متحف وموقع إلكتروني فـي سنة اليوبيل الفضي.
أيها الأحباء والأصدقاء:
لقد اجتمع لدينا حتى الآن من مخطوطات عفيف وآثاره ومخلّفاته ما يصلح إذا نُظّم وحُفظ لإقامة متحف له، فغرفة واحدة فـي المرحلة الأولى تكفي متحفاً لحبيبنا الأب عفيف عسيران قد تكون فـي مؤسسة العناية/الفنار أو فـي أي مكان آخر.
وما تجمّع لدينا يكفي كذلك لإقامة موقع إلكتروني للأب عفيف على الانترنت يعرض مخطوطات وكتب وأعمال له وغيرها، ويؤمّن التواصل مع الباحثين والمحبّين من كل أنحاء العالم.
وهذا بالإضافة إلى ما سنقوم بنشره قريباً عنه وهو كتاب فـي سيرته وفكره وآخر يضمّ المجلّد الأول من آثاره الكاملة كما أشرنا.
كلّها مشاريع عزيزة نأمل تنفيذها بمؤآزرتكم فـي سنة ذكرى مرور ربع قرن القادمة لرحيل الأب عفيف. وهي إذا ما تحققت، فستكون خيرَ وسيلةٍ لترسيخِ حضوره بيننا وإحياءِ ذكراه فـي قلوبِنا.
د. لويس صليبا
أستاذ وباحث فـي الأديان المقارنة
والدراسات الإسلامية/باريس ولبنان