- «الآثار الكاملة للأب عفيف عسيران»، كتاب صدر عن دار ومكتبة بيبليون، مع دراسة وترجمة وتحقيق للدكتور لويس صليبا في 610 ص. وتجليد فاخر.
الأب عفيف عسيران (1919-1988)هو حقاً غاندي لبنان. داعية لا عنف من الطراز الأول.
في الحرب اللبنانيّة الضروس، عمل على إطلاق مئات المخطوفين. وفي أحداث النبعة 1976، مشى أمامهم لا يهاب النار. ووقف بوجه الدبّابة الإسرائيلية حاملاً طفلاً رضيعاً، وعبر ولم يخشَ مدفعها، ولم يجرؤ سائقها أن يتعرّض له.
واليوم، يعود الحديث عن هذا الوليّ اللبنانيّ إلى الواجهة، مع رفع مطرانية بيروت والبطريركية المارونية دعوى تطويبه إلى روما.
ولم تسمح حياته القصيرة نسبياً، واهتماماته العديدة بجمع مؤلّفاته وكتاباته، فجاء من يجمعها عنه.
انكبّ د. لويس صليبا على تراث الأب عفيف. بعضه محاضرات ومقالات بالفرنسية، فترجمه إلى العربيّة، والبعض الآخر أحاديث ومحاضرات مسجّلة وغير مكتوبة، فدوّنها ونقّحها. وقسم ثالث، مخطوطات بقيت في أدراجه، ولم تعرف طريقاً إلى النشر.
رغم موقعه المميّز داخل الكنيسة المارونية، دعا الأب عفيف إلى العلمانية وإلى اعتماد قانون للزواج المدني الاختياري، يُقرَن بقانون أحوال شخصية علماني يطبّق على كل من يختاره من اللبنانيين. فمن بين أوراقه المخطوطة التي نبشها محقق آثاره الكاملة، واحدة تتناول أمنياته للبنان، نقرأ فيها: «أتمنّى لبنان دولة علمانية تضمن حريّات الأشخاص وحريّة المعتقد والتعبير وتمارس مبدأ العلمنة، ممارسة شاملة بعيدة عن أي اعتبار فردي أو جماعي».
وبشأن قانون الانتخاب، آثر الأب عفيف عسيران الدائرة الفردية. وممّا قاله في هذا الشأن: «علينا أن نجعل عدد النواب مرتبطاً بقاعدة ثابتة، كنائب لعدد معيّن من المواطنين بحيث إذا ارتفع عدد المواطنين، ارتفع عدد النواب. أما ترك العدد خاضعاً لمزاجية السياسيين وطائفيّتهم، كما هو الأمر عندنا، فدليل على تخلّف أساسي فادح.».
كلمات ووصايا كتبت في السبعينيّات من القرن الماضي ولا تزال تصلح حلولاً لكثير من المشاكل الراهنة.
الأب عسيران شخصيّة لبنانيّة مميّزة. وتأتي آثاره الكاملة التي تنشر لأول مرّة لتضعه في المقام الذي يستحقّ بين المفكرين اللبنانيين ودعاة الحلول السلمية والحوار المسيحي- الإسلامي.