“يقظة العالم اليهودي” لـِ إيلي ليفي أبو عسل، و “من تاريخ الصهيوينة في أرض الإسلام: دراسة لجذورها في المشرق وتلفيقاتها لتاريخه” بقلم أ. د. لويس صليبا. مجلّد موسوعي صدر مؤخراً، عن دار ومكتبة بيبليون في 650ص.
تضمّ هذه الموسوعة كتابين يتساويان حجماً، ويتواجهان طرحاً. “يقظة العالم اليهودي” ألّفه كاتب مصري صهيوني ونشره في القاهرة سنة 1934. وهو وثيقة فريدة وخطيرة عن جذور الحركة الصهيونية ونشاطاتها ومشاريعها في مختلف الدول العربية، ولا سيما في مصر وفلسطين ولبنان. ويعبّر الكاتب عن كلّ المطامع الصهيونية، ويعرض لما كانت تروّجه يومها من دعاية بشأن فلسطين. ومثل على ذلك ما زعمت عن نداء لنابوليون إلى اليهود لمساعدته على استعادة فلسطين يوم حاصر عكا. والنداء المزعوم مجرّد اختلاق صهيوني الغاية منه الادّعاء أن الأوروبيين سبقوا الصهاينة إلى الاعتراف بحق اليهود في فلسطين. كما تبيّن دراسة د. لويس صليبا التي تفنّد ادّعاءات أبو عسل واحدة تلو الأخرى.
وتتوقّف دراسة صليبا مطوّلاً عند شخصية حاييم فارحي خازن الجزّار والي عكّا، وخليفته عبدالله باشا. فهو وأبناء عمّه الصيارفة من آل فارحي في دمشق وبغداد واسطنبول كوّنوا نواة لوبي يهودي داخل السلطنة العثمانية، وكانوا يتحكّمون بتسمية الولاة وعزلهم، وبمقدّرات ولاية الشام حتى قيل عنهم: “الولاة ماسكون قرون البقرة وآل فارحي يأكلون حليبها” (ص100).
وقد لعب آل فارحي دوراً بارزاً وخطيراً في إزكاء نار الفتنة بين الشيخ بشير جنبلاط والأمير بشير الشهابي، فألّبوا الأول على الثاني حليفه. فنشبت حرب البشيرين التي قسمت جبل لبنان عموديّاً بين الدروز والموارنة، ومهّدت للفتن الطائفية 1841، و1860 (ص117). وما أشبه اليوم بالأمس.
وتضمّ هذه الموسوعة وثائق مهمّة وغير متداولة وخرائط عن الأطماع الصهيونية بمياه الليطاني (ص276-280) وغيرها. وهي بمختلف أقسامها دليل ضروري لكلّ من شاء أن يتقصّى خفايا تاريخ لبنان والمنطقة، وما بيّتت لهما إسرائيل ولا تزال من مطامع.