“في إصلاح المجال الديني” كتاب صدر مؤخّراً عن مركز دراسات الوحدة العربية/بيروت في 432ص.
يضمّ هذا الكتاب أعمال الندوة الفكرية التي عقدت في ت2/2016 في تونس، وشارك فيها نحو أربعين باحثاً من مختلف الدول العربية والأوروبية، مثل: عبدالإله بلقزيز/المغرب، لويس صليبا، عبدالغني عماد ووجيه قانصو/لبنان، محمد سليم العوا/مصر، يوسف الصواني/ليبيا، وغيرهم.
الموضوع موضوع الساعة. ففي ظلّ تصاعد النزعة التكفيرية والعنفية يغدو الوقوف على الحالة الدينية في البلدان العربية لتقويمها والبحث في إصلاحها مسألة ملحّة.
نقرأ في مقدمة الكتاب للدكتور يوسف الصواني مدير عام مركز دراسات الوحدة العربية (ص21): “إن المسألة المتعلّقة بإصلاح المجال الديني ليست منفصلة عن تلك المتعلّقة بدور الدين في الحياة والمجتمع، وكلاهما لا يمكن أن ينفصلا عن تفكيرنا بإعادة النهوض وتحقيق الأمن والسلام الاجتماعي أيضاً”
وفي بحث المفكر المغربي عبدالإله بلقزيز نقرأ (ص29): “إن الإعراض عن البحث في الإصلاح الديني يزيد من ترسيخ حال التأزّم في علاقات السياسي والاجتماعي بالديني، ويكرّس سلطان التقليد وقواه.”
أما د. لويس صليبا فتناول في بحثه تجربة الإصلاح الديني في المسيحية، وتساءل: “أين الخلل الذي أوجب الإصلاح في كل مرحلة من التاريخ المسيحي.(…) والخلل يعود أقلّه إلى التحول الكبير في مفهوم الكنيسة الذي حدث زمن الأمبراطور قسطنطين” (ص164). والإصلاح الحقيقي يخلص د. صليبا: “يكمن أساساً في إصلاح النظرة إلى الآخر، وتصويبها، والكفّ عن تكفيره…وفي تطهير النفوس والنصوص من شوائب العنف ورواسبه، وما نشهده اليوم هو أن ما أوّله تكفير آخره تفجير” (ص184).
واللافت في هذا الكتاب أنه لم يقتصر على الأبحاث المقدمة، بل ضمّ مجموعة النقاشات والحوارات التي كانت مثار تداول في كل جلسة. ففي مناقشة بحث د. عزيز العظمة وعنوانه: “الإصلاحيون النهضويون وفكرة الإصلاح في المجال الديني”، نقرأ للبروفسور لويس صليبا: “يتحدّث العظمة عن الكهانة والمؤسسة الكهنوتية في الإسلام، وإنني أوافقه الرأي: الكهانة في الإسلام أحد الفروق البارزة بين إسلام النصّ والإسلام التاريخي. ويبدو لي، في نظرة بانورامية إلى مختلف الأديان أن الكهانة، أو مؤسّسة رجال الدين، أمر واقع لا بدّ أن نقرّ به، وإن كان مخالفاً للنصوص التأسيسية لديانات متعدّدة”.
كتاب رصين وأكاديمي الطابع، يعرض لمسألة هي اليوم في صلب اهتمامات الخاصة والعامّة.