لماذا الحرب” كتاب جديد صدر عن المركز الدولي لعلوم الإنسان/بيبلوس، باللغتين العربية والفرنسية في 151+115ص.
يجمع هذا الكتاب أعمال المؤتمر الفلسفي الدولي 2016، والذي شارك فيه باحثون وفلاسفة من دول أوروبية وعربية منهم: د. الطاهر بن قيزة/تونس، البروفسور لويس صليبا/لبنان، الجنرال جان كلود أللار/فرنسا، د. سيلفي ماتيللي/فرنسا، وغيرهم.
في المقدمة يعرض مدير المركز د. أدونيس العكرة إشكالية المؤتمر، فبعد 11أيلول 2001 لم تعد الحرب حرباً بين دول وجيوش، بل هي حرب في مواقع حضرية، وحرب عصابات، و”حرب الشرطة”، وهي حشد لوسائل الحرب لبلوغ غايات هي من اختصاص الشرطة. وحين يتقدّم منطق الشرطة على المنطق القديم للحرب، لا يعود الأمر يقتضي التحضير للسلام، بل القضاء على الشرّ. (ص4)
ومن البحوث المقدّمة، دراسة عنوانها “العدو في حروب الإنترنت” بقلم الباحث المصري أحمد عبدالحافظ فواز، وهي تُظهر حِرَفيّة داعش العالية في استخدام الشبكة العنكبوتية للحشد والحرب النفسية والإعلامية، حتى إن عدداً من المسؤولين الأميركيين اعترفوا أنهم يلاقون صعوبات في التصدّي للآلة الإعلامية لداعش. (ص120).
ورغم قناعته بحتمية الحروب، فقد رأى العالم النفساني الشهير فرويد أن الثقافة والتربية هما أنجع الوسائل لمكافحة الحروب والحدّ من مخاطرها وحتمية وقوعها. تقول المحلّلة النفسانية د. رندة شليطا، في دراستها بالفرنسية (ص112).
ومن بحوث الكتاب المميّزة دراسة مطوّلة للبروفسور لويس صليبا في 75ص، عنوانها: “الحرب في البوذية وفي المسيحية: دراسة مقارنة لتجربتي الأمبراطورين أشوكا وقسطنطين”. كان الأمبراطور الهندي أشوكا (304-232 ق م) رائداً في التسامح الديني، فأسّس أول دولة علمانية، بالمفهوم الحديث، في التاريخ، (ص58)، واتّخذ التدابير اللازمة لتعليم النساء (ص62)، وأسّس أمبراطورية عظمى مسالمة تمتنع عن شنّ الحروب على جيرانها، رغم ما تمتّعت به قوّة وقدرات. وهو وتلميذه المعاصر غاندي الذي سار على خطاه أصدق برهان على أن السلام بين الدول والشعوب وفي المجتمعات أمر ممكن، وليس مجرّد مثاليات.
والخلاصة فهو كتاب يتناول موضوعاً آنياً، بل موضوع الساعة، فكل المجتمعات تعاني اليوم من الإرهاب، وهو يقارب موضوعه بروح أكاديمية مميّزة ومنفتحة.