تعريف وغلاف ومقدمة وفهارس كتاب “الآثار الكاملة للأب عفيف عسيران”/ تحقيق ودراسة وترجمة لويس صليبا

تعريف وغلاف ومقدمة وفهارس كتاب “الآثار الكاملة للأب عفيف عسيران”/ تحقيق ودراسة وترجمة لويس صليبا

 

المؤلّف/Author     : الأب عفيف عسيران (1919 – 1988)

المحقق/المترجم       : د. لويس صليبا Dr Lwiis Saliba

أستاذ وباحث في الأديان المقارنة/باريس.

عنـوان الكتاب        :    الآثار الكاملة

Title                    :  Complete works of Afif Oussairan

عدد الصفحات       : 608 ص

سنة النشر           : طبعة أولى: 2015.

الـنـاشـــــــــــر            :        دار ومكتبة بيبليون

طريق المريميين – حي مار بطرس- جبيل/ بيبلوس ، لبنان

ت: 540256/09-03/847633 ف: 546736/09

www.DarByblion.com

Byblion1@gmail.com

2015 –  جميع الحقوق محفوظة

 

مدخل إلى الآثار الكاملة

للأب عفيف عسيران

تضخّم حجم مجلّد الآثار الكاملة ”للأب عفيف عسيران“ هذا بحيث لم يعد التوقّف مطوّلاً عند كتاباته والتبصـّر فيها بالأمر المتاح، أقلّه هنا. لذا سنقصـر كلامنا على الضـروري الواجب معرفته لفهم نصوصه ومناسباتها وظروفها ومنهجنا في جمعها وتحقيقها وترجمة الفرنسـي منها.

والقسم الأول من الكتاب مجموعة دراسات لنا في فكر العفيف وآثاره تقدّم مدخلاً جيداً لهما، وتغنينا عن التوسّع في ذلك. وبعض فصول القسم الأول المذكور بحوث ومداخلات قدّمت في مناسبات ومؤتمرات خاصة بِـ”أبونا عفيف“. وقد حرصنا في كل مناسبة ومداخلة، أن لا نكرّر ما سبق وقلنا، وأن ندرس ناحية أو جانباً من فكر عفيف وروحانيته لم تسبق دراسته من قبل. وليس هذا وحسب، بل إننا عمدنا، وعن سابق تصوّر وتصميم، إلى اختيار مواضيع لهذه المداخلات تتسلسل بحيث يكوّن مجموعها دراسة واحدة منسجمة الأقسام.

فالفصل الأول ”محق الأنا طريق الملكوت“ يدرس عفيفاً في تفاعله مع الصوفيّة ولا سيما تيار الملامتية وعين القضاة الهمذاني (ت525 ه) الذي قضـى ردحاً طويلاً من الزمن يدرس آثاره ويحققها.

والفصل الثاني ”المفقود والمردود من آثار الودود“ مدخل ضروري موجز إلى آثار العفيف: ما فقد منها وما استردّ، وما نأمل أن نعثر عليه، فنلحقه بآثاره الكاملة. ولا يزال السعي جادّاً في البحث عمّا فقد، وعسـى المجلّدات اللاحقة من الآثار الكاملة لعفيف تضمّ بعضاً منه أو جلّه.

والفصل الثالث:”حكاية صحبة وقداسة شهيد“ شهادة شخصية لي: ما تعلّمته من عفيف خلال صحبتي الطويلة لهذا الوليّ ودخولي في تفاصيل سيرته وخفاياها وتدقيقي في الكثير من أحداثها وتواريخها. ما الذي جعلني أتورّط في مشـروع بحث روحي وأكاديمي في آن طويل الأمد كهذا؟ وماذا أفدت منه في حياتي الروحية والفكرية؟

أما النقطة الثانية التي تضمّنها الفصل الثالث فرؤيتي لقداسته، ولا سيما اعتباره شهيداً لإيمانه ومسيحه بكلّ ما في هذه الكلمة من معنى، إذ كان في عمله في الجنوب مشروع شهيد متنقّل كاد يسقط ضحية محاولة اغتيال مرسومة ومدبّرة.

والفصل الرابع ”كاهن مسيحي في خدمة فقراء المسلمين“ يبحث في المنهجية التي اعتمدت لكتابة سيرة هذا الوليّ البارّ والرسالة التي يوجّهها إلى إنسان اليوم، ولا سيما ابن هذا الوطن الصغير ”لبنان“ صاحب الهويّات المتعدّدة، بل والمتناقضة أحياناً.

والفصل الخامس ”ذو الوفائين“ يدرس الأثر الشيعي في مسيحية عفيف وتفاعله مع تراث أجداده، ولا سيما إرث الشهادة ممثلاً بالحسين، وإرث الصلاة والدعاء ممثلاً بابنه علي بن الحسين زين العابدين السجّاد. وهذا المجلّد يضمّ ما حقّقه العفيف من أدعية هذا الإمام.

ويتوقّف الفصل الخامس عند جدلية الانتماء المزدوج لعفيف إلى الإسلام والمسيحية في آن، فيُكبر فيه وفاءه الكامل والصادق لكل منهما، ويستخرج منه العبَر للإنسان، اللبناني خصوصاً والعربي عموماً، الضائع والحائر في زمن التعصّب المقيت والإرهاب المجرم هذا.

ويخلص الفصل إلى أن العفيف إحدى الزوايا الثلاث للمثلّث الماروني المعاصر العظيم الذي كان رائداً فذّا واستثنائياً في محاورة الإسلام وفهمه.

والفصل السادس يقرأ تجربة العفيف الروحية والصوفية من زوايا متعدّدة: مسيحية وإسلامية وهندوسية ، ويظهر بالتالي اتساع مداها وشموليّته، وينقل عدداً من الشهادات غير المنشورة في سيرته وفي الكتاب الذي يرويها..

والفصل السابع يتناول واحداً من أبرز محاور التعليم العفيفي: المعمودية. ومن ميزات التجربة العفيفية أنها خبرت أوجه المعمودية الثلاثة: معمودية الماء والدم والشوق، فكانت لهذا الوليّ البارّ وقفة تأمل عند كل منها. معمودية الماء كانت الرؤيا المسيحانية جسر عبوره إليها، فهي مفتاح سرّه، وفحوى سريرته. أما معمودية الدمّ فقد علّمها وعاشها، وهو الذي كاد يذهب ضحية حدّ الردّة الجائر. ولعفيف في معمودية الشوق اختبار فريد مع والده نرويه ونستخلص أمثولة قيّمة منه تبيّن لنا كم كان فعل المحبّة ورفض التحدّي والتشهير والإشهار متجذّراً في وجدانه وشخصيّته.

والفصل الثامن ”مهتدٍ أم مرتدّ أم عابر“ دراسة موسّعة للمصطلحات: العفيفية والتي يمكن استخدامها في نعت عفيف ودراسة عبوره إلى المسيح. ماذا نسمّيه: أهو مهتد؟ أم مرتدّ؟ أم ماذا؟ وكل تعبير يجرف معه كمّاً من الانطباعات والأحاسيس، بل والمواقف المسبقة.

يدرس الفصل الثامن المصطلحات العفيفية قلنا ومن هنا المبرّر الأول لحضوره في هذه الدراسة إذ لا يمكن فهم أي مفكّر أو متصوّف أو عالِم من دون النظر في عباراته المفاتيح. فلكلّ  مفكّر مصطلحاته. والتعرّف إلى أي عَلَم يتمّ بواسطة تحديد مفاهيمه الأساسية. فالإنسان يكون ما يكون معجمه. ومعجم شخص، أي المصطلحات التي يكثر استعمالها وتميّزه، هو ذلك الشخص، بمفهومه واهتماماته، بإسقاطاته ومسلكه الواعي يقول علماء النفس([1]).

والتعرّف إلى أرباب التصوّف من مختلف الثقافات، وعفيف واحد من البارزين منهم لا يمكن أن يتم إلاّ من خلال تماسّ عام ودخول إلى قلب المذهب الصوفي والبحث في مصطلحاته ومفرداته ومعاجمه، ومن هنا فالفصل الثامن يتناول بعض المصطلحات العفيفية بالعرض والتحليل للدخول إلى عالم هذا المفكّر/المتصوّف من الباب الواسع وفهمه حق الفهم.

وفي البحث في المصطلحات وأصولها وفقهها، كان لا بدّ لنا من وقفة تأمّل في حدّ الردّة القاتل، وكم أزهق من أرواح أبرياء حتى يومنا هذا. وبينّا في الدراسة أن هذا الحدّ أمرٌ محدث، فلا أثر له لا في القرآن ولا في السيرة النبوية، ومع ذلك فلا يزال سيفاً جاثماً فوق رؤوس المفكّرين في العالمين الإسلامي والعربي، في تحدّ صارخ لأبسط حقوق الإنسان في حرّية المعتقد والرأي.

والفصل التاسع يتوقف عند عفيف عسيران المفكّر التوماوي، فيعرض للجانبين النظري والعملي في سيرته وروحانيته: المعرفة والعمل قطبان في حياة كل وليّ سالك، وقد استأثر الثاني بمجمل اهتمام عفيف ونشاطه وعلى حساب الأول. ومع ذلك تبقى له إلماعات ولمحات برّاقة ومميزة على صعيد الفكر. وهذا المجلّد يجمع إرثه الفكري والمعرفي صوناً له من الضياع.

وتبقى إشارة إلى أن هذا الفصل والذي يليه (فصل 10) سبق أن نشرا في كتاب سيرة عفيف.

والفصل العاشر والأخير يتوقف عند معْلَمين من أبرز معالم روحانية العفيف تفجير الأنا وحب الأعداء. محوران مترابطان، لم يتعب عفيفنا من الدعوة إليهما ولم يكلّ. ويصعب فهم روحانيته وكتاباته بمعزل عنهما. ومن هنا إعادة نشر هذا البحث في مجلّد الآثار الكاملة هذا.

ومحق الأنا يستلهمه عفيف من التراثين الصوفيين المسيحي والإسلامي، وفي هذه النظرة المنفتحة والمقارنة تكمن ميزة تعليمه في التجرّد والتخلّي ونكران الذات وتفريغها.

أمّا حُبّ الأعداء والذي يبدو شرطاً أساسياً ومعْبَراً ضرورياً للوصول إلى تفجير الأنا، فكان العامل الحاسم في عبور العفيف نحو المسيح. وقد وجد فيه ضالّة افتقدها وبحث عنها، ولم يلقها إلاّ في تعليم الناصري، فلم يتردّد في اتخاذ القرار الصعب وتبنّي هذا التعليم وعيشه.

والدراسة بفصولها العشرة هذه من شأنها أن تمنح القارئ مفاتيح ضرورية لولوج عالم العفيف وآثاره وروحانيته. وهذا ما يتيحه القسم الثاني من هذا المجلّد والذي يجمع ما وصلنا حتى الآن من نصوص عفيف ومؤلفاته ومخطوطاته ورسائله. ومحاضراته باللغات الفرنسية والعربية واللبنانية. وكتابات العفيف، قدس أقداسه، بيت قربانه ومحرابه، فلندخلها بوقار وإجلال.

والباب الأول جمعنا فيه كل ما ترك لنا الأب عفيف من نصوص في السيرة الذاتية. وهذه النصوص كانت العمود الفقري للسيرة التي جمعناها وكتبناها له.

وقد عرضنا لكل نصّ بتوسّع في مدخل منهجي إلى هذه السيرة أسميناه:«دراسة نقدية لمصادر السيرة العفيفية([2]) ولن نكرّر هنا ما قلناه هناك. لذا نكتفي بتعريف مختصر عن كل فصل.

فالفصل الأول ”نبذة عن حياتي“ نص كتبه عفيف بعد محاولة اغتياله 1986، واكتشف مخطوطاً في درج مكتبه بعد وفاته، فجاء بمثابة وصية روحية له. وهو الوثيقة الوحيدة التي تحدّث فيها عن الرؤيا التي كانت سبب عبوره إلى المسيح.

وفي هذه الوثيقة، وفي سائر ما ترك عفيفنا من نصوص في السيرة الذاتية، لا نبحثن عن تواريخ دقيقة للأحداث، فهو لم يكن يعبأ بذلك. وعفيف يقول عنه تلميذه ورفيقه د. حسن عواضة كان كلّ شيء إلاّ التنظيم.

والفصل الثاني مقابلة أجرتها الصحافية بدر الذوقي مع الأب عفيف عام 1986، ونشرت في مجلة ماغازين إكو ثم في كتاب عفيف عسيران مَن هو (ع.ع) ([3]).

والفصل الثالث ”شهادة ذاتية“ جزء من محاضرة بالفرنسية ألقاها الأب عفيف لدى راهبات الفرنسيسكان 1966. وقد نشر مترجماً إلى العربية في ع.ع (ص167 – 172). أما القسم الثاني من المحاضرة فقد عمدنا نحن إلى ترجمته ونشرناه في هذا المجلّد في باب 3/فصل 2 بعنوان بين المسيحية والإسلام والسنة والشيعة وسيلي الحديث عنه.

والفصل الرابع ”شهادة التحوّل إلى المسيحية“ شهادة شفوية أدلى بها العفيف إلى الأب يوحنا كوكباني ونقلها هذا الأخير وكتبها بعد وفاته، ونشرت في ع.ع ص 127 – 131 تحت عنوان ”أبونا عفيف“.

والفصل الخامس/باب1 ”محاضرة الدعوة“ ألقاها الأب عفيف عسيران في مدرسة الفرير/كفرياشيت-قضاء زغرتا في 04/06/1988. أي قبل شهرين من وفاته 02/08/1988. سجّلت المحاضرة على كاسيت فيديو. ولا أخفي أنها من أكثر الفصول التي استغرقت جهداً. فبعد تفريغ الكاسيت على الورق كنت أمام خيارين:

إما نقلها من اللغة اللبنانية (العامية) إلى العربية الفصحى، أو تركها كما هي. بدأت بالخيار الأول، فلاحظت أنه يستغرق من الجهد والوقت أكثر ممّا تتطلّبه ترجمة نصوص عفيف الفرنسية. فاللغة اللبنانية لها قواعدها وصيغها التي تختلف عن الفصحى. ولكن ليست هذه هي المشكلة الأولى. فالأب عفيف ألقى محاضرته هذه شفوياً وارتجالاً ومن دون الرجوع إلى أيّ تصميم أو مخطّط للأفكار الرئيسية والمواضيع، ومن دون الاستعانة بأي مفكّرة Aide mémoire، فجاء نصّه ”دكمة“ وخامة قماش واحدة لا تتجزأ ولا تتبع تسلسلاً. فهو يقفز من فكرة إلى أخرى، ومن موضوع إلى آخر، من دون مقدّمات، ولا سابق تصوّر أو تصميم. لذا ارتأيت في النهاية وبعد محاولات عديدة، إبقاءها على حالها. ونقلها بلغتها المحكيّة الخام، حفاظاً على ”نكهتها“ وأصالتها في آن. والمحاضرة هذه حَوَت كنزاً من المعلومات والأفكار: معطيات عن سيرته وأحداثها ومحاولة اغتياله، ومحاور فكره وروحانيته. لذا كثر اقتباسي عنها في كتاب سيرته. ولكنني في الاقتباسات عمدت إلى نقل ما آخذ إلى العربية الفصحى حفاظاً على وحدة اللغة.

وكنت أودّ أن أقسم النص إلى فقرات يعلو كل منها عنوان فرعي، ما يساعد على المطالعة والعودة إلى فكرة أو موضوع ما. ولكن تداخل المواضيع والأفكار المشار إليه آنفاً منع أي تدبير من هذا النوع. فاقتصر عملي على نقل أمين للنص، وبإملاء أقرب ما يمكن إلى اللسان العربي الفصيح، ووضعت الأسئلة التي طُرحت على الأب عفيف بخطّ عريض عساها تحلّ محلّ العناوين.

وبمحاضرة الدعوة نختم الباب الأول، وننتقل إلى الباب الثاني وهو يجمع المؤلّفات التي نشرت سابقاً. وأولها درب الكمال وقد لاقى هذا الكتاب استحساناً ورواجاً بين القرّاء، فطبع مثنى وثلاث حتى يومنا هذا. فأخذنا النصّ عن الطبعة الثالثة 2006. وأوّل ما يجب أن نلفت قارئ درب الكمال إليه هو أن الكتاب ليس مجموعة نصوص مكتوبة بقلم المؤلّف، بل هو بالحريّ من فئة ما يعرف في التراث العربي بِـ”الأمالي“. فالأمالي مفرد أملية: أقوال وملخّصات وما يُملى. ودرب الكمال مدوّنات من محاضرات وأحاديث لعفيف كتبها تلميذه الحبيب وصديقه المحامي رامز سلامه. وحفظها واحتفظ بها. وأنقذ بتنبّهه هذا جانباً مهمّاً من تراث العفيف. وبعد وفاة المعلّم قام التلميذ بنشر ما دوّن من أقوال العفيف ومحاضراته مستعيناً، كما أفادنا([4]) بمدوّنات تلميذ آخر هو جورج خوري. وقدّم للكتاب بتنبيه إلى القارئ جاء فيه:«هذه الكلمات نطق بها الأب عفيف عسيران في لقاءات عقدناها معه في بيروت خلال السنوات الأربع التي سبقت وفاته في آب 1988. إنها رؤوس أقلام دوّناها لمنفعتنا الشخصية من أحاديث عفوية كان يعطيها، وقد نقلناها في هذا الكتيّب بحرفيتها دونما أي تعديل. لذلك يتعيّن على المطالع أن يقرأها ليس كنص متكامل ومتتابع، بل كعبارات مكثفة وغير متّصلة يحسن على العموم التوقّف بعد كل منها لأجل الاستيعاب والتأمّل. أدركنا أن للأب عسيران كنزاً داخلياً كبيراً جداً متأتياً خصوصاً من توافق حياته التامّ وهذه الأحاديث التي سمعناها، فوددنا نقل هذا الكنز على صفحات ليغرف منه العدد الأكبر من الذين ينشدون الحق والكمال».

بيروت، حزيران 1989

ر. ج. س([5])

وتنبيه سلامه يغني عن الكثير من الشرح. فدرب الكمال مجموعة أمالي من كلمات الأب عفيف وأقواله وأحاديثه ومحاضراته دوّنها المحامي رامز سلامة في حينها لاستخدامه الخاص، ثم عاد وأصدرها في كتاب مستعيناً بأمالي تلامذة آخرين. ويلفتنا في كلام سلامه تركيزه على أن أهمّية أقوال عفيف وحكمه هذه تكمن في أنها مطابقة تماماً لسيرته وأعماله، إنها ميزة عفيف الأساسية: قال ما عاش وعاش ما قال. كلامه إذاً معرفة اختبارية. والكلمة المعيوشة والمختبرة تختزن الكثير من الطاقة الخلاّقة والإيجابية وتوصلها إلى السامع والقارئ. إنها طاقة الصدق Satya بمفهوم اليوغا القادرة على صنع المعجزات أو نقل الجبال كما يقول الناصري في إنجيله. ومصداقاً لذلك فما على القارئ إلاّ أن يجرّب.

والفصل الثاني نصّ قصير بعيد المغازي عميق المعاني، دعاه عفيف ”قلب رسالة عيسى“ وتركه مخطوطاً، فنشر بعد وفاته. ويظهر من العنوان أن الكاتب يتوجّه بالدرجة الأولى إلى قارئ عربيّ مسلم، ومن هنا استخدام التسمية القرآنية ليسوع: عيسى. أراد عفيف أن يوصل إلى القارئ جوهر رسالة عيسى: حُبّ العدوّ، بذل الذات ونكرانها وتفريغها، فموت الصليب هو موت للأنانية. وتلفتنا معادلة العفيف المصرّة على رسالة اللاعنف إلى أمّة لم تعرف في تاريخها وتمجّد أكثر مما عرفت السيف ومجّدته. يعلن الخوري عسيران بلهجة الواثق: خير مقاومة للشرّ هي في محبّة الشرير. والخلاصة فهذا الكتيّب الصغير يحوي لبّ تعليم أبونا عفيف وجوهر روحانيته، وقد نقلنا نصّه الكامل عن الطبعة الوحيدة له([6]).

والفصل الثالث ضمّ الكتيّب الثالث والأخير مما نشر من نصوص الخوري عسيران بعد وفاته:”مدخل ضروري لكل حوار([7]) والحوار مصطلح مفتاحي أساسي في فكر عفيف وروحانيته، ويلاحظ قارئ هذا المجلّد أنه كتب عن الحوار مراراً وتكراراً. فأبونا عفيف رجل الحوار بامتياز، ولم يتعب من الدعوة إليه طيلة حياته: حوار بين الإسلام والمسيحية، حوار بين مختلف طبقات المجتمع وأطياف الشعب اللبناني… الخ.

وننهي هذا الفصل بالوصايا العشرين للأب عفيف نقلناها عن كتاب عفيف عسيران مَن هو([8]). وهي بجملها الموجزة والمعبرّة أصدق تلخيص لروحانيته وفلسفته في الحياة.

والباب الثالث مخصّص لكتابات العفيف الفرنسية والتي نقلناها إلى العربية.

ولا نخفي ما بذلنا من جهد في تعريب نصوص العفيف. وقد آلينا على نفسنا أن نضع نصّاً عربياً يستلهم عباراته ومصطلحاته وأسلوبه في الكتابة. وأسلوب أبونا عفيف الفرنسي لا يقلّ صنعة ومتانة عنه بالعربية، لذا فتعريب أعماله الفرنسية ليس بالأمر اليسير، ويتطلّب إعمال فكر وبحث عن الصيغ والتعابير الأقرب إلى روحية النص وعمارته. وقد عرضنا النصوص المترجمة على أستاذنا د.حسن عواضة تلميذ العفيف ومَن له خبرة في ترجمة عدد من كتاباته، فلخّص لنا رأيه بجملة أنصفت مجهودنا، وشجّعتنا على المضيّ في نشره إذ قال: إنها روح العفيف وأسلوبه.

والفصل الأول/باب3 محاضرة ألقاها الخوري عسيران في روما في 22/10/1974 وعنوانها: الكنيسة والإسلام. وهي من الأهمية بمكان، إذ إنها تلخّص رأيه في دين الأجداد وموقفه منه.

ويعبّر عفيف في مستهل محاضرته عن حبّه للتصوّف الإسلامي، فالمتصوّفة «هم خميرة الحياة الدينية في أرض الإسلام (…) ولم يتوقّفوا عن تحمّل الاضطهاد بل وحتى الاستشهاد» ويرى أبونا عفيف أن «ما من أحد من المتصوّفة شكّك ببشارة الإنجيل». ويكاد يصبّ ماء المعمودية على رؤوس الكثيرين منهم. والخلاصة فنظرة الخوري عسيران إلى الصوفية تدور في فلك مدرسة ماسينيون ولا تخرج عنها.

ويتحدّث أبونا عفيف عن كنيسة الإسلام في البلدان العربية والإسلامية (فقرة تأثير الحضارة الحديثة)، وهنا تبدو لهجته ودودة وفخورة في آن، فيطرح المعادلة التي طالما دافع عنها: لن تثبت كنسية الإسلام في أي بلد وترسخ إلاّ إذا أوجدت لها نظاماً ولاهوتاً وليتورجية مستوحاة كلّها من ثقافتها، فهي إذا اكتفت باستيراد لاهوت الغرب وليتورجيته، ولم تنتج ما يختصّ بها ويتوافق وثقافتها وشخصيّتها الأساسية، فستفشل حتماً. ويغمز الخوري عسيران من قناة الكنائس الشرقية، فيعتبرها عائقاً بوجه الأنجلة لأسباب عديدة أبرزها قصور ليتورجيّتها وغياب أعمال الإحسان والمحبّة عن مختلف نشاطاتها، فخدماتها التربوية والصحّية لا تقدّم للمسيحيين ولا للمسلمين إلاّ بأغلى الأسعار (فقرة الكنائس الشرقية).

ويخلص الخوري عسيران إلى مجموعة من المقترحات والمطالب يعرضها أمام رؤسائه الروحيين الذين يلقي على مسامعهم هذه المحاضرة، وأبرزها إنشاء مركز ليتورجي يعمل على تطوير ليتورجيا خاصة بالمسلمين المهتدين، وإعادة تنشيط أعمال البرّ التي يستفيد منها المسلمون في بلدان الأنجلة وغير ذلك.

ولنفهم محاضرة العفيف حق فهمها يجدر بنا أن لا ننسى أنه يتوجّه فيها إلى جمهور غربيّ، بل وتحديداً إلى إكليروس روماني، ومن هنا تركيزه عل نقاط تهمّ هذا الأخير وتحفزه: البشارة، المهتدون ليصل إلى ما يريد:

1 – إعادة تفعيل الأنشطة التربوية والاستشفائية المجّانية وسائر الأعمال الخيرية، والتي هي برأيه من أساسيات أعمال كنيسة المسيح ويجب أن يستفيد منها المسيحي وغير المسيحي في آن ومن دون تمييز.

2 – إنشاء كنائس محليّة في كل بلد تستجيب لمتطلّبات المنضوين إلى كنيسة المسيح المحليين فلا يكون عبورهم اغتراباً عن ثقافتهم وتقاليدهم، كما تمدّ جسور حوار ولقاء باتجاه غير المسيحيين ولا سيما المسلمين منهم.

والخلاصة فمحاضرة الكنيسة والإسلام نصّ أساسي ومفتاحي لفهم علاقة عفيف بالإسلام وموقفه منه ورؤياه لأسس الحوار المسيحي-الإسلامي والعلاقات عموماً بين المسيحية والإسلام.

والفصل الثاني/باب 3، قسم من محاضرة ألقاها الأب عفيف في دير راهبات الفرنسيسكان/بيروت1966 وسبق الإشارة إليها. وفي القسم الذي ترجمناه وننشره في هذا الفصل يتناول أبونا عفيف بعض الفروقات الأساسية بين السُنّة والشيعة لا سيما في مجالات العقيدة وعلم الكلام. ويقارن بين دور الإمامة والأئمة المعصومين في التشيّع الإثني عشري ودور الكنيسة في المسيحية. وقد تناولنا مقارناته هذه بالعرض والبحث في قسم 1/فصل5. كما يتوسّع في جدلية انتمائه المزدوج إلى المسيحية والإسلام ممّا عرضنا له في الفصل عينه. ولا ضرورة لتكرار كل ذلك هنا.

والفصل 3/باب3: شارل دو فوكو عاشق المسيح وعابد حضوره الحقيقي هو الآخر محاضرة للأب عفيف عسيران، نشرت ضمن محاضرات ثلاث دار السلام Mardis de Dar Es-Salam([9]) في كتاب صادر في باريس 1959، وقد وقّع الأب عفيف محاضرته هذه بالحرفين الأوّلين من اسمه وشهرته باللاتينية. ويبدو أنه كتب هذا البحث عندما كان راهباً من إخوان فوكو. والمحاضرة هذه تتيح لنا اكتشاف مصادر الروحانية العفيفية في تركيزها على عبادة الأفخارستيا أي القربان المقدّس.

وواقع الأمر أن نقاط الالتقاء والشبه بين العفيف والطوباوي شارل دو فوكو (1858 – 1916) (طوّب 2006) عديدة، ولا تقتصر على الروحانية القربانية. فكل منهما ملحد اهتدى إلى المسيح. وكلّ كان للإسلام أثرٌ في اهتدائه. نقرأ كلمات عفيف عن مسار دوفوكو فنخاله يتحدّث عن مساره الشخصي.«فما العمل أمام هذا الاختلاف العميق؟ هل يستمرّ يعيش إيمانه آخذاً بعين الاعتبار فقط ما يوحّد الديانات الكبرى الثلاث من دون الاهتمام بما يفرّقها؟! وهل يبقى في توحيد مبهم يتيح له أن يؤمن بالله، ويحيا مع ذلك وكأنه غير موجود؟! إن صدقه وإحساسه الحادّ بالمطلق لا يسمحان له بذلك» (باب3/فصل3).

ويستأنف عفيف حديثه عن مسار دو فوكو:«وطفق شارل يقرأ ويدرس ويبحث ويسأل ويتأمّل. ولكنه بالأخصّ كان يصلّي. وبيّنت له بحوثه أن الأناجيل صحيحة، وأنها بالتالي تحوي سيرة يسوع الناصري وتعليمه كما رواها تلامذته» (م. ن).

لقد مرّ عفيف الباحث بالتجربة نفسها وأوصلته إلى النتيجة عينها، كما روينا في سيرته([10])، وكما يروي هو نفسه في باب 1/فصل1 وفصل2.

وهل نعجب بعد ذلك من الرابطة الروحية العميقة التي جمعت بين عسيران ودو فوكو؟!

أما حديث عفيف عن دو فوكو عابد حضور المسيح الحقيقي في القربان، فكان حافزاً مباشراً لنا لاختبار شخصيّ لهذا الحضور في خلوة روحية تحدّثنا عنه بمقدّماته وأسسه النظرية واللاهوتية وتفاصيله العملية في فصل خاصّ من كتابنا ”جدلية الحضور والغياب“([11]).

وهكذا تنتقل العدوى الروحية من شارل دو فوكو إلى عفيف ، فإلى الألوف من التلامذة والمريدين من أمثالنا.

والباب الرابع يجمع نصوصاً ليتورجية وصلوات بعضها من تأليف الأب عفيف وآخر من تحقيقه.

والفصل الأول/باب4 من الفئة الأخيرة هذه: التحقيق. فهو مجموعة أدعية للإمام الرابع من أئمة الشيعة علي بن الحسين بن علي المعروف بِـ زين العابدين والملقّب بالسجّاد (38 – 94ه/658 – 712). وكان عفيف أثناء تحضيره للدكتوراه في التصوّف الإسلامي قد وقع على مجموعة مخطوطة من النثر والنظم الفارسي مؤرّخة 722ه. والمخطوطة موجودة في المكتبة العامة في أنقره تحت رقم 324 Ankara O. ويوجد ميكروفيلم عنها في دار المخطوطات في جامعة طهران تحت رقم 83([12]). ومن هذه المخطوطة اختار عفيف نصوصاً عرفانية، جميلة عنوانها مناجاة زين العابدين، وعمد إلى ضبطها وتحقيقها وشرح كلماتها الصعبة. ثم نشرها لاحقاً في بيروت سنة 1960.

ولعفيف مع الإمام زين العابدين السجّاد حكاية تستحقّ أن تُروى. وقد سردنا قسماً منها في دراستنا/المدخل-فصل 5(ذو الوفائين:فقرة عفيف وتراث الدعاء الشيعي). وثمّة فصول أخرى من الحكاية لا تزال تنتظر مَن يكشف عنها وعسانا نتناول ذلك في بحث لاحق.

ولكن هل نجد مناجاة زين العابدين في الصحيفة السجّادية التي يستخدمها الإماميون؟! لا نجد الأدعية التي حققها عفيف في نصّ الصحيفة الأساسي والمسند، ولكننا نجده في الطبعات اللاحقة لها والتي اصطُلح على تسميتها بِـ”الصحيفة السجّادية الكاملة“. فهل النص المضاف يستند إلى تحقيق عفيف؟! أسئلة تحتاج إلى مزيد من تفحّص الموضوع والبحث للإجابة عنها. ونأمل أن يحمل بحثنا اللاحق المشار إليه الجواب والفصلان 2 و 3 من باب 4 يتمحوران حول موضوع واحد: ليتورجيا القدّاس الإلهي التي يقترحها أبونا عفيف للعابرين إلى المسيح. ويبدو أن الفصل2: صلاة الذبيحة القدسية، وكأنه مسودّة للفصل 3 الذي يليه: صلاة ذبيحة المسيح، النص الأول (فصل2) وصلنا في 4 صفحات مطبوعة على الدكتيلو ومسلّمة من د. أنطوان فرجالله الذي أفاد أنه نص القدّاس الذي كان يحتفل به الأب عفيف مع أصدقائه وجماعة العابرين، فنقلناه هنا للفائدة التاريخية، فمن شأنه أن يظهر تطوّر فكرة القدّاس الخاص بكنيسة الإسلام في وجدان الأب عفيف وتصوّره.

أما النص الثاني (فصل3) والذي يبدو كأنه توسيع وتطوير للأوّل، فقد سبق للأب جورج رحمة الأنطوني أن نشره([13]) مع مقدّمة ودراسة قيّمة.

وقد توقفنا، عند بعض أبعاده وتأثراته الشيعية/الإمامية في فصل 5 من دراستنا هذه (فقرة الأثر الشيعي في مسيحية عفيف). ولا يزال نص عفيف هذا جديراً بالمزيد من التأمّل والدراسة مبنى (أسلوبه القرآني المعجز)، ومعنى (إفراغ عقائد الإيمان المسيحي الخالصة في قوالب إسلامية وقرآنية). قدّاس كنيسة الإسلام أو صلاة ذبيحة المسيح وفق التسمية العفيفية تجربة فريدة لم يتح بعد لها لا أن تختبر ولا أن تدرس كما تستحق، إنه فعلاً ثورة ليتورجية بكل ما للكلمة من معنى، ولكنه ثورة من الداخل تغيّر القوالب والأطر والبنى، وتحافظ على الجوهر/الأصل كما هو.

وفي الباب الخامس من الآثار العفيفية الكاملة، جمعنا نصوصاً مختلفة المواضيع ولم تنشر سابقاً، بعضها وصلنا بخطّ يد عفيف نفسه مثل بيت العناية (باب5/فصل6) والحوار (باب5/فصل 4) وباب5/فصل7: أمنيات تتعلّق بصيغة بنيان لبنان الجديد. وبعضها الآخر بخط تلميذه محمد هرموش (باب5/فصل3: من كتابات الأب عفيف) وباب5/فصل1:إلهامات الروح عند الأب عفيف). وثالث وصلنا مطبوعاً على الدكتيلو: باب5/فصل2 شروط الحوار المسيحي المؤمن وهي ملاحظات دوّنها المحامي رامز سلامه. وباب5/فصل5:تأملات في المعمودية. ومحتوى بعض هذه المخطوطات غير المنشورة لا نستبعد أن يكون مسودّة لنصوص نقّحت لاحقاً مثل تلك التي تتناول الحوار(الفصول 2 و 3 و 4).

أما الرياضة الروحية ”تأملات في المعمودية (باب5/فصل5)، فقد تناولناها بالبحث في دراستنا هذه (قسم1/فصل7: معمودية الماء…) وكذلك في سيرة عفيف([14])، فنحيل القارئ إليهما منعاً للتكرار. وبين الأوراق العفيفية غير المنشورة هذه تكتسي أمنيات عفيف بشأن صيغة لبنان الجديد (فصل7) طابعاً مميزاً من الأهمية والآنية.

فقد كتبت قبل مؤتمر الطائف، ويوم كان اللبنانيون يحورون ويدورون بحثاً عن حلّ لأزمة طالت وحرب استفحلت، ويرى العفيف الحلّ بشقّين:

1 – دولة علمانية عابرة للطوائف يتساوى مواطنوها جميعهم أمام قانون أحوال شخصية علماني واحد وموحّد.

2 – ودولة تعتمد الحياد الإيجابي سياسة خارجية. ما يُخرج لبنان من دوّامة الصراعات الإقليمية وأزمة الشرق الأوسط.

نناقش هنا طروحات العفيف وواقعيّتها ومدى قابليّتها للتطبيق، وإنما نكتفي بالإشارة إلى أن بعضاً منها ينمّ عن رؤيا فكرية وسياسية بعيدة المدى.

وكنا نأمل أن نوسع لرسائل العفيف حيّزاً رحباً من مجلّد الآثار الكاملة هذا. ولكننا، وللأسف، لم نعثر إلاّ على اثنتين منها حتى الآن. وهما رسالتان بعث بهما العفيف إلى صديقه وتلميذه وابن مدينته نقولا المصوّر. فنشرهما هذا الأخير ضمن كتيّب حوى شهادة قيّمة عن ذكرياته وتجربته مع الأب عفيف([15]).

وتُظهر رسالتا عفيف مرشداً روحياً يتفهّم كوامن النفس، ومفكّراً لاهوتياً عميقاً، وأديباً من الطراز الرفيع، فالأخ عفيف يجيب تلميذه الشاب نقولا المصوّر على شكوكه وحيرته إجابات فلسفية ولاهوتية عميقة وعملية في آن. وينصحه ببعض القراءات مثل الفيلسوف الفرنسي المعاصر Maurice Blondel والمفكّر اللاهوتي Jean Mouroux. ويلحّ عليه بقراءة الاقتداء بالمسيح ”فهو يساعده للتأمّل بالإنجيل“. وهذه النصائح تفيدنا في موضوع ثقافة عفيف اللاهوتية والفلسفية، وذوقه الفكري والروحي ومطالعاته ومناهله.

ويستوقفنا في الرسالة الأولى استشهاد عفيف بقول صوفي:«لقد أنزل القرآن لتعملوا به، فاتخذتم دراسته عملاً».

فهو قول يلخّص روحانية العفيف وفلسفته في الحياة. ويفهمنا لمَ آثر دوماً أن يُدخل الفرح في قلب ولد واحد على أن يكتب بحثاً أو مقالة. وكان يردّ على مَن يلومه على كسله في الكتابة، كما روى د. عواضة في مقالة ننشرها في ملحق 6 من هذا المجلّد«الذي غاب عن أذهانهم المتعلّقة بثمار المعرفة البشرية، لم يترك لهم معرفة ما كنت عليه، وما كنت فيه. إن إدخال الفرح إلى قلب ولد واحد من هؤلاء الذين تعهّدتهم، يدخل الفرح إلى نفسي، والفرح هو مقياس يعبّر عن مدى جدّية العلاقة».

يسعى عفيف إلى المعرفة الاختبارية قلنا. وهو هنا يبدو وكأنه من أنصار البراكسيس Praxis الفلسفة العملية التي تهدف إلى تبديل العالم، ولا تقتصر على تفسيره وتأويله كما يقول الفيلسوف إنجلز([16]). مذهبه مذهب العمل Praxis لا النظر Theoris.

وقولة الصوفي اتخذتم من دراسته عملاً تصيب لبّ روحانية العفيف: العمل هو العمل التطبيقي الذي يغيّر الواقع، وليس مجرّد التفكير والتأمّل في المعرفة مهما كانت سامية. إنه موضوع يتطلّب نقاشاً طويلاً إذ تتباين وجهات النظر فيه وتتضارب. ويبقى أن المقولة الصوفية هذه أوجز تفسير لظاهرة ضآلة النتاج الفكري العفيفي وأحكمه.

وعلى أمل أن نحصل على رسائل أخرى للعفيف كهاتين القيّمتين، نختم بهما المجلّد الأول من الآثار العفيفية هذا.

أما الملاحق المضافة، فأوّلها وقائع ندوة كتاب سيرة عفيف عسيران، وفي المداخلات سرد موجز لسيرة أبونا عفيف ما يفيد قارئ هذه الآثار الكاملة، وشهادة قيّمة للدكتور حسن عواضة في معلّمه.

والملحق الثاني دراسة للدكتور قيس غوش في الكتاب عينه. وتقريظه للكتاب يشعر الكاتب بمسؤولية المتابعة.

والملحق الثالث دراسة أكاديمية في سيرة عفيف كتبها مؤرّخ متمكّن، وعميد سابق لكلية التربية في الجامعة اللبنانية. وقد توقفت عند هذه الدراسة في فصل 7 من دراستي/المدخل.

والملحق الرابع يجمع عدداً من المقالات في كتاب السيرة عينه. من بينها رسالة من الصديقة الدكتورة جومانة عسيران ابنة عاكف شقيق الأب عفيف. ومما تقوله:«لقد استفاض الكاتب والعفيف  في حُبّ المسيح حتى تراءى لهما أن أبا عفيف قد اتبع دين المسيح».

وهو كلام يدعو إلى الاستغراب، فإذا سلّمنا جدلاً أن عفيفاً تراءى له أن والده مات مسيحيّاً ولم يكن ذلك حقيقة، فما دخل الكاتب إذا نقل الرواية ووثقها؟! ونقدها هذا دفعني إلى المزيد من توثيق هذه الرواية، فجاء ما قلته في قسم 1/فصل7 (فقرة معمودية الشوق) ردّاً غير مباشر على مقولة الدكتورة/الصديقة. ولن أستفيض في الردّ على الملاحظات الأخرى، فالأمر يحوج إلى كتابة بحث مستقل.

والملحق الخامس مقابلة مطوّلة أجريتها مع أستاذي وتلميذ عفيف د. حسن عواضة. طرحت عليه فيها سيلاً من الأسئلة بلغ الثلاثين. وقد تكرّم بالإجابة عنها كلّها فأضاءت إجاباته جوانب عديدة من سيرة عفيف وفكره وتأثراته، وعرضت لواقع المسيحيين ولبنان اليوم، وما كان يراه عفيف لتجنّب هذا الواقع، ومواضيع عديدة غير ذلك. وكان من المقرّر لهذه المقابلة أن تنشر في كتاب سيرة الأب عفيف، لكن تضخّم حجم هذا الأخير منع من ذلك، وها نحن ننشرها لتبقى وثيقة عن عفيف ومناهله الفكرية وأثره في تلامذته والمجتمع.

ويستوقفني في هذه المقابلة قول حسن عواضة:«الأب عفيف عسيران انطلق باحثاً عن الحقيقة، وكان شغوفاً للوصول إليها، كعاشق يلاحق عشيقته» (سؤال رقم 4) فتشبيه عفيف بالعاشق شاعري وواقعي في آن.

لقد ترك عفيف عشيقة/إنسانة كان يرغب بالزواج منها ليتبع أخرى. ويا طيبه من خيار أشبع مئات الأطفال الجائعين قوتاً زمنياً وروحياً في آن. ولا يزال يلهم إلى اليوم الكثيرين من الجائعين إلى حياة الروح.

وقولة د. عواضة هذه تذكر بكلمة لفيلسوف توماوي أحبّه عفيف، وقرأ أكثر كتبه (أنظر قسم 1/باب9 ما قبل فقرة التوماوية في كتابات عفيف)، يقول جاك ماريتان Jacques Maritain (1882 – 1973):«الفلسفة في أصلها نشاط غير نفعي ديدنه الحقيقة المعشوقة لذاتها»([17]).

ويستوقفني أيضاً حديثه عن الصدقية في التشيّع (سؤال6) والتي كانت إرثاً ثقافياً له ولعفيف، وقوله: بقي عندي صدق عفيف وشهادته وصدق التشيّع في سعيه لإحقاق الحق (سؤال7)  وقوله «ما بقي عندي من هذا الإرث هو هذه المرونة التي تقبل بأن يكون الآخر مختلفاً عنك، وأن له الحق في الحياة مثلك (سؤال 19). فكلّها تبيّن أن لا قطيعة في مسار عفيف وتلميذه عواضة بين أمسٍ واليوم. وأن ثمّة قواسم مشتركة عميقة بين المسيحية والتشيّع.

ولن أتوقّف عند كل النقاط المهمّة التي جاءت في هذه المقابلة، مخافة أن أستعيدها برمّتها. وأترك للقارئ أن يستذوق… ويتمعّن.

والملحق السادس مقالة للدكتور عواضة عن أستاذه العفيف، كانت لي معيناً لا ينضب في كتابة سيرته، ومخافة أن تضيع، أحببت أن تضمّها دفتا كتاب. ولا نستغربنّ أن تجد لها مكاناً ومكانة في مجلّد الآثار الكاملة لعفيف. فقد سجّلت أقوالاً وحكماً خالدة لهذا الأخير لا نجدها في كتبه، ولا في أي كتاب آخر. وهل أجمل من قوله ، وأكثر شاعرية وعمقاً من:

1 – في عمق الألم والوحدة، تجد  الفرح إن كنت مسافراً إليه.

هذا الإصرار التشبّثي ليس بعبثي في عرف عفيف وفي اختباره، فالمرء لا بدّ واجد الفرح إذا رحل بجدّ إليه.

2 – سامحه الله لم يترك لي فرصة كي أثبت له مقدار محبّتي وما أكنّ له من حضور واحترام».

قالها العفيف عمّن حاول قتله، متحسّراً فقط على أنه فوّت عليه فرصة التعبير عن حبّه له. وهل من حسرة أكثر دلالة على قداسة وليّ وقدسيّة شهادة أبت إلاّ أن تبقيه شهيداً حيّاً لسنتين أخريين؟!

3 – عليك الآن أن تعيش دائماً المحبّة مع الآخرين، ليس لك إلاّ المحبّة لتثبت أن دعوتك صادقة.

المحبة هي البيّنة الوحيدة على الصدق، بل وعلى جدوى الحياة.

4 – عندما تقبع في خلوتك بذاتك وتنتظر الزائر بكلّ شوق تنسى حاجتك الآنية، لتنظر إلى اللحظة التي تملأ كيانك في لقائك بمَن تحبّ.

هنا يبدع عفيف ويحلّق عالياً في سماء الصوفية والروح، يبدع لأنه يحكي عن اختبار عاشه. وهو وإن لم يقل أنه عاش ذلك واختبره، فحياته بأسرها يكاد يختصرها هذا القول:«انتظار حثيث ودائم للزائر الحبيب، أنساه كل حاجات الحياة الدنيا وحاجياتها، وجعله كياناً شاخصاً إلى ذاك الذي زاره مساء ليلة وهو يصلّي، فقلب حياته رأساً على عقب، وجعله في حالة انتظار دائم وتهيوء للمجيء الثاني. وهل نستغرب بعد ذلك هذا الفقر الطوعي الذي عاشه؟ وهذه العفّة الدائمة الملائكية؟ انتظار الزائر الأوّل ولحظة اللقاء التي تملأ الكيان أنساه كل حاجات الجسد وأسقطها من حساباته وعيشه ليتوجّه بكل قدراته إلى لقاء الحبيب. والحبيب هذا عاد فأطلّ من جديد لتعانقه روح العفيف فيصحبها معه، وكأن رحلة العشّاق المتيّمين وسكناهم بين الناس لا تطول، فهم لا يطيقون طول البعد عن دار الحبيب.

فلنخرس القلم إذاً، ونصخ إلى صوت العفيف، يناجي حبيبه، أو يحكي عنه في الصفحات التاليات….

ل. ص. Q.J.C.S.T.B

باريس في 07/07/2014

[1] – زيعور، علي، العقلية الصوفية ونفسانية التصوف، بيروت، دار الطليعة، ط1، 1979، ص 158.

[2] – صليبا، د. لويس، عابر يلبس كهنوت المسيح، سيرة الأب عفيف عسيران ورحانيته، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط3، 2014، ص 18 – 23.

[3] – عفيف عسيران مَن هو شهادات في حياته، تقديم د. حسن عواضة، بيروت، ط2، 2003، ص 17 – 28.

[4] – اتصال هاتفي مع المحامي رامز سلامه بتاريخ 01/07/2014.

[5] – عسيران، الأب عفيف، درب الكمال، بيروت، مطبعة الغريّب، ط3، 2006، ص 7.

[6] – عسيران، عفيف، قلب رسالة عيسى، بيروت، مطبعة الغريب، د. ت.

[7] – عسيران، عفيف، مدخل ضروري لكل حوار، بيروت، د. ت.

[8] – ع. ع، م. س، ص 163 – 165.

[9]– A. O, (Afif Osseirane) Charles de Foucauld amant de Jésus et adorateur de sa présence réelle, dans les Mardis de Dar Es-Salam VII, Paris, Vrin, 1959.

[10] – صليبا، عابر، م. س، باب1/فصل5، ص 120 – 133.

[11] – صليبا، د. لويس، جدلية الحضور والغياب بحوث ومحاولات في التجربة الصوفية والحضرة، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون ط1، 2013، باب/فصل3، الحضرة أو الحضور الإلهي، ص 41 – 51.

[12] – عسيران، عفيف، مناجاة زين العابدين، بيروت، المطبعة الكاثوليكية، ط1، 1960، ص6.

[13] – رحمة الأنطوني، الأب جورج، الأفخارستيا في لغة القرآن قدّاس الأب عفيف عسيران، ضمن: حياتنا الليتورجية، السنة الثانية، 1999، دراسات في المسيحية والأديان، بعبدا، الجامعة الأنطونية، مركز الدراسات والأبحاث الرعوية، يقع نص القدّاس في 11 ص. من ص 41 إلى ص 51. وعنوانه صلاة ذبيحة المسيح.

[14] – صليبا، عابر، م. س، باب1/فصل5، معمودية الماء والروح،  130 – 132.

[15] – المصوّر، نقولا، أنا اخترت المسيح ذكرياتي مع الأب عفيف عسيران، بيروت، 2013، ص 33 – 44.

[16] – صليبا، جميل، المعجم الفلسفي بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية، قم/إيران، منشورات ذوي القربى، ط1، 1385 ﻫ. ش، ج1، ص 205.

[17]– Maritain, Jacques, le philosophe dans la cité, Paris, p.13.

 

محتويات الكتاب

كتب للدكتور لويس صليبا…………………………… 2

بطاقة الكتاب……………………………………… 4

الإهداء…………………………………………… 5

مدخل إلى الآثار الكاملة للأب عفيف عسيران…………. 7

القسم الأول/ دراسة في فكر عفيف عسيران وآثاره……… 33

فصل1: محق الأنا طريق الملكوت……………………. 35

فصل2: المفقود والمردود من آثار الودود……………… 43

1 – آثار عفيف المردودة…………………………… 45

2 – الآثار العفيفية المفقودة…………………………. 46

متحف وموقع إلكتروني في سنة اليوبيل الفضي……. 49

فصل 3: حكاية صُحبة… وقداسة شهيد………………… 51

فصل 4: كاهن مسيحي… في خدمة فقراء المسلمين…………… 59

– الكتاب الأربعون…………………………………. 61

– الحاجة إلى كتاب سيرة مدققين…………………….. 62

– التمحيص أدّى إلى بعض الإطالة………………….. 65

– نحو عنوان لا يثير حساسية………………………. 65

– عفيف تحدّ للمسيحيين لا للمسلمين………………… 68

فصل 5: ذو الوفائين……………………………….. 71

– عفيف عسيران:الكثير من الشهادات والقليل من الدراسات 73

– مساهمة في البحث في الأثر الشيعي والإسلامي……… 74

– الأثر الشيعي في مسيحيّة عفيف………………….. 75

1 – الأسرار في الإماميّة والمسيحيّة………………… 77

2 – عفيف وتُراث الدعاء الشيعي………………….. 79

– عفيف والانتماء المزدوج………………………….. 82

– عفيف رائدُ الحوار المسيحي-الإسلامي…………….. 84

فصل 6: قراءات هندوسية وإسلامية ومسيحية…………. 87

– كتابٌ ركيزة في دعوى التطويب……………………. 89

اختبارات اليوغيين وتجارب المتصوّفين………………. 90

حكاية الأب عفيف مع رئيس الجمهورية……………… 91

– في عفيف سرّ كبير……………………………… 92

– قراءات يوغية وصوفية ومسيحية لرؤيا العفيف………. 93

حمل صليب المسيح في قلبه ونحن نحمله للزينة……… 93

– تقييم بمثابة وسام………………………………… 94

التحوّل إلى المسيحية ظاهرة في تاريخ لبنان………….. 95

مسألة الردّة ورفض مفكّر مسلم لها………………….. 95

كتاب/ندوة حوارية………………………………… 96

– عقل يهوى الجدل لا الحوار……………………….. 97

– حدّ الردّة وضحاياه عبر التاريخ……………………. 97

دعوى الجنون تريح الضمائر المتعبة والمتسائلة……… 98

العابر: الناظر ببصره وبصيرته……………………. 99

فصل 7: معمودية الماء والدم والشوق………………… 101

– في عفيف سرّ كبير……………………………… 103

– عفيف مسيحي تام ومسلم تام……………………… 104

– رؤيا العفيف مفتاح سرّه…………………………… 105

رؤيا العفيف سرّ العفيف…………………………. 106

– المعمودية محور روحانية العفيف………………….. 107

القدّاس موت للمسيح والمعمودية موت للمسيحي……… 108

اختار المسيح لا المسيحيين………………………. 110

– معمودية الدم في روحانية عفيف…………………… 110

معمودية الدم وحدّ الردّة…………………………… 114

الردّة في موقفين متضاربين لعلماء شيعة……………. 116

– معمودية الشوق في تعليم عفيف واختباره……………. 118

فصل 8: مهتدٍ أم مرتدّ… أم عابر…………………….. 121

– بحثاً عن مصطلح محايد…………………………. 123

– كل كلمة تحدث مجموعة أحاسيس…………………. 124

التمييز بين المصطلحات وما ينتج عنه…………….. 125

I – المرتدّ وحدّ الردّة: معاناة عمرها قرون……………… 128

السطو على مصطلح الردّة……………………….. 130

حدّ الردّة يستند إلى حديث واحد……………………. 130

القرآن يخلو من أي ذكر لحدّ الردّة…………………. 131

حدّ الردّة لم يُعرف زمن البعثة…………………….. 136

أحاديث تنقض حدّ الردّة………………………….. 138

ابن تيمية والماوردي لا يقرّان حدّ الردّة………………. 138

أصوات تعلو لإلغاء حدّ الردّة……………………… 140

أثر حدّ الردّة في حياة عفيف وفكره………………… 141

II – المهتدي والهداية: ردّ على الردّة…………………. 142

III – البصيرة والمستبصرون: مصطلح يصادر………… 144

الاستبصار: التمييز ووعي الأحاسيس……………. 144

الاستبصار في البارابسيكولوجيا وعلم النفس………. 146

المستبصر في القرآن والتشيّع…………………… 147

IV – الصابئ: الخارج من دينه……………………… 150

قريش سمّت الرسول الصابئ…………………… 150

صابئو القرآن هم المرتدّون عن دينهم……………. 151

الصابئون كفرقة دينية معنى متأخر……………… 152

V – التحوّل: تغيّر في الطبيعة……………………… 153

VI – تعابير ومصطلحات عفيفية……………………. 155

المهتدي في المفهوم العفيفي……………………. 157

المعمودية مصطلح مفتاحي في روحانية عفيف…… 158

معمودية المسلم بالدم………………………….. 159

العابر مشروع شهيد دائم……………………….. 160

دعوى الجنون وحدّ الردّة……………………….. 161

دعوى الجنون تريح الضمائر المتعبة…………….. 163

المعمودية طقس عبور………………………… 165

VII – العابر: ناظر ببصره وبصيرته………………… 166

العابر تعبير محايد……………………………. 166

العابر المتدبّر……………………………….. 166

العابر: عارف بالظاهر والباطن…………………. 167

العابر: صاحب الهويّات العابرة…………………. 168

فصل 9: عفيف المفكّر التوماوي……………………… 168

– توماويّة عفيف في شهادات من عرفه………………. 171

– التوماويّة في كتابات عفيف……………………….. 177

– المعرفة والعمل في مفهوم عسيران…………………. 180

فصل 10: تفجير الأنا وحُبّ الأعداء في روحانية عفيف…………… 185

– محق الأنا في تعليم عفيف……………………….. 187

محق الأنا عند عين القضاة والحلاّج………………. 189

عطاء الذات جوهر تعليم المسيح…………………. 192

– ألاعيب الأنا وأخاديعها…………………………… 193

– حُبّ الأعداء بمفهوم عسيران………………………. 195

– حُبّ الأعداء في سيرة عفيف……………………… 201

– مكتبة البحث……………………………………. 207

– Biblioghraphie …………………………….. 212

القسم الثاني/آثار الأب عفيف………………………… 213

باب1: نصوص في السيرة الذاتية…………………… 215

فصل 1: نبذة عن حياتي……………………….. 217

فصل 2: مقابلة مع الأب عفيف…………………. 224

فصل 3: شهادة ذاتية………………………….. 235

فصل 4: أبونا عفيف…………………………… 241

فصل 5: محاضرة الدعوة……………………….. 246

باب2: مؤلّفات نشرت سابقاً………………………… 285

فصل 1: درب الكمال…………………………… 287

– الموت عن كلّ ما ليس محبّة……………….. 289

– الجدّية والغطس في المحبّة…………………. 290

– الإفلاس…………………………………. 291

– الاعتراف بالخطايا (سرّ التوبة)……………… 292

– المحبّة تقود إلى اللاشيئية………………….. 294

– معنى التخلّي……………………………… 296

– طريق الحياة……………………………… 297

– شرط التقدّم في النور………………………. 298

– المسيح الإنسان: علامة الله القُدسيّة………….. 299

– الكنيسة علامة المسيح…………………….. 300

– الالتزام ببلوغ الكمال……………………….. 301

– ماهيّة الحياة الجديدة……………………….. 302

– مَن قدّم ذاته وجدها…………………………. 304

– إرادة ومحبّة……………………………….. 305

– التربّع في ملكوت الله……………………….. 305

– أن أُبادله المحبّة…………………………… 306

– التضحية لأجل قِيَم الملكوت…………………. 307

– لا إعفاء من الكمال…………………………. 308

– تفجير الأنا………………………………… 309

– للآخر حق مطلق عليّ……………………… 310

– المنطق غير البشري……………………….. 311

– سبب مأساة الإنسان………………………… 312

– الحياة في تفريغ الذات………………………. 313

– القريب: ضمانة محبّتي لله…………………… 314

– مدعوّون للصعوبة والفرح……………………. 315

– تحقيق الكمال……………………………… 315

– دعوة الإنسان……………………………… 316

– الإصغاء………………………………….. 317

– هذا هو ملكوت الله! (الفقر بالروح)……………. 318

– المعرفة حياة………………………………. 318

– العيش لإرادته……………………………… 320

– دعوة الموت……………………………….. 320

– محبّة العدوّ……………………………….. 321

– التطويبات…………………………………. 323

– وقت الصمت……………………………… 324

– معنى الاستعداد……………………………. 325

– اليقظة الدائمة……………………………… 326

– قدسيّة الإنسان…………………………….. 326

– فدائيون للحوار…………………………….. 327

– دعوة المسيحيين في المحيط الإسلامي………… 329

– أفكار حول العروبة…………………………. 330

– أفكار لأجل المسيحيين ولبنان………………… 332

– شروط الحوار والتعايش……………………… 334

1 – انفتاح القلب والعقل والإرادة………………. 334

2 – اقتناع الشخص المحاور………………… 335

3 – إحترام الشخص البشري…………………. 336

فصل 2: عفيف عسيران: قلب ورسالة عيسى………… 337

– كيف ولماذا…………………………………….. 339

– حياة الإنسان في بذل ذاته………………………… 339

– وجود الإنسان الدنيوي يقرّر مصيره الأبدي…………… 341

– عيسى بذل ذاته في سبيل مَن لم يحبّوه……………… 342

– بذل الذات لا يبتغي أيّ مكسب وإن معنويّاً………….. 344

– محبّة العدوّ لا لشيء إلاّ لذاته…………………….. 345

– شرعة المحبّة في تعاليم عيسى……………………. 349

– التخلّي عن الذات يكون كاملاً أو لا يكون…………… 351

– التخلّي الحق عن الذات يُميت فينا الأنانية…………… 353

– الجهاد في سبيل الله والخير يتنافى وبغض أعداء الله….. 355

– خير مقاومة للشرّ هي في محبّة الشرّير…………….. 357

– عيسى بموته حباً في سبيل أعداءه…………………. 361

فصل 3: مدخل ضروري لكل حوار…………………… 363

– الحوار…………………………………………. 365

أولاً: التحاور- التواجد على مستوى الإرادة…………… 367

ثانياً: التحاور- التحاضر على مستوى الوجدان………. 370

ثالثاً: التحاور- التواصل والتفاهم على مستوى العقل….. 374

– المرتكزات الأساسية لكل حوار…………………….. 376

– الوصايا العشرون………………………………… 390

باب3: محاضرات وكتابات بالفرنسية………………… 393

فصل 1: نصوص مترجمة عن الفرنسية……………… 395

I-  الكنيسة والإسلام………………………………. 397

II – الكنيسة والإسلام في القرن العشرين……………… 400

III – كيف تستجيب الكنيسة………………………… 403

1 – الكنيسة اللاتينية………………………….. 403

2 – الكنائس الشرقيّة………………………….. 408

IV – كنيسة المسيح وبشارة الإنجيل في العالم الإسلامي… 410

1 – الكنيسة رسولية بجوهرها…………………… 410

2 – إعلان الإنجيل في العالم الإسلامي………….. 410

3 – طرق ترسيخ الكنيسة في الأوساط الإسلامية…… 411

أ  – إعلان سرّ المسيح بالكلام………………….. 411

ب – إعلان سرّ المسيح بالعلامات………………. 412

جـ – إعلان الإنجيل بأعمال الجماعة المسيحية ونشاطاتها 412

هـ – العناية بالكنيسة الناشئة في قلب الأوساط الإسلامية. 413

فصل 2: بين المسيحية والإسلام والسنّة والشيعة……… 415

الفرق بين أهل السنّة والشيعة………………… 417

العلاقة بين الدين والدولة……………………. 419

فصل 3: شارل دو فوكو عاشق المسيح……………… 423

باب4/نصوص ليتورجية وصلوات…………………… 437

فصل 1: مناجاة زين العابدين………………………. 439

– فصل من المناجاة من كلام زين العابدين……………. 441

– مناجاة التائبين………………………………….. 441

– مناجاة الشاكين………………………………….. 442

– مناجاة الخائفين…………………………………. 443

– مناجاة الراجين………………………………….. 444

– مناجاة الراغبين………………………………….. 445

– مناجاة الشاكرين…………………………………. 446

– مناجاة المطيعين………………………………… 448

– مناجاة المريدين…………………………………. 448

– مناجاة المحبين………………………………….. 450

– مناجاة المتوسّلين………………………………… 451

– مناجاة المفتقرين…………………………………. 451

– مناجاة العارفين………………………………….. 452

– مناجاة الذاكرين…………………………………. 454

– مناجاة المعتصمين………………………………. 455

– مناجاة الزاهدين………………………………….. 456

فصل 2: صلاة الذبيحة القدسيّة…………………….. 457

فصل 3: صلاة ذبيحة المسيح………………………. 465

– الدعوة إلى الصلاة………………………………. 467

– صلاة التوبة……………………………………. 467

– صلاة الحمد والتسبيح……………………………. 468

– صلاة التمجيد…………………………………… 468

– القراءات……………………………………….. 469

– قراءة من العهد القديم…………………………….. 469

– قراءة الرسالة……………………………………. 469

– قراءة حديثة…………………………………….. 469

– قراءة الإنجيل…………………………………… 470

– إعلان الوحدة في الإيمان…………………………. 470

– الصلاة الجامعة…………………………………. 471

– التقدمة…………………………………………. 471

– التحميدية………………………………………. 472

– ذبيحة القربان…………………………………… 473

– الدعوات الخاصّة………………………………… 475

– الصلاة الأبوية………………………………….. 476

– صلاة السلام والوحدة…………………………….. 476

– المناولة………………………………………… 477

– صلاة الشكر……………………………………. 478

– البركة…………………………………………. 478

– صلاة الاستسلام………………………………… 478

باب5/نصوص غير منشورة………………………… 479

فصل 1: إلهامات الروح عند الأب عفيف…………….. 481

فصل 2: شروط الحوار للمسيحي المؤمن…………….. 484

فصل 3: من كتابات الأب عفيف عسيران…………….. 486

فصل 4: الحوار…………………………………… 490

– خطية الروح العظمى…………………………….. 491

فصل 5: تأمّلات في المعمودية: رياضة روحية……….. 493

– مختارات من رسائل القديس بولس………………….. 496

فصل 6: بيت العناية………………………………. 500

فصل 7: أمنيات تتعلّق بصيغة بنيان لبنان الجديد…….. 502

فصل 8: من رسائل الأب عفيف عسيران…………….. 506

ملحق 1: وقائع ندوة كتاب سيرة الأب عفيف………….. 517

– تقديم الكتاب: عماد يونس فغالي…………………… 519

– تقديم المطران ميشال عون………………………… 521

– الدكتور حسن عواضة……………………………. 522

– تقديم المؤلّف د. لويس صليبا……………………… 523

– ندوة حول كتاب ”مسلم يلبس كهنوت المسيح“………… 524

فتوّته والبحث عن الله……………………………. 525

الإيمان المسيحيّ………………………………… 526

الاختبار الروحي والعماد………………………….. 527

تمييز دعوة الله له……………………………….. 529

عفيف كاهناً للمشرّدين وأستاذاً جامعياً………………. 530

– كلمة د. حسن عواضة……………………………. 532

ملحق 2: مقالة في كتاب سيرة الأب عفيف……………. 539

ملحق 3: كلمة د. عبدالرؤوف سنو …………………. 549

– عابر يلبس كهنوت المسيح……………………….. 550

ملحق 4: مقالات في كتاب سيرة عفيف………………. 557

– كتاب رائحته الله…………………………………. 558

– إلى الأخ لويس صليبا: جمانة عسيران……………… 561

– رسالة أنطوان نجم عن كتاب سيرة الأب عفيف وروحانيته 565

– تيريز فرّا……………………………………….. 566

ملحق 5: عفيف عسيران في وجدان تلامذته………….. 569

ملحق 6: الأب عفيف عسيران شخص ورسالة………… 587

محتويات الكتاب…………………………………… 597

شاهد أيضاً

مداخلة هشام أبو جودة ابن شقيق الصحافي ميشال أبو جودة في ندوة كتاب “فؤاد شهاب ما له وما عليه” لـ لويس صليبا، الجامعة الأميركية للتكنولوجيا AUT، الفيدار-جبيل، الخميس 20 شباط 2025

مداخلة هشام أبو جودة ابن شقيق الصحافي ميشال أبو جودة في ندوة كتاب “فؤاد شهاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *