“اليوغا في المسيحية: دراسة مقارنة بين تصوّفين” كتاب للبروفسور لويس صليبا صدر في ط3 عن دار ومكتبة بيبليون/جبيل في 340ص

ندوة للمؤلف عن المسيحية واليوغا

“اليوغا في المسيحية: دراسة مقارنة بين تصوّفين” كتاب للبروفسور لويس صليبا صدر في ط3 عن دار ومكتبة بيبليون/جبيل في 340ص وتجليد فني.

كتاب جديد في إشكاليّته وطرحه لا سيما في العربية. ففي زمن تجتاح اليوغا فيه المجتمعات شرقاً وغرباً، وتفرض هذه الظاهرة نفسها، يبدو هذا الكتاب حاجة ملحّة، إذ يجيب عن كثير ممّا يُطرح من تساؤلات حول انسجام اليوغا مع عادات المجتمع المشرقي أو تنافرها معه.

الغرب حلّ من زمن بعيد هذه الإشكالية: استورد اليوغا من الهند منذ القرن 19، وكيّفها مع حاجاته ومتطلّباته حتى قال البعض إنه شوّهها، فباتت اليوغا الغربية “غريبة” عن اليوغا الأصليّة أي يوغا الهند.

ولكن كيف يقارب المؤلّف هذا الموضوع الذي كثر الجدل بشأنه؟

قدّمت للكتاب الدكتورة بيتسا استيفانو أستاذة العلوم الدينية في الجامعة اليسوعيّة. وممّا قالت (ص11): “تجنّب الدكتور صليبا موقفين سائدين: الموقف التوفيقي والموقف التعصّبي هو يقارن بنظرة عالم الأديان ليس بغية المراقبة فقط بل بهدف المقاربة. ويعطينا مرّة أخرى درساً أكاديميّاً في عرض الأمور من دون الغرق في ذاتيّة العاطفة الدينية المفرطة، بل في موضوعيّة الظاهرة الدينيّة كما هي”.

ويتحدّث الكاتب من جهته عن الدوافع التي حدت به إلى تأليف مصنّفه، وممّا يذكر (ص19): “ما يحكى ويشاع عن تناقض بين تقليدَين عريقين المسيحيّة واليوغا، وما يُشنّ من حملات على اليوغا تزعم أنّها تبعد الشباب المسيحي عن تراثه الديني”، ويؤكّد مردفاً: “هي مزاعم تنطوي على الكثير من المبالغات، وتعبّر عن رغبة في الانطواء خوفاً على هويّة في زمن بات الانفتاح على الآخر حتميّة لا مفرّ منها”.

وكي لا يضيع في العموميّات اختار المؤلّف في مقارنته بين اليوغا والتصوّف المسيحي أن يدرس تجربة متصوّفة رائدة ومعلّمة للكنيسة هي القديسة تريزا الأفيلية (1515-1582) وعمد إلى قراءة هذه التجربة من منظور اليوغا، واستخلاص الجوامع والفوارق بين التقليدين (ص20).

وبنتيجة خياره هذا انقسمت دراسته، بنية ومنهجية، إلى قسمين، فكلّ موضوع يُعرض من وجهة نظر اليوغا ليُدرس بعدها عند تريزا ويقارن بين النظرتين والاختبارين. (ص24).

ومن لافت مقارناته (ص29): “النعمة الإلهية: مفهوماً ودوراً وأهمّية هي واحدة في يوغا التقوى (بهاكتي) وفي روحانية تريزا، وهي خلاصة ستُدهش الكثيرين من منتقدي اليوغا. والأغرب من ذلك كلّه أن مقولة الله يكشف ذاته بالشكل الذي عُبد فيه، والتي تُعلّمها اليوغا نجد ما يوازيها ويحاكيها في أقوال تريزا وتعاليمها”.

بيد أن الكاتب يحذّر هنا من الوجه الآخر للتقوى، فهي قد تنقلب بسرعة وسهولة إلى تعصّب ذميم، يقول (ص29): “التقوى كالنمر تفترس الرذائل، ولكن هذا النمر قد يوجّه شراسته ضدّ الآخرين عوضاً من الرذائل، وهنا خطورة التقوى، فالمتعصّبون والأصوليّون ومستخدمو العنف تخرّجو من الصف الأول من البهاكتي وتوقّفوا عن متابعة الدراسة”.

وفي خلاصات بحث المؤلّف ومقارناته وسبره أغوار التصوّفَين المسيحي والهندي نقرأ التالي (ص31): “وتعليم تريزا أساسي وضروريّ لإنسان اليوم التائق إلى الاختبار، ولكن هذا التعليم ينقصه المنهج والآلية. ويمكن معالجة ذلك إذا ما طُعّم باليوغا وطرقها المنظّمة والمبرمجة. والكنيسة التي ألبست عبر توما الأكويني أرسطو جبّة كاهن مسيحي لن تعجز عن تعميد باتنجلي (مؤسّس اليوغا) بمعنى الإفادة من تقنيّاته في تعليم صلاة وتأمّل مسيحيّ الطابع”.

وفي تقييمها لبحوث الكتاب وخلاصاته تقول دارسته د. بيتسا استيفانو (ص13): “المتبحّر في العلوم الدينية بل في علوم الأديان تتّسع آفاقه لكلّ الروحانيّات وكأنّها المحيط يحتوي البحار. لذلك استطاع الدكتور صليبا كعالِمٍ غاص في عوالم من التقاليد الدينيّة الغنيّة أن يُظهر من خلال بحوثه في هذا الموضوع المقارن تقارباً واضحاً بين اليوغا وتصوّف القدّيسة تريزا”.

وتخلص استيفانو في دراستها التقديميّة إلى (ص16): “اليوغا في المسيحية كتاب جديد يضاف إلى مكتبة علوم الأديان، فيه من سعة الاطّلاع ومن وفرة المعلومات الموثّقة ما جعله يحمل في طيّاته دراسة شاملة في عدّة دراسات، وكتباً في كتاب”.

شاهد أيضاً

أديان الهند وأثرها في جبران:. قراءة جديدة لأدب نابغة المهجر” للدكتور لويس صليبا، صدر عن دار ومكتبة بيبليون في 380 ص.

“أديان الهند وأثرها في جبران:. قراءة جديدة لأدب نابغة المهجر” للدكتور لويس صليبا، صدر عن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *