“أقدم كتاب في العالم: ريك فيدا دراسة، ترجمة وتعليقات”، للبروفسور لويس صليبا، صدر مؤخّراً في ط5، في 600ص،

ندوة حول أقدم كتاب في العالم ريك فيدا

القسم الثاني من الندوة حول أقدم كتاب في العالم

“أقدم كتاب في العالم: ريك فيدا دراسة، ترجمة وتعليقات”، للبروفسور لويس صليبا، صدر مؤخّراً في ط5، في 600ص، وتجليد فني فاخر.

الكتاب في الأصل أطروحة دكتوراه للباحث (ص15)، وقد لقي اهتماماً وقبولاً لافتا عند القارئ العربي، ما يفسّر تعدّد طبعاته وتتاليها، وها هي الطبعة الخامسة له تصدر هذه السنة. وقد يرى البعض أن العنوان اللافت للكتاب هو سبب رواجه. فكلّ قارئ قد تُثار حشريّته لمعرفة أيّ كتاب هو الأقدم في العالم، ومتى ألّف؟! وما هذا سوى جانب من المسألة، بل هو الجانب الأقلّ أهمّية منها. فالمكتبة العربية تخلو من المصادر الأساسية والكبرى للتراث الهندي الفكري والديني والروحي. وريك فيدا يأتي الأول قدماً وأهمّية في هذا التراث. وثمّة عنصر آخر كان هو الحاسم في نجاح هذا الكتاب ورواجه، ألا وهو منهجيّته الأكاديمية، ودقّة الترجمة التي يقدّم. فعنها وعن سائر ميّزات الكتاب والكاتب، يتحدّث الفيلسوف اللبناني العلّامة بولس الخوري، فيقول: “دفع بي اهتمامي بمسائل اختلاف الأديان على كثرتها، خصوصاً النصرانية والإسلام، إلى مطالعة الكثير من المؤلفات، أكثرها من العصر الوسيط، ومنها أيضاً من القرن العشرين. أول ما استوقفني تكرار الأفكار، بل العبارات، نفسها كأن التكرار هو هو البرهان على الموقف أو الاعتراض أو المآخذ.

وكم كان انتعاشي كبيراً عندما قرأتُ بشغف الكتابين اللذين وضعهما الصديق الدكتور لويس صليبا، الأول عن الريك فيدا الهندية والثاني عن المسيحية بين البوذية والإسلام.

راقني التمكّن من التحليل وسعة الاطلاع. ولن أخوض في بحر التحليل، يكفي أن أدعو كل من يهمّه أمر العلم والتأليف التشبّه بدقة التحاليل والاستنتاجات والتمثّل بالمنهاج العلمي المثالي الذي انتهجه الدكتور صليبا متمنّياً أن تكون مؤلّفات كتّابنا مشابهة منهجاً وقيمة لمؤلفاته.

هذا ولا يخفى على القارئ كثرة عناوين مؤلفات الدكتور المذكورة في آخر كل من الكتابين وهي عديدة ومتنوّعة المواضيع.

ويا حبذا لو كان أكثر كتّابنا ينهجون نهج الدكتور صليبا العلمي الصارم”.

إنها شهادة فيلسوف وعالمٍ كبير في الأديان وتاريخها، وهي تسلّط الأضواء على مساهمات الكتاب وكاتبه البارزة في علوم الأديان.

والدراسة التي تسبق نصّ ريك فيدا المعرَّب تقدّم مدخلاً وافياً وضروريّاً لفهم التراث الهندي الروحي والفكري. وفي ذلك يقول المؤلّف (ص17): “قد يجد القارئ أن الحجم الذي أعطي للدراسة، أي المقدّمات والشروحات يتجاوز في مجموعه حجم نصّ الترجمة نفسه. والسبب في ذلك أن النصّ الذي نترجمه غريب عن ثقافة القارئ العربي. فكان لا بدّ من التوسّع في تقديمه، وعرض إطاره الثقافي والفكري، مساعدة لفهمه”.

واللافت في هذه الدراسة الموسّعة تناولها الأثر الحاسم الذي كان للثقافة الهندية في الحضارة العربية الإسلامية. فالأنظار تتوجّه عادة إلى الثقافة اليونانية وأثرها في نشأة الفلسفة والطبّ وسائر العلوم عند العرب، وقلّة هم أولئك الذين يعرفون أنه كان للثقافة الهندية تأثير لا يقلّ عن ذلك أهمّية. ففي علم الفلك مثلاً ينقل المؤلّف عن المستشرق الألماني سخّاو (ص184): “تعلّم العرب علم الفلك من براهماغوبتا [الهندي] قبل أن يتعلّموه من بطليموس” واثنان من أشهر كتب الأدب العربي وأقدمها وأكثرها تأثيراً وانتشاراً تُرجما عن اللغة الهندية السنسكريتية ألا وهما كليلة ودمنة وألف ليلة وليلة. ويدرس الكاتب بدقّة وتفصيل المسار الطويل الذي حمل هذين الكتابين الشهيرين من الهند وأوصلهما إلى العرب، وما طرأ عليهما من تغيير. (ص185-194).

ويخصّ العالِم الشهير البيروني بدراسة وافية (باب4/فصل2)، فهو أوّل مستهند في التاريخ، درس السنسكريتيّة وعرّب عدداً من كنوزها. وهو بدراسته القيّمة لأديان الهند اعتُبر مؤسّس علم مقارنة الأديان.

والخلاصة فالكتاب جديد في مجاله، رصينٌ في مقاربته وتحليلاته، دقيقٌ في ترجماته، موثّق في طروحاته وفرضيّاته. ولا غنى عنه لدارسي علوم الأديان وتاريخ تفاعلها، وكذلك تاريخ العرب والمسلمين في علاقاتهم بسائر الشعوب والثقافات.

شاهد أيضاً

أديان الهند وأثرها في جبران:. قراءة جديدة لأدب نابغة المهجر” للدكتور لويس صليبا، صدر عن دار ومكتبة بيبليون في 380 ص.

“أديان الهند وأثرها في جبران:. قراءة جديدة لأدب نابغة المهجر” للدكتور لويس صليبا، صدر عن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *