“من المجدل للاستبصار والجدل” لِـ عمرو بن متى وماري بن سليمان (قرن 12م)، تحقيق ودراسة وتقديم د. لويس صليبا، صدر مؤخراً  في مجلّد فاخر عن دار ومكتبة بيبليون في 533ص.

“من المجدل للاستبصار والجدل” لِـ عمرو بن متى وماري بن سليمان (قرن 12م)، تحقيق ودراسة وتقديم د. لويس صليبا، صدر مؤخراً  في مجلّد فاخر عن دار ومكتبة بيبليون في 533ص.

المجدل هو أقدم موسوعة مسيحية عربية. وقد بقيت حبيسة الأدراج قروناً عديدة. وتصدر اليوم في سلسلة “من تاريخ النصارى في الإسلام”. وهي تروي أخبار بطاركة كرسي المشرق، وبالتالي تاريخ النصارى في الجزيرة العربية والعراق وفارس منذ ظهور المسيحية وفي صدر الإسلام والدولة العباسية. كما تتناول في قسمها الآخر العقيدة المسيحية لا سيما في وحدانية الله، والثالوث، والتثليث في العهد العتيق والإنجيل والقرآن. وتُدافع عن الإيمان المسيحي بنفَسٍ حواريّ مميّز.

حقّق مخطوطات هذه الموسوعة النفيسة د. لويس صليبا، وقدّم لها بدراسة مستفيضة من 175ص عنوانها: “النساطرة والإسلام جدلية علاقة وتأثر”. وقد عاد الباحث إلى مصادر التاريخ الإسلامي لا سيما السيرة النبوية وتاريخ الطبري والقرآن وتفاسيره ليسبر غور العلاقة المميّزة التي جمعت بين المسلمين والمسيحيين النساطرة. لِمَ كان بطريرك هؤلاء هو المقدّم دائماً في الدولة الإسلامية على سائر زملائه؟! ويتبسّط الباحث في عرض العقيدة النسطورية والمشتركات بينها وبين العقيدة القرآنية في المسيح والنبوّة وغيرها في محاولة لكشف أسرار هذه العلاقة. ويعرض استناداً إلى نصوص قديمة موقف النساطرة الرائد من الإسلام ورسوله والعناصر الثالوثية في القرآن.

ويولي وثائق تاريخية مهمّة عناية خاصة: إنها عهود الخلفاء المسلمين لبطاركة المسيحيين ورؤساء اليهود: نصوص قديمة أورد المجدل بعضها، ومصادر إسلامية قديمة بعضها الآخر، وهي لم تنل ما تستحقّ من نشر علمي وتحقيق وتحليل. ومنها عهد الخليفة العبّاسي القائم بأمر الله للبطريرك عبديشوع الثاني، وعهد الخليفة المقتفي للبطريرك عبديشوع الثالث. يدرس الباحث هاتين الوثيقتين وينشر نصّيهما الكاملين ويقارن بين مختلف مخطوطاتهما، ويعرض ظروفهما التاريخية، ويحلّل مضمونهما ليستخلص منهما عناصر ومعطيات بشأن أوضاع النصارى في الدولة الإسلامية والعلاقات بين الأخيرة وأهل الذمّة عموماً. كما يقارن بين عهود الخلفاء للبطاركة، وعهودهم لرؤساء اليهود ويتوقّف عند نقاط الشبه والاختلاف ودلالاتها. ويخلص بنتيجة البحث الطويل إلى (ص170): “هذا التفاعل والتأثر حكَم إيجاباً على العلاقة بين الدولة الإسلامية والنساطرة، فاستفاد هؤلاء أحياناً من بعض الامتيازات الشكلية التي تقدّم بطريركهم على سائر رؤساء النصارى. أما الغيار وسائر التضييقات فقد طُبّقت على الجميع. إنها جدلية علاقة معقّدة تراوحت بين الودّ والبرودة والجفاء… ولكنها تستحق أن تُدرس وتُمحّص، فهي مرحلة بارزة وحاسمة من مجمل تاريخ العلاقة والتفاعل بين المسيحية والإسلام”.

ويقدّم المحقّق في القسم الرابع والأخير من الكتاب قاموسين الأول للكلمات السريانية واليونانية الأصل المستخدمة في موسوعة المجدل ومصادر مسيحية أخرى، فيوضح بذلك العديد من المفاهيم العقائدية، والوقائع التاريخية. والثاني للأماكن والمدن المسيحية في الدولة الإسلامية، ولا سيما ماذُكر منها في هذه الموسوعة ومصادر قديمة أخرى.

شاهد أيضاً

أديان الهند وأثرها في جبران:. قراءة جديدة لأدب نابغة المهجر” للدكتور لويس صليبا، صدر عن دار ومكتبة بيبليون في 380 ص.

“أديان الهند وأثرها في جبران:. قراءة جديدة لأدب نابغة المهجر” للدكتور لويس صليبا، صدر عن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *