أ. د. لويس صليبا
كلمة في مناقشة أطروحة الطالبة كارولين ديب: وحدانية الله بين التأنّس والتنزيه: عمّار البصري والقاضي عبدالجبّار نموذجاً، إشراف أ. د. لويس صليبا، بيروت، كلّية العلوم الدينية USJ، الخميس 24/9/2020
يمكن متابعة كامل تسجيل مناقشة هذه الأطروحة على الرابطين التاليين على Youtube
التقيتُ([1]) الطالبة كارولين حميد ديب أواخر سنة 2016 في مؤتمرٍ فلسفي فحكَتْ لي عن أطروحةٍ تعملُ عليها وعنوانُها: “وحدانية الله بين التأنّس والتنزيه: مقارنة فلسفية دينية”، وكانت يومها تعاني من مشكلة كبرى تعيق تقدَّمها في العمل، وتعودُ إلى الوضع الصحّي الدقيق الذي كان يعاني منه أستاذُها المشرف المأسوف عليه الأب الدكتور جورج مسّوح (1962-2018)، وعدم تمكّنه بالتالي من متابعةِ عملِها.
وكان انطباعي الأوّل أنّه يصعبُ على هذه الطالبة أن تخرجَ بنتيجةٍ حاسمة في أطروحتها، فالموضوعُ شيّقٌ ومهمّ ولكنه واسعٌ جدّاً، ولا بدّ من حصره. فالأطروحةُ الجامعية كالنافورة، إن أنت لم تحصرْ ماءها جيّداً، وكما يجب، فلن ينفر هذا الماء عبرها. وكما كان يقول لي ويكرّر أستاذي المستشرق جيروم لونتين Lentin، مضى ذلك الزمن الذي كان طالبُ الدكتوراه يقضي فيه سنواتٍ طويلة، تفوقُ العشر غالباً، في الإعداد لأطروحةٍ قد يصلُ عددُ صفحاتِها إلى الألف وأكثر. إنّه نظام دكتوراه الدولة القديم، ولم يعد معمولاً به منذ التسعينات من القرن الماضي.
وبعدها بقليل وتحديداً في شباط 2017 عرض عليّ عميدُ كلّية العلوم الدينية في جامعتنا USJ، الإشرافَ على هذه الأطروحة، فأبديتُ له رأيي الآنفَ الذكر في موضوعها، فترك لي حرّيةَ التصرّفِ والخيار.
وعندها، وما أن بدأتُ التفتيش عن حلّ يتيح حصر موضوع البحث، حتى ذكرتُ أستاذي ومعلّمي المونسنيور ميشال الحايك وحديثَه الدائم عن عمّار البصري. وميشال الحايك يُعتَبر بحقّ مكتشفَ هذا اللاهوتيّ الفذّ وناشرَ تراثِه. إذ حقّق ما وصلنا من مخطوطات مؤلّفاته ونشرها نشراً علميّاً رصيناً. كان المونسنيور يقول ويكرّر، وهذا ما تذكره طالبتُنا في أطروحتها (ص99): “عاش عمّار البصري في زمن المأمون والمعتصم، وعاصر أسقفَين شهيرَين أبن [أبي] قرّة الملكي (توفي بعد 825م)، أسقف حرّان، وأبي رائطة اليعقوبي (توفّي بعد 829)، أسقف تكريت، وكلا الأسقفَين ناظرا المسلمين في الشؤون الدينيّة وتركا لنا أولى الآثار المسيحية في هذا المجال”
نحن إذاً في ذروة عصر النقاش والجدل المسيحي الإسلامي، وعمّار البصري هو ثالث الأثافي، أو الزاوية الثالثة من مثلّث الدفاع عن المسيحيّة، وبه يكتمل المشهد، وإذا كانت الزاويتَان الأخريان: أبو قرّة الحرّاني الملكي، وأبو رائطة التكريتي اليعقوبي المونوفيزي قد نالتا حقّهما من الدراسات والبحوث، فإن عمّاراً البصري النسطوري لم ينل بعد ما يستحقّ من بحثٍ واهتمام، ومن هنا أهمّية اختيارِه موضوعاً للأطروحة.
وكان معلّمي المونسنيور الحايك يرى أن عمّاراً لا يقلّ أهمّية وحُذقاً في الحوار والجدل والدفاع عن العقائد المسيحية عن معاصرَيه أبي قرّة وأبي رائطة، رغم شهرة الأخيرَين، بل وقد يبزّهما، فهو من أهلِ الطبقة الأولى من اللاهوتيين المسيحيين العرب ومحاوري الإسلام السابقين واللاحقين، وكان يتقنُ اللغات السريانية واليونانية والعربية، وربّما العبرية، وإلى كلّ ذلك، يضيف الحايك، وهو ما تنقله عنه الطالبة كارولين (ص101): “ينهضُ عمّارُ البصري إلى مستوى موضوعِه، فيعالجُه بما أوتي من اطّلاعٍ على معارف عصره، ومعضلاتٍ في زمانه، وعلى ما سبقه من تراثٍ مسيحي، خِبرته سبعة قرونٍ من الاحتكاك بالفلسفة والاصطدام بالوثنيّة والتفاعل مع أساليب الحكم الدنيوي. فعمّار البصري هو وريثٌ لهذه المعطيات الثريّة بأخذها [يأخذها] من منابعها… وضليعٌ بما اخترعته عقولُ اليونانيّين الأوّلين من اللطائف التي أبهرت العقول، وخشّنت القلوب”
والحايك، وإن كان رائداً في اكتشاف البصري والتركيز على أهمّيته ومركزيّته في الفكر العربي المسيحي، فهو لم يكن الوحيد، إذ جاء بعده من سار على هذه الدرب ورأى في عمّار ما رآه هو وأكثر، وأكتفي هنا بما خلُص إليه مارك بيومنت Mark Beaumont في أطروحةٍ له عنه، وتنقله طالبتنا (ص104): “إن دفاع عمّار عن صحّة الإنجيل، كان أشملَ من أيّ معالجةٍ أخرى [بواسطة] لأي مسيحي معروف معاصر له في العصر العبّاسي الأوّل”
فخيار عمّار البصري نموذجاً للبحث في وحدانية الله بين التأنّس والتنزيه إذاً خيارٌ صائب وفي محلّه، ويستندُ إلى عاملَين بل ركنَين أساسييّن لكلّ بحثٍ أكاديميّ: الأوّل أهمّيتُه ومركزيّته في الفكر المسيحي العربي، والثاني افتقارُ المكتبة العربية والمسيحية عموماً إلى دراساتٍ عنه. وها قد حلّينا نصفَ المسألة، ويبقى نصفُها الآخر، أي على من يرسو خيارُنا من الطرف الآخر، أي من الجانب الإسلامي، كي يكتملَ عقدُ مقارنتِنا ويينعَ ويُزهر؟
وهنا تذكّرتُ أستاذي الآخر، كبير المستشرقين والباحثين المتخصّصين في المعتزلة، أي المستشرق الألماني جوزف فان إسّ، وحبيبَه Son Chouchou المتكلّم المعتزلي أبو الهذيل العلّاف، وكم كان يحدّثُنا عنه في محاضراته في باريس. وكان يذكر ويكرّر نقلاً عن ابن النديم أن العلّاف صنّفَ كتاباً عن عمّار النصراني في الردّ على النصارى”
وأبو الهذيل هذا هو تلميذ واصل بن عطاء أوّل المعتزلين، وهو من طرح أهمَّ المشاكل التي سوف تعمّقها المعتزلة، وناهض في كتاباته الثنويّة والمانويّة كما فعل عمّار البصري في كتاب البرهان. والعلّاف ولد في البصرة نحو 751م، واستقرّ في بغداد نحو 818 م ومن هناك اطّلع على مقالات عمّار مُواطنه وردّ عليها”.
هذا الكلام تنقلُه طالبتُنا في أطروحتها (ص99-100) عن المونسنيور الحايك، أما أستاذي الآخر المستشرق فان إس وما قالَه عن أبي الهذيل وسائر المتكلّمين المعتزلة، فلم يحظَ، مع الأسف، بما يستحقُّ من اهتمامِها، رغم طلبي المتكرّر منها ذلك، لا سيما وأن كتابَه الأساسيّ في علم الكلام تُرجم إلى العربية في حين كنّا نعودُ إليه يومها ونقرأُه بالألمانية ونأخذُ عنه!!
فبين أستاذيّ ميشال الحايك وجوزف فان إسّ أردتُ أن أنسجَ خيوطَ موضوعِ هذه الأطروحة، وأخرجَ بإشكاليةٍ واضحةٍ لها. بيد أن العلّاف ضاعت كلُّ كتبِه ولا سيما كتابُه في الردّ على عمّار النصراني، ولم يبقَ لنا منه سوى ما ذكره ابن النديمِ عنه، فماذا نفعلُ والحالةُ هذه كي نكملَ موضوعَ أطروحتِنا ونخرجَ بمقارنةٍ بنّاءة ومثمرة؟!
هنا تذكّرتُ أن تراث المعتزلة محفوظٌ بمجمله في موسوعةٍ ضخمة وصلنا أكثرُها، ألا وهي المغني في أصول الدين للقاضي عبد الجبّار المعتزلي، وعنها يقول عبدالكريم عثمان، محقّق كتابَيه “نظرية التكليف” وشرح الأصول الخمسة، وهو ما تنقله طالبتنا عنه (ص109): “المغني هو أضخم موسوعةٍ عقائدية إسلاميّة، وقد لفت الأنظار إليه، وإلى مؤلّفه، مع أنّه واحدٌ من عشرات الكتب التي خلّفها هذا الباحث الكبير”
وذكرتُ كذلك ما كان يقولُه لي كبير المتخصّصين الحاليين في تراث المعتزلة والقاضي عبد الجبّار البروفسور خضر نبها في حواراتِنا العديدة، وهو ما تنقلُه طالبتُنا عنه في الأطروحة (ص110)، يقول نبها: “يمثّلُ القاضي الحلقة الأخيرة من الاعتزال الخالص (…) فلذلك يُعتَبر تاريخُ فكر المعتزلة، وأهمُّ رجالهم ينتهي عادة بالقاضي عبدالجبّار. إضافةً إلى ذلك تقعُ أهمّيةُ القاضي في دراسة فكر المعتزلة، لأن معلوماتِنا كانت تُقتبسُ ممّا كتبه عنهم الخصوم. وكثيرٌ من مؤلّفات القاضي قد وصلت إلينا، ومنها كتاب المغني، حيث عرض القاضي فيه، وفي سائر مؤلّفاته المطبوعة، آراء من تقدّم عليه من شيوخِ المعتزَلة”
فها هو دارسُ المغني ومحقّقُ نصِّه الدكتور خضر نبها يؤكّد لنا أنّنا نستطيعُ أن نجدَ فيه طروحاتِ سابقيه في الاعتزال ومنهم “أبو الهذيل العلّاف”، فما من خيارٍ أمامنا إذاً لحلّ مشكلتنا سوى أن نضعَ كتاباتِ عمّارٍ البصري بموازاةِ مصنّفاتِ القاضي عبد الجبّار ونصوصِه، وهكذا كان.
فمع القاضي عبد الجبّار تكتملُ حلقةُ دراستِنا وموضوعُها، فهو يحملُ إلينا آراء أبي الهذيل العلّاف، بل به وجدْنا الحلقةَ الضائعة، أي نقود ونقوض أهل الاعتزال عامّة لطروحات اللاهوتيين المسيحيين.
وإذا كان عمّار لم يحظَ عموماً، وعبر الزمن، بما يستحقُّ من اهتمامِ الباحثين والمفكّرين، فليست هذه حال القاضي عبد الجبّار. فقد نوّه القدماءُ والمحدَثون بإسهاماتِه وأصالةِ فكرِه. يقول الحاكم الجشمي (413-494 هـ/1022-1101م) فيه وهو ما تنقلُه طالبتُنا (ص107): “وليس تحضرني عبارةٌ تحيطُ بقدرِ محلِّه في العلم والفضل، فإنّه الذي فتقَ علمَ الكلام ونشرَ بذورَه، ووضعَ فيه الكتبَ الجليلة التي بلغت المشرقَ والمغرب، وضمّنها في دقيقِ الكلام وجليلِه ما لم يتّفقْ لأحدٍ مثله، وإليه انتهت الرياسةُ في المعتزلة حتى صار شيخَها وعالمَها”
ويقول عنه شيخ الإسلام تقي الدين السُبكي (683-756هـ/1284-1355م) في طبقات الشافعيّة الكبرى، وتنقله عنه طالبتنا (ص107-108): “هو [القاضي عبد الجبّار] الذي تلقّبُه المعتزلة قاضي القضاة، ولا يطلقون هذا اللقبَ على سواه، ولا يعنون به على الإطلاق غيرَه”
ويقول عنه محقّق كتبه عبدالكريم عثمان الآنف الذكر وتنقل طالبتنا كلامه (ص109): “انتهى إليه فكرُ الاعتزال كاملاً، ولن نجد عند واحدٍ من المعتزلين السابقين مثلَ هذا الشمول والحرص على عرضِ جميع الآراء، حتى إن كتاباتِه تعَدُّ تاريخاً للعقائد، إسلاميةً كانت أو غيرُ إسلامية، إلا أن الرجل طويلُ النفَس، كثيرُ التكاليف، صعبُ العبارة”
كثيرُ التكاليف صعبُ العبارة، وكان على طالبتِنا أن تغوص في مؤلّفات جهبذين: لاهوتيٌّ مسيحي ومتكلّمٌ مسلم، محاذِرةً الضياع في تشعّبات موضوعها العديدة.
وطرحنا سويّاً عدداً من الإشكاليّات، بعضُها أخذ حقَّه من الدراسة في الأطروحة، وبعضُها الآخر لم يتَحْ للطالبة التعمّقُ وفصلُ الخطابِ فيه. وأكتفي هنا بذكر ثلاثٍ منها، وعساه تكون لباحثين تالين كلمةُ فصلٍ فيها.
وأذكّر أنّنا في أطروحتنا هذه في صُلب النقاش المسيحي الإسلامي المحتدم، بل الحوار البنّاء، وتذكر كارولين في ذلك، وهي بالحري تعبّر عن قناعةٍ مشتركة تبلورت في جلساتنا العديدة، فتقول (ص166): “الجدلُ مرحلةٌ أولى من مراحل الحوار المثمر، وهو بحدّ ذاته دليلُ عافية، ويعكسُ جوّاً من الحرّية. وتلك النقاشات التي كانت تدور بين علماء الكلام وعلماء اللاهوت كانت نتيجةً للاحتكاكِ اليوميّ، والاختلافِ في العقيدة”.
وإنّني لأذهب إلى أبعد من ذلك لأقول إن هذا الاحتكاكَ اليوميّ وهذا التفاعلَ الفكري أدّى إلى تثاقفٍ عميق الأثر لا تخلو حتى العقيدةُ منه، أو أقلُّه طرقُ التعبير عنها، وفي التالي ممّا سأعرضُ من إشكاليّاتٍ أمثلةٌ وأدلّةٌ على ما أقول.
الإشكالية الأولى:
بسم الآب والابن والروح القدس، وفي السريانية وقد أخذت ذلك عن العربية كما يبدو: بشم آبو وابرو وروح قدشو. لماذا الآب وليس الأب، كما هي الحال في سائر لغات العالم؟!
في الفرنسية نقول Au nom du Père وفي الإنكليزية In the name of the Father
كان أستاذي عالمُ الكتابِ المقدّس الأب لويس خليفة يقول ويكرّر في دروسه البيبلية وكتاباتِه إن مصطلح الآب في العربية، والذي حلّ محلّ الأب المستخدم في كلّ اللغات الأخرى، نوعٌ من بدعة، وليس ببعيد عن أثرٍ إسلاميّ ما. ما قد يعني برأيي أن عبارةَ آب، هي كما يبدو نوعٌ من تنزيهِ الله الأب عن أبوّةٍ بشريّة عادية، بمعنى أنّه عزّ وجلّ لم يلد ولم يولد، سبحانه وتعالى عمّا يصفون، وفي القرآن: {وقالوا اتّخذ الرحمنُ ولدا لقد جئتم شيئاً إدّا تكادُ السماواتُ يتفطّرن منه وتنشقُّ الأرضُ وتخِرُّ الجبالُ هَدّا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتّخذَ ولدا إن كلّ من في السموات والأرض إلا أتى الرحمنَ عبدا لقد أحصهم وعدّهم عدّا وكلُّهم آتيه يومَ القيامةِ فردا} (سورة مريم19/88-95).
ولا يغربنّ عن بالنا هنا أن الرفض القرآني القاطع لله الأب يعود في أصوله وجذوره إلى رفض العقيدة الجاهلية القائلة إن لله بناتٌ هن الإلهآت الجاهليات، جاء في آية الذكر: {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألكم الذَكَر وله الأنثى تلك إذاً قسمة ضيزى. إن هي إلا أسماءٌ سمّيتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان} (النجم/20-22).
يقول الطبري في تفسيره لهذه الآية: “اللات هي من الله أُلحقت التاء فأنّثت كما قيل للذكر عبّاس ثم قيل للأنثى عبّاسة”([2])
اللات من الله إذاً، وبنتُ الله.
فهل انعكس هذا التهويل والترهيب القرآني، الذي قرأناه في سورة مريم، مصطلحاً تنزيهيّاً لله الأب عن أن يكون أباً طبيعيّاً، فاستُخدمت لذلك عبارةُ الآب عوضاً عن الأب كما هي الحال في سائر اللغات الأخرى؟!
وددتُ لو أن الأطروحةَ تصدّت لهذه الإشكالية المركزيّة، وأتتنا بجوابٍ شافٍ عنها.
الإشكالية الثانية: ورد في قانون الإيمان المسيحي، أو ما يُعرف بالقانون النيقاوي الذي تُجمع على إقراره الكنائس المسيحية، بشأن التجسّد والتأنّس: “وتجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء، وتأنّس”([3])
وهذا ما تذكره الطالبة في مبحثها المعنون المجمع المسكوني الأول (ص59-60) بقولها إن قانون الإيمان يتضمّن مفردتَي التأنّس والتجسّد.
لماذا هذا التأكيد على التأنّس بعد التجسّد؟! ولا سيما في الصيغة الراهنة لقانون الإيمان؟ أو بالحري التأكيد على أنّ تجسُّدَ الله هو تأنّسٌ حصراً، ولا شيءَ غيرَ التأنّس؟ وهل يعني ذلك رفضاً ضمنيّاً لأي شكلٍ من أشكال تجسّدِ الله، ما لم يكن تجسّداً بشريّاً تحديداً وحصراً؟
وهل هو رفضٌ استباقي لتجسّدِ الله في كتابٍ مثلاً؟ أم هو رفضٌ كذلك لتجسّدِ الله في كائنٍ غير بشري كما في التقليد الفشنوي الهندي وهو من أقدم التقاليد الدينية في تجسّد الإله المعبود.
تطرّقت الأطروحة إلى هذه الإشكالية العويصة في مبحثٍ عنوانه: “الخلافُ في صفوف المسلمين حول مسألة خلق القرآن، ومقارنتُها مع عقيدة التجسّد في المسيحية” (ص239-242).
وودَدْتُ لو أنّها أولت مسألةَ التفاعل بين العقيدتَين المسيحية والإسلامية المزيد من البحث والتمحيص. وهذا ما فعَلْتُه في دراسةٍ آنفةٍ لي، لم تشر إليها الطالبة، نُشرت في كتابي “حدّ الرِدّة ركنُ التكفير”. وفيها أستندُ إلى رواية لابن النديم (ت380 هـ) في الفهرست عن عبدالله بن محمّد بن كُلّاب (ت241هـ)، إمام أهل السنّة في زمانه، وأستاذُ الأشعري، أو بالحري وكما يقول عنه ابنُ تيميّة في فتاويه: “إمام الأشعرية، وأقربُ إلى السلف من الأشعري نفسه”
والمهمّ أن ابن النديم يذكرُ في النبذة التي خصّصها لابن كُلّاب في الفهرست: “عبدالله بن محمّد بن كُلّاب القطّان، وكان يقولُ إن كلام الله هو الله. قال أبو العبّاس البغوي دخلنا على فَثيون النصراني، وكان في دار الروم الجانب الغربي، فجرى الحديثُ إلى أن سألتُه عن ابن كُلّاب، فقال رحم الله عبدالله، كان يجيئُني فيجلسُ في تلك الزاوية، وأشارَ إلى ناحيةٍ من البيعة. وعنّي أخذ هذا القول”
واضح من الرواية أن ابن كُلّاب كان يزورُ فثيون في الكنيسة ويتحاورُ معه، وعنه أخذ مقولَته الشهيرة: كلام الله هو الله، والتي يستعيدُها الأشعري من بعده. ويمضي ابنُ النديم في روايته، فينقلُ عن فَثيون قولَه: “ولو عاش [ابن كُلّاب] لنصّرنا المسلمين”. ويضيفُ صاحبُ الفهرست: “وسأله محمد بن إسحق الطالقاني فقال ما تقول في المسيح، قال: ما يقولُه أهلُ السنّة المسلمون في القرآن [كلمة الله غير مخلوق]”
وواضحٌ من هذه الرواية أن التفاعل بين أئمّة الأشعرية واللاهوتيين المسيحيين كان قويّاً، ويفسّر انتقال عقيدة “كلمة الله غير مخلوق” من الجانب المسيحي إلى الطرف الأشعري، وهي اليوم عقيدةُ أهلِ السنّة كافّة.
وهذا الكلام قلتُه كذلك في مقابلة لي على قناة الحرّة بُثّت منذ أيّام (الأحد 13/9/2020) وأثارت نقاشاتٍ حامية عنوانُها العريض: أيمكنُ أن تكونَ العقيدةُ الإسلامية، ولا سيما السنّية الأشعرية، في القرآن أي أنّه غير مخلوق قد جاءت وترسّخت بتأثيرٍ مسيحي؟!
ولستُ في الواقع أوّلَ من قال بذلك. وفي الأطروحة، وتحديداً في مبحث خلق القرآن الذي أشرتُ للتوّ إليه آراءٌ لباحثين عديدين تؤكّد هذا الأمر. تنقلُ كارولين مثلاً عن زهدي جارالله قولَه (ص240): “أما القولُ بأزليّة القرآن، فيظهرُ أنه يرجعُ أيضاً إلى أصلٍ أجنبي، والمرجّح أنه مستمَدٌّ من المسيحيين الذين يؤمنون بقِدَم الكلمة”
ويمضي المستشرق العالِم دنكان ماكدونالد إلى أبعد من ذلك، فيؤكّد، كما تنقلُ الأطروحةُ عنه (ص241): “إن مسألةَ قِدمِ القرآن، وأنّه غير مخلوق، مستمدّةٌ من العقيدة المسيحية التي تقول بأن الكلمة صار جسداً، أي تجسُّد المسيح، وانتقلت إلى المسلمين من الكنيسة اليونانية عبر [بواسطة] يوحنا الدمشقي. وهنا تتساوى فكرةُ [عقيدة] تجسّد المسيح مع عقيدة أزلية القرآن، فالقرآنُ هنا بمثابة كلمة الله، وهو غيرُ مخلوق”
وتبقى إشكاليةُ مصطلحَي التأنّس والتجسّد، ونلحظُ أن الأطروحة لم تحسمْ مسألة التمييز أو التماهي بينهما!
إذ نجدُها تنقلُ مثلاً عن القدّيس يوحنا الدمشقي (ص264)، قولَه: “أمّا التجسّد، وهو نفسُه يقال له التأنّس”
ثم تعلّق وتعقّب قائلة (ص265): “لجأ القدّيس يوحنا الدمشقي في تفسيره لمفهومَي التجسّد والتأنّس تارة إلى النهج الدفاعي إلخ…”
في حين أنّها تعتبرهما أحياناً مجرّد مرادفان كما في قولها (ص60) “نستنتجُ ممّا قاله هنري بولاد اليسوعي أن التجسّد أي التأنّس كان الفاصلَ بين العهد الجديد والعهدِ القديم”.
فهل هما مفهومان مختلفان متمايزان كما تذكرُ الأطروحةُ تارة، أم مفهومٌ واحدٌ وعبارتان مترادفتان كما تنقل عن الدمشقي نفسِه؟! وكما تؤكّد الأطروحة نفسُها في أمكنة أخرى؟!
أظنُّ، بل أرجّح، أن في عبارةِ القديس الدمشقي رفضاً استباقيّاً لاحتمال أن يتجسّدَ الله في أيِّ ما ليس بجسدٍ إنساني بشري أي رفضَ احتمالِ أن يتجسّدَ في كتاب، وهو تحديداً ما كان يحاججُ المسلمين عليه، كما توسّعتُ بإيضاحه في دراستي في كتاب حدّ الرِدّة الآنفة الذكر.
الإشكاليةُ الثالثة: بالعربية نقول: بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. وعنها على الأرجح أخذَت السريانية: بشم آبو وابرو وروح قدشو حاد ألهو شريرو آمين.
فلماذا لا نجد هذه العبارة “الإله الواحد”، إلا في العربية دون سائر لغات العالم؟!
نقول بالفرنسية مثلاً:
Au nom du Père et du Fils et du Saint Esprit Amen
وفي الإنكليزية:
In the name of the Father and the Sun and the Holy Spirit Amen
هذه الإضافة “الإله الواحد” جاءت بتأثيرٍ إسلاميّ بلا ريب. ولكن متى وأين وكيف حصل ذلك؟! أولم تكن هذه الإضافة تحديداً بتأثير من التنزيه الإسلامي وردّاً واضحاً عليه؟
وددتُ لو أن الأطروحةَ استطاعت أن تكشِفَ لنا متى وأين وكيف حصل ذلك. فهو حدثٌ مهمٌّ في التاريخ المسيحي العربي، وكذلك في تاريخ النقاش والتفاعل المسيحي الإسلامي.
علماً أن عبارة الإله الواحد ترتبط مباشرةً بمصطلح الوحدانية. بل إن الوحدانية مشتقّة من الواحد. تشير الطالبة في أطروحتها (ص114): “كلمة التوحيد لا تُستخدم إلا نادراً في كتب اللاهوت المسيحي. وإنّما الكلمة التي يقول بها [يستخدمها] اللاهوتيّون المسيحيّون للتعبير عن الإله الواحد هي الوحدانية”
وليتها هنا طرحت على بساط البحث إشكالية اختلاف المصطلحات بين لاهوتيّي المسيحية ومتكلّمي الإسلام. وهي عوض أن تطرح هذه الإشكالية تتابع كلامها، فتقول (ص114): “مع الإشارة إلى أن كلمتَي التوحيد والوحدانية تؤدّيان نفس الهدف”
هل المقصود بقولها تؤدّيان نفس المعنى؟! أو بالحري المعنى نفسه. نقرأ في الأطروحة نقلاً عن القاضي عبدالجبّار (ص220): “إن التوحيد في أصل اللغة عبارة عمّا [به] يصير الشيء واحداً”
وهو ما يأخذه عنه عبدالرحمن بدوي (ص130): “التوحيد في أصل اللغة عبارة عمّا به يصير الشيء واحداً”.
وإذا عدنا إلى القاموس الفرنسي، نجد:
وحدانية: état de ce qui est un, unique([4])
توحيد: Unification (عبد النور، م. س، ص347).
الوحدانية والتوحيد إذاً مصطلحان مختلفان ولا يؤدّيان المعنى نفسه.
وسبق لي أن نقلتُ في بحثٍ آنفٍ عن المستشرق والأركيولوجي والمؤرّخ الفرنسي رنيه ديسّو (1868-1958) René Dussaud تأكيده إثر بحثٍ آثاري ونصوصي طويلٍ ومعمّق: “تُقدّم النصوص الصفويّة لأوّل مرّة الدليل القاطع على أن الله كان إلهاً عَبَده عرب الشمال، قبل أن يصبح الإله الواحد الأحد عند المسلمين”([5])
ما قد يعني أن الإسلام قام بعملية توحيد للآلهة الجاهلية في إلهٍ واحدٍ. وهنا تحديداً يأخذ مصطلح “التوحيد” أبعاداً أخرى مهمّة لا يحملها مصطلح وحدانية، ما قد يفسّر رفض اللاهوتيين المسيحيين المصطلح الأوّل (توحيد) واعتمادهم الثاني (وحدانية). لأن الأوّل يعني، في ما يعنيه، عملية توحيدٍ لكثرة من الآلهة في إلهٍ واحد هو الله وفرض عبادته دون سواه.
ولا يغربنّ عن بالنا هنا أن المسيحية انطلقت من بيئة موحِّدة هي اليهوديّة، في حين نشأ الإسلام في وسطٍ وثني هو البيئة الجاهلية في جزيرة العرب.
وما قلناه عن مصطلحَي وحدانية وتوحيد ينسحب على مصطلحَي ثالوث وتثليث. فاللاهوتيّون المسيحيّون اعتمدوا دوماً الأوّل [ثالوث] ولم يعتمدوا الثاني إلا نادراً ومن باب الردّ على متكلّمي الإسلام. فالتثليث، وقياساً على التوحيد ما به يصير الشيء ثلاثاً، نقرأ في المعجم: “تثليث: الإعادة ثلاثاً“([6]). وهذا مخالفٌ تماماً لعقيدة الثالوث المسيحية وروحانيّتها. ومناقشة هذه المسألة تطول وتتشعّب، ونكتفي بهذه الإشارة.
ومن هذه الإشكاليّات الثلاث تتّضحُ للعيان أهمّيةُ، بل خطورةُ، الموضوع الذي تدرسه أطروحةُ “وحدانية الله بين التأنّس والتنزيه”، ففي المحصّلة، فالنقاش والتفاعل بين المسيحيّة والإسلام أدّى إلى أثرَين بيّنَين في العقيدة المسيحيّة بقيا منقوشَين بوضوح في إشارة الصليب، وهي، كما نعرفُ، سِمةُ المسيحية الأساسية، وبطاقة الدخول فيها: بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
كما أدّى إلى أثرٍ واضح في العقيدةِ الإسلامية في القرآن كلمة الله غير المخلوق، وهي عقيدةُ أهل السنّة في الكتاب المنزَل.
وماذا نريد أكثر من ذلك؟ تأثيرات تُعجِب المرءُ ويكادُ ينكرُها للوهلة الأولى وهذا ما لمستُه لمس اليد في لقاءات وحواراتٍ عديدة.
وتبقى كلمة سريعة في بنية الأطروحة ومضمونها ونبرتها وأسلوبها.
تبدو هذه الأطروحة للوهلة الأولى مجموعة استشهادات ونُقولٍ عن هذا المؤلّف أو ذاك، يربطها خيطٌ واهٍ من التفاسير والشروحات اللفظية في حين أن التحليل والربط والمألفة Synthèse شبه غائبة.
بيد أنّنا لا يمكن أن نغفل هنا أن وضع النصوص المسيحية بموازاة النصوص الإسلامية وجعلها تنعكس فيها وكأنّما في مرآة عملٌ جليل الفائدة، وقد نجحت الأطروحة في بلورته وتظهيره.
وإذا كانت قد نجحت في ذلك فلأن الباحثة استطاعت أن تضع قناعاتها وانتماءاتها الدينية والعقيدية جانباً، وتقفَ على مسافةٍ واحدة من الفريقَين المتجادلَين المسيحي والإسلامي. وهو ما اشترطُته عليها بوضوح وصراحة منذ البداية. فإثر تفحّصي الفصل الأوّل الذي سلّمتنيه بادرتُها: مسيحيّتك ضعيها جانباً، فلا خوف عليها، ولا تخشي أن ينتزعها منك أحد. ضعي مسافة بينك وبينها، وانظري إليها عن بعد. فالجبل يبدو للناظر إليه من السهل مختلفاً عمّن ينظر إليه وهو على رأس قمّته. وكوني على مسافة واحدة من الفريقَين، اعتبري نفسك بين الأقوال والأقوال المضادّة وكأنّك في مباراة كرة قدمٍ وأنت تحديداً في موقع الحكم لا في موقع مؤيّد أو مشجّع لأي من الفريقَين.
هذا الموقع المحايد يمكّن أي مراقب للمباراة أن يقيّم ويتذوّق اللعبة الجيّدة من أيّ فريق أتت. وهو ما يتيحه أيضاً للباحث الرصين. لا سيما وأن القارئ العربي قد مجّ الأسلوب الدفاعي/الهجومي الذي يسود معظم الدراسات والبحوث العربية في علوم الأديان.
“اسمُك سجنك، فاخرج من اسمك تخرج من سجنك”، يقول النفّري. ويضيف: “فإذا خرجتَ من اسمك ومعناك، لم يكن لمن حُبس في اسمه ومعناه سبيلٌ عليك”([7])
ولكن هل يسهل على المرء أن يخرج من جلده؟!
تحدّ كبير نجحت الباحثة في مواجهته. وكنتُ حين أقرأ مباحثها وعرضها المحايد لرأي هذا اللاهوتي المسيحي أو ذاك، وردّ المتكلّم المسلم عليه، أو العكس، أذكرُ قول الشاعر العربي، صاحب القصيدة اليتيمة:
ضدّان لمّا استجمعا حَسُنا والضدُّ يظهرُ حُسنَه الضدُّ
فالنأي بالنفس عن حمأة الجدل، وعرض تفاصيله بأعصاب باردة ونبرة هادئة ودودة من دون تشويه ديناميكية الأخذ والردّ جديرة بالتنويه والثناء وعساها تكونُ أسوة للدراسات اللاحقة.
وختاماً يبقى الدين، وكما تنقل الأطروحة عن الفيلسوف الألماني هيغل (1770-1831): “بحث المتناهي عن اللامتناهي”، وبالتالي يستحيل حصر البحث فيه في أطروحةٍ أو كتاب مهما بلغ شأوه. وإنّني لأتّفقُ مع كارولين، وفي الحقيقة فهي تعبّرُ عن قناعةٍ مشتركة تبلورت في نقاشاتِنا العديدة في موضوع أطروحتِها، حين تقولُ في الخاتمة (ص362): “إن الحوارَ المسيحي الإسلامي الذي ابتُدئ به منذ النصف الثاني من القرن العشرين، لم يفعل سوى أنه عادَ إلى هذا الموروث الفكري من العصر العبّاسي، واستلهمَ منه عناصرَ ومعطياتٍ لدفعِ التفاعلِ والنقاشِ إلى الأمام. فمجادلو ومفكّرو العصر العبّاسي الذين تناولنا آراءهم وطروحاتِهم في هذا البحث، هم في الحقيقة من وضعَ الأسسَ الثابتة والمتينة للقاءٍ متميّزٍ بين المسيحية والإسلام، وهم بالتالي، شئنا أم أبينا، مؤسّسو هذا الحوار المسيحي الإسلامي الذي يسعى جميعُ الخيّرين إلى دفعِه إلى الأمام”
خلاصةٌ حاسمة، ومحصّلة خطيرة تُظهر أن الجُهدَ الدؤوب والمتواصل الذي بذلَتْهُ هذه الطالبة المواظبة والمنفتحة على الآخر المختلِف، خلال سنواتٍ طويلة من البحث، وتجاوبَها العامّ مع مختلفِ الملاحظات والتصحيحات التي اقتُرحت عليها، قد أثمرَ وأينع، وسيكونُ نقطةَ انطلاقٍ مكينة لأبحاثٍ آتية لها أو لغيرها. فبوركت يداك يا كارولين، وإلى المزيد من العطاء.«»«»«»«»([8])
[1] – د. لويس صليبا: كلمة في مناقشة أطروحة وحدانية الله بين التأنّس والتنزيه: عمّار البصري والقاضي عبدالجبّار نموذجاً أعدّتها الطالبة كارولين حميد ديب، وأشرف عليها أ. د. لويس صليبا، بيروت، كلّية العلوم الدينية USJ، الخميس 24/9/2020
[2] -صليبا، د. لويس، القرابين البشرية في اليهودية القديمة: ذبيحة يفتاح في التوراة والتلمود والميثولوجيا والمسيحية وافسلام والآداب، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط2، 2020، ص270.
[3] -يوحنا الذهبي الفم، الليترجيا الإلهية المقدّسة، لأبينا في القدّيسين يوحنا الذهبي الفم، اللقلوق/لبنان، منشورات دير الميلاد الإلهي، 2018، ص21.
[4] -عبد النور، جبّور/ معجم عبدالنور الحريث عربي-فرنسي، بيروت، دار العلم للملايين، ط5، 1995، ص1098.
[5] -صليبا، لويس، القرابين البشرية، م. س، ص274، نقلاً عن العرب في سوريا لرنيه ديسّو، ص274.
[6] -الباشا، محمد خليل، الكافي معجم عربي حديث، بيروت، شركة المطبوعات للتوزيع ط4، 1999، ص238.
[7] -النفّري، محمّد بن عبد الجبّار بن الحسن (ت354هـ/965)، كتاب المواقف ويليه كتاب المخاطبات، تحقيق أرثر يوحنا أربري، القاهرة، مطبعة دار الكتب المصرية، ط1، 1934، ص94. ويقول النفّري: “أوقفني وقال لي إنما اسمك مكتوبٌ على وجه ما به تسكن، وقال لي إنما انظر إلى ما به تستقلّ، وقال لي إن خرجتَ من معناك خرجتَ من اسمك، وإن خرجتَ من اسمكَ وقعتَ في اسمي” (ص94).