الرغبة المبتسرة

المؤلّف/Author : د. لويس صليبا Dr Lwiis Saliba
أستاذ وباحث في الأديان المقارنة/باريس.
عنـوان الكتاب : الرغبة المبتسرة / محاولات وأبحاث في المحرّم
Title : The amputated Desire
مقدّم الكتاب : سحبان أحمد مروّة
محقّق وباحث في التراث الإسلامي
عدد الصفحات : 244 ص
سنة النشر : 2009
تنضيد وإخراج داخلي : صونيا سبسبي
الطباعة : مطابع دار ومكتبة بيبليون
الناشر : دار ومكتبة بيبليون
طريق المريميين – حي مار بطرس- جبيل/ بيبلوس ، لبنان
Byblion1@gmail.com
2009 – جميع الحقوق محفوظة 

رغبة بترت وابتسرت… فولّدت وجعاً يئنّ ويصرخ في الوجدان… فتساقط الأنين لتلتقطه الأوراق… حبراً يقطر من جرح…
الحرمان… والإبداع. كم تحدّثوا عن الثنائي هذا. واعتبروا الأوّل مفجّراً للثاني. فلو لم تحرم الرغبة من… اللذّة… أو من الإشباع، فهل كان لنفثات القلب والوجدان هذه أن تنهمر حبراً على ورق؟!
والحرمان والمحرّم: أَمُرادفان هما؟ علاقة الإثنين واحدة مع الرغبة والرغبات.. وما بين المحرّم أو الحرمان والرغبة المبتسرة علاقة سبب بنتيجة. فبدون الأوّل ما كنّا لنعرف الثانية. ولكن جدليّة العلاقة بين المحرّم والرغبة المبتورة هي هي المحرّك للتاريخ البشري بأسره. فلولا العوائق بوجه رغباته، لما عرف تاريخ الإنسان التطوّر الذي نحن اليوم عليه شهود.
الإبداع من حرمان أو رغبة غير مشْبعة ومبتورة نشأ.
مهلاً… فلسنا ندّعي لمحاولاتنا هذه… الإبداع. حسبها أن تعكس بصدق… وواقعيّة حالاً… أو تحكي اختباراً. حالة نفس قدرها كان أن تبحث… وما أن يلوح لها أنها وجدت ضالّتها حتى تواجه بالصدّ. قسمتها أن تجري خلف سراب. وهل الإشباع الحسّي شيءٌ سوى وَهْمٌ وسراب؟!
أدوات الحواس Objets des sens وهمٌ نعيش فيه وله. ونجري خلفه سنواتٍ وأعمار… وفي ما يلي حكاية عُمر أنفق أو ضاع في البحث عن سراب يهرب… يتوارى بمجرّد الاقتراب منه.
لا تعبّر هذه الحكايات والأغنيات عن خيبة، بل عن سعي وإصرار على التنقيب. وقد يقودنا البحث الدؤوب إلى أن نجد ما لم نكُن ننشد. أو أن نعي أننا كنّا نفتّش، من حيث لاندري، عن شيء آخر ومختلف تماماً عمّا سعَينا إليه.
الخَيبة لا تتولّد عن الصدّ… وغالباً ما تنتج عن الإشباع. إذ فيه نعي أن ليس هذا ما كنّا نبحث عنه.
والرغبة إذا ابتسرت… وبترت لا تنتج الخيبة إلا لآن. فنتاجها الدائم إدراكٌ لحقيقة الهدف. والرغبة تثري المرء أكثر مما يغنيه ما يتوهّمه أنه امتلاك لموضوع الرغبة.
حكاية ما يلي من قصائد ومناسبتها بسيطة. رغبة ثارت وهاجت في الداخل… فشاءت أن تبحث لها عن إشباع. وما أن خطت خطوة في هذه الدرب أو خطوات، حتى حال بينها وبين ما تصبو إليه حائل… أو حواجز ليس المحرّم أقلّها.
وهذه الرغبة تعلّمت أن تدور على نفسها ، وأن تعود من حيث أتت… إلى الداخل، لتتفجّر وتتشظّى بطريقة أخرى. فتحمل الأوراق بعضاً من هذه الشظايا. الرغبة المبتسرة أشبعت، أو أشبع بعضها في خلق أدبي. وهذه هي متعة التدوين. رغبة تصرخ فنضجعها على ورق، وفي إضجاعها أشباع أو تخطٍّ لها.
الرغبة في الجسد هي. وكثيرة هي المسالك التي تنطلق من أحاسيس الجسد وتستند إليها للوصول إلى ما وراء الجسد. وفي هذا تكمن مفارقة الاختبار الصوفي. كلٌّ ينطلق من الجسد، من وعينا لأحاسيسه. البعض يبقى العمر في دائرته…. والبعض يكسر الحلقة يصعّد الرغبة في قنوات أخرى… إلى مقامات أخرى أبعد من الجسد. ولكن نقطة الانطلاق تبقى هي هي: أحاسيس الجسد.
ولسنا ندّعي أنّنا سلكنا هذه القنوات وبلغنا تلك المقامات. حسبنا أننا نسعى ونتوق… وامتشاق القلم… خطوة في الطريق. محاولة للوصل… وأداة للوصول.
ومبارك ذاك المحرّم قد يقول البعض، وطوبى لها تلك الرغبة قد يردف آخر. حبلت بالصور والخيالات والأفكار. وحان أوان الوضع. تمخّضت طويلاً. فعسى المولود ينسي وجع المخاض… أو يبقى ذكرى له.
Q.J.C.S.T.B
د. لويس صليبا
باريس في 15/01/2009

شاهد أيضاً

مـرآة القلــب

  نبذة: في هذا الكتاب حكايات وذكريات، وجملة أغنيات، تمتد في الزمن عبر حقبة تقارب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *