قلائد المرجان في تاريخ شمالي لبنان

قلائد المرجان في تاريخ شمالي لبنان        
تأليف: بطرس بشارة كرم  
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
النوع: ورقي غلاف فني،
حجم: 22×15،
عدد الصفحات: 275 صفحة  
  الطبعة: 1   
مجلدات: 1          
اللغة: عربي 

نبذة :
حري بنا أن نبدأ بحثنا في الأرز بتدوين ما وصفه به الشاعر الفرنسي الطائر الصيت دي لامارتين قال: إن هذه الأشجار هي أشهر أثر طبيعي في العالم دوّنه التاريخ ووصفه الكتاب المقدس في مواضع شتى، وما الأرز إلا مثال التحبب عند الشعراء وهو الذي زين به سليمان الهيكل الذي أقامه للخالق. فالشرقيون على اختلاف مذاهبهم يحتدمون بالتقليد هذه الأشجار ولا يكتفون أن ينسبوا إليها قوة حيوية نباتية أبدية بل روحاً توحي إليها بدائع الحكمة وغرائب الفطنة مما هو أشبه بالهداية أو الغريزة في الحيوان والذكاء في الإنسان. وهذه الأشجار الشهيرة تنقص في كل عصر ولا يوجد منها إلا سبعة معاصرة للآباء الأولين. وفي شهر حزيران من كل سنة يصعد السكان المجاورون إلى غابة الأرز ويحتفلون بإقامة صلاة خشوعية تحت ظلاله.. وكتب المسفار الفرنسي إسكندر بيدا الذي زار الأرز سنة 1855م فقال: إنني صرفت نهاراً كاملاً في غابة الأرز وحدي فهذه الدوحات الكبيرة المهيبة القائمة في هذا المشهد الطبيعي الجميل توحي إلى رائيها أفكاراً سامية. فلم أجد طوال حياتي هكذا إلى نفسي انتباهي إليها بين الأرز. ولقد تجولت ردحاً بين هذه الأشجار التي شهدت مجد سليمان وودعت العصور الخالية، فكم من ثورة نظرت هذا الأرز؟ وكم كافح من العواصم وكم مرّ به من الفاتحين؟.. ومن أغرب وأعجب ما شاهدته من على قمة الأرز غروب الشمس الذي لا أستطيع وصفه ولكنه سيبقى أجمل تذكار لها في حياتي.

إن خشب الأرز صلب ثقيل أصفر فاقع ذو خطوط حمراء عطر الرائحة، لا يفعل فيه الزمان ولا تقربه الأرضة والسوس ولذلك اعتبره قدماء البنائين، واستعماله منذ عهد عهيد كان أعظم الأسباب التي أدت إلى ملاشاته.. إن داود الملك قد ابتنى بلاطه في أورشليم من خشب الأرز وابنه سليمان فضّل الأرز على سواه في تشييد هيكل الرب الذي عدّ من عجائب المعمورة…

وهكذا يمضي بطرس بشارة كرم في تأريخه لشمال لبنان بما فيها كل من جبة بشراي، بشراي، إهدن (الفردوس الأرضي) حدشيت، تنورين، حصرون، الكورة، أميون، جيفرتا. وقد كان قبلاً قد قدّم تعريفاً لمنزلة علم التاريخ وللمثال الخالد للمؤرخ الصادق، ثم تحدث عن مؤرخي العرب والتاريخ والخرافات، وعن كيفية تحضر الإنسان لينتقل من ثم لبيان اللغة والرموز وتقديمه فكره عن اللغة الهيروغليفية وعن العصور القديمة والمعتقدات والآثار القديمة وعن سفينة نوح وقبره وعن الآثار الفينيقية متحدثاً من ثم عن اسم فينيقيا وتجارتها وآثارها، ثم عن جغرافية لبنان وعن آثار لبنان القديمة. وهكذا وتجدر الإشارة إلى أن الكتاب ضم مذكرة كتبها يوسف بك كرم وفيها وصف زيارة الأمير دي جوانفيل لشمال لبنان. 141859 السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار هو مؤلّفٌ للإمام الشيخ محمد بن علي الشوكاني الصنعاني، والشوكاني نسبة إلى هجرة شوكان – قرية بينها وبين صنعاء دون مسافة يوم، وهي نسبة والده، والصنعاني نسبة إلى صنعاء عاصمة اليمن. نشأ الشوكاني في مدينة صنعاء التي كانت مركزاً من مراكز المعرفة، وقلعة يهفو إليها طلاب العلم، وكيف لا تكون كذلك، وهي موطن الملوك الصيّد، ومملكة بلقيس الملكة المحنكة والسياسية البارعة.

كان الشوكاني متفرغاً في مستهل حياته تفرغاً كاملاً للعلم، ولم يكن هناك ما يشغله عن ذلك. وكان في حياته الدراسية لا يكتفي بدراسة الكتاب لمرة واحدة، بل كان يتتبع بالكتاب الواحد عدداً من الأساتذة حتى يستفرغ ما عندهم من علم، ولم يكن الشوكاني يكتفي بشيخ أو بعدة شيوخ، بل هو كان دائم البحث منقباً من البارزين من علماء عصره، والمتخصصين في مختلف العلوم: الشرعية واللسانية والعقلية والرياضية والفلكية، وكان يلازمهم ملازمة كاملة ليستفرغ ما كان لديهم من علوم. دعا إلى الاجتهاد ونبذ التقليد والعودة إلى العقيدة السلفية، كما دعا إلى تطهير العقيدة وتنقيتها من الشرك الخفي.

ترك الشوكاني العديد من المصنفات، منها كتابه هذا الذي يقف طالب المعرفة والحق فيه على مباحث تُشَدُّ إليها الرحال، وتحقيقات تنشرح لها صدور فحول الرجال، لما اشتمل عليه من إبطاء المسائل حقها من التحقيق والسلوك فيما لها وعليها في أوضح طريق مع كل فريق، وقد طول الإمام الشوكاني الكلام في مسائل المعاملات، وأبرز من الحجج والنكات ما لم تسبق إليه سابق لخفاء بعض دلائلها على كثير من المصنفين.

وقد عمد المؤلف إلى اختصار الكلام في مسائل العبادات لأنها صارت أدلة مباحثها نصب العين، غير تارك ما يتميز به الحق في كل مقام. 115411 يقول طه حسين حول منهج بحثه في كتابه في الشعر الجاهلي: أحب أن أكون واضحاً جلياً، وأن أقول للناس ما أريد أن أقول دون أن أضطرهم إلى أن يتأوّلوا ويتمحكوا ويذهبوا مذاهب مختلفة في النقد والتفسير والكشف عن الأغراض التي أرمي بها. أريد أن أريح الناس من هذا اللون من ألوان التعب، وأن أريح الناس من هذا اللون من ألوان التعب، وأن أريح نفسي من الرد والدفع والمناقشة فيما لا يحتاج إلى مناقشة. أريد أن أقول إني سأسلك في هذا النحو من البحث مسلك المحدثين من أصحاب العلم والفلسفة فيما يتناولون من العلم والفلسفة. أريد أن أصطنع في الأدب هذا المنهج الفلسفي الذي استحدثه (ديكارت) للبحث عن حقائق الأشياء في أول هذا العصر. والناس جميعاً يعلمون أن القاعدة الأساسية لهذا المنهج هي أن يتجرد الباحث من كل شيء كان يعلمه من قبل، وأن يستقبل موضوع بحثه خالي الذهن مما قيل فيه خلواً تاماً، والناس جميعاً يعلمون أن هذا المنهج الذي سخط عليه أنصار القديم في الدين يوم ظهر، قد كان من أخصب المناهج وأقومها، وأحسنها أثراً، وأنه قد جدّد العلم والفلسفة تجديداً، وأنه قد غير مذاهب الأدباء والفنانين في فنونهم، وأنه هو الطابع الذي يمتاز به هذا العصر الحديث.

هذا هو منهج الدكتور طه حسين كما وضحه في مقدمة كتابه في الشعر الجاهلي، إلا أن منهج الكتاب ونصوصه كانا مثار بحث ونقد بالنسبة للكثيرين من المفكرين والدارسين. ويأتي في هذا السياق هذا النقد الذي قدمه الدكتور محمد علي أبو حمدة في كتابه هذا الذي جاء تحت عنوان: في العبور الحضاري لكتاب في الشعر الجاهلي للدكتور طه حسين وهو يقول بأنه وعلى كثرة ما قام رجال من ذوي الأخطار في العالم الإسلامي بتعقب أفكار هذا الشخص، والردّ عليه في مقولاته المختلفة، وعلى كثرة ما صفق لهذا الشخص من جمهور.. إلا أنه شعر بتذوّقه لهذه النصوص تذوقاً خاصاً بحكم عيشه في أجواء الاستشراق ومعايشته لهم في فترات الدراسة، وبحكم معرفته بالحق الذي هو حق، وبالحق الذي أريد به الباطل، والباطل الذي هو باطل..

ويتابع الدكتور محمد علي أبو حمدة قائلاً بأنه وفي كتابه هذا سيقول الحق، لأن هذا النص مجلوب إلى حجرة الدرس ليصل بين الماضي والحاضر مع فتح العيون على الكيد الذي يراه منصوباً في نصوص الدكتور طه حسين في الشعر الجاهلي: وهذا برأيه يمثل عبوراً حضارياً، وهو يقدمه من خلال هذا الكتاب الذي يجب أن يقرأ كاملاً حتى تكون الفائدة منه أكمل، وتكون الرؤية فيه، وهو ينوّه بأن طه حسين المخاطب في تعليقاته وشروحاته ليس طه حسين الذي فارق ربه؛ ولكنه طه حسين الذي يقف وراء السطور ويحامي عن أفكار يراها صاحب هذا العبور الحضاري مغلوطة، مستمرئاً مهاجمة التراث الأدبي العربي، والإرث الحضاري، ويصول ويجول دون استكمال شرائط الدراسة الأكاديمية المنهجية، ويستوفي متطلبات البحث العلمي الذي يسعى إلى إظهار الحق، ومعرفة الحق، والوقوف عند الحق، ومراجعة الحق وليس التمادي في الباطل. وللقارئ تمييز ذلك كله من خلال استغراقه في هذا العبور الحضاري. 141888 بيت نوارة لم يكن له مدخل كهذا الدهليز الطويل. أتذكره جيداً كما لو دخلته بالأمس. الباب الخشبي المزخرف يفضي إلى الحوش المربع الصغير، غير المبلط، بيت آخر هذا الذي أدخل إليه. دهليز طويل نهايته مظلمة، ولا ضوء إلا حيث أمشي، ثمة أيضاً نسمات لاسعة البرودة تنبعث من مسام الجدران الطينية تنسيني رطوبة الزقاق. أرفع رأسي بصعوبة ولا أجد السقف الواطئ المبطن بجريد النخيل، والذي كان يشتمه ابن نوارة الوحيد عندما يصطدم برأسه ويجبره على الإناء بعد رجوعه قبيل فخر كل يوم من حفلة سكر. هل يعقل أن يكون هذا الحطام هو حصنك المنيع أيتها الملكة نوارة؟ أم تكون قلعتك أيتها الإمبراطورة؟ لماذا تتركيني أتخبّط في ساحة الأوهام دون دليل، تتلاطمني تيارات الأسئلة بينما أنت غائبة في ملكوت آخر تخططين لأمر ما؟ توقفت بصعوبة تاركاً الخطوات المضيئة تواصل مغامرتها المجنونة حتى يتسنى لي اكتشاف مملكتك الجديدة، هذه التي كنت تحلمين بها في الماضي الجميل. لماذا لم تخبريني بأن مملكتك بيئة قمرية؟ هذا الدهليز فضاؤك الرحب، وأنا أحلق فيه كرائد فضاء، بدلته الحلم. أسبح بين صباحاتك وأغتسل بابتسامتك، وأتمرّغ بين كتل حنانك الدافئة. أشياؤك الكثيرة تحلق معي دون أن يكون لها شكل مميز، لون أو رائحة، أراها ولا أستطيع وصفها، أحسها ولا أستطيع إمساكها.. كان الصوت الأليف يمدني بالتفاؤل والأمل، كاشفاً بنشاط ذرات التشاؤم العالقة في خيالاتي… وكنت فرحاً لأنني اكتشفت بأن الصوت الرخيم الذي كان ينصحني إنما هو صوت مليكتي الفائية، صوت الحبيبة الأزلية نوارة. نوارة.. يا فرح الرعية بصدق المبايعة. نوارة.. أنا المبايعة، والمبايعة أنت نوارة… واستسلمت دون أن أسأل قلبي ولد لمرة واحدة: هل توجد امرأة غير نوارة بإمكانها خلخلة كياني؟!.

يأخذك جمال الخياط إلى عالمه الأثيري فتعيش دقائق تلك الرحلة منتشياً بنشوة الروح التي مبعثها خيالات مخلقة وكلمات متدفقة عفو الخاطر. ليس لهذا الروائي الحالم أدوات لجذبك إلى عالمه سوى عبارات مترعة بمعانٍ رومانسية حالمة حيناً فلسفية مغرقة بالفلسفة أحياناً. يتأرجح الراوي بين الواقع والخيال وعليك أنت وكقارئ متوثب الذهن أن تقف على مراميه ومعانيه التي تقف خلف السطور. هي قصة صبي ربما حالم والأغلب خيالي يرحل وراء حلمه الوردي.. وراء نموذج أنثوي بريء.. وراء إمبراطورته نوارة.. يغيب في لحظات أثيرية مغرقة في السمو معها.. ومعان غابت عن الرواية المعاصرة لنجدها عند جمال الخياط في الساحلية.

شاهد أيضاً

alt

مشهد العيان بحوادث سوريا ولبنان

هو ذا كتاب يعود من جديد، وبعد طول غياب، إلى المكتبة العربية. وقد حفزتنا على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *