تعريف وغلاف ومقدمة وفهارس كتاب “السنّة والشيعة: مذهبان أم ديانتان؟ بحث في الخلافات بينهما ولا سيما في المتعة”/ تأليف لويس صليبا، تقديم عماد الهلالي

تعريف وغلاف ومقدمة وفهارس كتاب “السنّة والشيعة: مذهبان أم ديانتان؟ بحث في الخلافات بينهما ولا سيما في المتعة”/ تأليف لويس صليبا، تقديم عماد الهلالي

 

المؤلّف/Author            : د. لويس صليبا Dr Lwiis Saliba

أستاذ وباحث في الأديان المقارنة/باريس.

عنـوان الكتاب              :  السنّة والشيعة: مذهبان أم ديانتان؟

                                      بحث في الخلافات بينهما ولا سيما في المتعة

تـقـديـم                     :  أ. السيّد عماد الهلالي

باحث وأستاذ الشريعة الإسلامية والأديان الإبراهيمية

جامعة أديان ومذاهب. قمّ/إيران

Title                         :         Sunnah & Shi’ah

2 confessions or 2 Religions?

عدد الصفحات              : 580 ص

سنة النشر                    : طبعة ثالثة: 2017، طبعة ثانية: 2016، طبعة أولى: 2015.

الـنـاشــــــر                      :     دار ومكتبة بيبليون

طريق المريميين – حي مار بطرس- جبيل/ بيبلوس ، لبنان

ت: 540256/09-03/847633 ف: 546736/09

www.DarByblion.com

Byblion1@gmail.com

2015 –  جميع الحقوق محفوظة

مقدّمة

بقلم أ. عماد الهلالي

 

 

السنّة والشيعة

صراع قديم جديد

يحدثنا عالم الإجتماع العراقي الدكتور علي الوردي(ت 1995م) قائلا:

«كنت أزور ذات مرّة معامل فورد في مدينة ديترويت، ثمّ عرّجت بعد ذلك على زيارة الحيّ العربي الذي كان قريباً منها. وقد اندهشت حين وجدت نزاعاً عنيفاً ينشب بين المسلمين هناك حول علي وعمر، وكانت الأعصاب متوترة والضغائن منبوشة.

وكنت أتحدّث مع الأمريكيين حول هذا النزاع الرقيع. فسألني الأمريكي عن علي وعمر:«هل هما يتنافسان الآن على رئاسة الحكومة عندكم كما تنافس ترومن وديوي عندنا” فقلت له:«إنّ عليّاً وعمر كانا يعيشان في الحجاز قبل ألف وثلاث مئة سنة. وهذا النزاع الحالي يدور حول أيّهما أحق بالخلافة!». فضحك الأمريكي من هذا الجواب حتّى كاد يستلقي على قفاه. وضحكت معه ضحكاً فيه معنى البكاء. وشرّ البليّة ما يُضحك!»)[1](.

ماهو مفهوم الشيعة والسنّة؟

نقول بشكل مختصر ومن دون الخوض في التفاصيل:

الظاهر أنّ كلمة ”شيعة“ في الأصل مصدر مبني للنوع، ويقع على الواحد والإثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد. من قولهم شاع فلاناً شيعاً وشياعاً إذا تبعه. ولمّا كان رجال من الصحابة مثل أبا ذز الغفاري(ت 32هـ) وسلمان الفارسي(ت 36هـ) وعمّار بن ياسر(37هـ) ومالك الأشتر(38هـ) وأمثالهما من أتباع عليّ وأنصاره، صاروا بعد ذلك يقال لهم الشيعة على حذف المضاف أي أهل الشيعة. ويقال للواحد منهم “شيعي” نسبة إلى ”الشيعة“. ثمّ غلب هذا اللفظ بمن تولّى عليّاً وبنيه وأقرّ بإمامتهم، حتّى صار ينصرف إليهم إذا أطلق عند الإستعمال من دون قرينة واسارة)«[2](.

وأمّا سنّة، فهي في اللغة بمعنى السيرة والطريقة. ثمّ اصطلح علماء الدين على إطلاقها على كلّ ما هو مأثور عن النبي من فعل أو قول. وصار المتمسّكون بذلك يُسمّون بأهل السنّة، والواحد منهم ”سنّي“ نسبةً إلى ”سنّة“. ويطلق على السنّة أيضاً في كثير من الأحيان ”أهل السنّة والجماعة“، ثمّ صار هذا الإسم يطلق على كل غير شيعي في أكثر المواقع([3]).

الجدل السنّي-الشيعي

الجدل والصراع والعداء والحوار بين السنّة والشيعة قديم جديد، قديم يضرب بجذوره في أعماق التاريخ الإسلامي بفصوله الأربعة، وجديدٌ لإنّه يتجدد بين الحين والآخر، بحلية وثوب جديدين يتناسب مع العصر والزمان الذي يعيش فيه المسلمون. حيث تبرز خلافات عديدة، يُظن انّها طُويت مع الزمن، ولكن تكون حاضرة في الوجدان الإسلامي كأنّها حدثت قبل قليل.

كما أثارت التساؤلات حول رؤية كلا الطرفين لطبيعة الانقسام المذهبي في التأريخ الإسلامي، ومدى انعكاس هذا الانقسام، الذي مضى عليه أربعة عشر قرناً، على حاضر الأمّة الإسلاميّة. ولا شكّ أنّ المناقشة والإبحار في أفكار كلا الطرفين السني والشيعي ليس بالأمر السهل، لأنّ فيهما ما يحتاج إلى تدقيق وتمحيص، وإلى عودة إلى”مكوّناتها“ و”مرتكزاتها“ الأوليّة والأساسيّة، أي إلى جانبين جوهريين فيهما منذ نشأتهما الأولى.

الأول: هو الجانب المتعلّق بالمنهج الذي اتّبعه كل فريق منهما، والذي يبدو إلى حدّ ما واضحاً في أغلب الكتب والمدوّنات الروائية والتاريخيّة والشفويّة في كلا الطرفين، الذي يجعل القارىء يستسهل هضم المادة منذ نظرته الأولى، لسبب واضح أنّه يبدو منهجاً متماسكاً منطقيّاً، ولقد استخدمه السنّة والشيعة بدرجة عالية من الإتقان والإحكام، وهنا نجد أنفسنا معنيين بفهم جوهر هذا المنهج وأسسه، وإمكانيّة تطبيقه على التاريخ الإسلامي في الماضي والعصر الحاضر.

والثاني: هو الجانب المتعلّق بالمادة المعرفيّة ذاتها، هذا الكم الهائل من الآراء، والنظريات الفقهيّة والعقديّة(الكلاميّة) والتاريخيّة و..، التي تخصّ مئات بل آلاف العلماء والمفكرين من كلا الطرفين. وهي المادة التي تحتاج إلى مراجعة وتدقيق وتمحيص، لكي يكون ممكناً فحص النتائج التي توصل إليها كلا الطرفين.

ويتسم الحقل المعرفي الإسلامي بصفتين متلازمتين ورئيسيتين في أغلب الأحيان:

الأولى: أنّه مؤدلج.

والثانية: أنّه مخترق بالسياسي.

بإمكاننا ان نستوحي من التاريخ الإسلامي بأن علم الكلام في الإسلام نشأ وترعرع وتطوّر سياسيّاً في مختلف أدواره المعرفيّة. وعلى مدى التاريخ كانت ثمّة رغبة أصيلة لدى الفاعلين في كلّ حقل للسيطرة على الحقول الأخرى بغرض زيادة رأسمالهم الرمزي([4]).

والخلاف الأول الذي حدث عند وفاة النبي محمد كان سياسيّاً حول شروط الخلافة ومواصفات الخليفة، ولكنّه حُلّ سلميّاً نوعاً ما أو بقي مسكوت عنه على بعض القراءات، واتّفق المسلمون على مبايعة أبي بكر(ت 22هـ)  ثم عمر(23هـ) ثم عثمان(35هـ)، ولكنّهم اختلفوا فيما بعد، في النصف الثاني من عهد عثمان، واصطبغ خلافهم بلون الدم، منذ مقتل الخليفة عثمان وحرب الجمل وصفّين. وظلّ خلافهم سياسيّاً أكثر منه مذهبيّاً أو طائفيّاً. حتّى عندما تشكّلت الفرق والمذاهب في القرون اللاحقة كانت سياسية أكثر منها عقديّة أو فقهيّة، وكان الخلاف حول الإمامة جوهر خلافهم، كما يقول الشهرستاني(ت 548هـ) في كتابه الملل والنحل([5])، ومع أنّه في نفس الوقت كانت هناك خلافات فقهيّة وأصوليّة وعقديّة وما شابه ذلك، ولكن كانت تأتي بالمرتبة الثانية بعد الخلاف السياسي.

وفي الحقيقة إنّ ما يميّز الصراع والخلاف السنّي -الشيعي هو الخلاف السياسي أكثر من الخلاف الفقهي والأصولي والعقدي، أي الخلاف حول النظام السياسي للمسلمين، هل يكون بالشورى ومفتوحاً لكل المسلمين؟ أو يكون محصوراً في عائلة معيّنة وبالوراثة؟ وكذلك حول شروط الحاكم، هل يجب أن يكون عادلاً؟ أو يجوز أن يكون فاسقاً وظالماً؟ وما إلى ذلك من مواصفات الإمام([6]).

ونتيجة لهذا الانقسام السياسي- العقدي، اتّخذ كل فريق منهجاً مستقلاً في التفكير، ومصدراً خاصّاً يستقي منه نصوصه المقدّسة، وكذلك فهمه للنصوص المقدسة المشتركة.

إذن فقد كان جوهر الخلاف بين السنّة والشيعة سياسيّاً بالدرجة الأولى، ثمّ اصطبغ بصبغة دينيّة فيما بعد، عندما تمّ التنظير لكل مذهب دينيّاً، وتمّت الاستعانة بأحاديث إلى النبي محمد(ت 11هـ) والصحابة عند السنّة والأمّة المعصومين عند الشيعة، لتؤيّد هذا المذهب أو ذاك.

يحدثنا المستشرق السويسري-الألماني آدم متز([7])(ت 1917م)، في كتابه الحضارة الإسلاميّة في القرن الرابع([8])، نقلاً عن الثعالبي(ت 429هـ) في يتيمته، أنَّ مجموعة من الناس كانوا يحضرون الأسواق في بغداد، فيقف أحدهم جانباً ويشرع بذكر فضائل عليّ رضي الله عنه، ويقف آخر في الجانب المقابل له فيشرع بذكر فضائل أبي بكر رضي الله عنه. وعند هذا يتهافت الناس عليهم يرمون إليهم بالدراهم، وكل طائفة تعطي الدراهم إلى من يمدح صاحبها. والنتيجة هي أن يتقاسم هؤلاء الدراهم التي كسبوها من الشيعة والسنّة معاً([9]).

أذن مع كل هذه الآراء والنظريات حول السنّة والشيعة، هل هما دينان أم مذهبان؟

سؤالٌ يطرح نفسه بقوّة في ظل هذه الظروف والأوضاع الراهنة والمحتقنة بين السنّة والشيعة، وتتجدّد بين الحين والآخر، وتنتقل من مكان إلى آخر بين الفينة والأخرى.

بإمكاننا أن نوجز الآراء والنظريات حول موضوع السنّة والشيعة في ثلاث نقاط رئيسيّة:

الأولى: الشيعة والسنّة، مذهبان.

يتبنّى هذا الرأي أغلب علماء السنّة والشيعة معاً، وعلى الخصوص الذين ينحون منحاً تقريبيّاً بين المذاهب الإسلاميّة.

الثانية: الشيعة والسنّة دينان مختلفان، لا علاقة وثيقة وجوهريّة بينهما، لتدلّ على أنهما مذهبان.

هذا الرأي يتبنّاه بعض التيّارات السلفيّة من السنّة والشيعة معاً. علماً بأن بعض التيّارات السلفيّة من السنّة تصرّح بهذا الرأي مكتوباً ومسموعاً، في حين بعض التيّارات السلفيّة من الشيعة لم تبح به بشكل مكتوب بحسب علمي، ولكن تبيح به شفويّاً في مجالسهم الخاصّة وفي بعض الأحيان من على المنابر العامّة.

الثالثة: السنّة والشيعة إسلامان مختلفان، كل واحد منهما ينتمي إلى الإسلام، ولكن إسلام السنّة شىء وإسلام الشيعة شىء آخر.

يتبنّى هذا الرأي مجموعة من المفكرين الإسلاميين الجدد في كلا الفريقين، حيث نشرت مجموعة من البحوث والكتب تدلّ على ذلك.

وفي الختام بودّي أن أشير إلى أنّ رأينا في الصراع السنّي-الشيعي، ليس ثمّة منتصر ومهزوم، وإنّما أبدي عاجز عن إنتاج معرفة حقيقيّة، وعاجز حتّى عن بدء فعل الجواب عن الأسئلة الحقيقيّة، ماذا مع استمرار تسلّط ثلّة من الناس على الحياة الإجتماعيّة، وتمكّنها من عقول الناس؟ وماذا عن استشراء بعض الضمائر من الضعفاء.

ولو قلنا بأن الإسلام هو دين التوحيد، بقوله لا إله إلاّ الله، وأنّ الغاية العليا من الغايات المنظوية في توحيد الله هي وحدة المسلمين بتوحيد الله المؤدي إلى توحيدهم. أي بتوحيد الله يتّحد المسلمون. إذن هل مَن أخلّ بوحدة المسلمين التي هي سرّ توحيدهم لله، قد ابتعد عن روح وجوهر الإسلام؟

والسؤال الأكثر جدلاً في هذا الميدان، والذي يشعل أوتار التبادل السجالي بين الشيعة والسنّة من فترة لأخرى، هو من يملك ناصية التقدم وزمام النهضة وإنقاذ الأمّة مما غرقت وتغرق فيه؟

وبصورة أخرى هل لدى الشيعة أو السنّة مشروع حقيقي مدروس لنظم الأمّة في قطار التقدم الذي فاتها، أم يكتفون فقط بشعارات فضفاضة، وخطابات قُدّت من العاطفة، تلهب مشاعر وأحاسيس العامّة من الناس دون أن يكون لها صدى ملموسٌ على أرض الواقع؟

بدوري أنا أشيد بأستاذي الدكتور لويس صليبا الذي عرفته أكثر من عشرة أعوام، فوجدته نشيطاً مخلصاً ومربياً حريصاً على الجد والتتبع، لا يخوض في شيء من باب اللهو والمرح. وهو طليعة لجحفل من الباحثين، ينتمون إلى لُب العالم العربي ممّن سنحت لهم فرص العيش المشترك مع أشخاص ينتمون إلى أديان ومذاهب شتّى من مختلف أنحاء العالم. ومن هنا، فاحت من شجون عمله هذا وفِجاجهِ رائحة الأصالة والجدّة، على شكل لم يألفه مجتمعنا على نحو واسع.

لقد خاض الدكتور صليبا في بحر مائج، وفي موضوع صعب-مستصعب، سيثير حفيظة كلا الطرفين، وعلى الخصوص في هذه الظروف الراهنة التي يمرّ بها العالم الإسلامي، وجهَد كثيراً حتّى أخرج منه صيداً شهيّاً، يتمثّل في هذا الكتاب الذي درس فيه السنّة والشيعة من منظار خارج-ديني، بعيداً عن كل الإحتقان من مختلف الطوائف والمذاهب الإسلاميّة.

عماد الهلالي

قمّ/إيران 17/5/2015

 

 

من مؤلّفات السيّد عماد الهلالي:

1 – الفِكر العلماني في إيران الإسلامية، بيروت، 2012.

2 – العبدالعالِم، الخضر، القاهرة، 2010.

3 – الولاية في سورة محمد، قمّ، 2013.

4 – الفيزيائيون والخالق، بيروت، 2010.

5 – أم القرآن، دراسة في سورة الفاتحة، قمّ، 2006.

6 – تهذيب الأخلاق لمسكويه، دراسة وتحقيق، بيروت، 2011.

[1] – الوردي، علي، مهزلة العقل البشري، ط2، لندن، دار كوفان، 1994م، ص 247-246.

[2] – انظر في ذلك: المظفّر، محمد حسين، تأريخ الشيعة، مراجعة وتحقيق: أحمد كاظم البغدادي، ط1، قم، المكتبة الحيدريّة، 1433هـ(2012م)، ص 29-30.

[3] – للمزيد راجع: الجَمَل، بسّام، الإسلام السنّي، ط1، بيروت، دار الطليعة-رابطة العقلانيين العرب، 2006م، ص 10-11.

علماً بأن هذا الكتاب ضمن مشروع ”الإسلام واحداً ومتعدداً“ الذي يشرف عليه الأستاذ عبد المجيد الشرفي، حيث صدرت من هذه السلسلة أكثر من 17 كتاباً.

[4] – للمزيد حول هذا الموضوع أنظر: سالم، أحمد(تحرير وتقديم)، جدل الدين والسياسة، مناظرة حول:

– هل ثمّة حلّ في”المشروع الإسلامي“؟

– الشريعة بين حُكم التغلّب والديمقراطيّة

– ”التكفير“ و”القتال“ في الدعوة الوهابيّة

ط1، بيروت، الشبكة العربيّة للأبحاث والنشر، 2005م، ص 15.

[5] – يقول أبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني(ت 548هـ)[5]، صاحب كتاب الملل والنحل:

«في الإمامة وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة، اذ ما سلّ سيف في الإسلام،  على قدر  دينيه مثل ما سلّ على الامامة في كل زمان».

(الشهرستاني، أبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، الملل والنحل، صححه وعلق عليه: احمد فهمي محمد، بيروت، دار الكتب العلمية، ج1، ص 13).

[6] – انظر في ذلك: تاجا، وحيد(حوارات)، التقارب السني-الشيعي، بين حق الإختلاف ودعوى امتلاك الحقيقة، ط1، دمشق، دار الفكر، 2008م، ص 30-31.

[7]– Adam Mez.

[8]– أصل العنوان بالألمانيّة: Die Renaissance des Islams

[9] – أنظر: متز، آدم، الحضارة الإسلاميّة في القرن الرابع الهجري أو عصر النهضة في الإسلام، نقله إلى العربيّة: محمد عبد الهادي أبو ريدة، ط2(منقّحة مهذّبة)، القاهرة، لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1957م، ج2، ص 146.

 

مقدمة المؤلف

دروس جامعية أسّست لهذا البحث

لا بدّ لي، بادئ ذي بدء، من أن أقرّ أنني أخرج هذا الكتاب إلى عالم المطابع والنشر بعد أن قضى أكثر من سنتين سجين درج وخزانة. إذ لم أشأ أن أسرع إلى إصداره كما سارعت إلى التورّط في تصنيفه.

صحيح أنني كنت أتساءل، ومنذ أكثر من عقد من الزمن، إذا ما كان السنّة([1]) والشيعة([2]) مجرّد مذهبين إسلاميين أم دينين مستقلّين ومنفصلين، ولكن ما ورّطني في الخوض في هذه الدراسة نقاشات في الجامعة حيث أدرّس وأشرف على أطروحات دكتوراه حول الفروقات بين الفئتين، وبعضها كان يحمى بشأن المتعة، فيعتبرها عدد من الطلاب، وحتّى من الإناث، نمطاً مشابهاً لأنماط الزواج الحديثة في الغرب، وعلاقات المساكنة وغيرها، وكنت أردّ رافضاً هذا التشبيه شكلاً ومضموناً… ويحتدم النقاش، ما يجعلني أعود مساءً إلى المنزل لأنقّب في المصادر والمراجع عن هذا الموضوع باحثاً عن أصل نكاح المتعة وأصوله الخ. وبعدها يستأنف الطلاّب النقاش، فيأخذون ببعض ما أقول ويردّون بعضه… ما يضطرّني إلى مواصلة البحث.

وإذا كنت قد نسيت هويّات العديد من المناقشين وأسماءهم فلا أنسى طالبة من أصول شيعية تظهر العصرنة والعلمنة كانت تدافع عن المتعة وتعتبرها ”زواجاً عصرياً“، فاقترحت عليها أن تعدّ بحثاً في الموضوع، وما أن غاصت في وضع المرأة التعِس في هذا الزواج حتى انقلب حماسها لما اعتبرته نمطاً من زواج عصري إلى رفض قاطع وقرف من وضع المرأة فيه.

والبحوث والدروس في ”ظاهرة المتعة“ كانت المسودّة الأولى للدراسة هذه، وهي التي ورّطتني، بعد أن توسّعت كما أشرت في ”مأزق“ تصنيف هذا الكتاب. وإذا كانت المتعة الموضوع الذي استقطب أكثر فصوله، فلأنها كوّنت مادّة دسمة لدروس وحلقات بحث متتالية. ولكنها لم تكن الموضوع الوحيد، فهي جزء من كل هو مجموعة فروقات وخلافات بين السنة والشيعة جعلت من التساؤل التالي: مذهبان أم دينان مشروعاً. وكنت قد طرحته في مقابلة مع جريدة الرأي الآخر الكويتية (أيار 2008) عنوانها: إسلام السنة وإسلام الشيعة: مذهبان أم ديانتان، ويجد القارئ نصّها الكامل ملحقاً بهذا الكتاب.

ولكن لمَ بقيت دراستي هذه حبيسة الدرج والخزانة لأكثر من سنتين؟!

لأنني خشيت، ولمّا أزل، أن تكون ردّة الفعل الأولى للقارئ:لمَ يحشر  هذا الباحث أنفه في خلافات فئتين لا ينتمي إلى أي منهما؟!؟!

وما شأنه في نزاعٍ مستعر، ومعركة لم ينجلِ غبارها رغم امتدادها لأكثر من ألف عام؟

وهل يمكن للحظّ أن يحالفه في قول شيء جديد في موضوع أهرق الكثير من الحبر وسوّد ألوف الصفحات البيضاء؟

وما جعلني أتريّث وأنتظر قبل إخراج مخطوطتي هو شعوري أنّ نتائج بحثي ستثير حفيظة كِلا الفريقين. فهي تخطّئ حيناً هذا، وحيناً آخر ذاك.

والنتائج هذه لم تكن قطّ معروفة سلفاً كما هي حال أكثر البحوث التي كُتبَت في الموضوع، فما أن تعرف هوية الكاتب وانتماءه المذهبي، حتى تحزر، بل تتيقّن سلفاً، ممّا سيؤول إليه بحثه.

الحياد الأكاديمي وشُبه الانحياز

ولا أدري لمَ أراني، وفي باب الكتاب هذا، منقاداً، وخلافاً لما اعتدت عليه في مداخل سائر مؤلّفاتي، إلى بوح شخصي وحكاية حال.

فهذه الدراسة شئتها أولاً وبادئ ذي بدء تمريناً جدّياً على الحياد الإيجابي، والوقوف على مسافة واحدة Equidistant  من فريقين متخاصمين. وهي غاية نَشَدْتها في كلّ ما كتبت من دراسات، لا سيما في مصنّفات الجدل. وهذا ما أكّدته في مقدّمة تحقيقي لتنقيح الأبحاث لابن كمّونة إذ قلت:«لقد آلينا جهدنا أن نلحظ لا أن نحكم، أن نحلّل المقولات والمواقف ونتبيّن دوافعها وخلفياتها، لا أن نتّخذ بدورنا موقفاً منها شاجباً كان أم مؤيّداً»([3]).

ولكن رغم الإرادة الطيّبة، والسعي الجادّ والالتزام الجدّي بالحياد والوقوف على مسافة واحدة، يبقى المرء تحت شُبه الظن بالانحياز، أقلّه اللاشعوري واللاواعي لما يعتبره الآخرون عقيدته، وإن لم يعتبره هو…

وها هو، وعلى سبيل المثال لا الحصر، المستشرق ماكسيم رودنسون (1915 – 2004)([4])، فهو ماركسي ملحد من أبوين يهوديّين. ورغم ماركسيته وإلحاده لا يزال عند الكثيرين من الكتّاب المسلمين يوصم باليهودية وكأنها تهمة، رغم أنه وقف في أبحاثه موقفاً مادّياً، من ناحية، ومؤيّداً للقضايا العربية ومعارضاً لإسرائيل من ناحية ثانية.

حكاية دراسة للإسلام من الداخل

أراني منقاداً إلى بوح شخصي واعتراف قلت، علّ فيه إضاءة تفيد:

انتميت، منذ بداية أبحاثي، ولا أزال، إلى مدرسة دراسة الدين من الداخل. وما زلت أذكر بدايات دراستي للإسلام، يوم كان لبنان مشلّعاً بين منطقتين: إسلامية (المنطقة الغربيّة) ومسيحية (المنطقة الشرقية). فأصرّيت أن أدرسه في المنطقة الإسلامية رغم التعرّض المباشر لخطر الخطف، بل والوقوع فيه مراراً: حواجز يُخطف فيها المرء لا لشيء إلاّ بسبب المذهب المسجّل على تذكرة هويته. لم تردعني هذه المخاطر، لأنني شئت أن لا أكتفي بمجرّد دراسة نظرية من الخارج، بل أن أعيش مسلماً بين المسلمين: أصوم رمضان معهم، أصلّي الجُمعات في المساجد، والصلوات الخمس جماعة ما أمكن، وهي أمور لم تكن متاحة لي في المنطقة الشرقية(المسيحية).

كان هذا اتصالي الجدّي الأول بالإسلام، وكنت يومها أحضّر إجازة في الآداب العربية والحضارة الإسلامية. وقد اندمجت بالتقاليد الإسلامية وأحببتها، وأحسست أنني ابن هذه الثقافة، وإن لم اعتنق عقيدتها الدينية.

ويوم قرّرت مواصلة دراستي للإسلام، شئتها أن تكون في بلد مسلم، ما يتيح لي متابعة دراسة الإسلام من الداخل. فكانت لي سفرات متعدّدة إلى مصر وإقامة مطوّلة فيها، ودراسة في الأزهر جعلتني أعرف الإسلام من أئمة يعلّموه ويعيشوه. ولا أزال أحتفظ بذكرى تلك الأيام الطيّبة التي كنت أقضيها بين الأزهر وجاره ”الحسين“ دارساً في هذا، ومصلّياً في ذاك، ومشاركاً في الموالد والاحتفالات الدينية واحداً من أبناء ذاك البلد الطيّب.

عشت شهوراً طويلة، وكأني واحد من أبناء ذاك الدين وذلك البلد. أشارك أهله وعلماءه حلقاتهم وصلواتهم. وانسجمت في الدور الذي لعبته، حتى لم يشكّ أحد من زملائي الدارسين وأساتذتي المعلّمين أن الشاب الذي يشاطرهم دروسهم وصلواتهم… ليس بمسلم. كانت تجربة عيش لتقليد روحي وديني راسخ أكسبتني الكثير معرفة وعرفاناً، لأنني خضتها بصدق وبعيداً عن الرغبة في التمويه أو تأدية دور تمثيلي أو مسرحي.

راما كريشنا وتجربته في عيش الإسلام

إنما كنت أحيا من الداخل، على مثال كبير حكماء الهند ومعلّميها راما كريشنا(1836 – 1886). فقد عاش هذا الأخير تجربة مميّزة في اختبار التقاليد الروحية والأديان كانت دوماً أسوة لي ومثالاً. وهو يروي اختباره للإسلام كما يلي:«تلقّيت في ما مضى مبادئ الإسلام وتعاليمه من يد حكيم مسلم. وقد أعطاني أن أتلو اسم الله، وأكرّر ذكره. فكنت أكرّر هذا الذكر لأيام عديدة، وأتقيّد تقيّداً دقيقاً بالتقاليد الإسلامية وبما يحلّ مَن أطعمة»([5]).

ويضيف راما كريشنا حاكياً عن تجربته المميّزة هذه:«وما كنت أردّد يومها سوى اسم الله. وألبس الزيّ الإسلامي. وأقيم الصلوات الخمس بانتظام كلّ يوم. وغابت عن فكري المفاهيم الهندوسية. وما كنت أكتفي بعدم السجود للآلهة الهندوسية، بل وما عدت أرغب في رؤيتها. وبعد أن قضيت أياماً ثلاثة في هذه الحالة، حقّقت هدف هذا الشكل الديني»([6]).

هكذا حاولت من ناحيتي، بصدق وإخلاص، أن أحقّق أهداف هذا الشكل الديني: الإسلام الذي أحببت.

لم أشهر يوماً إسلامي… ولن أفعل على ما أظنّ. لكنّني كسبت من تلك الأيام الطيّبة التي عشتها في لبنان وفي مصر حبّاً راسخاً للإسلام… وللثقافة الإسلامية لا تمحوه الأيام.

فرصة لعيش التشيّع ودراسته من الداخل

درست الإسلام، إسلام أهل السنّة، ولا أزال أواصل دراسته، ولا أزال إلى اليوم، إذا صلّيت، أصلّي على مذهبهم.

ولم تتح لي الفرصة لأدرس التشيّع بعمق، ولم يتّسع لي المجال… ولا أثار التشيّع حشريتي في البداية.

ولم أجد حافزاً، أقلّه للاطلاع عليه، والتعرّف إليه… إلاّ عندما وُجّهت لي الدعوةَ لزيارة إيران، وإلقاء سلسلة محاضرات في جامعة أديان ومذاهب في قمّ المقدّسة([7]).

كان ذلك اتصالي الأوّل بالإسلام الشيعي، تبعته سفرة حجّ قمت بها إلى مشهد ومقام الإمام الرضا ثامن الحجج([8]). وهذه الزيارة أثارت فيّ رغبة وحشرية لدراسة الإسلام الشيعي من الداخل… ولا أدّعي أنني اليوم أعرفه معرفتي لإسلام أهل السنّة والجماعة أو إسلام التصوّف، ولكنّني أستطيع القول إنني أعرف الكثير عنه.

وأذكر هنا مقاومتي في البداية.. بل ونشاذي… فكنت أصلّي مع إخواني الأساتذة والطلاّب والأئمة في الجامعة: هم يصلّون على المذهب الإمامي… وأنا كمَن شبّ على شيء ولا يقوى إلاّ أن يشيب عليه. فرغم الفروقات الصغيرة لم أكن ”أهضم“ بسهولة الصلاة على الطريقة الإمامية، فطرق الوضوء والتكبير… والتلاوة والتشهّد والآذان تعوّدتها على مذهب أهل السنّة، وصعب عليّ تغيير ما تعوّدته. ولكل امرئ من دهره ما تعوّدا، يقول المتنبي.

أذكر مثلاً أنني كنت استسيغ الوضوء على مذهب أهل السنّة، لا لشيء، ربّما، إلاّ لأنني ألفته وتعوّدته. وكذلك ”السجدة“ من تربة مقام الحسين التي يستخدمها الشيعة في صلواتهم، ما كنت استثيغ استخدامها، وأجدها بدعة غير مستحبّة.

وكانت لي فرصة أخرى للعيش في جوّ التشيّع واختباره من الداخل عندما دعيت إلى المشاركة في مؤتمر في كربلاء([9])، عقبته دعوات أخرى إلى النجف وكربلاء ألقيت فيها جملة محاضرات وبحوث جمعت في كتاب([10]). وكلّها أتاحت لي عيش التشيّع من الداخل كما سبق وعشت التسنّن.

الإسلام بوجهيه: السني والشيعي

ولكن لِمَ استغرقُ في كلّ هذه الأمور والتفاصيل الشخصية؟! وما تعوّدت أن أدخل القارئ في أمور خاصّة… وما دخل كل هذا في بحث أكاديميّ الطابع؟! كلّها لأقول كلمة واحدة: أحببت الإسلام ثقافة وتقاليد بوجهه السنّي والصوفي بداية… ثم بوجهه الشيعي لاحقاً.

هذه عين… وتلك الثانية. وهل يميّز المرء في الحبّ بين عينيه؟!

لست بمسلم، قلت وأكرّر، ولكنني رغبت، وأرغب دوماً، أن أدرس الإسلام بحبّ وحياد في آن، فهل ذلك بمستطاع؟!

ولكن التحدّي في هذه الدراسة أكبر: كيف الوقوف على الحياد بين فريقين… وأيّ موقف يَقْرُب من رأي فريق، سيعرّض الباحث لرشقات، بل لقصف الفريق الآخر، والتهمة بالانحياز.

ومع ذلك كان لا بدّ… أو لا مفرّ، من ركوب هذا المركب الخطر.

وما أصعب الموقف الذي أقفه فيه… وأصعب منه إطلاق أي حكم… فلو قلت السنّة والشيعة دينان، لجاء الردّ هذه فرية تبتغي شقّ الصف الواحد… أو هذه مؤامرة من خارج الإسلام لشقّه ومحاولة هدمه، إلى آخر المعزوفة… ممّا نسمعه ونقرأه كل يوم.

وبالمقابل، لن أسخّر القلم والضمير للحديث عن تقارب وتقريب مصطنعَين… لقد جرّبنا في لبنان حلول ”تبويس اللحى“. وما عرفنا يوماً لها فائدة، ولا ساهمت في تضييق شقة الخلاف.

أكتفي بهذا البوح، وعساني أكون قد أوجزت وأفهمت.

إشكالية الدراسة وعمارتها

ماذا الآن عن بنية هذا البحث ومختلف أقسامه؟

الباب الأول منه، كان الأخير كتابة وتأليفاً. ويصحّ أن يسمّى القسم الأول من الدراسة، في حين تكوّن الأبواب الخمسة الباقية وحدة تأليفية يصحّ تسميتها القسم الثاني. ولكننا آثرنا الاكتفاء بالتقسيم إلى أبواب تلافياً للتعقيد. والمقصد من الباب الأول: مدخل إلى الخلافات بين السنّة والشيعة، استكمال دراسة محاور الخلاف، ما يجيز طرح السؤال الأساسي: مذهبان أم ديانتان؟

ولو شئنا البحث في كلّ موضوع خلافي: الإمامة، الموقف من القرآن، الأحاديث والتقية لاحتجنا إلى تصنيف مجلّدات، كلُّ يحمل عنواناً من هذه العناوين، ولمّا كانت أكثر هذه المواضيع مطروقة، آثرنا أن نتناولها بإيجاز، ومن باب التمايز عند كل فريق، وبعيداً عن تصويب هذا وتخطئة ذاك. فمَن نحن لنحكم إذا ما كان الشيعة مثلاً مصيبين في نظرتهم إلى الإمامة وتقديس الأئمة أم مخطئين؟!

والفصل الأول من الباب الأول (أو: ب1/1). خلافات مذهبية… أم انشقاقات دينية؟ يقدّم بإيجاز لمواضيع الخلاف ونقاطه مركّزاً على أهمية الخلاف بشأن المتعة، إذ يطال بنية المجتمع من أساسها، وبالتالي جواز طرح الإشكالية الأساسية للبحث من خلال التوسّع في هذه النقطة وحدها والتعمّق فيها.

ويتناول هذا الفصل موضوع الخلاف الأساسي:الإمامة، وهو الذي قسم الإسلام، ومنذ وفاة الرسول، قسمة لم يعرف من بعدها وحدة حقيقية. ولمّا كان الأقدمون والمحدثون، ومن الفريقين، قد قتلوا هذه المسألة بحثاً وتنقيباً وتفلية آثرنا أن نوجز في عرضها مقتصرين على الخطوط الرئيسة وما يخدم السياق العام للبحث، ومن شأنه أن يفيد في الإجابة عن إشكاليته الأساسية. وإذا كان الإمام، من المنظور الشيعي، هو القرآن الناطق، فأي دور يعطى للقرآن؟ وما هو موقعه عموماً عندهم؟.

ذاك هو موضوع الفصل الثاني من الباب الأول أو ب1/2. ويعرض هذا الفصل لشبهة التحريف والروايات الواردة بشأنها:والعلاقة الجدلية بين مسألة سلامة القرآن وعقيدة الشيعة في عصمة الأئمة، فإذا كان جامعو القرآن غير معصومين، فهل يخلو عملهم من الشوائب؟!

وحده المعصوم عنده الكتاب كلّه وعلم الكتاب تذكر بعض الأحاديث، وهي إشكالية كبرى، وأساس للضبابيّة التي تكتنف موقف الشيعة من المصحف الذي بين الدفّتين.

وهذه الإشكالية وغيرها مما يختصّ ”بالكتاب“ يتناولها ب1/ف2 وعنوانه: الموقف من القرآن وشبهة التحريف.

والفصل الثالث من الباب الأول: ب1/ف3. يبحث في الحديث والخلافات الجذريّة بين السنّة والشيعة بشأنه. وحده قول النبيّ وفعله، يقول السنّة، يسمّى حديثاً أو سنّة نبوية. أما الشيعة فلا فرق عندهم بين قول رسول الإسلام وقول الإمام المعصوم، فكلاهما حديث، وله القوّة التقريرية والتشريعية عينها. ومجاميع الأحاديث عند الشيعة أكثريتها الساحقة أقوال وآثار عن أئمتهم، ولا سيما جعفر الصادق (أبو عبدالله)، أما السنّة فأقوال الصادق وغيره من الأئمة، إذا صحّت نسبتها، ليست أقوى من آثار أي تابعي أو مجتهد. المرجعية عند السنّة واحدة لا ثانٍ لها: الرسول. أما عند الشيعة فيضاف إليها أقلّه مرجعية اثني عشر إماماً معصوماً. ومتى عرفنا أن أياً من هؤلاء الأئمة المتوالين لم يترك أثراً مدوّناً واحداً أمكننا أن نتخيّل ما يمكن أن يطرأ على أحاديثهم عبر الزمن والتناقل الشفويّ من تغيير وتبديل يقلب الأسود أبيض وبالعكس. وهو ما سنلحظه لاحقاً وبوضوح في أحاديث المتعة عند الإمامية إذ جمعت الشيء ونقيضه.

وكبار علماء الإماميّة أنفسهم كالعلاّمة الحلّي والمجلسي وغيرهما يقرّون أن نحو ثلثي أحاديث الكافي للكليني ضعيفة، علماً أنه أوّل كتب الأحاديث وأكثرها اعتباراً عندهم! وتضارب الأحاديث جعل علماء الشيعة يلجأون إلى استخدام مقولة التقية لرفع التضادّ.

”والتقية“ سمة الإماميّة الأساسيّة. وهذا هو عنوان ب1/ف4 من الدراسة. وتكاد التقية من فرط استخدامها عند الشيعة تكون مرادفاً للكذب. فهي المخرَج من أيّ ورطة. وكثيراً ما تتهافت ضوابطها. فمن رخصة عند الضرورة القصوى، عند قوم، إلى تسعة أعشار الدين عند آخرين: مسافة قطعتها التقيّة لتغدو ماركة مُسجّلة للإمامية يعرفون بها وتعرف بهم. فهي شعار الإمامي ودثاره يقول أحد الأحاديث. وإذا كانت التقيّة تحلّ بعض الإشكاليات في المنطق الإمامي، فهي تطرح أخرى. فأخلاق الأئمة وأدب حياتهم بعيد كل البعد عن التقية، إن لم يكن مناقضاً لها. إذ كانوا دوماً صادعين بالحق لا يخشون في قولته لومة لائم، أو جور حاكم. وأوّلهم الحسين، فلو كان يحسب للتقيّة حساباً لما ثار واستشهد. ومثله الصادق والكاظم وغيرهما.. وتبقى التقيّة واحدة من كبريات مفارقات المنطق الإمامي.. وآخر فصل من الباب الأول (ب1/ف5) يعيد طرح إشكاليّة البحث الأولى ويحاول الإجابة عنها: إسلامان أم ديانـتان

ويذكر أشهر مَن سبق أن أجاب وأكّد أنّ السنّة والشيعة دينان لا مجرّد مذهبان. ويعرض بإيجاز لأبرز أعمال المستشرقين من قدماء ومحدثين:

دو غوبينو أول مَن قال إن عقائد الإماميّة نسخة عن أديان الفرس القديمة. وإدورد براون الذي أيّده في ما ذهب إليه. وإدغار بلوشه الذي تحدّث عن ”الهرطقة الشيعية“، والأثر البوذي والنسطوري في الإماميّة. ودوايت دونالدسون الذي استخدم، ببساطة وبصراحة، تعبير ”ديانة الشيعة“ عنواناً لدراسته الموسّعة عن الإمامية. وكلمرد الذي تحدّث عن العلاقة الوثيقة بين الزرادشتيين والشيعة. وفيتور الذي عرض كل آراء سابقيه من المستشرقين وناقشها.

وبعد هذه الجولة الاستشراقية ننتقل إلى المفكّرين العرب المعاصرين. فعلي حرب يؤكّد دون لبس أن الشيعة والسنّة دينان، ومثله فعل حازم صاغية. فعرضنا وناقشنا مقولات كل منهما، ولحظنا أن محاولات التقريب المعاصرة ذهبت أدراج الرياح، لنخلص إلى القول بإسلامين مختلفين عوضاً عن القول بديانتين. وبه ننهي الباب الأول الذي جاء بمثابة مدخل عام.

وفي الباب الثاني ندخل في الخاص. وفي موضوع البحث الرئيسي: المتعة. ولن نطيل وقفتنا عند محتويات كل فصل من الفصول العشرة التي بحثَت فيها وفتّشت ونقّبت وفلّت، لا سيّما وأننا اختصرنا أبرز نتائجها في الخاتمة التي اختصّت بالمتعة تحديداً.

وقد توزّعت الفصول العشرة، وبالتساوي، على خمسة أبواب.

الباب الثاني يتناول المتعة في اللغة والتاريخ.

والفصل الأول منه (ب1/ف1) يبحث في المعاني اللغوية والاصطلاحية للعبارة. ويَلْمَح، حتى من مقارنة التعريفات القاموسية، أن النقاش والسجال بشأنها متأخّر عن القرن الأول.

والفصل الثاني (ب1/ف2) يؤكّد بوثائق وشهادات تاريخيّة أجنبيّة وعربيّة أن المتعة تقليد جاهليّ لا لبس فيه، وهو استنتاج يبنى عليه الكثير في فهم هذه الظاهرة في الإسلام وما شابها من لبس.

والباب الثالث يدخل في الخلافين: المذهبي والقرآني بشأن المتعة

كيف تحوّلت المتعة إلى عنوان الصراع بين السنّة والشيعة؟ إنه موضوع الفصل الأول (ب3/ف1). ومحور الخلاف هوية المحرّم: أهو الرسول كما يقول السنّة، أم عمر كما يؤكّد الشيعة؟! وكل يحشد براهينه ويقصف بمدافعه الفقهية والحديثية. ولعلّ أبرز ما يتفرّد به هذا الفصل قراءة ألسنية ”للفظة“ استمتعتم القرآنية. فسياقها الألسني يؤكّد أنها تعني متعة النساء تحديداً.

والفصل الثاني (ب3/ف2) سبق أن نشرناه في كتابنا ”الإسلام في مرآة الاستشراق المسيحي“([11])، ولكننا نستعيده هنا مرفقاً بالعديد من الإضافات ضاعفت حجمه. وهو يدور حول آية المتعة: النساء 4/24. والخلاف على تفسيرها قديماً وحديثاً، وما نسب إليها من تحريف لا سيما بحذف عبارة ”إلى أجل مسمّى“ من المصاحف الحالية. وهو جدال يعيدنا إلى مسألة الموقف من النصّ المقدّس عند كل من الفريقين والتي بحثنا فيها في ب1/ف2.

ويعرض هذا الفصل (ب3/ف2) لآراء المستشرقين في المتعة ومقاربتهم لهذا السجال الحامي.

والباب الرابع يبحث في إشكاليات في موقف أهل السنّة أما الفصل الأول منه (ب4/ف1)، فعنوانه لوحده مفارقة: المتعة في عقر دار أهل السنّة. كيف نفسّر استمرار ظاهرة المتعة عند أهل السنّة، وفي مكّة تحديداً، إلى نحو منتصف القرن 2هـ؟! وهذا لوحده دليل بيّن أن على الأمر في المتعة لم يكن أساساً نقاشاً مذهبيّاً بين السنّة والشيعة. وهو لم يأخذ هذا الطابع سوى لاحقاً. وأبرز إسهامات هذا الفصل وجديده الوثائق والنصوص عن المتعة في الهند في عصر السلطان أكبر وسابقه فيروزشاه. مستندات وشهادات تُنقل، على الأرجح، للمرّة الأولى إلى العربية. وتبيّن أن المتعة بقيت حلالاً زمناً طويلاً في المذهب المالكي، وخلافاً لما يزعم الكثيرون.

أما الفصل الثاني (ب4/ف2) فيحتوي قراءة نقدية لأحاديث أهل السنة ورواياتهم في تحريم المتعة. لِمَ هذا التضارب في زمان التحريف ومكانه؟! أفلا تدفع الأحاديث المتناقضة في صحيح مسلم وغيره الباحث إلى إقصائها كلّها وتنحيتها؟! وما أصل فريّة أبناء المتعة التي لا يزال أهل السنّة إلى اليوم يَصِمون بها الشيعة؟!

وكما في موقف أهل السنة إشكاليّات، كذلك في موقف خصومهم الشيعة الإمامية شبهات. وهذه الأخيرة هي موضوع الباب الخامس، فيأتي هذا الباب ليعيد التوازن بين كفّتي الميزان، ويبيّن حياد الباحث. فالكلّ في الوضع سواء.

والفصل الأوّل (باب 5/ف1) يدرس المتعة في جدليّة علاقتها الوثيقة والمعقّدة بالحجّ وشعائره عند عرب الجاهلية، وعند جيرانهم من الشعوب السامية. ويتوقّف عند الخلط العجيب والمبرمج بين متعتي الحجّ والنساء والعلاقة بين المتعتين. ويحاول أن يتبيّن مَن كان وراء هذا الخلط، وما الهدف منه. وما سرّ ارتباط المقدّس بالمدنّس منذ القدم؟ فالمتعة التي كانت منتشرة في مكّة تعود لتنتشر في مدن المزارات الشيعية، فلمَ هذا الترابط الوثيق؟!

والفصل الثاني (ب5/ف2) ينقد أحاديث الشيعة ورواياتهم، كما نقد ب4/ف2 أحاديث السنّة. وأوّل ما يصدم في أحاديث الإمامية تناقضها. فأكثرها يحلّل المتعة، ولكن بعضها، والذي يبدو أكثر موثوقية، يعلن التحريم. فأيّها الأصحّ؟ وهل يعيدنا ذلك إلى طرحنا السابق أن المتعة لم تكن في الأساس خلافاً سنيّاً شيعيّاً، بل خلافاً بين فقهاء مكّة وسائر الفقهاء؟! وكيف تسرّبت إذاً إلى التشيّع الإمامي؟ وهذه الأحاديث المتناقضة هل تعني أن بعض أئمة الشيعة الإماميّة كانوا محرّمين للمتعة، وبعضهم الآخر محلّلين؟! وكيف تحوّلت المتعة في التشيّع من رخصة إلى فضيلة. ولمَ هذه المغالاة والتي وصلت إلى حدّ تقديسها؟! ولمَ الإصرار على رفض القول إنها تقليد جاهلي، رغم كثرة الدلائل على ذلك؟ وكيف تعتبر المتعة ”فضيلة“ من ناحية ويستمرّ القوم في ممارستها بالخفية، والكتمان من صفات الزنى؟!

والباب السادس والأخير يتناول المتعة في أبعادها، بل ومشاكلها الاجتماعيّة.

أهي حلّ عصري كما يروّج بعضهم؟، أم مشكلة حقيقية بل ومصيبة؟!

والفصل الأوّل (ب6/فصل1) يتناول وضع المرأة في المتعة ولا يختلف اثنان في أنه وضع دونيّ. فهي آخر همّ عند الفقيه وفقهه الذكوري. إنها مستأجرة، وهذا تعبير من صلب كتب الفقه الإمامي، وهي بمنزلة الإماء. وهي فرج وأداة للذّة الذكر. وامرأة المتعة لا تعدو كونها ضحية لعقد ذكوري.

والفصل الثاني (ب6/ف2) يعرض للمتعة نمطاً من الدعارة. فيصوّر مثل الكاميرا الخفية، وقائع من ممارسات بيدوفيلية في المتعة. وينقل آراء مثقّفي الإمامية فيها. ويتوقّف عند المتعة الدورية التي تُسقط العدّة بحيلة فقهية، ويبيّن أن لهذه المتعة/الدعارة أصول في مصادر الإمامية، إذ تحدّث عنها فقيههم نعمة الله الجزائري (ت1112 هـ).

ويتناول بعض مشاكل المتعة كالأمراض الجنسية واللقطاء، فأي حلّ هذا؟

أما خاتمة البحث فتحصر اهتمامها بالمتعة والأبواب الخمسة التي تلت الباب الأول ذلك أن الفصل 5 من الباب 1 جاء بمثابة خاتمة لهذا الباب.

والخاتمة إذ تسعى جاهدة كي تحافظ على حياد إيجابيّ، لا تخجل ولا تتجنّب إطلاق بعض الأحكام: وأي طعم أو لون لدراسة تخاف وتخشى أن تحكم في موضوع قتلته بحثاً وتمحيصاً. ولكنّ مصيبة الباحث تكمن في أنه لم يحكم لأي فريق من المتخاصمَين على حساب الآخر، فلكلّ هامش من الحق، وكل وضع وحرّف. والتعصّب أعمى عيون كل فريق عن رؤية ما في معسكر الخصم من نقاط قوّة وحقّ.

والنتائج تصيب مقتلاً في منطق كل فريق.

المتعة شقيقة التقيّة التوأم تقول خاتمة البحث. كلّ يحبّ التستّر ويُظهر ما لا يضمر. وكلّ يهوى تلطيف العبارات: Euphémisme. في السياسة بل والقانون أحياناً تسمّى السرقة هدراً والتحايل والخيانة سوء أمانة، وفي الفقه وبعض مذاهبه يغدو الكذب… تقية، ويُلبس الزنى ثوبَ المتعة.

وفي منطق كل فريق عيوب تنسفه، تقول الخاتمة، فماذا يبقى أو يتبقّى ليبنى على الشيء مقتضاه؟!

وقبل أن نختم، لا بأس أن نكرّر، ودفعاً لأيّ التباس أو سوء فهم، أننا، ومنذ بحثنا المطوّل كتابة الصلاة على النبي أمر محدث([12])، توقفنا عن كتابة الصلوات على الأنبياء وتدوين السلام على الأئمّة، وتسطير الترضّي على الصحابة والأولياء. إذ تبيّن لنا أنها أمر محدث، وليست فرضاً. وهذا ما أوضحه كبار الفقهاء. ومع ذلك فنحن نعيد ونؤكّد:«إننا نصلّي على جميع الأنبياء، ونسلّم على أئمّة الهدى ونحترمهم، وإن لم نقرن الصلاة عليهم أو السلام، بكل ذكر لهم»([13]).

وبعد…

نتذكّر ختاماً قول المثل اللبناني:”استروا ما شفتوا منا“، بمعنى إذا رأيتم ما فعلنا صحيحاً أشهروه، وإذا رأيتموه قبيحاً… تجاوزوه. ففي الصفحات التالية اجتهدنا أن نبحث وننقّب بصدق وحياد إيجابي… ورزانة… وغبار معركة الخصمين لم ينجلِ بعد… وكثيراً ما يضلّل ويحجب الرؤية أو بعضها.

ولسنا نزعم الحقّ في كل ما ذهبنا إليه أو استنتجناه. وإذا كان المسلمون قد اختلفوا، ولا يزالون، في لِمَن تكون العصمة، فإننا، على الأقل، نؤكّد أننا، وفي وضعيتنا البشرية، لسنا ممّن تشملهم أو يدّعونها.

وأيّاً يكن… فللقارئ أن يحكم لنا… أم علينا. ويقول كلمة في مغامرتنا… وفي المركب الصعب الذي ركبناه.

ل. ص. Q.J.C.S.T.B

باريس في 21/01/2015

 

[1] – نقصد بلفظة ”السنّة“ إذا وردت وحدها، وفي كل فصول هذا البحث، أهل السنة والجماعة كما تسمّي هذه الفرقة الإسلامية نفسها.

[2] – إذا وردت عبارة ”الشيعة“ لوحدها في كامل هذا البحث، ولم ترفق بأي نعت، فالمقصود منها الشيعة الإماميّة الإثنا عشرية تحديداً.

[3] – صليبا، د. لويس، كتاب قتل كاتبه دراسة تعليق وتحقيق لِ”تنقيح الأبحاث للملل الثلاث لابن كمونة (ت683هـ)، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط3، 2013، ص 23.

[4] – ترجمنا له في: صليبا، د. لويس، الإسلام في مرآة الاستشراق المسيحي، دراسة نصوص مترجمة وتعقيبات، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط1، 2013، ص 270 – 271.

[5]– Herbert, Jean, L’Enseignement de Ramakrishna, Traduit du Bengali, Paris, Albin Michel, 1972, p 196.

[6]– Ibid, p 486.

[7] – صليبا، د. لويس، الديانات الإبراهيمية بين العنف والجدل والحوار مع بحوث في اليوغا والتصوّفين الإسلامي والهندوسي، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط1، 2012، ص 29 – 65، ص 285 – 289.

[8] – صليبا، د. لويس، سائح على ضفاف الذات حكاية مسار صوفي وسيرة ذاتية شعرية، تقديم عماد فغالي، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط1، 2014، ب5/1 في حضرة الإمام الرضا، ص 165 – 188.

[9] – صليبا، سائح، م. س، ص 189 – 200.

[10] – صليبا، د. لويس، نحو الحوار المسيحي-الإمامي، بحوث في نقاط الالتقاء بين المسيحية والتشيّع، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط1، 2015، ص 99 – 318.

[11] – صليبا، د. لويس، الإسلام في مرآة الاستشراق المسيحي دراسة نصوص مترجمة وتعقيبات، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط1، 2013، ب2/ف1، ص 83 – 112.

[12] – صليبا، د. لويس، الإسلام في مرآة الاستشراق، م. س، ب1/ف2، ص 21 – 31.

[13] – صليبا، د. لويس، نحو الحوار المسيحي-الإمامي، بحوث في نقاط الالتقاء بين المسيحية والتشيّع، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط1، 2015، ص 10.

 

محتويات الكتاب

كتب للدكتور لويس صليبا………………………………. 2

الإهداء………………………………………………………. 5

مقدّمة أ. عماد الهلالي……………………………………. 6

باب الكتاب، مدخل إلى بحوثه ومنهجيته………… 17

دروس جامعية أسّست لهذا البحث……………………… 19

الحياد الأكاديمي وشُبه الانحياز………………………… 21

حكاية دراسة للإسلام من الداخل……………………….. 22

راما كريشنا وتجربته في عيش الإسلام………………. 24

فرصة لعيش التشيّع ودراسته من الداخل…………………… 25

الإسلام بوجهيه: السنّي والشيعي……………………….. 27

إشكالية الدراسة وعمارتها………………………………. 28

باب 1/مذهبان أم ديانتان……………………………… 39

فصل 1:خلافات مذهبية أم انشقاقات دينية؟………………….. 41

إشكالية محطّ تساؤل الكثيرين…………………………. 43

اختلاف في بنية المجتمع لا مجرّد خلاف فقهي………. 44

خلاف في الأصول والأركان قبل الفروع………………… 45

تمايز لا تفاضل……………………………………………… 46

الإمامة: أساس الدين أم أساس الخلاف؟!……………… 47

الإمامة ركن الدين………………………………………… 48

الإمامة بمنزلة النبوّة………………………………………. 50

فصل 2:الموقف من القرآن وشبهة التحريف…………….. 51

الكليني يؤكّد  التحريف…………………………………. 53

عصمة الأئمة أم عصمة القرآن…………………………… 54

روايات تفسير القمّي في التحريف…………………….. 56

الاستدلال بِـ نحن نزلنا الذكر ضعيف…………………. 47

السنّة يكفّرون كل قائل بالتحريف……………………. 58

الحديث لا ينسخ القرآن…………………………………. 59

فصل 3:أحاديث النبي… وأحاديث الأئمة………………….. 61

خلاف جذري في مفهوم الحديث………………………. 63

الصحّـاح الستة والكتب الأربعة……………………….. 64

الكافي أكثر أحاديثه ضعيفة……………………………… 65

عشوائية الكليني في جمع الأحاديث…………………… 67

محدّثو الشيعة لم يفرزوا الأحاديث الموضوعة……….. 69

خرافات روتها الأحاديث…………………………………. 70

فرز الأحاديث بين الداعين والرافضين………………….. 71

أئمة الشيعة لم يتركوا أثراً مكتوباً……………………….. 73

نقد السند متأخر عند الشيعة………………………….. 76

التقيّة لحلّ أزمة الأحاديث المتضاربة………………….. 77

فصل 4:التقيّة سمة الإمامية……………………………….. 81

التقيّة في التحديد الاصطلاحي………………………….. 83

التقيّة في القرآن……………………………………………. 84

التقيّة: قاعدة عامّـة أم رخصة محصورة؟…………….. 85

التقيّة في الكافي…………………………………………….. 86

لا دين لمن لا تقيّة له…………………………………….. 86

التقيّة والكذب…………………………………………….. 87

التقيّة جنّـة المؤمن………………………………………… 88

التقيّة ركن الدين………………………………………….. 90

التقيّة: باقية حتى خروج المهدي……………………….. 90

التقيّة أدب حياة عامّ…………………………………….. 92

التقيّة ماركة مسجّـلة للشيعة………………………….. 93

التقيّة حـلّ للتناقضات…………………………………… 93

تبرير الغلوّ في التقيّة……………………………………… 95

التقيّة تخالف أخلاق الأئمة……………………………… 97

فصل 5:إسلامان أم دينان؟!………………………………… 99

– آراء استشراقيّة في الانشقاق النهائي………………….. 101

دو غوبينو والأثر الزرادشتي في التشيّع……………….. 101

براون يطوّر آراء دو غوبينو……………………………… 103

بلوشة والأثرين النسطوري والبوذي…………………… 104

دونالدسون وديانة الشيعة………………………………. 106

كلمرد وفيتور والأثر الزرادشتي…………………………. 107

العثمانيون لم يعتبروا المتاولة مسلمين…………………. 108

– علي حرب: خلاف بين ديانتين…………………………. 109

– صاغية: الوعي الشيعي بني بالتضادّ مع السنّة……. 112

المسيحية انطلقت من الجلجلة والشيعية من كربلاء. 114

محاولات التقريب فشلت……………………………….. 106

دينان لا مذهبان…………………………………………… 117

خطاب التقريب وسّع الهوّة…………………………….. 118

– إسلامان أم ديانتان؟…………………………………….. 119

باب 2/المتعة في اللغة والتاريخ……………… 121

فصل 1:المتعة تعريف لغوي وفقهي…………………… 123

المتعة بين المقدّس والمدّنس……………………………. 125

المتعة في معانيها اللغوية والفقهية………………….. 126

المتعة: تعريف فقهي…………………………………… 133

متعة أم مؤقت أم منقطع……………………………… 134

– مصطلحات المتعة في مصنّفات السنة……………….. 139

– المتعة ماركة مسجّلة للشيعة…………………………. 141

مرادف المتعة بالفارسية………………………………… 143

زوجة أم مستأجرة؟!……………………………………. 145

أنماط أخرى من الزواج…………………………………. 146

فصل 2: المتعة في العصر الجاهلي…………………… 151

– المتعة تقليد جاهلي بشهادة العرب والعجم………. 153

– وثيقة تاريخية عن المتعة في الجاهلية……………… 156

هل كان زواج هاشم جدّ الرسول متعة؟!…………… 160

– أنماط من أنكحة الجاهلية…………………………….. 164

أنكحة الجاهلية أكثرها مؤقت………………………… 165

– المتعة في البحوث الأنتروبولوجية…………………….. 168

– المتعة في دراسات المستشرقين…………………………. 170

– المتعة في الجاهلية في البحوث العربية……………… 176

باب 3/المتعة والخلاف القرآني والمذهبي…… 183

فصل 1:سفاح أم نكاح؟…………………………………… 185

الخلاف على زمن التحريم والمحرّم…………………………….. 187

الطبري وأحاديث متناقضة عن الصحابي أو التابعي الواحد. 188

– النحاس يقطع بنسخ المتعة……………………………. 194

– الرازي وموقفه المميّز من المتعة……………………… 203

– القرطبي وأصحاب ابن عبّاس محلّلو المتعة………… 204

– ابن كثير ودلالة آية النساء على المتعة………………. 205

– آية المتعة عند أئمة الشيعة……………………………. 207

– الشريف المرتضى: الاستمتاع يعني عقد المتعة…….. 208

– الطبرسي: الآية تعني حصراً نكاح المتعة……………… 209

– الشيخ المفيد: استحالة نسخ الآية بالقرآن………….. 210

– أحاديث تحريم المتعة موضوعة!…………………….. 211

– استمتعتم في سياقها الألسني…………………………. 214

تفنيد حديث الطبري في معنى الاستمتاع…………… 218

فصل 2:آية المتعة وشبهة التحريف……………………. 223

– الصراع على النص بين السنة والشيعة……………….. 225

– آراء المستشرقين في موقف الإمامية من النص……… 227

بلاشير: الإمامية ودعوى التحريف……………………. 227

بطروشوفسكي: إسقاط اسم علي……………………… 228

الإمامية ومصحف ابن مسعود……………………….. 230

– آية المتعة والخلاف على تأويلها………………………. 233

– زواج المتعة والخلاف على مَن حرّمه………………… 235

– آية المتعة وشبهة التحريف…………………………… 236

– شبهة التحريف في المصادر السنية…………………… 237

آية المتعة في تفسير مقاتل…………………………….. 237

المتعة في تفسير الطبري………………………………… 239

آية المتعة في كتاب المصاحف للسجستاني………….. 240

شبهة التحريف في المصادر الإمامية………………….. 242

الطعن في الجمع العثماني……………………………… 245

تحريف أم مجرّد قراءة؟……………………………….. 247

تحريم المتعة وإسناده إلى علي……………………….. 251

– المستشرقون والمتعة…………………………………….. 256

بوز: المتعة والزنى………………………………………… 256

بطروشوفسكي: المتعة حدّ فاصل بين السنّة والشيعة 260

شومون: متعة مقنّعة عند السنّـة……………………. 261

جولدتسيهر: حظر المتعة وأسبابه الاجتماعية……… 264

– المتعة عود على بدء…………………………………….. 268

باب 4/إشكاليات في موقف أهل السُنّة………. 271

فصل 1:المتعة في عقر دار أهل السُنّـة……………….. 273

معاوية من القائلين بالمتعة وممارسيها……………… 276

– التابعون من فقهاء مكّة يحلّون المتعة………………. 278

أجلاّء الصحابة يقرّون المتعة………………………….. 278

محلّلو المتعة من التابعين………………………………. 285

ابن جريج وأخباره في المتعة…………………………… 289

– المأمون ينادي بالمتعة ثم يحجم عنها……………….. 293

– تحليل المتعة في الهند………………………………….. 296

– المتعة في المذهب المالكي بين التحليل والتحريم…… 302

– المتعة عند ابن حنبل: مكروهة أم محرّمة؟………… 316

– المتعة عند أتباع ابن عباس في اليمن………………… 318

فصل 2:نقد روايات أهل السنة………………………….. 321

– عمر أم الرسول؟ إشكالية هوية المحرّم……………… 323

إبن الكلبي ورواية تاريخية لتحريم المتعة…………. 324

الخطّابي وابن الأثير وحديث التحريم……………….. 328

أبو هلال العسكري وأولويات عمر………………….. 330

الردود على روايات تحريم عمر………………………. 332

– أحاديث متضاربة في زمن التحريم…………………… 335

– شرّاح مسلم ورفع التضادّ………………………………. 336

تعليل الطحّاوي: منطقي ومقتضب…………………. 343

– فرية أبناء المتعة…………………………………………. 349

باب 5/شبهات في موقف الشيعة………………. 359

فصل 1:المتعة والحجّ…………………………………….. 361

المتعة جزء من شعائر الحجّ…………………………… 363

تقاليد الساميين في الربط بين الحجّ والجنس………. 365

التوراة والبغاء المقدّس…………………………………. 369

الجنس المقدس في الكعبة……………………………… 371

متعة النساء ومتعة الحجّ……………………………… 373

حديث سطوع المجامر بين السُنّة والشيعة…………. 377

حديث سطوع المجامر في رواية المسعودي…………. 381

الخلط المبرمج بين المتعتين…………………………….. 385

تحريف الحلّي لأحاديث متعة الحج………………… 389

الفكيكي يستكمل الخط التزويري……………………. 391

المتعة في المقامات المقدّسة……………………………. 394

مشهد وقمّ عاصمتا المتعة في العالم………………….. 395

أجواء المزارات تيسّر المتعة…………………………….. 397

المتعة في مدن العتبات ظاهرة قديمة……………….. 399

انتشار اللقطاء في مدن المتعة…………………………. 401

الملالي روّاد المتعة………………………………………… 402

فصل 2:نقد روايات الشيعة……………………………… 405

– أحاديث تحريم المتعة عند الشيعة…………………. 407

أبو جعفر وموقف ملتبس من المتعة……………….. 407

أحاديث الصادق في تحريم المتعة……………………. 410

تحريف أحاديث الصادق……………………………… 412

المتعة تدنّس النفس…………………………………….. 413

المتعة هي الزنا…………………………………………… 415

الإمام الكاظم والاستغناء عن المتعة…………………. 419

سكوت الإمام عليّ وسائر الصحابة عن نهي عمر…. 421

– المتعة نكاية بعمر………………………………………. 423

– تمتّع الرسول والإمام علي؟!…………………………….. 424

– المتعة من رخصة إلى فضيلة…………………………… 427

المتعة إحياء للسُنّة………………………………………… 430

تقديس المتعة يتفاقم مع الزمن……………………….. 431

تجنّب المتعة معصية……………………………………… 433

المتعة عيب ومذمّة في الواقع المعاش………………….. 435

التعتيم الدائم على المتعة وتبعاتها…………………….. 438

الكتم من أوصاف الزِنى………………………………….. 440

المتعة وحي إلهي أم تقليد جاهلي؟……………………. 442

المتعة حلّ لمشكلات العصر الجنسية………………….. 443

– المتعة سبقت طرح راسل 1400 سنة؟!…………….. 445

المتعة تقفل المواخير أم تفتح المزيد منها؟!…………… 449

المتعة حلّ لمشاكل الطلاق وتحديد النسل؟!…………. 451

باب 6/المتعة حلّ أم مشكلة ؟…………………… 455

فصل 1:وضع المرأة في المتعة………………………… 457

امرأة المتعة مستأجرة…………………………………….. 459

زرارة ناقل أحاديث المتعة……………………………….. 461

نساء المتعة بمنزلة الإماء…………………………………. 462

مستأجرة أم من الأربع……………………………………. 465

المرأة في الإسلام والتشيّع…………………………………. 468

المرأة في التشيّع فرج……………………………………… 469

فقه النكاح فقه ذكوري………………………………….. 471

المرأة أداة للذّة الرجل……………………………………. 472

امرأة المتعة ضحية عقد ذكوري………………………… 473

فصل 2:المتعة نمطاً من الدعارة……………………….. 477

أركان وأحكام واهية……………………………………. 479

– أحاديث تقرّب المتعة من الدعارة……………………. 480

المتعة لعرد واحد………………………………………….. 482

تزويج بشربة ماء………………………………………….. 484

التمتّع بالمتزوّجات والأبكار………………………………. 485

– فتاوى الخميني في التمتّع بالصغار………………….. 487

– المتعة حصن أم فخّ……………………………………… 489

مثقفو الشيعة يرون المتعة دعارة……………………. 491

شبكات تنظيم المتعة…………………………………… 492

– المتعة الدورية تسقط العدّة………………………….. 493

– مشاكل المتعة……………………………………………. 497

1 – الأمراض المنتشرة عبر الجنس………………………. 497

أولاد المتعة: لقطاء…………………………………… 498

أخت المتعة: الدعارة………………………………… 500

خاتمة…………………………………………………… 503

– المتعة أحجية صعبة…………………………………….. 505

– الحقيقة في مكان ما بين الفريقين……………………. 507

– المتعة تقليد جاهلي ارتبط بالحجّ والسفر………….. 509

– متعة الحجّ وارتباطها بمتعة النساء………………….. 510

– المتعة حاجة في الغزو………………………………….. 511

– ظاهرة السبايا أسقطت الحاجة إلى المتعة…………. 511

– الخلاف أساساً كان بين فقهاء مكّة وسائر الفقهاء… 512

– قاعدة مخالفة العامّة أساس تبنّي المتعة…………… 513

– المتعة شقيقة التقيّة التؤام……………………………. 514

– الكلّ لم يقصّر في الوضع ………………………………. 515

– المنطق الإمامي ينهار عند جاهلية المتعة…………… 516

– تحريف أحاديث متعة الحج وتحريم المتعة………. 517

– شوائب منطق السنّة…………………………………… 518

– خلاف مستحكم لن يحكم فيه إلاّ الله………………. 519

– ملحق: إسلام السنة وإسلام الشيعة…………………. 521

مقابلة مع مجلّة الرأي الآخر الكويتية…………… 522

مكتبة البحث………………………………………………. 531

قائمة المختصرات…………………………………………… 554

– تراجم المستشرقين والأعلام الأجانب…………………. 555

– تراجم أعلام المسلمين العرب………………………….. 556

– فهرس التراجم……………………………………………. 559

– محتويات الكتاب……………………………………….. 565

 

 

شاهد أيضاً

تعريف وغلاف ومقدمة وفهارس كتاب “رسالة الأكويني في الردّ على المسلمين”/ تأليف وتحقيق وترجمة لويس صليبا

تعريف وغلاف ومقدمة وفهارس كتاب “رسالة الأكويني في الردّ على المسلمين”/ تأليف وتحقيق وترجمة لويس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *