مفكّرو لبنان المسيحيّون وتراث أهل البيت/دراسة بقلم أ. د. لويس صليبا، مقالة لمجلّة الدراسات الأمنية، عدد 95، تمّوز 2023
من جبران والشميّل إلى سلهب وشكّور
مفكّرو وأدباء وشعراء لبنان المسيحيّون وتراث آل البيت ظاهرة روحيّة ودينية وصوفية وإبداعية وخُلُقية مميّزة وبالغة الأهمّية، وهي تُبيّن وتؤكّد أن هذا الوطن الصغير، رغم ما عرفت أرضه المحدودة المساحة من صراعات وأزمات، كان ولمّا يزل أرض لقاء وتفاعل وتوافق لمختلف ثقافات مشرق الأديان وحضاراته ومجموعاته المتعدّدة والمتنوّعة، ومن هنا الرسالة التي لا تبلى ولا تبوخ والتي لا يزال يجاهد في حملها وإيصالها إلى الإنسان المشرقي المعاصر خصوصاً وإلى البشرية عموماً.
فعشرات الأدباء والشعراء والمفكّرين، بدءاً بجبران خليل جبران (1883-1931) وشبلي الشميّل (1850-1917) وميخائيل نعيمه (1889-1988) وصولاً إلى نصري سلهب (1921-2007) وجورج شكّور الذي لمّا تزل تدبّ الدماء في عروقه، ومروراً بسعيد عقل (1912-2014) وبولس سلامه (1902-1979) وكثير غيرهم ممّا سنذكر في سياق هذا البحث كانت لهم وقفات تأمّلية عميقة ومؤثّرة أمام شخصيّة الإمام عليّ بن أبي طالب ونهجه البلاغي الذي طالما كان مثلاً وأسوة وقدوة لأهل الفكر والقلم، وكذلك أمام تضحيات وخلُقيّات سائر أهل بيته وبيت العترة النبوية المطهّرة: الحسين السبط وسيّد الشهداء، وابنه زين العابدين وسيّد السجّادين، وجعفر إمام الصادقين، والرضا سيّد العُرب والأعجمين، وغيرهم من هذه الذرّية المباركة. فما الذي جعل كلّ هذه النُخبة الطليعيّة ومنذ مطلع القرن العشرين وحتى يومنا هذا تتوقّف بخشوعٍ وإجلال عند تراث آل البيت الأدبي والديني والإنساني وتستوحي منه قيماً ومبادئ وروحانيّات ومناهج لإنسان اليوم الحائر بين مغريات المادّة والحياة الدنيا ونداء القلب والوجدان؟!
والمفارقة تكمن في أن مدرسة آل البيت ليست من صُلب تقليد هؤلاء المفكّرين والأدباء اللبنانيين، ولا هم نشأوا في البدء على مبادئها وتعاليمها، فما الذي استوقفهم فيها، بل ما الذي جعلهم يتشبّثون بنشر رسالتها التي اعتبروها تتخطّى الانتماءات الدينية والمذهبية؟! وما هي أهمّية وجُدّة مساهماتهم في هذا المجال؟
إشكاليّات بارزة تتطلّب بحثاً معمّقاً قد تتخطّى أبعاده حدود هذه الدراسة، لا سيما وأن هذه الظاهرة اللافتة لم تنل بعد ما تستحقّ من اهتمام. وكانت لنا في السابق وقفات وإطلالات عديدة عليها في عددٍ من المؤتمرات والندوات نشرنا معظمها في كتابنا “نحو الحوار المسيحي-الإمامي”([1]) فنحيل إليها تحاشياً للتكرار.
أما المقالة التالية فتتوقّف بالأخصّ عند هذه الظاهرة الميمونة وتُقارِبها من خلال بحوث المفكّر الإيراني الدكتور عبّاس خامه يار في هذا المجال. فقد سعى بدأبٍ وطيلة أكثر من عقد من السنين إلى لقاء كلّ من بقي على قيد الحياة من هؤلاء الروّاد اللبنانيين وزارهم في بيوتهم وأجرى حواراتٍ عديدة وشيّقة ومعبّرة معهم، وجمع محصّلات كلّ ذلك في كتاب له صدر مؤخّراً بحُلّة قشيبة بالفارسية في طهران وبالعربية في بيروت وطهران بعنوان “جرح وزيتون: أعيان وأزمان”([2]). وهو مزدان بصورٍ عديدة لهؤلاء وغير ذلك من معطيات، ممّا يجعل منه وثيقة فكرية وتراثية نفيسة.
ظاهرة أهل البيت في الفكر اللبناني المسيحي
وعن هذا الجانب من نشاط خامه يار الفكري أودّ أن أتحدّث في دراستي هذه. فإسهامات مفكّري المسيحيين في تقييم تراث أهل البيت ودراسته ونشره ظاهرة لافتة من شأنها أن تستوقف أيّ باحثٍ في الدراسات الإسلامية وتطرح تساؤلاتٍ وإشكاليّات عديدة في هذا المجال. وهي تستحقّ بالطبع دراسة متأنّية تسبر أغوارها وتسلّط الأضواء على نفائسها وإسهاماتها، وهذا ما سعى د. عبّاس إلى تحقيقه أو أقلّه إنجاز بعضٍ منه في مصنّفه الآنف الذكر. وقد حيّاه مقدّم كتابه رئيس الجامعة اليسوعية الأب البروفسور سليم دكّاش على بادرته الرائدة هذه فقال: “ما يدفعني إلى تحيّة المستشار في تلك الصفحات غير القليلة، لا بل اللامعة في الحديث عن المسيحيين الشرقيين وعلاقتهم القويّة الوجدانية والوجودية بالثقافة الإيرانية الفارسية، وما قدّموه من نتاج أدبي بمختلف مضامينه، وحقّقوه من معرفة لغوية وأدبية واجتماعية فارسية في حياتهم. (…) فما تركه فيكتور الككّ وبولس سلامه وجوزف الهاشم وجورج جرداق وميشال كعدي وأنطوان بارا وجورج شكّور وسليمان كتّاني جعل كاتبنا يتهلّل في أسلوبه ونصّه حبوراً واعتزازاً بأن تكون قامات أدبية مسيحيّة قد تمازجت إلى هذا الحدّ بالثقافة الإيرانية الإسلامية وكتبت عنها وفيها أدباً ونثراً وشعراً وكذلك درستها الدرس الدقيق” (خامه يار، م. س، ص21-22).
التركيز على الجانب الشخصي يتيح قراءة ما بين السطور
أمّا خامه يار نفسه فيقول عن عمله ذاك (ص55): “ارتأيتُ أن أستحضر فقط أسماء العشّاق المسيحيين الذين اشتهروا بحبّ عليّ، مثل جرجي زيدان، جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمه، بولس سلامة، جورج جرداق، وسليمان كتّاني، وأن أشيرَ إلى كتابات شخصيّة تماهت في عشق هذا الإمام العظيم، فكان جديراً ذكرُها، لعلّني بهذا أكونُ قد أظهرتُ بعضاً من حقيقة هذا الإمام الوجودية”.
ومن ميّزات مباحث ومقالات خامه يار في هذا المجال المجموعة في كتابه هذا تركيزه على الجانب الشخصي والإنساني لكلّ مفكّر مسيحي لبناني درسه، لا سيّما وأنّه سعى وخلال سنواتٍ طويلة من عمله مستشاراً ثقافيّاً لبلاده في لبنان ودولٍ عربية أخرى إلى التعرّف على هؤلاء المفكّرين والأدباء فالتقاهم مثنى وثلاث وحاورهم، ودوّن وقائع هذه الحوارات في كتابه، كما نقل لنا انطباعاته عن كلٍّ منهم. وهذا الجانب الشخصي يضفي على مقالات الباحث طابعاً حميميّاً حيويّاً وتشويقيّاً يشدّ انتباه القارئ والباحث ويتيح له أن يقرأ السطور التي كتبها هؤلاء المفكّرون المسيحيّون وما بين السطور ووراءها.
وسننقل في التالي بعضاً ممّا روى لنا الباحث خامه يار من حميميّات هؤلاء ونعقّب عليه بإيجاز.
1-جورج جرداق ونباتيّته المستوحاة من عليّ
فعن جورج جرداق (1933-2014) ([3]) الشاعر ومؤلّف موسوعة “الإمام علي صوت العدالة الإنسانية” يروي لنا خامه يار الذي التقاه مراراً أنه كان يخاف ركوب الطائرة ويمتنع عن استخدامها للسفر، يقول (ص56): “في منتصف التسعينات ارتضى أخيراً السفر إلى إيران لكي يلتقي الإيرانيين الذين كانوا يعرفونه منذ سنواتٍ طويلة، إلا أنّه وافق على هذه الدعوة على مضض، إذ إنّه حتى ذلك الحين لم يكن قد سافر بالطائرة أبداً، وكانت لديه مخاوف من السفر بهذه الوسيلة الجوّية. ولهذا السبب فإنّه فضّل اقتراحنا الآخر بالسفر عبر البرّ. وهكذا دخل البلاد بعد طيّ مسافة طويلة من لبنان إلى إيران”
وممّا استوقفنا من بين ما نقل لنا خامه يار عن طباع جرداق وعاداته نباتيّته، يروي المستشار في كتابه (ص57): “إلا أن ضيفنا واجه مشكلة من نوعٍ آخر في هذه الرحلة، فهو لم يُقبِل على تذوّق وجبتنا المفضّلة نحن الإيرانيين أعني “غلوكباب” أبداً. فقد كان نباتيّاً. ولطالما طرح هذا السؤال على الآخرين قائلاً: “ما ذنب الحيوانات لتكون لنا نحن الناس قرباناً وأضحية”
وليت باحثنا ربط هنا بين نباتيّة جرداق وما أُثر عن الإمام علي في هذا المجال. فحديثه التالي معروف: “لا تجعلوا بطونكم مقابر للحيوانات”([4]).
ويعلّق مخرّجو هذا الحديث: “وكان [الإمام علي] لا يأكل اللحم إلا قليلاً” (م. ن). وهكذا ففي نباتيّته الصارمة يبدو جرداق “علويّاً” أكثر من أتباع عليّ وشيعته أنفسهم!!
وممّا يروي لنا المستشار خامه يار عن جرداق اهتمامه الفائق بمكتبته الخاصّة وقلقه عليها بعد رحيله. يقول (ص57): “مرّة أخرى شاءت الأقدار أن يزور [جورج جرداق] إيران (…) وقد نلتُ شرف لقائه ومرافقته في طهران وشيراز. ولم تنفكّ مكتبته الخاصّة تشغل تفكيره وحديثه طوال الطريق، حتى إنّني سمعتُ أنّها بقيَت همّه الأكبر حتى آخر لحظات حياته”
ونفهم تماماً همّ هذا الشاعر والمفكّر وقلقه على مكتبته الخاصّة في بلدٍ لا يعبأ بمفكّريه، إذ نرى كيف تُباع كتب الباحثين ومجلّدات مكتباتهم النفيسة “بالكيلو” أو بالكرتونة بمجرّد رحيلهم، ولا من يأسف أو يتحسّر على “مجزرة” فكريّة كهذه!! ولعلّ أجدى تكريم كان من الممكن أن يقدّم لجرداق في حياته أو بعد مماته هو العمل على الحفاظ على مكتبته الخاصّة وصونها من الضياع!
ويخلص خامه يار في ختام بحثه عن جرداق إلى (ص57): “أن يُصبح كاتبٌ وشاعرٌ وفنّان مسيحيّ عاشقاً للإمام علي بهذه الطريقة، فذلك يذكّرنا قبل أيّ شيء بحقيقة ساطعة: أنّ عليّاً بجاذبيّته المتفرّدة هو مظهر وحدة الأديان ومحورها”
أمّا نحن فنضيف أن حبّ شاعر مسيحيّ مبدع كجرداق وولعه بتراث الإمام عليّ ونهجه وتعاليمه وعمله الدؤوب على دراسته ونشره جديرٌ بأن يستحيل دعوةً ملحّة لأتباع هذا الأخير، في لبنان والخارج، للانخراط في حوارٍ مجدٍ ومثمر مع إخوانهم المسيحيين يفعّل نقاط التلاقي في سبيل عيشٍ مشترك سلمي ومثمر.
2-فكتور الككّ عاشق الثقافة الفارسية
ونصل إلى المفكّر الثاني الذي يدرسه المستشار، إنّه الأكاديمي فكتور الككّ (1936-2017) ([5]). وأسلوبه الوجداني الشجي في الحديث عنه دليلٌ على عمق العلاقة التي ربطته بهذا المفكّر الفذّ. يصف خامه يار مراسم دفن الككّ والمشاعر التي انتابته خلاله بالكلمات المؤثّرة والمرهفة التالية (ص65): “طوال تلك اللحظات كانت قصائده الجميلة، لحن صوته الآسر ولهجته الفارسية العذبة والحلوة تطنّ في أذني وقلبي، ورحتُ أمام جثمانه أتمتمُ ملتمساً العذر لتقصيري معه في الفترة الأخيرة”.
وممّا يرويه لنا المستشار عن بدايات مسيرة الككّ الطويلة مع الثقافة الفارسية ما قرأه في الإنجيل عن المجوس وسجودهم أمام طفل المزود (ص66): “إن علاقة الدكتور الككّ باللغة الفارسية وآدابها لها حكاية جميلة. فذكريات طفولته الأولى كانت الإصغاء إلى مناجاة الإنجيل التي كانوا يردّدونها في الكنسية عن الزرادشتيين [المجوس] المبشّرين بالمسيح. فكانت أسئلته الأولى من هم؟ ومن أين أتوا؟”
وبين مِنحتَين واحدة للتخصّص في فرنسا وأخرى في طهران اختار الطالب الككّ الثانية (ص67): “لبّيتُ نداء عقلي الذي كان باحثاً عن المعرفة وليس عن الشهادة، فلقد كان قلبي مأسوراً بميراث إيران”.
ولم يرَ الككّ أيّ تناقض بين هويّته اللبنانية وهواه الفارسي، فصرّح في جامعة طهران في ديسمبر 2005 (ص67): “أنا ابن لبنان لكن وطني الروحي إيران”. لذا حيّاه الأب البروفسور سليم دكّاش يوم تكريمه قائلاً: “يُعجبني عشقك لإيران والثقافة الفارسية! حينما تتحدّث عن إيران تبدو وكأنّك تتحدّث عن قطعةٍ من جسمك وروحك ونفسك. (…) إن علاقتك بإيران ليست مسألة مصالح سياسية واقتصادية وإنّما هي ثمرة العشق والمحبّة التي تحملها في شغاف قلبك لهذا البلد” وهذه العلاقة الوَجدية والوجدانية بين الككّ وإيران والثقافة الفارسية جديرة بالتفكّر واستخلاص العبر: “يجب أن لا نسمح للجوّ السياسي الملوّث هذه الأيام ومؤامرات أعداء الثقافة أن تؤثّر على علاقاتنا الثقافية نحن العرب مع الإيرانيين. وأن تحرمنا من هذه النعمة: الثقافة الفارسية” كان يقول ويردّد (ص68). وهذا العشق الفكتوري للثقافة الفارسية جعل المسلمين “يخالونه على دينهم” (ص68). وكان يعبّر دوماً عن أمله: “في أن يكون الإمام الرضا رمزاً لتفاهم العرب مع الإيرانيين” (ص69). ويطرح المعادلة التالية: “من أجل الحفاظ على سيادة بلدنا نحتاج إلى هذا النوع من التقارب”. (ص69). ويختم خامه يار بحثه عن الككّ بالخلاصة اللافتة التالية (ص99): “في تلك الليلة من 27 ديسمبر 2019 وخلال السهرة التي طالت ثلاث ساعات في منزل المرحوم فكتور لمستُ إشارات التقاء الدين والثقافة الإسلامية-المسيحية”
ولا نملك سوى أن نوافق مستشارنا على ما استخلص. فتجربة فكتور الككّ في التقريب بين الثقافتَين الفارسية واللبنانية ولا سيما بوجهها المسيحي رائدة فعلاً وحضارية بامتياز. ومعادلته في التقارب اللبناني-الإيراني للحفاظ على سيادة بلده قابلة للنقاش، وتنبع من حسّ لبناني مخلص وشغفٍ ثقافي بإيران في آن. وفكتور الككّ، بكلمة تلخّص وتكثّف، قامة ثقافية وفكرية شامخة، وصاحبة مأثرة فريدة في دراسة ثقافة الآخر والتفاعل معها والاستلهام منها. وتجربته الرائدة في مقاربة الثقافة الفارسية جديرة بأن تُستثمر في سبيل موقع ثقافي وفكري وروحي مميّز للبنان في المنطقة.
3-بولس سلامة الشاعر المسيحي العلَوي
والمفكّر والأديب اللبناني المسيحي الثالث الذي يدرسه خامه يار هو الشاعر الملحمي بولس سلامه (1902-1979) ([6]) صاحب ملحمة عيد الغدير. وعنه يقول (ص85-86): “في هذا الأثر الذي يُعَدّ من أفضل المؤلّفات الملحمية في الأدب العربي المعاصر يطرح سلامه هذا السؤال: لماذا اختار الرسول عليّاً من بين أصحابه حتى اتّهمه البعض بالضلال؟ يجيب بولس: إذا قرأ الجبانُ سيرة علي فتهدرُ في صدره النخوة، وتستهويه البطولة، فعلى ذلك الساعد الأجدل اعتمد الإسلام يوم كان وليداً”.
وممّا ينقله خامه يار من أشعارٍ لسلامه بيتٌ يوفّقُ فيه بين انتمائه المسيحي وهواه التشيّعي (ص86):
جلجل الحقُّ في المسيحي حتى صار من فرطِ حبّه علويّا.
وبولس سلامه في ملحمته وإبداعه في تخليد مآثر علي وأبنائه كان رائداً في هذا المجال وعلامة فارقة في توثيق العلاقات المسيحية الإمامية وترسيخها.
4-سليمان كتّاني مسيحي علّم الإماميين عُشق أهل البيت
ورابع المفكّرين المسيحيين اللبنانيين الذين يدرسهم خامه يار هو الكاتب سليمان كتّاني (29/2/1912-29/2/2004) ([7]). وهو يحيّي بحماس وإعجابٍ ظاهرَين إسهامات هذا الكاتب في دراسة تراث أهل البيت وتثمينه، (ص178): “ليس مبالغة القول إن الكتّاني المسيحي علّم من خلال مؤلّفاته طريق عشق أهل البيت لأتباع أهل البيت أنفسهم”. ملحوظة لافتة وواقعيّة فإسهام كتّاني في هذا المجال لافت وجديرٌ بكلّ تنويه.
وكانت مراسم دفن هذا المفكّر المسيحي وتشييعه لقاءً مسيحيّاً إسلاميّاً مثمراً (ص181): “اللافت أن هذا التعايش كان حاضراً في كنيسة مار جرجس في بيروت حيث صلّى عليه رجلا دينٍ مسيحيّ ومسلم في مراسم دفنه، وتليا عن روحه الفاتحة والصلاة”.
5-ميشال كعدي ومطالعة منابع الثقافة لدى الآخر
والمفكّر المسيحي الخامس الذي يعرض خامه يار لإسهاماته هو ميشال كعدي (1942-….)([8]) شاعر وباحث، ويشطح المستشار بعض الشيء في حديثه عنه، فيقول (ص210): “هذا الراهب المسيحي والأديب والأستاذ الجامعي، اختار أن يبحر في أسرار الإسلام ليتعرّف إلى هذا الدين الذي وجده في النهاية متمّماً ومنسجماً مع دينه (…)”
وليس ميشال كعدي براهب، ولا نعلم سبب هذه الهفوة. ونتابع كلام خامه يار (ص210): ” هكذا قضى ميشال كعدي أوقات شبابه ويقضي وقته اليوم في قراءة المصادر والمراجع الإسلامية، ومطالعة سيَر أهل البيت والأنبياء والأئمّة وفضائلهم، حتى يتبيّن أن الحق واحد، وأن الوفاء لله الواحد يستوجب إيجاد المحبّة والعلاقات الطيّبة بين المسلمين والمسيحيين على اختلاف طوائفهم”.
وكلام المستشار عن العلاقات الطيّبة في محلّه ويجب أن نعمل جميعاً في هذا السبيل. وهو يذهب إلى أبعد من ذلك، فيقول متابعاً (ص201): “نحن في أمسّ الحاجة إلى الاتّحاد والتسامح والمحبّة، وإلى الانفتاح على الآخر، مسلمين ومسيحيين، وإلى مطالعة منابع الثقافة لدى الآخر في فكره ودينه وتاريخه. وهذا هو دور الأدب، ودور القلم”.
إنّها دعوة لافته ومثمرة فلا بدّ لكلّ منّا أن “يقتحم” تراث الآخر ويطّلع عليه في منابعه وأصوله، ولم يعد جائزاً ولا مقبولاً أن يستمرّ كلٌّ في جهل الآخر عقيدة وعقلية وغيرها وتجاهله. أجل دور الأدب الأساسي أن يفتح آفاقنا على ما يذخر به تراث الآخر المختلف من كنوز.
6-أنطون بارا المسيحي الشيعي الهوى
وعن أنطوان [الصحيح أنطون] بارا الصحافي والكاتب السوري (1943-….)([9]) وصاحب كتاب الحسين في الفكر الشيعي([10]) ينقل خامه يار (ص206): “الصحافيّون يلقّبونني المسيحي الشيعي الهوى. وكانوا يقصدون مذمّتي، لكنّهم في الواقع امتدحوني”.
ويربط المستشار بين أديبَين مسيحيَّين بارا وزيدان، فيرى الأوّل متأثراً بالثاني، يقول (ص207): “كتب أنطوان [أنطون] هذا العمل الثمين بأسلوب السرد الأدبي والحكاية التاريخيّة. (…) كتب متأسّياً بجورج [جرجي] زيدان في تاريخ الحضارة الإسلامية [تاريخ التمدّن الإسلامي]”
وخامه يار يتأمّل ويتفكّر مليّاً في تجربة بارا ممّا يطول الحديث عنه، ويمكن للراغب بالتوسّع العودة إليه في كتابه جرحٌ وزيتون.
7-جورج شكّور الذي شَعْرَنَ التاريخ
ويخصّ خامه يار الأديب والمفكّر اللبناني جورج شكّور (1935-….)([11]) بوقفة طويلة. وهو بلا ريب جديرٌ بكلّ هذه العناية. فهو شاعرٌ فحل ومأثوراته في علي وآل البيت عموماً جمعت بين الإبداع قلباً وقالباً ومضموناً والعاطفة الصادقة الجيّاشة.
يحدّثنا المستشار عن سعيه الحثيث في زمن كورونا إلى لقاء هذا الشاعر حتى وصل في النهاية إلى مبتغاه (ص224): “كنتُ مهتمّاً جدّاً بزيارته، لكن شكّور كان محجوراً بالكامل من قبل عائلته، بسبب كهولة سنّه في مسقط رأسه قرية شيخان بمنطقة جبيل، ولم يُسمح لأحد بزيارته، وكان الوصول إليه شبه مستحيل. ولكن بعد محادثة طويلة مع نجله الأكبر لواء اتّفقنا أخيراً على أن نلتقي في بيروت”.
وعن لقائهما الشيّق يروي خامه يار (ص228): “العشرون دقيقة التي كان من المقرّر أن يستغرقه [يستغرقها] هذا اللقاء لأسباب شتّى، طالت حوالي الساعتَين، وأنا صُدمت إذ إني لم أشعر بسرعة حركة عقارب الساعة”.
وعن نزعته الدينية أو بالحري الروحية الجامعة يقول شكّور وينقل عنه المستشار (ص230): “إن معظم الأسئلة التي تُطرح عليّ في وسائل الإعلام تتركّز حول كيف لمسيحي أن يكتب دواوين وملاحم كبرى من الشعر بالنبي والإمام علي وابنه الحسين، وجوابي دائماً كان: إن الإنسان وجد قبل الأديان، وأنا لا أفرّق بين إنسانٍ وإنسان”.
وهي بالحري نزعة إنسانية جديرة بالتنويه.
وعن موقعه ممّا ينشد ويؤرّخ ولا سيما بين السنّة والشيعة يؤكّد شكّور على هويّته المسيحية والمحايدة والتي من شأنها أن تتيح له أن يحكم بشيء من التجرّد وبعيداً عن الآراء والمواقف المسبقة (ص238): “إنما طالعتُ الكثير من الكتب من مختلف الاتّجاهات، فأنا لستُ شيعيّاً ولا سنّياً. أنا مسيحي أرثوذكسي أعتبر نفسي مراقباً ومحايداً”.
ويؤكّد شكّور على تمايزه في إبداعه الملحمي، وينقل عن سعيد عقل مقارنته اللافتة بين شاعرَين ملحميّين. يروي خامه يار عنه (ص238): “الشاعر الكبير سعيد عقل قال له عندما قرأ ملحمة الرسول: إن بولس سلامه نظم التاريخ بملحمة الغدير، أمّا أنت فقد شَعْرَنْتَ التاريخ”
ويتمسّك شكّور بهذه الميزة ويعتبر أن خاصّيته الأساسية مقارَنة بإسهامات الآخرين من شعراء مسيحيين وغيرهم هي نجاحه في “شعرنة التاريخ”.
ويؤكّد شكّور على المزايا النبويّة للإمام، يقول (ص240): “إن لم يكن الإمام علي نبيّاً فكلامه كلام نبي، وشخصيّته شخصيّة نبويّة”
وهو في حكمه هذا يستعيد في الحقيقة مقولة سابقه بولس سلامه (ص86):
فإذا لم يكن عليٌّ نبيّاً فلقد كان خُلقُه نبويّا
أيّاً يكن فبين شكّور وسابقه سلامه في أعمالهما الملحمّية في آل البيت خطّ تواصلٍ واضح، بيد أنّنا نرى أن الملحوظة السعقلية المقارِنة بين الشاعرين تبقى في محلّها. فلبولس نفَس طويلٌ في النظم واستحضار القوافي وهو ما درسناه وحلّلناه عندما بحثنا في قصيدته الملحميّة “بنت يفتاح” وقارنّاها بتحفة سعيد عقل في هذا المجال أي مسرحية “بنت يفتاح”([12]). في حين أن لجورج لُمعة شعرية وقريحة مبدعة تجعل قريضه يتخطّى نظم الأحداث والتاريخ عموماً.
واهتمام خامه يار بلقاء شكّور وعرض إسهاماته في مجال تراث آل البيت وتثمينها جدير بالتنويه. فهذا الشاعر اللبناني المسيحي الفذّ لم ينل بعد ما يستحقّ من دراسة واهتمام أكاديمي، وعسى لفتة المستشار هذه تكون بادرة خير.
8-حوزيف الهاشم والتحوّل الروحي في مشهد الرضا
وآخر من التقاهم المستشار الثقافي وتحدّث عنهم من شعراء لبنان ومفكّريه المسيحيين الوزير والصحافي جوزيف الهاشم (1937-….)([13]). وعنه يقول (ص256): “أعرفه منذ سنواتٍ عديدة، خلال مهمّتي الثقافية الأولى الثابتة في لبنان، خلال ثمانينات القرن الماضي، استضفته في أكثر من مناسبة. وكان يقبل دعوتي دائماً ويلقي قصائده بسخاء”.
وعن لقائه الأخير به 2021، يقول (ص256): “أتذرّع اليوم بهذا اللقاء، من أجل الكتابة مرّة أخرى، وللمرّة العاشرة عن المفكّرين المسيحيين المعاصرين الذين كتبوا عن الرسول، ص، وأهل بيته”
وينقل لنا المستشار خبر حدثٍ ديني-روحي في مسار الهاشم (ص258): “كما أكمل الهاشم ذكرياته حتى وصل إلى تحوّله الروحي في مرقد الإمام الرضى، حيث إنّ رؤية عدد الزائرين الهائل، والمستوى العالي من الوفاء والعاطفة تجاه ذلك الإمام، دفعه إلى البكاء والتقرّب من هذا المعشوق بدوره بشكلٍ لا إرادي”
ويرغب خامه يار في المضيّ إلى أبعد من الجانب السياسي في مسيرة الهاشم وانتماءاته في هذا المجال، فيقول (ص260): “إذا تخطّينا شخصية جوزيف الهاشم السياسية وتعاملنا مع البعد الثقافي لديه، فلا بدّ من اعتباره أحد الشعراء المسيحيين البارزين في عصرنا الذين نجد في أعماق شعرهم الملتزم صلاتٍ بين الفكر المسيحي والقيَم الشيعية. وهو يعدّ بتعبيري الخاصّ من الشعراء الولائيين ومن عشّاق أهل البيت”.
ويعرض خامه يار نماذج من إبداعات الهاشم الشعرية في أهل البيت، ويتوقّف عندها محلّلاً مثمّناً. ولفتته الكريمة إلى هذا الشاعر والمفكّر اللبناني المسيحي بادرة طيّبة تستكمل اللوحة العامّة التي رسمها في كتابه الطريف والمميّز “جرحٌ وزيتون” للفكر اللبناني المسيحي المعاصر واحتفال أساطين منه وأعلام بآل البيت وتراثهم.
جرحٌ وزيتون وثيقة ثمينة
وكتاب د. خامه يار هذا وثيقة ثمينة تؤرّخُ لإسهامات مسيحيي لبنان النفيسة في دراسة التراث الإمامي وتقييمه.
ويبقى أنّه ورغم سعيه المشكور والملحوظ إلى أن لا يستثني أحداً في بحوثه ومن اهتمامه قد أغفل ذكر العديدين ولا سيّما نصري سلهب (1921-2007)([14])، وقد احتُفل بمئوية ولادته في الحقبة التي كان المستشار يكتب فيها بحوثه هذه. وسلهب رائدٌ في الحوار المسيحي-الإسلامي وكذلك في التعريف بتراث آل البيت ودراسته، ولا سيما في كتبه 1-لقاء المسيحية والإسلام، 1970. 2-في خطى محمد. 3-في خطى علي.
وكذلك الأب عفيف عسيران (1919-1988) الذي أتقن الفارسية ونشر نصّاً محقَّقاً لمناجاة الإمام زين العابدين، ووضع أطروحة دكتوراه في جامعة طهران، وقد درسنا إسهاماته في عددٍ من بحوثنا.([15])
ويبقى أن اهتمام المستشار خامه يار بهذه الظاهرة أي “آل البيت وتراثهم في الفكر المسيحي اللبناني المعاصر” لافت ومساهمته في جمع الآراء ولقاء الأحياء منهم ومحاورتهم خطوةٌ بنّاءة ولها شأنها. وهو يحمد ربّه على ما أتيح له من فرصٍ استثنائية قيّمة في هذا المجال، فيقول (ص176): “الحمد لله على نعمة توفيقي خلال هذه العقود الأخيرة بصداقة ولقاء عددٍ من المفكّرين المسيحيين في هذه البقعة الجغرافية الحيويّة من المنطقة، ورغم أن البعض منهم قد رحل عن هذه الدنيا، إلا أنهم لا يزالون خالدين وأحياء من خلال آثارهم ومؤلّفاتهم القيّمة”
ظاهرة مباركة يُخشى أن تندثر
وممّا لا شكّ فيه أن خامه يار قد استغلّ فرصة عمله مستشاراً ثقافيّاً لبلاده في لبنان والكويت وغيرها على خير ما يرام للقاء هؤلاء المفكّرين ومحاورتهم وتدوين حواراته القيّمة والشيّقة معهم. وهو يركّز مراراً ويشدّد على دور هؤلاء وما قاموا به من عملٍ قيّم ومؤثّر في الحوار واللقاء بين المسيحية والإسلام ولا سيما في الجانب التشيّعي من هذا الأخير. فيقول معبّراً عن قناعةٍ عميقة واضحة (ص182): “أؤمن بشدّة بأن مجموعة من المفكّرين المسيحيين خلال القرن الأخير، كان لهم التأثير العميق والعظيم المتبادل في المجتمعَين الإسلامي والمسيحي، وكان لهم الدور البارز في نشر الثقافة الإسلامية والتعريف بأهل البيت في المجتمع البشري بكامله. ومن الواجب أن تُذكر أسماء هؤلاء بشتّى الذرائع، هؤلاء الذين قدّموا خدمات عظمى وقيّمة للبشرية من خلال كتاباتهم المؤثّرة”
وهو موقفٌ إيجابي ورصين بلا ريب. ويعبّر المستشار عن خشيته من أن تنحسر هذه الظاهرة وتتلاشى مع الوقت ومرور الزمن ورحيل غالبية هؤلاء المفكّرين المسيحيين الطليعيين والمنفتحين على التراث الإمامي، فيقول متابعاً (ص182): “ويقلقني أن يتضاءل هذا الدور، مع مضيّ هذا الطيف من الكتّاب المسيحيين الذين قضى معظمهم، أو دخل بعضهم الآخر في طور الشيخوخة والكهولة، حيث كانوا ناشطين في مجال التعريف بالأبعاد الشخصية للأئمّة المعصومين”
وممّا يقترح تلافياً لوقوع ما يخشاه (ص182-183): “ينبغي الحفاظ على هذه الحركة العلمية والأدبية وإحياؤها من خلال تشخيصها والتعامل مع الشخصيّات الشابّة في المجتمع المسيحي (…) من خلال الدعوات المتنوّعة إلى المشاركة في مسابقات أفضل كتاب وأفضل نصّ مكتوب في المجالات الأدبية وكذلك في حوار الأديان”
أفكار ومقترحات لتفعيل هذه الظاهرة
وعن هذَين الخشية والقلق نودّ أن نختم بحثنا في ظاهرة الفكر المسيحي اللبناني هذه. فما يقترحه صديقنا المستشار خامه يار ليس بسيّئ لكنه برأينا ليس بكافٍ بتاتاً. ويبقى، إذا نُفّذ، مجموعة مبادرات من طرفٍ واحد وفي اتّجاه واحد. وكنّا من ناحيتنا قد عبّرنا في عددٍ من البحوث والمؤتمرات عن خشية مماثلة، ذاكرين ما نرى فعله لتثمير هذه الظاهرة المباركة وتفعيلها والإفادة منها في سبيل لقاء مسيحي-إمامي ناجح. فقلنا مثلاً عمّا أسميناه ظاهرة “أهل البيت في الفكر المسيحي اللبناني”: “حسبنا منها أنّها دليلٌ يقطع الشكّ باليقين على أن الحوار المسيحي-الإمامي قد أُعِدّ له منذ قرون، لا بلّ قد باشره مفكّرون وجهابذة من مسيحيي لبنان منذ زمن، فهل رُدّت هذه التحيّة بمثلها؟!”([16])
ويبقى السؤال الكبير: ظاهرة “آل البيت في الفكر المسيحي اللبناني” المميّزة والبالغة الأهمّية ماذا أنتجت في الجانب الآخر أي من الناحية الإماميّة غير مهرجانات التعظيم وبوادر التكريم لهذه الشخصيّات المسيحية وفولكلور تقليد الدروع وتوزيع الجوائز والمكافآت وغير ذلك من مظاهر وظواهر تفرح العين، ولا يبقى لها أثر في القلب ولا الوجدان؟!
وأيّ أثرٍ كان لها على الصعيد الإمامي فقهاً في النظرة إلى المسيحيين أو أهل الكتاب والتعامل معهم ومع ذبائحهم، وأقلّه الكفّ عن تسمياتهم وتلقيبهم بما نجده حتى اليوم في مطوّلات الفقه الجعفري القديمة منها والحديثة؟! وهي مسألة تصدّينا لها بالتفصيل في كتابنا الآنف الذكر([17]) فنحيل إليه تلافياً للتكرار.
وإذا كان الباحث راجي أنور هيفا([18])، وهو من أوائل من درسوا هذه الظاهرة قد رأى أنّها: “في المحصّلة نداء صادق وصريح إلى كلّ المسيحيين في العالم كي يتمثّلوا شخصية الإمام علي، ع، فكراً وعملاً، لأن الإمام علياً، في محصّلة الأمر، هو الطريق إلى النور والخلاص، وهو الهادي الحقيقي لكل إنسانٍ إلى الخير والحقّ والفضيلة”([19])، فنحن نرى أنّها بالأحرى نداء إلى كلّ مسلمٍ ولا سيما من كان على مذهب آل البيت أن يلاقي شريكه المسيحي في الوطن على منتصف الطريق. ذلك أن ظاهرة “أهل البيت في الفكر المسيحي اللبناني والمشرقي عموماً” ليست بتاتاً عملاً تبشيريّاً، ولا هي دعوة للمسيحيين كي يتشيّعوا، كما قد يتوهّم البعض، ذلك أن أي واحدٍ من هؤلاء المفكّرين المسيحيين، لم يفعل ذلك، بل بقوا كلّهم مسيحيين محبّين لآل البيت. والظاهرة هذه هي بالأحرى دعوة للمسلم والإمامي خصوصاً أن ينهل من ينابيع التراث المسيحي الروحي أسوةً بما فعل المفكّر المسيحي في مقاربته للتراث الإسلامي ولا سيما الإمامي منه.
وظاهرة “آل البيت في الفكر المسيحي اللبناني” كانت خطوةً جبّارة من الجانب المسيحي باتّجاه الآخر المختلف، وها هو مفكّر إمامي آخر مرموق أي د. عبّاس خامه يار ينضمّ إلى قافلة ضخمة من الذين أكّدوا على ذلك. ولكن الإشكالية الأساسية والكبرى تبقى مطروحة وقوامها: هل قوبلت هذه الظاهرة بمثلها في الطرف الآخر؟!
وجوابنا على ما يطرحه صديقنا المستشار من هواجس وقلق أن هذه الظاهرة المباركة والميمونة مصيرها الحتمي أن تتضاءل إلى حدّ التلاشي إذا بقيت مجرّد صرخةٍ في واد، ولم تلقَ من الطرف الآخر ليس الاهتمام وحسب، بل بادرة مماثلة للقاء هذا الآخر المختلف على منتصف الطريق. وفي ما عبّر عنه خامه يار (ص201) شيء من ذلك إذ قال: “مطالعة منابع الثقافة لدى الآخر في فكره ودينه وتاريخه”. فهو في ما يطرح هنا يقدّم البراعم والإرهاصات الأولى لحلّ ناجع يفعّل هذه الظاهرة ويساهم في استمرارها. فنقاط التشابه في التقليدَين المسيحي والإمامي: في الألم والشهادة والخلاص وانتظار المخلّص وغيرها كانت الحافز الأوّل لمفكّري لبنان المسيحيين في التأمّل والتبصّر في التراث الإمامي واستخراج ما وجدوا فيه من نفائس شبيهة بما في تقليدهم الديني ودراستها وتسليط الضوء عليها. فمتى يقوم مفكّرو الإماميّة من ناحيتهم ببادرة مماثلة وفي الاتّجاه المعاكس، فيلتقوا زملاءهم عند منتصف الطريق؟!
ويبقى أن بادرة المستشار خامه يار ودودة ومثمرة، ومقاربته متفهّمة وهي بالتالي خطوة إلى الأمام في الطريق الطويل.
شعنينة المتاولة وانقلاب المستحيل ممكناً
وممّا استوقفني في كتاب صديقي د. عبّاس القيّم كلامُه على عيدِ الشعنينة المسيحي، فبعد أن يتحدّث عن لوحة إيرانية قديمة تصوّر هذا العيد، ينقل التالي (ص459): “نسمّي هذا اليوم بعيد الشعنينة. وهو عيد ديني مسيحي يأتي في الأحد السابع والأخير من الصوم الكبير قبل عيد الفصح. وهذا الاحتفال هو رمزٌ لدخول يسوع المسيح إلى القدس وهو مذكور في الأناجيل الأربعة”.
وفي الأمثال اللبنانية عندما نريد أن نضربَ موعداً لن يتحقّق، أو نشير إلى أمر يستحيل حصولُه، فإنّنا نقول: “عَ شعنينة المتاولة إن شاء الله”.
فشعنينة المتاولة، أي شيعةُ لبنان كما كانوا يُسمّون، واحتفال هؤلاء بها رمزٌ ومثلٌ نموذجي على الاستحالة. أمّا صديقُنا الدبلوماسي خامه يار فيبدو في حديثه الحواري عن هذا العيد وكأنّه يحتفلُ به مع المحتفلين. وكأنّه بفكره الحواري المنفتح واحترامه المشهودِ له لمقدّسات الآخر قد قَلَبَ المستحيلَ ممكناً. أجل فعبّاس خامه يار بدماثته ودبلوماسيّته وهدوئه ولاانفعاليّته تجسيدٌ بشري لمعجزات الحوار، ومثلٌ حيّ عنها.
ويبقى أن خير تكريم له هو أن نقرأه، ونستنيرَ بما كتب ونستشهدَ به. وفي ذلك يقول جبران خليل جبران: “لا تعطوا المفكّر، بل خذوا منه، وبذلك تكرمونه” ويضيف النابغة اللبناني: “من شاء أن يكرّم ذِكرَ مفكّر فليطلب قِسمته من خزائن المعارف والمدارك التي جمعها وتركها إرثاً”([20])
وآخر ما نعبّر عنه من أمنياتٍ في ختام هذه المقالة أن تكون بادرة هذا الباحث الإيراني الجادّ الطيّبة أسوةً لغيره من الباحثين والمفكّرين الإماميين في إيران ولبنان وسائر الأمصار في دراسة ظاهرة “مفكرو لبنان المسيحيين وتراث أهل البيت” واستخلاص العِبر الحوارية منها وملاقاة هؤلاء الروّاد اللبنانيين عند منتصف الطريق لبلورة قواسم مشتركة تكون ركائز لعيش مشترك يسوده الفهم المتبادل والوئام.
«»«»«»«»«»([21])
[1] -صليبا، د. لويس، نحو الحوار المسيحي-الإمامي: بحوث في نقاط الالتقاء بين المسيحية والتشيّع، جبيل/لبنان، درا ومكتبة بيبليون، ط2، 2018، ب2/ف3، فق: أهل البيت في الفكر اللبناني-المسيحي، ص112-121.
[2] -خامه يار، د. عبّاس، جرحٌ وزيتون أعيانٌ وأزمان، طهران، دار الهدى الثقافية، ط1، 2022، 500ص.
[3]-جورج جرداق (1933-2014): أديب ومربّي لبناني من مواليد عين السنديانة قرب الشوير/المتن، ومن سكّان بلدة جديدة مرجعيون. تلقّى دروسه الابتدائية في الجديدة ثم انتقل إلى المدرسة البطريركية في بيروت حيث أتمّ دروسه الثانوية 1947. كتب في عدد من المجلّات والجرائد، وعلّم العربية والفلسفة الإسلامية والترجمة، نظم الشعر، وغنّت له أم كلثوم قصيدته “هذه ليلتي”. من مؤلّفاته: 1-السَحَر، مسرحية شعرية كتبها في الثالثة عشرة من عمره، ولم تنشر. 2-فاغنر والمرأة، بيروت، دار المكشوف، 1949. 3-رفيقي، قصّة، بيروت، 1950. 4-الإمام علي صوت العدالة الإنسانية، بيروت، 1958، صدر في خمسة أجزاء ومقدّمة لميخائيل نعيمه، وعناوين هذه الأجزءا: ج1: علي وحقوق الإنسان، 1958، ج2: عليّ والثورة الفرنسية، 1958، ج3: عليّ وسقراط، 1959، ج4: عليّ وعصره، 1959، ج5: عليّ والقوميّة العربية، 1959. 5-شاعر وجارية في قصور بغداد، قصّة، بيروت، 1959. 6-المشرّدون، ترجمة رواية لمكسيم غوركي، بيروت، 1960. 7-قصص العرب، القاهرة، 1960. 8-صلاح الدين وريكاردُس قلب الأسد، بيروت، 1961، اقتبس حوادثها بتصرّف من الملحمة الصليبية لوالتر سكوت. 9-قصور وأكواخ، بيروت، 1964. 10-الجوع، رواية مترجمة للنروجي كنوت هامسون، بيروت، 1965. 11-المرأة ينبوع الفنون، بيروت، 1966. 12-روائع نهج البلاغة، بيروت، 1971، اختارها ورتّبها وقدّم لها بدراسة واسعة. 13-حديث الحمار، بيروت، 1989. 14-حديث الملاهي، بيروت، 1989. 15-حديث الغواني، بيروت، 1989. 16-قصائد لماو تسي تونغ، تعريب، بيروت. 17-أبو نوّاس وإبليس في الخمّارة. 18-أمرؤ القيس والعالمية. 19-العرب والإسلام في الشعر الأوروبي. 20-آلهة الأولمب، شعر. 21-بوهيمية، شعر. 22-أنا شرقيّة، شعر. 23-قصائد حبّ، شعر. 24-قضيّة وحراميّة، مسرحية. 25-المطرب، مسرحية. 26-الوالي، مسرحية. 27-عبقرية العربية. 28-مفاتن باريس. 29-نجوم الظهر. 30-وزارة النسوان. 31-وجوه من كرتون. 32-وله عدد كبير من المقالات في مجلّات الشبكة والصيّاد والعرفان والآداب، ولسان الحال، والحكمة والضاد والأجيال وملحق النهار وغيرها.
[4]-الريشهري، محمّد، والطبطبائي محمد قاسم، والطبطبائي، محمود، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب في الكتاب والسنّة والتاريخ، قم/إيران، دار الحديث، 1421هـ، ج9، ص172
[5]-فكتور الككّ (1936-2017): باحث وأكاديمي لبناني وابن الشاعر الخوري يوسف الككّ (1910-2006) وشقيق المؤرخ ريمون الكك (1948-….). ولد في بلدة بوزريده/قضاء عاليه، تلقّى دروسه في مدارس: اليسوعيين، وعينطورا، والحكمة. حاز ثلاث شهادات دكتوراه: في الفلسفة الإسلامية، وفي الأدب الفارسي، وفي الأدب العربي. وأتقن اللغات العربية والفارسية والفرنسية والإنكليزية. أمضى في التعليم نحو نصف قرن: التعليم الثانوي، ثم في الجامعة اللبنانية، والجامعة اليسوعية وجامعة الروح القدس. رئيس قسم اللغة العربية وآدابها في الجامعة اللبنانية 1971-1976، رئيس مركز اللغة الفارسية وآدابها في الجامعة اللبنانية 2000-2016. عمل في مجال الصحافة منذ 1957، وحرّر في جريدة الأحرار 1957-1959، وفي جريدة اطّلاعات الفارسية 1961-1962، ومراسلاً صحافيّاً لمؤسّسة اطلاعات في طهران 1963-1977. رئيس تحرير عدد من المجلّات: الإخاء، طهران، 1976-1979، الصيّاد، بيروت، 1979-1981. حاليّات الصادرة عن بيت المستقبل في النقّاش/لبنان، الدراسات الأدبية الصادرة عن الجامعة اللبنانية 2000-2016، إيران والعرب، 2001-2016. وهو خبير في شؤون الشرق الأوسط ولا سيما العلاقات العربية-الإيرانية إلى جانب كونه خبيراً في الترجمة. من مؤلّفاته: 1-بديعات الزمان، بيروت، 1961. 2-جذور العربية فروع الحياة، بيروت، 1970. 3-الغزالي حجّة الإسلام، بيروت، 1971. 4-ابن المقفّع أديب العقل، 1971. 5-أثر الثقافة العربية في شعر منوجهري دامغاني، صدر بالفارسية 1962، وبالعربية 1971. 6-صناعة الكتابة، بالاشتراك مع أسعد علي، بيروت، 1971. 7-وجوه في كتب، 1975. 8-قواعد الفارسية، طهران، 1977. 9-فهرست الحضارة الإيرانية في المصادر العربية، طهران 1979. 10-الثورة الإيرانية من الحقّ الإلهي إلى ولاية الفقيه، بيروت، 1981. 11-أمين الريحاني داعية وحدة الأديان ووحدة العوالم، كتيّب، بيروت، 1982. 12-الغزالي، ابن المقفّع، مسرحيّتان من سلسلة من تراثنا. 13-أسس وآفاق لحوار مسيحي إسلامي، بيروت، 1988. 14-الثقافة العربية والتحدّيات الإقليمية، كتيّب، بيروت، 1995. 15-أنطولوجيا الشعر الفارسي، الكويت، 2000. 16-أثر الشعر العربي في الشعر الفارسي، الكويت، 2007. 17-لُمع سلام من تراثنا الإنساني: تاريخنا وحضارتنا مرتكزان لحوار الحضارات والأديان، بحث في مجلة التسامح، ع29، شتاء 2010. 18-دور صابئة حرّان في الحضارة الإسلامية، صدر بالفارسية 1962. 19-الأربعون حديثاً نبويّاً في آداب العربية والفارسية والتركية، صدر بالفارسية في طهران 1964.
[6]-بولس سلامه (1902-1979): ترجمنا له ودرسنا قصيدته الملحمية بنت يفتاح في كتابنا: صليبا، د. لويس، القرابين البشرية في اليهودية القديمة ذبيحة يفتاح في التوراة والتلمود والميثولوجيا والمسيحية والإسلام والآداب، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط2، 2020، ب4/ف4: قصيدة بنت يفتاح لبولس سلامه، ص415-432.
[7]-سليمان كتّاني (29/2/1912-29/2/2004)، أديب لبناني من بسكنتا بلدة ميخائيل نعيمه، ترجمنا له ودرسنا كتابه عن نعيمه في كتابنا: صليبا، د. لويس، الهندوسية وأثرها في الفكر اللبناني دراسة في فكر ميخائيل نعيمه، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط2، 2018، ب2/ف1، فق: سليمان كتّاني والبيدر المفطوم، ص199-204.
[8]-ميشال كعدي (1942-….) أديب ومربّي وشاعر وباحث لبناني. ولد في بلدة قوسايا/البقاع. نال شهادة الدكتوراه 1973 في فقه اللغة العربية من الجامعة اللبنانية. وقد عمل في أطروحته على الإمام عليّ بن أبي طالب نزولاً عند طلب والده. أجيز في الصحافة من جامعة القاهرة 1974. أستاذ محاضر في عدد من الجامعات اللبنانية، وعضو بأكاديمية الفكر اللبناني، وجمعية أهل الفكر. من مؤلّفاته: 1-أجمل الأجمل، ديوان شعر، بيروت، 1972. 2-في رحاب الوجدان، خطب، 1976. 3-لو زارنا التاريخ، بيروت، 1980. 4-قطف الجمال، خواطر، بيروت، 1982. 5-قصائد داليا، ديوان شعر، 1960. 6-حبيبتي إليكِ أكتب، ديوان شعر، 1959. 7-معلّموا العالم، مسرحية، بيروت، 1974. 8-جرح الحرير، ديوان شعر، 1974. 9-جرح الحرير، ديوان شعر، بيروت، 1974. 10-الهدى مسافات وأبعاد روحية، بيروت، 1975. 11-حبيبتي شاعرة، ديوان شعر، بيروت، 1975. 12-على دروب الحياة، مقالات اجتماعية، بيروت، 1978. 13-كلّ الحلا، ديوان باللغة اللبنانية، 1982. 14-لبنان مجد وتاريخ، مقالات وطنية، بيروت، 1982. 15-40 قصّة للأطفال نشرتها دار الفكر اللبناني 1982-1986. 16-سلسلة البليغ في الإنشاء والتحليل، 8 أجزاء، بيروت، 1990. 17-مدرّب الإنشاء والتحليل، بيروت، 1985. 18-موسم القراءة، كتب قراءة للمرحلة الابتدائية، بيروت، 1985. 19-سلسلة المعين في الأدب العربي، جزأين، بيروت، 1993. 20-آل كعدي في التاريخ، جونية. 21-الأبّاتي سعد نمر بين الرؤيا والانفتاح، بيروت، 2001. 22-المرأة في شعر زياد نجيب ذبيان مع مختارات من شعره، بيروت، 2003. 23-ريشة تشهد، 2004. 24-عبد العزيز محيي الدين خوجة شاعر الرؤيا والتجديد، 2005. 25-الإمام علي عليه السلام نهجاً وروحاً وفقهاً، 2006. 26-التشويق إلى التعلّم، جونية، 2007. 27-متري نعمان الرجل والمآثر، جونية، 2009. 28-بين الذاكرة والتذكّر، جونية، 2010. 29-رياحين الإمامة، بيروت، 2011. 30-حوافز الطفل على التعلّم، جونية، 2012. 31-الإمام زين العابدين والفكر المسيحي، بيروت، 2014.
[9]-أنطون بارا (1943-….) أديب وصحافي سوري ولد في يبرود بسلسلة جبال القلمون. عمل في الصحافة منذ 1964، ومديراً لتحرير شبكة الحوادث، ومقدّماً للبرامج الإخبارية في قناة العدالة. عضو في اتّحاد الكتّاب العرب في دمشق، وفي منظّمة الصحافيين العالمية في براغ، والاتّحاد العام للصحافيين العرب، واتحاد الصحافيين في سوريا، وجمعية الصحافيين الكويتية. من مؤلّفاته: 1-الأسياد، رواية من أدب الخيال العلمي. 2-الحسين في الفكر المسيحي، الكويت، 1978، أعيدت طباعته مراراً. 3-زينب صرخة أكملت مسيرة، بحث في الفكر الديني. 4-عشرة أيّام ساخنة، أدب رحلات. 5-المجيء الثاني، رواية من الأدب الغرائبي. 6-المخاوي، رواية من الأدب الغيبي. 7-شيفرة المجرّة التائهة، رواية في فانتازيا الخيال العلمي. 8-الأحلام تموت أوّلاً، رواية من الأدب الواقعي. 9-اعترافات الآنسة فضّة، رواية من أدب الاعتراف. 10-جريمة في سوق الحميدية، رواية بوليسية. 11-جنازات لكلّ العصور، قصص قصيرة في أدب الجريمة. 12-المختصر المفيد في الرأي السديد، مقالات مختارة. 13-فراعنة الصحراء: إحداثيّات لوقائع تحوّلات مجتمع. 13-سيرة شردان بن أبي ضايع اليعربي: بيبلوغرافيا نفسية للجيل العربي. 14-دخّان فوق دسمان: رواية من أدب الاحتلال.
[10]-بارا، أنطون، الحسين في الفكر المسيحي، بيروت، دار العلوم، ط6، 2012،
[11]-جورج شكّور (1935-….) مربٍّ وأديب وشاعر لبناني. ولد في بلدة شيخان/قضاء جبيل. تلقّى دروسه الابتدائية في مدرسة المنصف الرسمية، والتكميلية في مدرسة رأس بيروت الرسمية، والثانوية في مدرسة الثلاثة أقمار بيروت، والجامعية في معهد الآداب الشرقية في الجامعة اليسوعية، وحصل على ليسانس في الأدب العربي. درّس في عدد من كبريات الثانويّات اللبنانية مثل مدرسة برمّانا العالية، والكلّية العامة التابعة للجامعة الأميركية، ومار الياس بطينا، وكلّية الشرق الأوسط الجامعية، وفي معهد القضاء اللبناني. أسّس منذ فتوّته نادياً ثقافيّاً في شيخان، وشارك في جمعيّات فكرية وثقافية أبرزها جمعية أهل الفكر. وساهم في ندوات ومهرجانات شعرية كثيرة في لبنان وسوريا ومصر والأردن والعراق والإمارات والكويت والسودان وغيرها. من مؤلّفاته: 1-سلسلة كتب مدرسية في اللغة والأدب والبيان للصفوف التكميلية والثانوية. 2-وحدها القمر، ديوان شعر، 1971. 3-كلمات للحلوين، ديوان شعر بالعامّية، 1978. 4-زهرة الجماليا، ديوان شعر، تقديم سعيد عقل، 1992. 5-ملحمة الإمام الحسين، بيروت، 2003. 6-مرآة ميرا، ديوان شعر، 2004. 7-ملحمة الإمام عليّ، 2007. 8-عنهم وعنّي، ديوان شعر، 2009.
[12]-صليبا، أ. د. لويس، القرابين البشرية في اليهودية القديمة: ذبيحة يفتاح في التوراة والتلمود والميثولوجيا والمسيحية والإسلام والآداب، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط2، 2020، ب4/ف4: قصيدة بنت يفتاح لبولس سلامه، ص415-432.
[13]-جوزيف الهاشم (1937-….) صحافي وشاعر ووزير لبناني. ولد في قرية البرجين/الشوف. تلقّى علومه في معهد الحكمة في بيروت، وأنهى فيه دراسته الثانوية. نال إجازة في الآداب من معهد الآداب الشرقية في الجامعة اليسوعية في بيروت 1959. وكان قد انتسب إلى حزب الكتائب 1955. تسلّم أمانة سرّ المكتب السياسي وأمانة سرّ مجلس إدارة جريدة العمل، ورئاسة مصلحة الأمانة العامّة، ومديرية البيت المركزي، ورئاسة إقليم الشوف 1970-1988، وعضو في المكتب السياسي 1984-1988. استقال من حزب الكتائب ومسؤوليّاته فيه 1988. اشتغل بداية في التدريس فعلّم الأدب العربي في مدارس رسمية وخاصّة منذ 1959، وكان خلال ذلك وبعده يمارس الصحافة فكتب في جريدة العمل في زاوية نقطة حبر، ثم أدار إذاعة صوت لبنان 1976-1988. رشّحه حزب الكتائب للنيابة عن الشوف 1972 لكنه انسحب من المعركة في اللحظة الأخيرة. عُيّن رئيساً لديوان وزارة التربية 1974 وكان الوزير إدمون رزق. وكان من أقرب المقرّبين إلى الشيخ بيار الجميّل، وتعرّض خلال حرب السنتين لمحاولة اغتيال. عُيّن وزيراً للبريد والاتّصالات ووزيراً للشؤون الاجتماعية خلفاً للشيخ بيار الجميّل في حكومة رشيد كرامي 1984، ثم خلف الرئيس شمعون بعد وفاته وزيراً للمال. مثّل لبنان في عدد من المؤتمرات العربية والدولية، وشارك في القمّة العربية في الجزائر 1988. ورافق رئيس الجمهورية اللبنانية الشيخ أمين الجميّل في جولاته الأوروبية والأميركية، وإلى مؤتمر الحوار الوطني في جنيف ولوزان 1983-1984. وحمل رسائل شخصية من أمين الجميّل إلى ملك المغرب الحسن الثاني، وإلى الرئيس السوري حافظ الأسد، وإلى الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد. وهو إلى ذلك كاتب وشاعر له عدد كبير من القصائد. من مؤلّفاته: 1-مناسبات ووجدانيّات، ديوان شعر. 2-ملحمة شعرية. 3-صوت لبنان في حرب السنتَين، تحليل وتعليق على الأخبار، منشورات إذاعة صوت لبنان، 1977.
[14]-نصري سلهب (1921-2007): قاضٍ ودبلوماسي ومفكّر وأديب لبناني. من بلدة بعبدات/المتن الشمالي. تلقّى علومه في مدرسة الحكمة/بيروت، ثم درس الحقوق وحاز على شهادتها من الجامعة اليسوعية/بيروت. تولّى مناصب رفيعة في الدولة، فبدأ قاضيّاً 1951-1958، ثم عُيّن محافظاً للبقاع 1958-1965، ورئيساً لمجلس الجمارك الأعلى 1965-1974، فسفيراً لدى الإدارة المركزية، ثم سفيراً في الجزائر، ففي الفاتيكان 1977-1985. ولمّا أحيل على التقاعد أقام في فرنسا متفرّغاً لأبحاثه التاريخية وكتاباته، ساعياً إلى بثّ روح التسامح والتفاهم بين الأديان وأهل الأوطان. طُرح اسمه أكثر من مرة مرشحاً لرئاسة الجمهورية في لبنان وخصوصاً في 1970 و1976. وكان من الذين حازوا ثقة الرئيس فؤاد شهاب رجل الإصلاح والمؤسسات والنزاهة والحفاظ على الدستور في تاريخ لبنان، وأحد الجسور الكبار في الحوار الاسلامي-المسيحي منظوراً اليه من تجربة تاريخية حضارية. توفّي في باريس في أوائل ت1/2007 ودفن هناك. من مؤلّفاته: 1-في خطى المسيح، بيروت، 1968. 2-لقاء المسيحية والإسلام، بيروت، 1970. 3-في خطى محمّد، بيروت، 1971. 4-في خطى علي. 5-الأسباب التاريخية للإحباط الماروني المسألة المارونية، بيروت، بيسان للنشر، 2000. 6-صليب المسيح ومسؤولية اليهود قراءة جديدة في الأناجيل، بيروت، 2002. 7-فرنسا والموارنة، (بالفرنسية)، بيروت، دار المشرق، 1997.
[15]-صليبا، د. لويس، الآثار الكاملة للأب عفيف عسيران: دراسة ترجمة وتحقيق، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط1، 2015، ولا سيما منه قسم1/ف5: عفيف عسيران وجدلية انتمائه المزدوج إلى المسيحية والإسلام، ص71-85.
[16]-صليبا، د. لويس، نحو الحوار المسيحي-الإمامي بحوث في نقاط الالتقاء بين المسيحية والتشيّع، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط2، 2018، من بحث مقدّم في مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الثامن في كربلاء/العراق في 25/6/2012 بعنوان الحوار المسيحي-الإمامي متى ولماذا، ب2/ف1، ص122.
[17]-صليبا، لويس، نحو الحوار، ب1/ف2: المسيحيّون ومعضلة التسميات، ص57-97.
[18]-راجي أنور هيفا: باحث من اللاذقية في سوريا، ولد 1965، حائز على بكالوريوس في اللغة الإنكليزية وآدابها من جامعة اللاذقية، 1988، ودبلوم تربية من الجامعة عينها 1992. وهو عضو وباحث في مركز الإمام الشيرازي للدراسات العالمية. من مؤلّفاته: 1-صفحات من الفكر، لندن، 2002. 2-مقدّمة في معرفة الإمام علي، ع، بيروت، 2003. 3-نظرية اللاعنف في الإسلام، 2004. 4-الإسلام والغرب: حوار الحروف وصدام السيوف، بيروت، 2004. 5-الإمام علي في الفكر المسيحي المعاصر، بيروت، 2005. 6-فاجعة كربلاء في الضمير العالمي الحديث، بيروت، 2009.
[19]-هيفا، راجي أنور، الإمام علي في الفكر المسيحي المعاصر، بيروت، دار العلوم، ط3، 2010، ص13.
[20] -صليبا، لويس، زرادشت وأثره في الأديان الخمسة الكبرى إيران المجوس جسر عبورٍ بين أديان الشرقَين الأقصى والأوسط، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط5، 2022، ص439.
[21] –