غابر الأندلس وحاضرها
تأليف: محمد كرد علي
تقديم: يوسف أسعد داغر
الناشر: دار ومكتبة بيبليون السلسلة: التاريخ الإسلامي
النوع: ورقي غلاف فني،
حجم: 21×14،
عدد الصفحات: 214 صفحة
الطبعة: 1
مجلدات: 1
اللغة: عربي
نبذة :
بين السمات البارزة التي تتصف بها الثقافة العربية الراهنة،غياب التأمل في تاريخها، وفي المشكلات التي واجهتها ، منذ 1950 حتى اليوم، أنه غياب يحوّل هذه الثقافة الى سلسلة متقطعة منحصرة في الأحداث المتقطعة. وهو، الى ذلك، يغّيب أصول الأحداث، يغيّب الماضي-الجذر.
وإذا غاب الماضي عن الرؤية والفهم، لا يعود الحاضر الا لحظة عالقة في الفراغ. ومهما كان فهم اللحظة بارعاً وذكياً، فإنه يظل جزئياً وعابراً. هذا الغياب هو نفسه مشكلة ثقافية، ذلك أنه يتواصل ويتّسع، على الرغم من التغيرات”الشكلية” الضمنية التي تمّت في السنوات الخمسين الأخيرة، على أصعيد الأنظمة، على صعيد القضية الأولى – موضوعياً، على الأمل: فلسطين، على صعيد الحروب العربية-العربية، على صعيد العلاقات بين العرب والعالم، وبخاصة بعد الحدث المفترق:11 أيلول 2001، والنتائج التي إستتبها، عربياً، وإسلامياً، ودولياً.
هذه التغيرات جديرة بأن تخرج الفكر العربي من سياقه ” الثابت”، الذي يكاد “ثبوته” أن يتحول الى “سبات” بدلاً من أن يتحول هذا الفكر الى حركة نقدية شاملة وجذرية، لا للسياسات وحدها، وإنما كذلك للأسس التاريخية والفكرية التي تنتمي إليها وتصدر عنها، يظّل، على العكس، في سياقه التقليدي يعالج الظاهر السياسي المباشر، بغضب على الآخر، غالباً، ورضى على الذات، غالباً. أو يعالجه بنوع من التسويغ يجد أسبابه في التاريخ او المرحلة. أو يعالجه بوصفه “حدثاً خاصاً يمكن التغلب عليه والإفادة منه، لاحقاً. هكذا تبدو “قضاياناً السياسية والفكرية كمثل صور لا تكاد تظهر على شاشة حاضرنا، حتى تختفي ويأخذها النسيان.
وتبدو الحركة الفكرية العربية، في هذا كله، عبر وسائل الإعلام، كأنها معمل هائل ل “دفاع” لا قيمة له، و”تسويغ” لا طائل وراءه، و ” استنساب” باطل، و”مصالحة” مع أمجادنا الماضية ليست الا إستيهاماً. هوذا التغير يحدث حولنا، أمام عيوننا، في بيوتنا، فلماذا لا يحدث “بينناً، وفي عقولنا، هوذا التغير يحدث حولنا، أمام عيوننا، في بيوتنا، فلماذا لا يحدث “فيناً، وفي عقولنا؟ لننظر على سبيل المثال، كيف كانت إسرائيل، منذ خمسين سنة، وكيف أصبحت؟ لننظر، بالمقابل، كيف كانت فلسطين، وكيف أصبحت؟ أم أننا نرفض النظر أو لا نتجرأ عليه، أو لا نعرف أن ننظر؟ لماذا لا نرى الواقع الذي يضرب وجوهنا كل يوم؟ وهل أقدم أمثلة أخرى؟
واليوم، في ضوء هذه التغيرات، الا تبدو بعض الأفكار – الشعارات التي حكمتنا، طوال السنوات الخمسين الأخيرة، كمثل الوحدة والقومية، والإشتراكية … الخ، ألا يبدو كأننها لم تكن الا وسائل، مجرد وسائل، إما للوصول الى سلطة ممكنة بمحاربة سلطة واقفة، وإما للقضاء على الحرية، حرية الفكر والمساءلة والنقد، وإما ل “تجريم” أو “تشويه” إستقلالية الرؤية، وتهميش أو نبذ النظرات الفكرية العربية المبدعة التي تحاول أن تخلق سياقاً آخر للفكر والعمل العربيين، و أفقاً آخر؟ بل كأنها لم تكن الا وسائل للتشكيك بأخلاقية المفكرين والكتّاب الأحرار، ولإبتكار قيود أخرى وسجون أخرى، ولتأسيس كبح منظم للعقل والإرادة.
تلك هي جزء من رؤية الكاتب أدونيس واستشفافات له في ميدان الثقافة الذي يرى بأن النفاق، في يومنا هذا، أضحى سيد ثقافتين: ثقافة نؤسس لها السلطة، ثقافة “أمني” والتي تقابلها عند المواطن “ثقافة الأمناء” من عدوان السلطة، سواء بالصمت أو الإنعزال والبعد عن السياسة، أو بالنفاق والتزلف. وهذا مايؤكد على أن إعادة النظر،جذرياً، في الثقافة العربية سياسة” وفكراً لا تكتمل ولا تصح الا إذا إقترنت بإعادة النظر في هذا الذي يسميه أدونيس” الجمهور” العربي-سلوكاً وفكراً، وأخلاقاً وفي ذلك وجهة نظر يمكن للقارئ متابعتها من خلال مقالات أدونيس التي تنوعت مواضيعها ومحاورها والتي تتجاوز في بعض الأحيان، وبالنسبة للكثيرين، الخط الأحمر في معالجتها وتحليلاتها. ومهما يكن من أمر، فإنها مقالات تهدف الى إجراء إصلاح جذري في الفكر والسياسة.