«تاريخ الفلسفة والعلوم اليهودية في أرض الإسلام»، كتاب للدكتور سليم شعشوع، مع مدخل ودراسة وتعقيب للدكتور لويس صليبا، صدر عن دار ومكتبة بيبليون-جبيل، في 405ص، وتجليد فني فاخر.
يندرج هذا الكتاب في سلسلة «اليهودية بأقلام يهودية»، ونقرأ في التعريف عنها (ص9): «لا يصعب علينا إدراج هذه السلسلة تحت شعار “إعرف عدوّك”. ولكن الهدف منها يتخطّى هذا الطرح الديماغوجي، ليتناغم مع مبدأ غدا اليوم من أبرز أسس علم الأديان المقارنة وركائزه، ألا وهو دراسة الأديان من الداخل. (…)وأولى شروطها أن نصغي للآخر كآخر ومختلف، وليس الغرض من هذه السلسلة الدفاع عن اليهودية بأي شكل من الأشكال، وإنما التعريف عن النفس…»
وتأسيساً عليه، فالمؤلف يهودي، ويعرض للعصر الذهبي للفلسفة والعلوم اليهودية، وهو العصر الأندلسي الذي كان نموذجاً لسماح الإسلام وانفتاحه، فنمت فيه وتطوّرت الثقافات المتعدّدة، وعرفت فيه اليهودية كبار فلاسفتها في العصور الوسطى أمثال موسى بن ميمون وابن غبيرول وغيرهما. ويؤرخ المؤلف لفلاسفة هذا العصر وعلمائه وشعرائه اليهود في ما يسمّيه صفحات من التعاون اليهودي العربي في الأندلس.
ويأتي محقّق الكتاب ودارسه البروفسور لويس صليبا ليعقّب عليه وينقده، ويشير إلى حيث دسّ السمّ في الدسم، فيقول مثلاً: «يبقى أن هذا الكتاب نموذج للفكر اليهودي والإسرائيلي المعاصر، وللمنحى التوفيقي الذي يدعو إليه هذا الفكر، متجاهلاً واقع الصراع العربي-الإسرائيلي، وجذوره وآثاره. وهو أيضاً مثال للمنهجية الانتقائية في عرض الوقائع والأحداث بطريقة تخدم الأهداف السياسية والأيديولوجية.»
وبكلمة توجز وتكثّف، فالكتاب بمتنه ومداخله وتعقيباته وملاحقه وثيقة علمية تاريخية لا غنى عنها في دراسة موضوعه، وفي تبيان تعدّدية الثقافة الإسلامية وانفتاحها.