كلمة في مؤتمر الثروة النفطية في لبنان

د. لويس صليبا
كلمة في مؤتمر الثروة  النفطية في لبنان
الثروة نعمة،يقولون، لكنها في بلدٍ سيء الحظ كوطننا قد تصير نقمة ونكبة.
في الحديث النبوي الشريف عن الرسول قال: «قليلٌ تؤدّي شكرَه خيرٌ من كثير لا تطيقُه.»( )

وأخشى ما نخشاه أن نكونَ في مسألةِ الذهبٍ الأسود الطالعٍ علينا من أعماقٍ البحر ولججِه كذاك الفلاّح الفقير الذي وقع على كنز نفيس ،فعوض ان تسعدَه هذه اللُقيّة وتبدّلَ عنده حالاً بحال، أربكته وقضّت مضجعه، وجاءت في النهاية بأجله. وتروي القدّيسة تريزيا الأفيلية (1515-1582) في كتاب سيرتها قصة هذا الفلاّح التعس الحظّ فتقول:« قد يحدثُ لنا ما حدث لفلاّح، وأعرف حقاً أن الواقعةَ صحيحة. عثر هذا الفلاّح على كنز،ولمّا كان هذا الكنز يفوق ما يستطيعُ احتمالَه، فقد أحزنَه امتلاكُه، حتى انتهى إلى الموت غمّاً وهمّاً لجهلِه التصرّفَ بالكنز.»( )
في الحرب اللبنانية الطويلة (1975-1990) راجت فرضيةُ أن لبنان يعومُ على بئر شاسعةِ واسعة من النفط، وأن الحربَ الضروس إنما تدور على اقتسام هذه الثروة أو الاستئثار بها. ومع اكتشاف آبار النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية تذكّر الكثيرون ما راج من فرضيات أيام الحرب الطاحنة، وتوجّسوا خيفة.
   لمَ الخوف؟! وهل من مبرّرٍ منطقيّ له؟
  ثمةَ احتمالٍ جدّي  أن نختلفَ على جلدِ الدبّ قبل أن نصطادَه كما يقولُ المثلُ اللبناني.
وهل ننسى أن الرئيس فؤاد شهاب الذي عانى ما عاناه من شره السياسيين وطمعِهم سمّاهم  les fromageurs أي أكلةُ الجبنة.
    وها هم اليوم ، وكما العادة، مختلفون إزاء هذه الثروة التي يكشفُ عنها قعر بحرنا. وفي سريرة كل واحدٍ خاطرةٌ واحدة تراودُه وتقضّ مضجعَه: كم ستكونُ حصّتي؟ وأية نسبة سأكسب؟
جارتُنا اللدودة بدأت بخطواتٍ عملية في سبيل استخراج هذه الثروة من البحر، ومصر التي اكتشفت بعدنا بسنين ثرواتٍ مماثلة تحذو اليوم حذوها. أما نحن،  فلا تزال المراسيمُ المنظمة لاستخراج النفط واستثماره سجينةَ الأدراج. فهل يُفكّ أسرها عن قريب؟ وهل سنعرفُ هذه المرّة كيف نستفيد من هذه الثروة التي هبطت علينا من حيث لا نحسب ولا نتوقّع؟
  أمّا سياسيّونا فليتهم رضوا بلبنانَ المزرعة الذي ورثوا عن آبائهم، فقد أبو إلاّ أن يحوّلوه إلى مزبلة ،ومن يعلم ماذا بعدها.
أبرزُ ما يمكنُ أن نتوقّعَ من مؤتمرنا هذا تنبيهُ المجتمع المدنيّ وحفزُه لتحريك هذا الملف، ورصد ومراقبة ما يجري في الكواليس. آن لنا أن نراقبَ ونحاسب كي نستحقَّ الحياة  والعيشَ الكريم في هذا الوطن. ولا يغربنّ عن بالنا ما قاله المفكّر جورج أورويل محذّراً ومندّداً:«الشعبُ الذي ينتخبُ الفاسدين والانتهازيين ليس ضحية، بل هو شريكٌ في الجريمة.»

لن أدخلَ في تفاصيلَ تقنية وعلمية، وكيف أجرؤ على ذلك في حضرة علماء وأخصّائيين ثلاثة في الموضوع.
 واحدٌ سيتناول الجانب الإستراتيجي والسياسي-الاقتصادي وانعكاسات كلّ ذلك على وطننا وفرصِ الإنماء فيه.
وآخر من كبار علماء الجيولوجيا في لبنان ،وسيحدّثنا عن اكتشافات جيولوحية مهمّة وخطيرة في بلدنا كانت له فيها مساهمة فعّالة ، وانعكاساتِها على مسألة النفط.
وثالثٌ عالمٌ باحث في الطاقات البديلة والذكية.
فكلّ سيقارب مسألة النفط والغاز في لبنان من زاويةِ اختصاصِه وبحوثه. وانعكاس هذا الاكتشاف الكبير على الأوضاع في لبنان من النواحي السياسية –الاقتصادية والجغرافية-الجيولوجية والتكنولوجية-الطاقيّة.

محمد سلهب
قد تكون شهادتي فيه مجروحة لا سيما وأنني على صداقة وتواصل مستمرّين معه منذ أكثر من اثني عشر عاماً.
وأول ما أثار انتباهي  وإعجابي فيه نجاحه في أن يجمع في شخصه صفتين قلّما تجتمعان في امرئ واحد:  رجل الأعمال الناجح ،والعالم المتعمّق المدقّق.
فعلى صعيد الأعمال أسّس المركز الجامعي للتكنولوجيا في التسعينات من القرن الماضي. فغدا اليوم صرحاً جامعياً شامخاً هو الجامعة اللبنانية-الفر نسية ULF  التي امتدّت فروعها إلى مختلف المناطق اللبنانية.
ماذا الآن عن الدكتور محمد سلهب الباحث والعالم؟
أتيح لي أن أتابع أولاً بأول تأليفه لبعض كتبه وتحريره لعدد من مقالاته العلمية. فكنت أعاونه في جمع المراجع العلمية وتأمينها. فأكبرت فيه إفراطه في التدقيق والتقصّي: فالفصل الواحد يستغرق إعداده شهوراً: جمع المصادر واستقراؤها وتقميش ما يحتاجه منها ثمّ نقده وتحليله. وهو لا يقبل عن العودة إلى المظانّ الأصلية بديل، يتفحّص ويتأنّى. يتعب ويُتعب من حوله من المساعدين لأنه يصرّ على التحقّق من كلّ معلومة يقرأ أو تصل إليه.
وكما جمع العالم ورجل الأعمال في شخصه، كذلك دمج في ثقافته وانتمائه حضارتين . فهو على دراية بحضارة الغرب فلسفة وعلوماً وتكنولوجيا. وهو من ناحية أخرى متجذّر في الثقافة الإسلامية بقيمها وعلومها. ولو فهم المفكّرون والعلماء الإسلام وعاشوه كما يفهمه محمد سلهب ويعيشه لمل كنّا اليوم نعاني ما نعانيه من تكفير وإرهاب.
    وهو إلى ذلك علماني في فكره وخياراته اللبنانية وطروحاته. يناضل في سبيل وطن لا يكون الانتماء إلى طائفة/طبقة أو منطقة بطاقة الدخول إليه.
       حاز على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة ليون الثالثة1991. وهو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اليسوعية.
     نال الدكتور سلهب أوسمة فرنسية عديدة كان آخرها :
Chevalier des palmes academiques   في 8/02/2012.
صدر له بالفرنسية عدد من الكتب، منها:
1-    التقليد العلمي منهج وتاريخ. باريس2006.
2-    التربية وتطوّر المعارف العلمية ، باريس 2007.
وسيحدّثنا الآن عن:
أي انماء للبنان بعد النفط في ظلّ المعوقات الاقتصادية والسياسية؟

   داني عازار 
عندما التقيته للمرّة الأولى أيقنت أنني أمام باحث من طينة كبار العلماء.
فقد حدّثني عن اكتشافه آثار أقدام ديناصور في جبل حريصا. وعن اكتشافات أخرى له في الجيولوجيا تؤكد أن الخارطة الجيولوجية للبنان والتي وضعها الفرنسيون قد شابها الكثير من الأخطاء . وهو يعمل بالتعاون مع زملاء له على تصحيحها. ما سيقلب مفاهيم علمية وجيولوجية كثيرة.
وشرح لي اكتشافات عديدة أخرى له لا أجرؤ على عرضها مخافة ان أخطئ في المصطلح او في الشرح.
وعندما اطلعت على سيرته الذاتية وما فيها من اكتشافات وبحوث علمية رصينة ووازنة، حرت من أين أبدأ في التعريف به.
البروفسور داني عازار أستاذ محاضر في كلية العلوم/الفرع الثاني في الجامعة اللبنانية. ومدير أبحاث فيها.
ومن سيل الألقاب والجوائز العلمية التي حصل عليها حتى الآن أنتقي ما يلي:
فهو رئيس المجتمع العالمي لدراسة الحشرات المتحجّرة. ورئيس الجمعية اللبنانية لدراسة الأحفوريات والتطوّر.
اكتشف أكثر من 450 موقع ينتج العنبر. وأعطى أسماء علمية لما يزيد عن 400صنف حشرات غير معروفة علمياً.
يحمل نحو ثلاثين صنف من الحشرات المتحجّرة اسمه.
له نحو 250 بحث علمي ومقالة منشورة في مجلاّت علمية عالمية مثل Nature و Paleontology  وغيرها.
ومن الجوائز التي حصدها:
1-    جائزة المجلس الوطني للبحوث العلمية CNRS  لأفضل باحث علمي في لبنان للعام 2012.
2-    جائزة أفضل  بحث علمي للعام 2014 في الزوولوجيا في المجتمع الزوولوجي البرازيلي.
3-    ميدالية مدينة غدانسك/بولونيا تقديراً لبحوثه العلمية.
4-    جائزة Basualdo Aguirre  في باريس.
لهذه الأسباب ولغيرها فالبروفسور داني عازار من أبرز المؤهلين للحديث عن:
” الاكتشافات الجيولوجية الأخيرة في لبنان وانعكاساتها على مسألة النفط”
وهو عنوان مداخلته الآن. فالكلمة له.

أحمد رافعي
الدكتور أحمد الرافعي عميد كلّية الهندسة في الجامعة اللبنانية-الفرنسيةULF
ودكتور في هندسة الإلكترونيك من المعهد الوطني للبوليتكنيك/تولوز
Institut National Polythechnique de Toulouse
درّس في جامعات عديدة في فرنسا ولبنان. وهو أستاذ زائر في جامعة St Etienne فرنسا
له عشرات المقالات العلمية المنشورة في مجلاّت علمية في فرنسا وإيطاليا وبريطانيا.
ركّز في عدد من بحوثه على متابعة تطوّر المواد المسخّنة بواسطة الميكروويف وذلك عن طريق قياس الخصائص الكهربائية المزدوجة Dielectrique والمغناطيسية ودرجات الحرارة.
وبحث كذلك في تأثير الميكروويف على جسم الإنسان، وفي تأثيراته السلبية والمرضية.
وله كذلك دراسات في الطاقة الذكية والطاقة البديلة وكيفية دمجها بالنفط. وهو الان يشرف على أطروحة دكتوراه في هذا المجال.
وعن حقل تخصّصه هذا سيحدّثنا الآن تحت عنوان : “البترول والطاقات البديلة “
 

شاهد أيضاً

Notes from a videoconference by Lwiis Saliba on Zoom, May 2024, about Alzheimer’s and its prevention.

Notes from a videoconference by Lwiis Saliba on Zoom, May 2024, about Alzheimer’s and its …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *