المؤلّف/عنوان الدراسة/المدخل : الأثر اليهودي في الحديث النبوي والتفسير
المؤلّف/Auteur : د. إسرائيل بن زئيف (ولفنسون) Israïl Ben Zeev Welfinsone
عنوان الكتاب/: Titre كعب الأحبار Kacb El Ahbar
كاتب الدراسة : د. لويس صليبا Dr Lwiis Saliba
أستاذ وباحث في الدراسات الإسلامية/باريس
عنوان السلسلة : سلسلة اليهوديّة بأقلام يهوديّة 15
عدد الصفحات : 284 ص.
سنة النشر : 2010.
الإخراج الداخلي : صونيا سبسبي
الناشر : دار ومكتبة بيبليون
طريق المريميين – حي مار بطرس- جبيل/ بيبلوس ، لبنان
Byblion1@gmail.com
2010 – جميع الحقوق محفوظ
لقاء النبي موسى ليلة المعراج، مُنَمْنَمة تركيّة من القرن 16 م/برلين متحف الفن الإسلامي
نعود مجدداً لنلتقي إسرائيل ولفنسون (1899 – 1980) باسم جديد: إسرائيل بن زئيف (أبو ذؤيب)، بعدما غيّر اسمه. وبكتاب آخر: ”كعب الأحبار“. كان مشروع أبي ذؤيب الأساسي: «إصدار سلسلة أبحاث في تاريخ اليهود في العصور الإسلامية تكون متدرّجة تدرّجاً تأريخياً، يساير الزمن ويتابع الأحداث» وفق تعبيره( ). ونشر من السلسله هذه ثلاثة كتب: ”تاريخ اليهود في بلاد العرب في الجاهلية وصدر الإسلام“، ”كعب الأحبار“ و”موسى بن مَيْمُونْ“. سبق ونشرنا في سلسلة ”اليهودية بأقلام يهودية“ الكتاب الأوّل مرفقاً بدراسة تحليليّة ومدخل. والكتاب الثالث موسى بن مَيْمُونْ. وها نحن، وبعد زمن من البحث والانتظار والعمل نصدر الحلقة الوسطى من ثلاثية ولفنسون: كعب الأحبار. والكتاب الذي نقدّم اليوم هو في الأصل أطروحة باللغة الألمانيّة نال على أساسها المؤلّف الدكتوراه في الفلسفة من جامعة فرانكفورت/ألمانيا عام 1933. وبعد نيل الشهادة صدرت الأطروحة في كتاب بلغتها الأصلية.
وبعد أكثر من أربعين عاماً، عاد الكاتب إلى أطروحته هذه فنقلها إلى العربية ونشرها في القدس عام 1976. وقد أعانه في إعداد النص العربي محمود عباسي مساعد وزير المعارف والثقافة في الحكومة الإسرائيليّة. أما نحن هنا فقد عمدنا إلى مراجعة الترجمة وتنقيح العديد من الأخطاء، لنصدرها في هذا الكتاب مسبوقة بدراسة نقديّة تحليليّة. ما سنعود إلى الكلام عليه…
ولا شك أن البحث في سيرة كعب الأحبار، وأثره في الرواية والحديث والتفسير أمرٌ شيّقٌ وشائك في آن. وأبو ذؤيب باختياره له موضوعاً لأطروحته، كان رائداً ومغامراً في الوقت عينه. وأطروحة أبي ذؤيب جديرة بالنشر من دون شك. ولكن بالدراسة والتمحيص أيضاً. فأثناء مراجعتنا نصّ الترجمة والتدقيق فيه ومتابعة بروڤات الصفّ والتنضيد سجّلنا عدداً من الملاحظات على آراء الكاتب، كانت، في الحقيقة، النواة الأولى لهذه الدراسة. وكعب الأحبار، هذا الحِبْر اليهوديّ الذي طوى زمناً مديداً من عمره في اليهوديّة، ولم يدخل الإسلام، على ما يبدو، إلا في الشيخوخة، شخصيّة طالما لفتت نظرنا، وأثارت في النفس التساؤلات. وقد اختلفت آراء الكتّاب فيها، ولا سيما المعاصرين منهم. فبعضهم ذهب في التشنيع عليه إلى حدّ اتهامه بالدخول في الإسلام لإفساده ورمي مسؤولية جريمة اغتيال الخليفة عمر الفاروق عليه. وبعضهم الآخر برّأ ساحته. لا سيما وأن السلف من صحابة وتابعين ومؤرّخين ومحدّثين لم يشكّوا غالباً في حسن إسلامه. هذا التناقض في الآراء حفزنا للعودة إلى المصادر واستقرائها، وإعادة القراءة النقديّة لأطروحة بن زئيف على ضوئها، فكانت هذه الدراسة التي تجيء بمثابة مدخل لهذه الأخيرة ومكمّل لها في آن.
في الفصل الأول من دراستنا توقّفنا عند المؤلف إسرائيل بن زئيف (ولفنسون) وبذلنا جهوداً حثيثة للتعرّف على هذا الكاتب. وأوّل عقبة واجهتنا كانت إغفال ذكره في المراجع والقواميس العربية. أما الثانية والأهم فهي تغيير إسمه من ولفنسون إلى بن زئيف. وهو أمر لم نفطن له بدايةً. فكدنا لا نجد له أثراً في المكتبات الغربية ومواقعها على الإنترنت. أما نشاطه الصهيوني فنعترف أننا لا نزال في بداية التعرّف عليه. وكل ما جمعناه عن هذا الكاتب دونّاه في الفصل الأوّل من الدراسة. وهو وإن لم يكن شاملاً كاملاً، فكافٍ لإعطاء صورة واضحة عنه. ولعلّ دراستنا هذه هي الأولى في العربية التي ترسم ملامح شخصيّة هذا المؤلّف وتعرض لنشاطاته السياسيّة ولنتاجه الفكري. ولا بدّ هنا من أن نسجّل شكرنا الخالص للصديق الباحث أحمد الحوت الذي كان له الفضل في البحث والتنقيب عن الكثير من المعلومات عن ولفنسون.
وفي الفصل الثاني من الدراسة توقّفنا عند اللوحة التي يرسمها بن زئيف لكعب الأحبار ومدى انطباقها على الواقع التاريخي مقارنة بما جاء عنه في المصادر. فكعب وفق أبي ذؤيب «كان يهوديّاً من المهد إلى اللحد… وكان بعد إسلامه وكأنه لم يترك دين أجداده». ألا يطرح هذا الحكم السؤال عن حسن إسلام كعب وصدقه. وهو أمرٌ لا يشكّ فيه الكاتب؟! أليس في الأمر مفارقة أن نؤكّد حسن إسلام امرئ وبقائه على يهوديّته في آن؟ هذا ما عمدنا إلى البحث فيه في الفصل الثاني.
أما الفصل الثالث، وهو الأطول، فقد خصّصناه لمسألة أثارت الكثير من الجدل في الإسلام، ولا تزال. من هو الذبيح الذي يشير إليه القرآن ولا يسمّيه: إسحاق أم أخوه إسماعيل؟! كعب الأحبار يقول إنه إسحق. وولفنسون بعد العودة إلى المصادر العربية وغيرها يقول إن آراء أهل القرن الأوّل للهجرة في الإسلام كانت تتّفق على أنه إسحاق. ولم يبدأ الخلاف على هويّة الذبيح إلا منذ القرن الثاني ﻫ، ولأسباب عرقية وعُصَبِيّة وشعوبيّة. وهذا ما دفعنا إلى العودة إلى مصادر الكتاب وغيرها مما لم يطّلع هو عليه، واستكمال بحثه بالتالي في هذه المسألة الشائقة والشيّقة في آن. فكلّما قدُمت المصادر واقتربت من عصر النبي، صلعم، كلما اتّفقت آراؤها على أن الذبيح هو إسحاق. وقد اعتمدنا التسلسل التاريخي لعرض المظانّ، وقسّمنا آراء عُلماء الإسلام في هذه المسألة إلى ثلاثة: فمنهم مَن قال الذبيح إسحاق، ومنهم مَن لم يقطع في هويته فأورد الرأيين، ومنهم مَن رجّح أنه إسماعيل. وقد عرضنا لمختلف هذه الآراء متوقّفين عند ما هو أبرز من تفاصيل الخلاف: أي دلالته على ما طرأ من تغيير واضطراب في الرواية والأحاديث.
وهذا ما قادنا إلى موضوع الفصل الرابع: ما دَخَلَ الحديث النبوي من إسرائيليات. روايات تنسبها مصادر إلى كعب، وترجع نسبتها أخرى إلى الرسول، صلعم، نفسه. فصحيح مسلم مثلاً ينسب إلى نبي الإسلام، صلعم، أوصافاً للأنبياء نجدها في كتب أخرى مرويّة على لسان كعب. والأمثلة تتعدّد وتكثر. كيف علّل ولفنسون الاضطراب والاختلاف المذكورَين؟ وإلى أي مدى يمكن الكلام على أثر يهودي في الحديث النبوي؟! هذا ما حاولنا الإجابة عنه في الفصل الرابع.
أما الفصل الخامس، فمجموعة ملاحظات ونقود على عدد من آراء ولفنسون تحاول أن تتبيّن منهجيّته وموضوعيّته. وتشير إلى بعض آثار الدعاية الصهيونيّة في دراسته التي تعتبر إجمالاً أكاديميّة وموثّقة.
ماذا الآن عن القسم الثاني من الكتاب، أي أطروحة بن زئيف نفسها ”كعب الأحبار“ ومنهجيتنا في نشرها.
قلنا إن النصّ الأصلي لها كتب بالألمانيّة عام 1933. وقد أصدر المؤلّف ترجمة عربيّة له عام 1976. لكن الترجمة شابها عدد من الأخطاء والتعابير غير الدقيقة أو الواضحة. فعمدنا نحن إلى مراجعة الترجمة وتصحيح الهفوات مقارنة بالأصل، مع الحفاظ على لغة الكاتب وأسلوبه وطريقته في التعبير. فالنصّ نصّ بن زئيف كاملاً غير منقوص. في حين اقتصر عملنا على التنقيح والتصحيح.
وكانت لنا مساهمة في إخراج الكتاب ووضع بعض العناوين الداخلية وترقيم هذه الأخيرة لتسهيل الرجوع إلى المواضيع. لم نتدخّل في نصّ أبي ذؤيب ولا علّقنا عليه. وملاحظاتنا يمكن العودة إليها في الدراسة التي تسبقه.
نأمل أن يكون عملنا هذا مساهمة مفيدة في حقل الدراسات في الأديان المقارنة الذي نعمل فيه منذ زمن. وللقارئ/الباحث الحكم الأوّل والأخير.
Q.J.C.S.T.B
د. لويس صليبا
السوربون/باريس في