من الشائع عند العرف أن المسيحيين هم مشركون ! فما هو رأيكم في ذلك؟

سؤال- من الشائع عند العرف أن المسيحيين هم مشركون ! فما هو رأيكم في ذلك؟
-جواب : هذا الكلام المنسوب إلى العرف أو غيره من الأوساط الإسلامية كما تـقول, لا يقوم على أساس علمي و هو ناشئ من قلة التدبر و الإمعان في آيات القرآن الكريم الذي يدل بوضوح على أن مصطلح أهل الكتاب يختلف عن مصطلح المشركين وقد ورد في آيات قرآنية عديدة ذكر أهل الكتاب والمشركين بصيغة العطف – بحرف العطف وهو ( الواو) و هذا يدل على أنّهما ليسا شيئاً واحداً لأن طبيعة العطف تستدعي الإختلاف و التغاير و هذا مذهب كبار العلماء و المحققين الفقهاء الذين أفتوا بجواز الزواج من أهل الكتاب مع أن القرآن ينهى  عن التزويج بالمشركات بقوله ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ) وهذا يدل على أن اهل الكتاب ليسوا من المشركين و هذا هو مذهب الفقهاء الذين ذهبوا إلى طهارة أهل الكتاب و منهم السيد الخوئي و السيد السيستاني-١-و قد ذهب قبلهما إلى ذلك أكبر فقهاء الشيعة الشيخ صاحب الجواهر رحمه الله حيث نفى صفة الشرك عن أهل الكتاب في موسوعته الفقهية ( الجواهر) و هذا الأمر يعتبر من الواضحات عند أرباب العلم و التحقيق و لكن المشكلة التي يعاني منها الدين هي مشكلة ناشئة من عدم الإختصاص عند كثيرين من أهل العرف .فالبعض ليس لديه مبادئ أولية لفهم القرآن الكريم فضلاً عن أن يكون مؤهلاً لإستنباط حكم شرعي من القرآن و غيره من المصادر , هذا البعض هو الذي يحاول تفسير القرآن برأيه وعلى هواه متأثراً بالعوامل السياسية و غيرها فهو يحاول أن يفهم أهل الكتاب من خلال خطوط التماس بين المناطق التي صنعتها الحروب في الماضي القريب أو من خلال الإرث الذي ورثـناه عن تاريخ مليء بالمآسي و الأحزان . ولكن لم يكن للدين علاقة في كل ذلك بل كان الدين ضحية من جملة الضحايا . ومن الواضح أن هذا الفهم لأهل الكتاب المتأثر بالتاريخ قديماً و حديثاً هو فهم خاطئ لأن العالم و الفقيه يجب أن يفهم أهل الكتاب على ضوء القرآن الكريم و هو يفصل بين أهل الكتاب و بين المشركين و يجعل قاعدة للعلاقة معهم تقوم على المودة و العدالة كما في قوله تعالى ( و لتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى) و قوله تعالى ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ). و مثلها بعض الآيات التي ذكرناها في أجوبة سابقة و هي تشير بأجمعها إلى حقيقة واحدة و هي إختلاف حكم أهل الكتاب عن أحكام المشركين و ليس صحيحاً أن المسيحي مشرك كما يقول بعض من لم يعض على العلم بضرس قاطع من الذين سماهم أشباه الناس عالماً و ليس به على حد تعبير الإمام علي عليه السلام.

شاهد أيضاً

جدليّةٌ… إشراقاتُ خلود!

  دفعتَ إليّ بمخطوطٍ عنونتَه: “جدليّةُ الحضور والغياب”، فأشعرْتَني أنّكَ تضع بين يديّ سِفْرًا غاليًا، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *