ولكن لماذا يفرض هذا المؤلَّف نفسه، بين مصادر التاريخ اللبناني، كمرجع لا غنى عنه للباحث والمتعمّق في تاريخ لبنان في القرن التاسع عشر؟!
الجواب سهل وبسيط: لأن راوية هذه الأحداث، وهو كما سنرى لاحقاً راوية للأحداث، أكثر منه مؤلفاً للكتاب. لأنه شاهد عيان لها. من هنا العنوان ”مشهد العيان“. ولكن ليس شاهد عيان وحسب، بل مشارك وفاعل فيها، أو في القسم الأكبر منها. إنه الدكتور ميخائيل بن جرجس مُشاقَة. الذي يقول عنه جرجي زيدان: «كان نابغة من نوابغه (القرن التاسع عشر) ذكاءً وفطنة وهمة»( ). وقد عَبَر بسنيِّ عمره القرن التاسع عشر من أوله إلى أواخره. إذ ولد في 20/03/1799 في رشميا في جبل لبنان. وتوفي في دمشق في 06/07/1888. وفرغ من جمع كتابه، كما يقول، في ختامه، في 22/11/1873، معيداً التأكيد أن الذي كتبه تحقّق حدوثه بنفسه، والبعض من الحوادث أخذها عن ثقات القوم»(ص448). أما العنوان الذي وضعه مُشاقَة لكتابه فهو ”الجواب على اقتراح الأحباب“. ويعود سبب اختياره لهذا العنوان إلى أنه أحبَّ أن يلبّي طلب إخوانه، فيضع تاريخاً يدوّن فيه أخبار عائلته، وما عرفه عن حوادث لبنان وبقية بر الشام( ). فكان كتابه جواباً على ما طلبه أحبابه وأحفاده ومن هنا العنوان.
من ”الجواب“ إلى ”مشهد العيان“