نبذة:
يندرج هذا الكتاب في إطار مشروع يهدف إلى تعريف الجمهور العربي بواحد من أعرق النظم الطبية وأهمها: الأيورفيدا. وما يقدمه للإنسان المعاصر من حلول لمشاكل طبية صعبت، أو استعصت، أحياناً على الأنظمة الأخرى.
وهذا الكتاب هو الثاني في هذا المشروع، وميزته أنه يهدف لإيصال الرسالة التالية للإنسان العربي المعاصر: أن الطب الهندي -الأيورفيدا- ليس غريباً عن ثقافته وحضارته. فقد عرفت أرض العرب، منذ ما قبل الإسلام نشاطاً وتواصلاً مع الثقافة الهندية، ولا سيما في جانبها الطبي. تلك هي الإشكالية الأولى والأساسية التي يحاول هذا المصنف الإجابة عليها.
لهذا توسع الباب الأول في عرض ووصف المراحل التاريخية للعلاقات بين العرب والهند، ولا سيما من الناحية الطبية، فتحدث الفصل الأول عن ملامح الأيورفيدا في الجاهلية وصدر الإسلام، وتابع الثاني تقصي ملامح الأيورفيدا في مطلع العصر العباسي، أما الفصل الثالث فعرض الأثر العربي الوحيد المتبقي عن طب الهنود، ألا وهو “مقالة من جوامع كتب الهند” لابن رين الطبري، في كتابه فردوس الحكمة.
وانتقل الفصل الرابع لتناول الأثر الأيورفيدي في مؤلفات أساطين الطب العربي ورواده، وخلص هذا الفصل إلى وجود للأيورفيدا في طب ثابت بن قرة، وآثار أكثر وضوحاً في مؤلفات الرازي، لا سيما منها الحاوي. ولعل هذا الأخير هو الطبيب العربي الأكثر تناولاً لطب الهنود واستشهاداً بهم. بعدها فصل الحديث فيما أورده ابن سينا في القانون عن عقاقير هندية. لينتقل من ثم، إلى عرض ما ذكره البيروني عن طب الهند.
أما الفصل الخامس فأفرد للإجابة عن إشكالية أساسية: هل كان الأثر الهندي في الطب العربي عابراً ومؤقتاً، أم أنه استطاع أن يستمر ويبقى؟. وعرض لمختلف الآراء في هذا الموضوع. كما بين صعوبة فصل المقال في هذا المجال، بسبب ضياع الكتب الهندية المنقولة إلى العربية. وخلص لنتيجة أنه على الرغم من هذا الضياع، تبقى حقيقة أكيدة، وهي ثبات واستمرار استخدام المؤلفين والأطباء العرب للعقاقير، والسموم والترياق الهندية، مثل: ابن سينا، وابن ميمون، وابن وحشية، وغيرهما.
عندما طرح السؤال، إذا كان طب العرب يونانياً في بنيته ومصادره فكيف يتناغم مع استخدام عقاقير هندية؟ وللإجابة على سؤال رئيسي كهذا، كان لا بد من جراء مقارنة بين النظامين، الهندي واليوناني، لتبيان مدى التقارب بينهما، والذي وصل إلى حد فرضية أن اليونان قد تأثروا في طبهم بالهنود وأخذوا عنهم. بعدها تمت مناقشة هذه الفرضية وندى قربها من الوقائع التاريخية والعلمية.
أما الباب الثاني فخصص لمقالة ابن ربن الطبري “في جوامع كتب الهند”. حيث تم التوسع في تحليل وشرح عدد من مضامين وفصول هذه المقالة، وذلك لكونها الدرة الوحيدة الحقيقية من كنوز المعرفة الهندية المترجمة إلى العربية. وقد اجتهدنا في تفسير هذه المقالة، وإجلاء معانيها بلغة الأيورفيدا الحديثة. وحل العديد من خفايا معانيها وألغازها. ولا ندعي أننا قلنا الكلمة الفصل هذا النص البالغ خطراً والبليغ تعبيراً. وإنما هي بداية البحث والتنقيب فيه.
أما الباب الثالث فأفرد لإظهار الجهود الساعبة إعادة إحياء الأيورفيدا في دنيا العرب، بعد غياب طال قروناً. وذلك لتأكيد على أن اليورفيدا طب للحاضر والمستقبل، في عالم العرب والإسلام، كما في العالم أجمع ولهذا فقد سلطت الأضواء على جهود، وإسهامات، ونظريات أطباء أيورفيديين عرب معاصرين. هذا أبرز ما حواه هذا الكتاب من مساهمات، تسعى لتوضح جوانب من مآثر وأثر الطب الهندي في الشرق وأرض الإسلام.