نبذة:
هذا الكتاب/الموسوعة أراده المؤلف، وقبل كل شيء، شهادة للأيورفيدا. إنه خلاصة خبرة وتجربة في واحد من أعرق الأنظمة الطبية قدماً وأبرزها فاعلية. ليس كاتب هذه السطور طبيباً أيورفيديا ممارساً، ولكنه باحث في العلوم والدراسات الفيدية والهندية، خَبِرَ الأيورفيدا من زاويتين:
أولاً: التجربة الشخصية: إذ تعالَج بالأيورفيدا. وتابع علاجات البانشاكرما والمارما وغيرها مراراً عديدة في الهند، فرنسا، وغيرها. واختبر بالتجربة، وهي خير برهان، فاعلية هذه العلاجات ووظائفها الشفائية والوقائية. والاختبار الذاتي أمرٌ شدّدت عليه الأيورفيدا منذ مئات السنين، بل ألوفها.
ثانياً: الدراسة الأكاديمية: والبحث. من خلال تخصّصه في الدراسات الفيدية بشكل عام. وجّه عنايته للأيورفيدا بشكل أخصّ. فتابع دروساً في هذا الطب في فرنسا والهند. كما أقام فترات طويلة في العيادات والمستشفيات الأيورفيدية في مناطق مختلفة من الهند، للتدرّب على قراءة النبض، وسائر العلاجات الأيورفيدية، ومتابعة أوضاع المرضى وتطوّر حالاتهم. وكان بذلك شاهد عيان لشفاء الكثير من الحالات التي يعتبرها الطب الحديث مستعصية. وعوناً لعديد من المرضى. لذا فما تحويه الصفحات التالية من هذه الموسوعة، ليس مجرّد تجميع لمعلومة من هنا، ومقولة من هناك، لإصدار كتاب يتجاوب مع حاجات “السوق”. وإنما جاء الكتاب نتيجة لما لمسه الباحث خلال نشاطه في السنوات الأخيرة، في نشر الأيورفيدا في لبنان والدول العربية، عبر الندوات والمحاضرات والدروس والمقابلات الصحفية والبرامج التلفزيونية. فهذا العمل الإعلامي والأكاديمي، جعلنا نتحسّس، عن قرب، حاجة القارئ العربي إلى مرجع في الأيورفيدا، يعرّفه على الأسس والمبادئ النظرية والعلمية لهذا الطب من ناحية، ومن أخرى، كيفية الإفادة العملية من هذا النظام العلاجي المتكامل في الحياة اليومية.
وبالعودة لبنية هذه الموسوعة نجدها تتألف من خمسة أبواب وملحق. الباب الأول مخصّص للتعريف بالأيورفيدا: يحدّدها، ويبيّن ميزاتها وفرادتها، وسط طوفان النظم الطبية الحديثة منها والتقليدية والبديلة… وما الذي يدفع إنسان اليوم إلى اعتماد الأيورفيدا، واختيارها من بين هذه الأنظمة؟ وما هي ضمانته؟ وفصول هذا الباب الأربعة تتناول هوية الأيورفيدا وعراقتها واستمراريتها وحداثتها. ما يجعلها تنفرد عن غيرها بالجمع بين كل هذه الميزات.
الباب الثاني يعرض لأبرز المبادئ التي يقوم عليها هذا النظام. فبدون هذه الأسس/الركائز لا يمكن فهم آليات الأيورفيدا في العلاج وطرقها وأدويتها. إنها مفاهيم ضرورية لممارسة الطبية. فلا يمكن فقه سرّ تحوّل فيزيولوجيا الإنسان من الصحّة، وهو حالها الطبيعي، إلى المرض، دون الإلمام العميق بالعناصر الخمسة، المزاجات وأسباب اختلال توازنها، طبيعة البدن Prakriti: كيف نحدّدها؟ وكيف يعرف كل امرئ طبيعة بدنه ويحترمها ليُحافظ على صحته. نار المعدة ودورها الحاسم في عملية هضم كامل، أو في إفراز السموم والشوائب Ama. أنسجة الجسم السبعة، وظيفتها في تغذية الجسم وإفراز الأوجا Ojas جوهر هذه الأنسجة. وهي بالتتالي مواضيع الفصول الخمسة لهذه الباب.
الباب الثالث يتناول طرق التشخيص والعلاج في الأيورفيدا. وبه يبدأ فعلياً القسم العملي – التطبيقي من هذه الموسوعة. فهو يعلّم قراءة النبض وتشخيص الأمراض من خلالها. في فصله الأول. كما يعلّم في الثاني وسائل التشخيص الأخرى التي لا تقل عنه أهمية، وقد تكون أكثر سهولة منه: كفحص اللسان والبول والأظافر، والجلد والعيون والوجه. ودلالات هذه الفحوص على الوضع الصحّي للمرء. وكيف يستفيد من كل ذلك لتشخيص حاله، وحال الآخرين. وفي الفصل الثالث يبدأ الانتقال إلى علاجات الأيورفيدا. من عرض نظري وعملي لعلاجات المارما وفوائدها، وكيف ينشّط الإنسان هذه النقاط الحيوية في جسمه. إلى عرض لتقنيات المسّاجات ومنافعها في الفصل الرابع، وكيفية إجراء المسّاجات للنفس وللغير. ومن ثم في الخامس علاجات التنقية Panchakarma وأنواعها المختلفة وأهميتها. وما يمكن أن يجريه ذاتياً منها. وطرق التشخيص والعلاجات هذه، مرفقة كلها برسوم وصور توضيحية تقرّب الفهم. أما الفصل السادس، فيتناول علاج الأمراض الجلدية، والعقم، وكيفية اختيار جنس الجنين.
الباب الرابع مكرّس لعلم التغذية والطعام في الأيورفيدا. خصائصه وآدابه. وإفراد باب كامل للتغذية يعود إلى الأهمية القصوى التي توليها الأيورفيدا للغذاء. فهو ركن الصحّة الأول. وعلى الإنسان أن يعرف جيداً ما يناسبه من أطعمة. ولكلٍّ الحمية التي تنفعه هو، وقد لا تفيد غيره، بل قد تضرّه. فمن خلال التعرّف على المذاقات وأثرها في الأمزجة وعلى خصائص الأطعمة، يستطيع الإنسان أن يركّب الحمية التي تناسبه وتفيده. وهو موضوع الفصلين الأولين. أما الفصلين الثالث والرابع فيتناولان موضوعاً قلّما ركّزت عليه الأنظمة الطبية الأخرى وهو: كيف نأكل؟! فليست نوعية الأكل وحدها مهمّة. بل كيفيته وطريقته كذلك. وهذا أمر تشدّد عليه الأيورفيدا واليوغا.
الباب الخامس وهو الأطول. يتوسّع في التداوي الذاتي وحفظ العافية. الفصل الأول منه يعرض للروتين اليومي الصحّي. ما تنصح الأيورفيدا بفعله، أو بتجنّبه، في الحياة اليومية. والفصل الثاني معجم ألفبائي لما يحويه المطبخ من أغذية، هي بالأحرى أدوية. أو أدوية مفردة كما سمّاها الأطباء العرب أو أدوية البيت Home Remedies، وفق المصطلح الحديث. والمقاربة لهذه الأدوية/الأغذية أيورفيدية ترتكز على أثرها على المزاجات. ولكن، ونظراً للتقارب بين الأيورفيدا والطب العربي في هذا المجال، فقد تم ذكر أشياء مما قال ابن سينا وابن البيطار وغيرهما عن هذه “المفردات”. أما الفصول: الثالث والرابع والخامس فتتناول أنواعاً من التداوي قد تبدو غريبة أو غير مألوفة. وهي استخدام المعادن والجواهر والألوان والعطور، والموسيقى في العلاج والشفاء. وقد كانت الأيورفيدا سبّاقة في هذه المجالات. واليوم تتلاقى الأبحاث الطبية الحديثة مع ما علّمته الأيورفيدا ومارسته منذ القِدم. لذا تمّ تناول في بداية كل فصل الأسس العلمية والعملية الأيورفيدية في طرق العلاج الخاصة هذه. ثم ألحقت ببعض ما توصّلت إليه الأبحاث الحديثة في هذه المجالات. كما أننا لم نغفل إسهامات الأطباء العرب، لا سيما ما توافق منها، أو تأثّر، بالأيورفيدا. والفصل السادس هو الآخر معجم ألفبائي. ليس للأدوية، كما الأول، بل للأمراض الشائعة، وكيفية التداوي لها.
وألحقت هذه الموسوعة بمجموعة نُبَذ تعريفية بعدد من الأطباء الأيورفيديين المعروفين وذلك بذكر عدداً من آرائهم الصحية، وأمثلة من ممارستهم الطبية.