عنوان الدراسة : أمين خيرالله صليبا
مفكّر مسيحي طالب بالإسلام ديناً للدولة.
مؤلف الدراسة الجزء الأول من الكتاب: د. لويس صليبا
باحث وأستاذ في الدراسات الإسلامية / باريس.
عدد الصفحات : 234
مؤلف المصنَّف الجزء الثاني من الكتاب: أمين ظاهر خير الله صليبا
عنوان المصنَّف : الأزاهير المضمومة في الدين والحكومة.
عدد الصفحات : 400
القياس : 15 × 21
سنة النشر : 2005
الصف والإخراج : صونيا سبسبي
الناشر : دار ومـكتبة بـيـبـلـيون
شارع مار بطرس – جبيل – لبنان
byblion1@gmail.com
2005 – جميع الحقوق محفوظة للناشر
عندما عقدنا النيّة على إعادة نشر كتاب “الأزاهير المضمومة في الدين والحكومة”، لنسِيبنا أمين ظاهر خيرالله صليبا. كانت فكرتنا تقتصر على أن يرافق النص الأصلي الكامل للكتاب، مقدّمة عامة وجيزة، تتمحوَر حول مواضيع ثلاثة:
1- حياة الكاتب وأبرز مؤلّفاته مع نبذة موجزة عن والده، الذي كان بدوره أديباً معروفاً.
2- الظروف، والأحداث التاريخية، والفكرية التي دفعته إلى تصنيف مؤلَّفه.
3- نظرة تحليلية سريعة في مضمون الكتاب.
لكنّ الإشكالية الأساسية التي حاولنا تقديم جواب واضح عليها، أغرتنا بالتوسّع، والتعمّق في البحث. والإشكالية هذه هي التالية:
ما الذي دفع كاتباً، ومفكراً مسيحياً أرثوذكسياً، ملتزماً بمسيحيّته، كأمين خيرالله صليبا إلى المطالبة بحكومة إسلامية في البلاد السورية، بعد اندحار العثمانيين الأتراك؟
ولقد شعرنا أن الإجابة على إشكالية كهذه، أساسية، وضرورية. ليس فقط لفهم مضمون الكتاب وطروحاته. بل، وأيضاً، لتسليط أضواء جديدة على تلك الحقبة المفصلية في تاريخنا المعاصر: أي الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى، وبالأخص منذ إعلان الدستور في الدولة العثمانية عام 1908، والإرهاصات الأولى لظهور القومية العربية. وبالتالي الصراع الفكري والسياسي الذي كانت الولايات العربية السابقة في الدولة العثمانية. ولا سيّما منها لبنان وسوريا وفلسطين، مسرحاً له إثر انتهاء الحرب العالمية الأولى، وما تمخض عنه هذا الصراع من نتائج سياسية، لا سيما منها نشوء الدول التي نعرفها الآن.
هذه القضايا المحورية في تاريخنا المعاصر، والتي قادتنا إلى التطرّق إليها الإشكالية والتساؤلات المطروحة بداية، حفزتنا على التوسّع في التحليل والبحث، علّنا نقدّم مساهمة متواضعة، في فهم مواقف، ليس فقط مفكّر واحد من تلك الحقبة، هو أمين خيرالله صليبا، بل وأيضاً شريحة ممّن كان هذا الأخير يعبّر عن رأي قريب من رأيهم، أو موقف أعلنوه هم بطريقة مختلفة. وذلك على قدر ما أتاح لهم موقعهم إعلانه. ونقصد بهذه الشريحة تحديداً مَن كان بطريرك الروم الأرثوذكس “غريغوريوس الرابع حدّاد” الشخصية التاريخية الملفتة والمحورية في تلك الحقبة، يعبّر عن آرائهم وأمانيهم في الوطن والمصير. ولا أقول هنا أن الأمين كان في كتابه ناطقاً بلسان البطريرك، ومعبّراً عمّا لا يستطيع هذا الأخير الإعلان عنه. ولكن انتماء الأمين إلى دائرة البطريرك، وعوامل أخرى كثيرة، غير هذه، مثل تشابه التعابير، والتأييد الكامل للأمير فيصل وغير ذلك ممّا هو مفصّل في الدراسة، تقودنا إلى الحديث عن نوع من التنسيق، أو التكامل على الأقل بين الموقفين.
والسؤال الإشكالي، المُشار إليه، كان يطرح نفسه علينا بإلحاح، طيلة رحلتنا هذه مع أمين خيرالله صليبا وكتابه. وإذا أردنا صياغته بطريقة أخرى نقول: مفكّر وكاتب مسيحي ملتزم. وابن كاتب عُرف بتمسّكه بمسيحيّته، ودفاعه عن عقيدته الأرثوذكسية. وتلميذ للبطريرك الأرثوذكسي “غريغوريوس الرابع” ومقرّب منه. ما الذي دعاه إلى المطالبة بأن يكون دين الحكومة الرسمي في البلاد السورية أو دين الدولة، وفق التعبير الحديث في الفكر السياسي، هو الإسلام ؟! وذلك مع الحفاظ على حرّية الأديان الأخرى.
أيّاً يكُن رأينا في موقف كهذا، فلا شك أنه جريء ومُلفت. ويدعو إلى التأمّل. وهذا بالحقيقة ما استدرجنا من مجرّد كتابة مقدّمة تعريفيّة لهذا الكتاب، إلى تصنيف دراسة تتمحور حول ما يثيره كتاب الأزاهير من طروحات وتساؤلات. وخلفياتها الثقافية والتاريخية والدينية. وذلك في إطار من العرض والنقد.
وهكذا تقسّمت دراستنا إلى محاور هي أبواب ثلاثة:
1- المحور الأول، الإطار الشخصي، والعائلي. مما يعني إلقاء نظرة عامة على المحصّلة الثقافية للأمين وخلفيّته العائلية. ومجمل نتاجه الأدبي والفكري. ونتاج أبيه من قبله. وهذا ما شكّل الموضوع العام للباب الأول من الدراسة.
2- الإطارين الفكري والتاريخي، اللذين ظهر فيهما كتاب الأمين. مما يعني عرض الظروف التاريخية السياسية التي سادت قبل الحرب العالمية الأولى. أي إعلان الدستور العثماني الجديد، البذور الأولى للقومية العربية، الصراعات السياسية والفكرية غداة انتهاء الحرب العالمية، ومطالب الفئات الدينية والسياسية المختلفة بشأن الدولة والحكومة وهويّتها. فموقف الأمين، هو في النهاية، واحد من هذه المواقف. ولا يمكن فهم تميّزه واختلافه عنها، إلا بعد عرضها أو عرض غالبيتها. وهذا ما شكّل موضوع الباب الثاني من الدراسة.
وقد رأينا، أنه لا بد من إيفاء هذا الموضع حقه من العرض. إن من ناحية المجريات التاريخية الأساسية. أو من ناحية المواقف الفكرية السياسية التي طرحت، لا سيما على مؤتمر الصلح في قُرساي، وذلك كمدخل طبيعي ومنطقي لعرض نظرية الأمين ونقدها.
3- المحور الثالث يتناول أولاً عرضاً وافياً لنظريّة الأمين، ونظامه السياسي المقترح للدولة والحكومة. وعرضنا هذا، حاولنا فيه استخراج أبرز النقاط والعناصر التي يطرحها كتاب الأمين. وإعادة تقديمها في لوحة أو نظام متكامل. وقد آلينا أن نعرض بداية دون أن ننقد. ثم تناولنا العوامل التي أثّرت على الأمين في إطلاق موقفه هذا. من علاقته بالبطريرك الأرثوذكسي، وغير ذلك. لنصل بعدها إلى تسجيل عدّة ملاحظات على نظرية الأمين.
ونخلص ختاماً إلى ميزه هذه النظرية . وهل من فائدة محتملة لها اليوم ؟
هذا أبرز ما حوته دراستنا من نقاط وإشكاليات ومحاور. أملنا أن نكون قد أعدنا إلى دائرة الضوء مفكّراً لا يستحق أن يطويه النسيان. وأن نكون قد ساهمنا بتسليط أضواء جديدة على حقبة مفصلية من تاريخنا السياسي والفكري. فإن نجحنا في ذلك، نكون قد بلغنا القصد. وإن لم ننجح فحسبنا شرف المحاولة.
د. لويس صليبا
باريس في 30/08/2004