كتاب الدعامة؛ محاورات حول المسيحية والأديان المذاهب الأخرى
تأليف: جرجيس دير أروتين
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
النوع: ورقي غلاف فني،
حجم: 22×15،
عدد الصفحات: 413 صفحة
الطبعة: 1
مجلدات: 1
اللغة: عربي
نبذة:
إذا كان الله موجوداً فالعناية الإلهية موجودة، وإذا كانت العناية الإلهية موجودة فالنفس الإنسانية هي خالدة. وإذا كانت النفس الإنسانية خالدة إذاً لا بد من وجود دين ودين حق. وإذا كان الله ليس باله غافل بل متيقظ معتن فيجب ضرورة أن تكون له غاية في نظام الكون. لأن العناية هي توجيه الوسائط للغاية. فالغاية التي قصدها الله في الخلائق الناطقة لا يمكن أن تكون سواه تعالى. فكما أنه سبحانه هو مبدأها كذلك هو غايتها الأخيرة. ثم أقام هذا العالم كهيكل بهي لتمجيد اسمه الإلهي، وفطر الإنسان ليعرفه ويسجد لعزته، ويمجده ويحبه ويعبده. وأول الدين هو معرفة الله سبحانه، ثم التصديق به، ثم طاعته، ثم محبته، ثم عبادته. والإنسان اقتبل من مبدعه قوة العقل والإرادة، فبالعقل يعرف الله بارئه ومولاه، وبالإرادة ينعطف إلى محبته وللإخلاص له. والدين مغروس في الإنسان طبعاً. والإنسان هو ديني فطرة. فإذا أخذ الإنسان يتأمل في عظائم العالم الطبيعي ونظامه الأسمى، يرتفع حالاً بعقله إلى العلة الأولى الحسنة ويعرف الله الخالق ويحيل إليه بقلبه بالمحبة والعبادة.
أيمكننا حينما تشرق الشمس وتعطي نوراً وحياة لكرتنا الأرضية أن نلبث نحن بدون تعجب من قدرة باريها وحكمة مدبرها وبدون تذكر لطفه وخلواً من محبته. فالدين هو مؤسس على العلاقة الطبيعية والجوهرية والضرورية التي بين الله والإنسان. فالإنسان من حيث أنه خليقة فهو متعلق بالخالق ضرورة، ومن حيث أنه عبد فهو خاضع لله مولاه وتلك العلائق بين الإنسان وخالقه لهي أعذب وأشهى وأشرف وأقدس العلائق، وهي ضرورية وطبيعية وليست اختراعية.
وبالتالي فهي عادمة الغيار، ولا تزال ثابتة دائماً وأبداً لأن الله لم يزل خالقنا، ونحن لم نبرح خلائقه، وهذه العلائق والروابط القوية المقدسة الضرورية العادمة الغيار هي التي تقيم الدين، من حيث أن الدين هو الوثاق الذي يوحد الإنسان مع الله سبحانه وتعالى، والإنسان إلى هذا مفطور على عبادة الله سبحانه وتعالى، وحالته الفطرية تطلب العبادة لله. فيلتزم بالعبادة لله باطناً وظاهراً. فبحجة النفس يلتزم بالعبادة الباطنية وبدونها لا تكون عبادته الخارجية صادرة عن خلوص القلب بل تكون رياءً وإهانة في حقه تعالى. وبحجة الجسد يلتزم بالعبادة الخارجية لأن الباطنية محضاً هي عبادة الأرواح والملائك وليست هي عبادة الإنسان المؤلف من نفس وجسد.
يجب على الإنسان أن يكون لله بكليته؛ لأنه متعلق به سبحانه تماماً. وكل ما في الإنسان أو حصل عليه فهو من كرمه تعالى وجوده. فواجب إذاً أن يخصص لله جميع قواه العقلية والروحية والطبيعية لخدمته تعالى. الأمر الذي لا يقدر أن يصنعه إلا بتقدمة عبادة باطنية وخارجية معاً، إذ يسعى فيها بوقت واحد العقل، والقلب، والجسد.
تلك كانت فقرة متقدمة في سياق محاولات ضمها هذا الكتاب والتي جرت بين بشير وسعيد ودارت حول المسيحية والأديان والمذاهب، وقد قام بجمعها الأب جرجس دير أروتين الكاثوليكي. واشتملت على محاورات خمسة جاءت مواضيعها على التوالي: المحاورة الأولى، في وجود الله. المحاورة الثانية، في صلاح الله وعنايته الإلهية. المحاورة الثالثة، في روحية النفس الإنسانية وخلودها. المحاورة الرابعة، في ضرورة الدين. المحاورة الخامسة، في دلائل الدين الحق.