مقدّمة وغلاف ومفكّرو كتاب “حوار الأديان وعلومها وتواصل الحضارات”/تأليف لويس صليبا
المؤلّف : بروفسور لويس صليبا
مستهند وأستاذ ومدير أبحاث في علوم الأديان
العنوان : حوار الأديان وعلومها في العالم العربي
المسيحيّة والإسلام تاريخاً ومستقبلاً ومعتقدات وعلاقات في الفكر العربي المعاصر
مفكّرون عرب يحلّلون ماضي العلاقات المسيحية الإسلامية وحاضرها ويستشرفون مستقبلها
عدد الصفحات: 525ص
سنة النشر : ط1: 2024
الناشر: دار رؤية للنشر والتوزيع، القاهرة
إهداء
إلى العميد فارس حنّا
قائد وحدة الخدمات الاجتماعية في قوى الأمن الداخلي (2016-2019)
عربون صداقة وتقديراً لدعمه وتبنّيه مشروع هذا الكتاب
المؤلّف
مقدّمة المؤلّف
هو جهد نحو سنواتٍ ثلاث ما نجمعه بين دفّتي هذا الكتاب، ونضعه بين يديّ القارئ والباحث. بعضه دراسات وبحوث في فكر كتّاب لبنانيين وطروحاتهم في حوار الأديان وتاريخها وعلومها وغير ذلك، وأكثره حوارات مع مفكّرين آخرين في هذه المواضيع.
الدراسات والبحوث تناولت مفكّرين راحلين أمثال المطران غريغوار حدّاد والأب لويس خليفة والمؤرّخ سيمون الحايك لم نشأ أن يغيبوا أو يغيّبوا عن هذا المصنّف لأن أفكارهم وطروحاتهم في مواضيعه جديرة بأن تعرض ولا تنسى أو تهمل. أمّا الحوارات فشملت مفكّرين أحياء ناقشناهم واستطلعنا أراءهم في المواضيع المذكورة.
ولا بدّ من كلمة في طريقتنا في إدارة الحوارات وتنظيم المقابلات ووضع الأسئلة، وكذلك في المعايير التي اعتمدنا في اختيار الأسماء.
{حُسن السؤال نصف العلم}، يقول الحديث النبويّ الشريف. (أخرجه الطبراني عن ابن عمر في الأوسط 7/25 رقم 6744، والبيهقي في الشعب5، رقم 6568، والعجلوني في كشف الخفاء 476 وقال عنه حديث حسن بشواهده). وكان هذا الحديث شعاراً لنا، ودليلاً به نستهدي. فنحن نطرح الأسئلة على زملائنا المفكّرين والباحثين لنستقرئ نصوصهم وكتبهم ونستخلص ونتعلّم وننقل العلم. فالسؤال إشكالية هو، ونجاح أي باحث في بحثه يعود أولاً إلى مهارته وحرفيّته في استخراج الإشكاليّات من نصّ أو وضعٍ ما، وطرحها بوضوح بحثاً عن أجوبة. وهذا كان دأبنا مع المفكّرين الذين حاورناهم: عدنا إلى ما كتبوا من مصنّفاتٍ ومقالات، واستخرجنا منها أقوالاً لهم ومقولات ناقشناهم فيها، وسجّلنا ردودهم ودونّاها، أو نقلناها عنهم مكتوبة: بخطّ يدهم حيناً، أو مطبوعة على الكومبيوتر غالباً. أسئلة عنقوديّة قال عنها بعض المحاورين. وإنها لكذلك: حبّات ترتبط بعنقود واحد، أو تساؤلات وإشكاليّات تدور حول محور واحد، والمحور هذا طرحٌ أو استشهاد مستلّ من كتب المفكّر ونصوصه.
“إطرَح الأسئلة، إنها قوّتك الوحيدة”، قالها أحد الفلاسفة لتلميذه. وقد أدركنا ومنذ البدء أن دورنا الأساسي يتجلّى في طرح الأسئلة، وفي استنباط سؤالٍ أو أسئلة جديدة من الأجوبة، ففي ذلك تكمن قوّة الحوار وجدّته وفائدته.
بعض المحاورين آثر أن يكتب أجوبته مباشرة حفاظاً على الأمانة والدقّة. وبعضهم الآخر نقلنا الأجوبة عنه ثم أرسلناها له مطبوعة ليصحّح ويدقّق وينقّح. والنتيجة في كلا الحالتين واحدة: فكلام كلّ مُحاوِر منقولٌ عنه بدقّة وأمانة، ويعبّر عن فكره هو لا عن أفكارنا نحن وإسقاطاتنا على طروحاته. فالنصّ الذي نُشر في مجلّة الأمن، ونعيد نشره في هذا المصنّف، وضع كل مُحاور عليه لمساته الأخيرة، واستخدم فيه طريقته الخاصّة وأسلوبه في التعبير عن بنات أفكاره.
بيد أنّنا، وفي سبيل عرض صورةٍ واضحة وموسّعة لمنظومة كلّ مفكّر وطروحاته وسياقاتها لم نكتفِ بمجرّد الحوار معه وحسب، بل قرنّاه بمقالات تعرض وتناقش وتنقد أحياناً بعض كتبه. وهي القسم الذي يلي كلّ حوار، وبه تختتم أكثر الفصول. وقد أسميناه: قراءة في مؤلّفات (الكاتب الفلاني). وإذا كان هذا القسم يغيب في بعض الفصول، فذلك يعود إلى أن المحاور لم يزوّدنا بأيّ كتاب له. فالمقالات المدرجة في قسم “قراءة في مؤلّفات” نشرت في الأصل في مجلّة الأمن ضمن زاوية “مكتبة الأمن”. والقاعدة المتّبعة في هذه الزاوية تقضي بأن تُرسل الكتب التي يُكتب عنها في هذه الزاوية إلى المكتبة المركزية في قوى الأمن الداخلي في ثكنة الحلو-بيروت، وتفهرَس وتُحفظ فيها. وقد خصّينا كتب من حاورنا في زاوية “مفكّر وكتاب” بالأولويّة في “مكتبة الأمن”. وتجاوب أكثر المحاورين مع بادرتنا هذه، وزوّدنا بكتبه فقدّمنا عرضاً تحليلياً لها في مجلّة الأمن، في حين لم يتيسّر لبعض المحاورين، ولأسباب شتّى، أن يزوّدنا بكتبه، ممّا حال دون أن نكتب عنها.
وتبقى كلمة في معايير اختيار المحاورين. فقد أعطيت الأفضليّة للأكاديميين والجامعيين. واخترنا من بين هؤلاء روّاد الحوار والداعين إلى العيش المشترك وقبول الآخر المختلف، ورجال الدين المنفتحين أو المجدّدين من مسيحيين ومسلمين. وراعينا في خيارنا أن يمثّل المفكّرون بمجموعهم مختلف التيّارات الدينية والفكرية في لبنان. بيد أنّنا كنا ندرك بالطبع أنّنا لسنا في صدد تشكيل حكومة لبنانيّة تمثَّل فيها حُكماً كلّ الطوائف والمذاهب وما أكثرها. وقد يلاحظ القارئ توازناً واضحاً في توزّع المفكّرين الستّة عشر بين مسيحيين ومسلمين، وهو أمر مقصود. وقصدنا كذلك احترام الكوتا النسائية في توزيع الأسماء. هذه الكوتا التي نرى أنّها باتت ضرورة اجتماعية وبنيويّة. وطالما وعد سياسيّونا باحترامها وتبنّيها في قوانين الانتخابات، ولم يفوا حتى يومنا هذا بوعودهم!
ولن نتبسّط أو حتى نوجز مضامين كلّ فصل من فصول هذا الكتاب، وهو الأمر الذي درجنا عليه في مقدّمات سائر مؤلّفاتنا. بل نترك لكلّ مفكّر أن يقدّم نفسه ويعرض أفكاره في الفصل الذي خصّيناه به وبأسلوبه وعلى طريقته. أمّا مناقشتنا لهذه الأفكار فتأتي في سياق الأسئلة المطروحة أو المستنبطة من الأجوبة، وكذلك في قراءتنا لمؤلّفاته. ونكتفي بهذا القدر من النقاش والنقد، فليس غرضنا من هذا المصنّف جدليّاً ولا حجاجيّاً، ولا هو أن نعرض أفكارنا وطروحاتنا ونتبسّط في عرضها والدفاع عنها، بل بالحري أن نتيح لكلّ مفكّر “ضيف” أن يفعل ذلك.
وعسى مصنّفنا هذا يكون حافزاً لتنشيط الحوار وتفعيله في وطن وزمن مأزوم هما بأمسّ الحاجة إليه.
Q.J.C.S.T.B
بيروت في 5/5/2019