مقدمة كتاب اليوغا والتأمل وعلم النفس/تأليف لويس صليبا
المؤلّف/Auteur: أ. د. م. لويس صليبا Lwiis Saliba
مستهند وأستاذ محاضر ومدير أبحاث في علوم الأديان والدراسات الإسلامية
عنوان الكتاب: اليوغا والتأمّل وعلم النفس
الأمراض النفسجسدية: الوقاية والعلاج باليوغا والأيورفيد
Title: Yoga, Meditation and Psychology
Psychosomatic Diseases: Prevention and Treatment with Yoga and Ayurveda
عدد الصفحات: 280ص
سنة النشر: طبعة أولى 2025
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
طريق الفرير، حي مار بطرس، شارع 55، مبنى 53، جبيل/بيبلوس-لبنان
ت: 09540256، 03847633، ف: 09546736
Byblion1@gmail.com www.DarByblion.com
2025©-جميع الحقوق محفوظة، يُمنع تصوير هذا الكتاب، كما يُمنع وضعه للتحميل على الإنترنت تحت طائلة الملاحقة القانونية.
المؤلّف/Auteur: أ. د. م. لويس صليبا Lwiis Saliba
مستهند وأستاذ محاضر ومدير أبحاث في علوم الأديان والدراسات الإسلامية
عنوان الكتاب: اليوغا والتأمّل وعلم النفس
الأمراض النفسجسدية: الوقاية والعلاج باليوغا والأيورفيد
Title: Yoga, Meditation and Psychology
Psychosomatic Diseases: Prevention and Treatment with Yoga and Ayurveda
عدد الصفحات: 280ص
سنة النشر: طبعة أولى 2025
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
طريق الفرير، حي مار بطرس، شارع 55، مبنى 53، جبيل/بيبلوس-لبنان
ت: 09540256، 03847633، ف: 09546736
Byblion1@gmail.com www.DarByblion.com
2025©-جميع الحقوق محفوظة، يُمنع تصوير هذا الكتاب، كما يُمنع وضعه للتحميل على الإنترنت تحت طائلة الملاحقة القانونية.
ديباجة الكتاب
مدخل إلى بحوثه وطروحاته
ليس اهتمام المؤلّف، كاتب هذه السطور، بالشأن الصحّي، وبالأيورفيدا (الطبّ الهندي) واليوغا على الأخصّ، بجديد. فممارسته لهذه الرياضة الفكرية والبدنية أي اليوغا تعود إلى زمن الصبا، وتمرّسه في الطبّ الهندي ومبادئه وقراءة النبض وغير ذلك يعود إلى الحقبة عينها. وطالما قال وردّد ما يكرّره أكثر حكماء الهند أن اليوغا والأيورفيدا نظامان شقيقان ومتكاملان. وله في هذا المجال موسوعة وأطروحة في الأيورفيدا والطب العربي (وهي الجزء الثاني من الموسوعة) يجد القارئ عرضاً موجزاً لمضامينهما في ب6/ف1. والموسوعة التي كانت بجزأين صدر جزء ثالث منها في مطلع سنة 2024([1]). وقد لقي الجزآن الأوّلان اهتماماً ملحوظاً من القرّاء، فتعدّدت طبعاتهما. وهذا المصنّف الراهن يأتي بمثابة جزء رابع للموسوعة هذه عينها، وهو يختصّ بجانب صحّي وسيكولوجي تبقى البحوث والمصنّفات التي تتناوله في المكتبة العربية قليلة: إنّه الطبّ النفسجسدي (النفسي الجسدي) Médecine Psychosomatique إذا شئنا استخدام ترجمة دقيقة للمصطلح أو الطبّ السيكوسوماتيكي إذا اكتفينا بتعريبٍ له. ومنذ التسعينات من القرن الماضي وامتداداً إلى العقدَين الأوّلين من القرن الحالي شهد هذا التخصّص الطبّي تطوّراً ملحوظاً إن في البحوث أو في الخبرات والتجارب السريرية والعلاجية تركّزت على استخدام اليوغا والأيورفيدا في مقارباته وطرق العلاج وحتى التشخيص أحياناً.
والطبّ النفسجسدي أو السيكوسوماتيكي كنزعة ومقاربة قديم ويعود إلى أقدم المراحل في نشأة الطب. فهو في الأيورفيدا أو الطبّ الهندي احتلّ ومنذ البدء مكانة مرموقة طالما تحدّثنا عنها في موسوعة الأيورفيدا. أما في الطبّ الغربي، فسبق أن تناولنا تأثّر أفلاطون وأبقراط المعروف بأبي الطب بالطب الهندي.([2]) وقد طرح أفلاطون معادلة تُعتبر من أبرز أسس الطبّ النفسجسدي، وتقول: “أكبر خطأ يقترفه الأطبّاء هو محاولة شفاء الجسد دون شفاء النفس”.([3])
ويدرس الطب النفسجسدي عموماً سلطان العقل على الجسم، وفي ظلّ غيابٍ لتعريفٍ له يُجمع أو يتوافق عليه الباحثون Définition consensuelle([4]) يمكننا أن نذكر بإيجاز أن الطبّ النفسجسدي (أو النفسي الجسدي) تخصّص ينظر إلى الإنسان بمجمله أي بأبعاده الفيزيولوجية والبيولوجية والنفسية والعاطفية والعلائقية والاجتماعية. ولفهم أعراض المريض أو معاناته يدمج النموذج النفسي الجسدي أحدث التطوّرات العلمية في الطبّ وعلم النفس والأنتروبولوجيا الطبّية. ويهدف النهج النفسي الجسدي إلى إعطاء معنى لمعاناة الفرد في ضوء تاريخه الفريد وسياق حياته وتفاعلاته مع بيئته. وبفضل ديناميكيّات فريق متعدّد الاختصاصات يهدف ممارسو الطبّ النفسجسدي إلى تقديم رعاية علاجية شاملة ومتماسكة للمرضى. ومن منظورهم يمكن اعتبار جميع الأمراض نفسية-جسدية، وهنا تكمن أهمّية المعالجة الشمولية.
ولا يطمح المؤلّف في هذا السِفر الوجيز إلى تقديم مدخل شامل ولا حتى مختصر للطب السيكوسوماتيكي، حسبه أن يسلّط أضواء كاشفة على الموقع المميّز الذي تحتلّه اليوغا وشقيقتها الأيورفيدا في هذا النظام العلاجي المتماسك والمتطوّر والواعد. وقد دأب لسنواتٍ خلت على كتابة ونشر مقالات ودراسات ومقابلات تناولت الاستخدامات الطبّية والعلاجية لليوغا والتأمّل. كما درس وحلّل ونقد مصنّفات تتناول هذا الموضوع. وها هو يجمع في هذا المصنّف كلّ هذه المقالات والبحوث تعميماً للفائدة وحرصاً عليها من الضياع.
ولا يرى الكاتب ضرورة لتقديم عرضٍ موجز لبحوث هذا الكتاب في هذا المدخل لذا يكتفي بجملة ملاحظات وتوضيحات.
فالباب الأوّل (ب1): اليوغا وآثارها السيكولوجية، حوى أربع مقالات ترويجية Articles de vulgarisation نُشرت في مجلّة الأمن-بيروت وغيرها لم تُعتمد فيها المنهجية الأكاديمية والجامعية من ذكرٍ للمراجع وهوامش وحواشٍ تُثقل البحث ممّا لا تتيحه الدوريّات والمجلّات الواسعة الانتشار والتي تستهدف الجمهور العريض وغير المتخصّص. وقد نُقلت بنصّها الكامل في هذا السفر دون تعديل أو إضافة وبصيغتها التعميمية هذه، فاقتضى التنويه.
والباب الثاني (ب2) يجمع عدداً من المقابلات، الأولى مع الحكيمة والراهبة البوذية تنزين بالمو Tenzin Palmo. والثانية والثالثة مع الطبيب النفساني والباحث والعالِم الفرنسي واليوغي المعروف جاك فينيو Dr Jacques Vigne، وكلاهما بمثابة أستاذٍ ومعلّم للمؤلّف. وتعاليمهما في مجال استخدام اليوغا والتأمّل في المجالات السيكولوجية والسيكوسوماتيكية معروفة على نطاق دولي واسع. وها هي الفرصة تتاح للقارئ العربي كي يطّلعَ عليها.
أما الأبواب الأخرى أي الثالث (ب3) والرابع (ب4) والخامس (ب5) والسادس (ب6) فهي بمجملها تجمع مراجعات ومطالعات وقراءات نقدية لمراجع ومؤلّفات بعضها عربي وأكثرها معرّب في اليوغا والتأمّل والسيكولوجيا واستخداماتها العلاجية. وقد دأب المؤلّف، ومنذ سنواتٍ عديدة، على أن يجمع في مكتبته الخاصّة والتي غدت تضمّ اليوم أكثر من خمسين ألف كتاب كلّ ما وقع تحت يده من مصنّفات بلغة الضاد في هذا المجال. فوجد من المفيد أن يقدّم للقارئ العربي مراجعات وقراءات نقدية لها، أو لأبرزها وأحدثها، مساهمة منه في تمييز الغثّ من الثمين، وفي مساعدة القرّاء على حسن اختيار المصادر والمراجع في هذا المجال الحيوي.
وتبقى إشارة إلى أن الكاتب سعى، منذ سنواتٍ ولا يزال، إلى تحويل مكتبته الخاصّة والمتخصّصة الضخمة هذه إلى مكتبة عامّة في علوم الأديان والإنسان وتراث لبنان لتعمّ فائدتها، وعساه يُفلح في سعيه الدؤوب هذا.
ويطيب للمؤلّف أن يتوقّف برهة عند تحديد يرد في ب3/ف3 ويقول: “اليوغا هي تكنولوجيا تعلّمك كيف تمنع عقلك من العمل ضدّك”.
وكم في نفْسِ الإنسان Psyché من قوى تعمل ضدّه: الوساوس ولعلّها هي النفس الأمّارة عينها، وغيرها من الأفكار السلبية اللاصقة، فذهنُ المرء مصنعٌ دائم يُنتج ويفبرك هذا النوع من الأفكار. وفي الحديث النبوي: “أعدى عدوّك نفسُك التي بين جنبَيك”.([5])
واليوغا طِبقاً لتحديد باتنجلي في “اليوغا سوترا” هي “كبح العمليّات الفكرية” Yoga Chitta Vritti Nirodah([6]) وأوّل وأبرز ما تكبحه اليوغا هذه الفبركة المتواصلة للأفكار وغالبيّتها سلبية وهذا الهيجان الفكري الدائم، وما من علاج فاعل لهذه الآفات التي يعاني ويكابد معظم الناس منها كاليوغا والتأمّل. ولم يعد مثار جدلٍ وخلافٍ اليوم، وإثر كمٍّ كبير من البحوث العلمية، أثر اليوغا والتأمّل الفاعل في مواجهة التشنجّات Stress ومداواتها، وهي المسبّب لمعظم الأمراض على اختلافها!
وماذا بعد؟! فهو سِفرٌ جديرٌ بأن يصيرَ كتابَ مخدّةٍ ومدار تأمّل. لا سيما وأن الصحّة النفسية والبدنية والعافية عموماً مسؤولية شخصية أولاً وأخيراً، ومُلقاة على عاتق كلّ فرد. ومن تهرّب من التحمّل الدائم والواعي لهذه المسؤولية فسيلقى المرض والأسقام والمعاناة عاجلاً على الطريق! ومن هنا فبحوث هذا المصنّف وطروحاته هي في الأساس نتاجُ تبصّر المؤلف وتفكّره وسعيه للحفاظ على عافية فكرية ونفسية وبدنية وهي أنفس ما يملكه المرء. ومن هنا يحدوه الأمل أن يصبح هذا السِفر للقارئ، كما كان لكاتبه، مرشداً يقيه الكثير من العثرات والدعسات الناقصة في مسيرة حياته.
والمؤلّف إذ يضعُ نقطةَ الختام لهذا الكتاب في يوم ختام حربٍ مقيتة ضروس وإعلان وقفٍ لإطلاق النار، يأمل أن يسودَ أمنٌ وسلامٌ حقيقي إثر كبح العمليات العسكرية على الأراضي اللبنانية كما يسودُ السلام الداخلي والطمأنينة إثر كبح اليوغا للعمليّات الفكرية، فيتحقّق السلام المنشود على المستويين الفردي والجماعي. وقد أُثر عن غوتاما بوذا قوله: “الطريقة الوحيدة لإحلال السلام في العالم هي أن تعلّم نفْسَكَ أن تعيش بسلام”. Saliba, Lwiis, Meditation, 25/1, p274.
وعسى هذا الدعاء الصادق يكونُ مستجاباً.
QJCSTB
جبيل/لبنان، الأربعاء 27/11/2024
[1] -صليبا، لويس، العلاجات الطبيعية والأيورفيدا واليوغا: الوقاية والمناعة ومعالجة الأمراض الشائعة والمزمنة والأوبئة في الطبّ الهندي، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط1، 2024، 272ص.
[2] -صليبا، لويس، الأيورفيدا والطب العربي: دراسة في الطبّ الهندي وأثره في أرض الإسلام، موسوعة الأيورفيدا 2، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط3، 2019، ب1/ف5، ص118-119.
[3] -شديد، طوني إيلي، مذكّرة الأيّام، تقديم الأب لويس الخوند، بيروت، منشورات تيلي لوميار، د. ت، ص50.
[4] -Keller, Pascal-Henri, Médecine et Psychosomatique, Collection Dominos, Paris, Flammarion, 2000, p13.
[5] -حديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير عن أبي مالك الأشعري، ح3445.
[6] -صليبا، د. لويس، اليوغا في الإسلام مع دراسة وتحقيق وتفسير لكتاب باتنجلِ الهندي للبيروني، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط3، 2020، ب1/ف7، ص177.