قراءة في كتاب بدر الحاج “الشوير وتلالها: سجل مصوّر” بقلم لويس صليبا

قراءة في كتاب بدر الحاج “الشوير وتلالها: سجل مصوّر” بقلم لويس صليبا

مقالة بقلم أ. د. لويس صليبا نُشرت في مجلة الأمن الصادرة عن المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخلي/بيروت. عدد كانون الأوّل 2022

الشوير وتلالها: سجل مصوّر، تأليف بدر الحاج صدر عن دار كتب للنشر، بيروت، في طبعة فاخرة مزدانة بالصور في 287 ص من القطع الكبير.

كتاب قيّم يؤرّخ بالصورة والكلمة وباللغتَين العربية والإنكليزية لواحدة من البلدات والمصايف العريقة والساحرة في جبل لبنان: الشوير في المتن الأعلى.

وبدر الحاج متخصّص في تأليف هذا النوع من الكتب، وسبق أن عرضنا لكتابه: بيروت: ضوء على ورق”. ويقول في المقدّمة عن كتابه هذا (ص11): “هو رصدٌ لنبض الحياة في هذه البلدة عبر ملفّ مصوّر يوثّق حياتها وعمرانها ومظاهرها الاجتماعية والفردية في فترة زمنية تمتدّ من العقد الأخير من القرن 19 إلى مطلع الستّينات من القرن الماضي”.

أمّا عن مصادر الصور فهي بحسب الكاتب (ص11): 1-مصوّرون من الشوير. 2-بطاقات بريدية نُشرت في بيروت عن الشوير. 3-صور شخصية التُقطت في الشوير أو في المغتربات لمهاجرين شويريين. وعن طريقته في جمع موادّ كتابه يقول (ص12): “بدأتُ في مطلع صيف 2012 التحضير لهذا البحث، محاولاً استقصاء المعلومات عن المصوّرين الشويريين، وكان ذلك أمراً صعباً نظراً إلى عدم وجود وثائق مكتوبة، ولوفاة معظم الذين عاصروهم”.

وعن غنى الإرث التصويري الشويري يقول الحاج (ص14): “تأكّد لي أن الشوير هي، على الأرجح، البلدة الوحيدة في جبل لبنان التي تحوي هذا الكمّ الضخم نسبيّاً من الصور الفوتوغرافية”.

ونظراً إلى هذا الثراء الفوتوغرافي الفريد يعلن المؤلّف (ص13): “لا أدّعي إطلاقاً بأن هذا الملفّ المصوّر هو الكلمة الفصل في توثيق البلدة فوتوغرافيّاً، لكنّه بالتأكيد اللبِنة الأولى في هذا المجال، والذي آمل أن يحرّض الذين يملكون صوراً فوتوغرافية عن هذه البلدة فيعمدوا إلى المحافظة عليها وجمعها”.

ومن هنا فمجهود بدر الحاج التراثي هذا مشكور وجدير بالتنويه. فقد أنقذ جانباً قيّماً من تراث الشوير وتاريخها من الضياع. وعساه يكون أسوةً للآخرين، فتراث لبنان، ولا سيما القرية اللبنانية، كان ولا يزال مهدّداً بالضياع والاندثار نتيجة للإهمال وعدم الاكتراث على الصعُد الرسمية والمحلّية وحتى الفردية. فثقافة صون الإرث الوطني ونقله من جيلٍ إلى آخر لمّا تزل تحبو في بلادنا، ولم تقف بعدُ على رجلَيها.

ونقرأ في النبذة التاريخية الضافية عن البلدة (ص23): “بدأ التحوّل الديموغرافي في الشوير في أواخر القرن 19. وتُقدّم جريدة “مرحاتا” سنة 1897 وصفاً لبداية انتقال الشويريين إلى تلال الضهور بالقول: باشر أصحاب الأراضي في هذه المنطقة الاعتناء بها، فأكثروا الكروم، وباشر البعض بتشييد الأبنية”. وبحلول سنة 1906 كان عدد مباني ضهور الشوير 42 منزلاً، ومع تأمين مصادر المياه في منطقة الضهور تحوّلت التلال إلى منتجع صيفي مفضّل لدى الرأسماليين المصريين والأثرياء اللبنانيين”.

وعن تطوّر البلدة الثقافي ينقل المؤلّف عن المستشرق الروسي أغانتجيل كريمسكي الذي أمّ المنطقة، وكتب سنة 1897 (ص24-25): “بعض الناس يطلقون على الشوير اسم “مدينة العلم” فهي تضمّ تسع مدارس منها أربع مدارس داخلية. وفي بيروت نفسها عدد أقلّ من المدارس بالنسبة إلى سكّانها”.

وعن الصحافة والطباعة في الشوير يذكر (ص27): “ونظراً إلى ازدهار النشاط التعليمي، انتشرت ظاهرة الصحف المحلّية. وأبرزها صحيفة “مرحاتا” لإبراهيم المنذر مدير المدرسة الأرثوذكسية. (…) أما المطبعة الأبرز والتي تعتبر المطبعة الثانية باللغة العربية في سوريا فكانت مطبعة دير مار يوحنا الصايغ [الصابغ] في خراج الشوير. وقد تأسّست 1734 على يد الشمّاس عبدالله الزاخر”.

ويصف الحاج بعض المآسي والكوارث التي تعرّضت لها البلدة كالمجاعة خلال الحرب العظمى وموجات الجراد فينقل عن إبراهيم المنذر (ص42) واصفاً موجة الجراد التي اجتاحت لبنان 1899: “الجراد حجب نور الشمس سحابة النهار من كثرة عدده في الجوّ حتى في مدينة بيروت نفسها”.

ويبقى الملفّ المصوّر القسم الأكثر جاذبية في الكتاب. ويحوي 341 صورة من مختلف الأحجام تؤرّخ للشوير ومبانيها ومناظرها الخلّابة وأبنائها ومفكّريها ومختلف مؤسّساتها. ما يجعل من الكتاب تحفة فنّية وتراثية في بابه.

 

شاهد أيضاً

분노 폭발을 다스리기 위한 연습과 실용적인 팁 / 2025년 4월 16일 수요일, 루이스 살리바 Zoom 강연

분노 폭발을 다스리기 위한 연습과 실용적인 팁 / 2025년 4월 16일 수요일, 루이스 살리바 Zoom …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *