ندوة ذكرى الأب جوزف قزّي على Zoom الأربعاء 8 حزيران 2022، شارك فيها الأب فادي كميد والسيد وليد البعّاج حاورهما ونقل الخطوط العريضة للإجابات د. لويس صليبا
يمكن متابعة كامل وقائع هذه الندوة على رابط اليوتيوب التالي:
صورة ونصّ الدعوة إلى الندوة
في إطار دروس “التصوّف المقارن” التي ينظّمها الدكتوران Jacques Vigne و لويس صليبا وإثر رحيل المفكّر الأب جوزف قزّي ر. ل. م. في 30 أيار 2022 يسرّنا أن نستضيف الأب فادي كميد ر. ل. م. وسماحة السيّد وليد البعّاج في حلقة تذكارية وشهادات عن الراحل الكبير بعنوان
الأب جوزف قزّي J. Azzi عالِمٌ في اللاهوت والأديان
الأربعاء 8 حزيران/يونيو 2022، السادسة والنصف مساءً/توقيت بيروت
Wednesday 8 June 2022 at 18:30 (Beirut time), on Zoom
دروس التصوّف والتأمل على تطبيق Zoom على الرابط التالي Link:
https://us02web.zoom.us/j/3050782130
مختصر وقائع الندوة
لأيام قليلة خلت، وتحديداً في يوم الإثنين 30 أيار 2022 لفظ الباحث والمفكّر الأب جوزف قزي الراهب اللبناني الماروني أنفاسه الأخيرة وأسلم الروح. رحل أبونا يوسف بصمت وسكون، كما عاش في ديره في غوسطا بانزواء وصمت، وذلك رغم أنّه ملأ الدنيا وشغل الناس طيلة عقود بما ألّف وأصدر من كتب أثارت نقاشات وسجالات عديدة. وكنّا قد استقبلناه منذ نحو سنة وتحديداً في 28 نيسان 2021 إثر صدور كتابٍ عنه بعنوان: ثوّار من الجيش الأسود: رهبان لبنانيّون مشوا عكس السير. وكانت المقابلة الأخيرة معه، وهي اليوم متوفّرة بتسجيلها الكامل على اليوتيوب وبنصّها الكامل على موقع دار ومكتبة بيبليون. وكان لهذا الحوار الشيّق معه أثرٌ عميق في الكثيرين. واليوم وإحياءً لذكراه، وكي تبقى رسالته حاضرة بيننا نستقبل باحثَين أكاديميّين ممّن عرفوه شخصيّاً وفكرياً:
الأوّل كاهنٌ وأخٌ له في رهبنته هو الأب فادي كميد رئيس دير سيدة لبنان للرهبانية اللبنانية المارونية في لندن، وصاحب أطروحة عن الأب قزّي بالإنكليزية عنوانها معرّباً: “الروح القدس: دراسة مستندة إلى كتاب الأب جوزف قزّي بين المسيحية والإسلام”، وقد نوقشت في المعهد البابوي للدراسات العربية والإسلامية في روما PISAI، 2016. عرف أبونا فادي الأب قزّي مذ كان طالباً في الرهبانية في دير سيدة النصر نسبيه/غوسطا، وتتلمذ عليه.
والثاني سماحة السيد وليد البعّاج باحث عراقي ورئيس قسم الأبحاث والدراسات في مؤسّسة الإمام الحسين للحوار وبناء السلام في النجف/العراق. حاز على شهادة الماستر في علوم الأديان من الجامعة اليسوعية في بيروت، وله مؤلّفات عديدة منها الأسطورة المسيحية للراهب بحيرا في النصوص العربية والسريانية، وعزرا في الديانات الإبراهيمية وغيرها. وقد عرف السيد وليد البعّاج الأب قزّي عن كثب، وزاره مراراً في ديره في غوسطا، وعقد معه جلسات حوارٍ عديدة.
ومع هذين الباحثين الرصينَين والمنفتحَين سنتحاور ونتحدّث عن الأب والمفكّر الراحل جوزف قزّي الإنسان والراهب وعالم اللاهوت والأديان. وفي ما يلي الأسئلة التي وُجّهت إلى كلّ منهما والخطوط العريضة لإجاباتهما.
محور 1-
-أبونا فادي كميد: كيف عرفتَ الأب جوزف قزّي وأين ومتى؟
كان ذلك في صيف 2001، وكنتُ طالباً في الرهبانية اللبنانية المارونية في دير سيدة النصر نسبيه/غوسطا وهو الدير الذي يسكنه أبونا قزّي. لم أكن أجرؤ في البداية على التقرّب منه لرهبة حضوره. أمّا هو فكان يتعاطى مع الجميع بطريقة متساوية، وكان همّه أن يكمل أحد الرهبان العمل الذي بدأه، وكان يشجّعني على المضي قدماً في ذلك.
-كيف ولماذا اخترتَه موضوعاً لأطروحةٍ لك؟
كانت فكرتي الأولى أن أشتغل على نصّ من تراث الشيعة الإثني عشرية ولا سيما “رسالة صلاة الجمعة” للمحقّق الكركي. بيد أن أساتذتي الغربيين شجّعوني على اختيار موضوعٍ من تراثي وثقافتي ومحيطي الرهباني، فاخترتُ الأب قزّي.
-آخر اتّصالٍ بينكما متى كان، وماذا تضمّن؟
التقيتُه قبل شهرين من وفاته، وكان في مستشفى سيدة المعونات في جبيل. وتحدّثنا في أمورٍ شتّى. منها بعض النصوص التي لم يتسنَّ له الوقت لنشرها.
–سماحة السيّد وليد البعّاج: متى وأين وكيف عرفتَ الأب جوزف قزي فكريّاً أوّلاً، وشخصياً بالتالي؟
عرفته بداية من مؤلّفاته إذ قدّم لي أحد الأصدقاء في بغداد نسخة مصوّرة من كتاب قسّ ونبي. وكان انطباعي الأوّل أنّني أمام نسخةٍ جديدة من بحوث يوسف درّة الحدّاد. إذ وجدتُ في الكتاب تأثّراً واستفادة من بحوث هذا الأخير. بيد أنّ مؤلّف قس ونبي لا يضيع في التفاصيل ويستهدف بيت القصيد مباشرة. وتخيّلتُ عند قراءتي هذا الكتاب أن المؤلّف إنسانٌ كاره حاقد مبغض وشخصية غير اجتماعية ولا تتقبّل الآخر، وهمّها ينحصر في اللاهوت الدفاعي المسيحي. وانقلب انطباعي هذا رأساً على عقب عندما عرفتُ الأب قزّي شخصيّاً، إذ وجدتُ نفسي أمام إنسانٍ بسيط ومتواضع، ورغم الهالة التي تحيطُ به فهو نموذج لنكران الذات.
-سيد وليد: أنت زرته مراراً في ديره في غوسطا كما قلتَ لي: لماذا؟ وهل لك أن تحدّثنا عن أجواء هذه الزيارات؟
-عندما جئتُ إلى لبنان وسكنتُ لسنوات لمتابعة دراستي الجامعية رغبتُ في أن أتعرّف إلى من قرأته منذ سنواتٍ في قسّ ونبي وغيره من عناوين سلسلة الحقيقة الصعبة. وقد اصطحبني مراراً لزيارته صديقي الراهب الأب حنا اسكندر والتقيتُ الأب قزّي فوجدته إنساناً بسيطاً متواضعاً مضيافاً تولّى الضيافة بنفسه. وعالماً في تخصّصه ومكرّساً لبحوثه. وقادنا إلى أسفل الدير حيث مخزن كتبه. وكانت لي معه أحاديث مطوّلة ومشوّقة.
-سيد وليد لك دراسة عن الراهب بحيرى وللأب قزي دراسة عن القسّ ورقة بن نوفل، فهل حاورته في دراستك وطروحاتك؟
تحاورنا مراراً في هذا الموضوع، وسألته لماذا وقع اختياره على القسّ ورقة بن نوفل، وليس على الراهب بحيرى المعروف أكثر من الأوّل في الروايات المسيحية. وكان جوابه أن البعد الجغرافي للراهب بحيرى يخفّف من احتمال أثره في نشأة الإسلام، في حين أن ورقة بن نوفل هو ابن عمّ خديجة زوجة الرسول كما نقل الإخباريّون، ومذكور في صحيح البخاري وغيره من الأصول الإسلامية.
محور 2
–أبونا فادي كميد: الأب جوزف قزّي الراهب والمعلّم ما الذي رسخ في ذاكرتك ووجدانك عنه؟
رأيتُ في أبونا قزّي القلق أكثر ممّا رأيت الثورة: مثلاً القلق على ضياع الوقت. القديس شربل مثلاً كان أبونا يوسف يعتبره مدعاة قلقٍ لنا نحن الرهبان ويحفّزنا على الوصول إلى ما وصل إليه من قداسة. وممّا تعلّمته من الأب قزي أن لا نقبل بالواقع كما هو.
-أبونا فادي أطروحتك عن الأب قزّي: لماذا اخترتَ لها كتابه بين المسيحية والإسلام تحديداً؟ وما هي أبرز المحاور التي تضمّنتها؟
وجدتُ أن الروح القدس في القرآن موضوع لم يحظَ بما يستحقّ من دراسات في الغرب، وآخر ما كُتب فيه يعود إلى الخمسينات من القرن 20. وروح القدس من المنظور الإسلامي له الدور الأساسي في مسألة التنزيل. فدرستُ ذلك كما طرحه وعرضه الأب قزّي في كتابه المذكور.
سيّد وليد: ما الذي يبقى في ذاكرتك ووجدانك عن الأب جوزف قزّي بعد رحيله؟
إنّه من الشخصيّات الحبيبة والمهمّة التي التقيتُها في حياتي. لطيف المعشر، ظريف المجلس، جريء، وصاحب صُنعة ومواضيعه وأحاديثه تنمّ عن ذكاء واضح. وباحث صادق في بحثه وفي حياته، ورجل شجاع يكتب ما يقتنع به.
-سيّد وليد: هل التقيتَ مع الأب قزّي على نقاط معيّنة في حواراتكما؟ وما هي أبرز نقاط الخلاف؟
وافقته في أمورٍ عديدة وثمّنتُ طريقته المنهجية، فهو ليس عشوائيّاً حتى في نقد الإسلام: ينطلق من القرآن ثم كتب التفاسير، فالحديث. ويذكر ما يحصّن به نفسه.
وممّا أخذتُ عليه انطلاقه في بحوثه من قناعاته الدينية المسيحية وسعيه بالتالي لإثباتها. كما وأنّه صدمني في كتابه الأخير “تبرئة الله” ودعوَتِه لإلغاء الأديان.
محور 3
-أبونا فادي كميد: الرهبنة التي تنتمي أنت إليها وينتمي إليها الأب جوزف قزي أي الرهبانية اللبنانية المارونية ما هي علاقتها بالإرث الذي تركه أبونا قزّي، وما الذي يمكن أن تفعله للحفاظ على هذا الإرث وتنميته وتطويره؟
ما تركه الأب قزّي مسؤولية كبيرة لاستمرار البحث. والرهبانية اللبنانية المارونية ستكون أمينة على تراثه وتعمل على نشره. وما كان يقوله عن القديس شربل أنّه مدعاة قلقٍ لنا جميعاً ينطبق عليه هو، فالأب قزّي مدعاة قلق لنا نحن إخوته الرهبان كي نتابع البحث عن الحقيقة ونوصلها إلى كلّ من يبحث عنها. ونحن مؤتمنون على تراثه الضخم والذي يربو على ثلاثة آلاف مقال ونحو ستين كتاباً، وهي مسؤولية كبيرة أن نحافظ عليه وننشره.
–أبونا فادي: الأب جوزف قزي الباحث في الإسلاميات وفي الفرق الإسلامية وفي اللاهوت ما هي أبرز إنجازاته ومساهماته الفكرية برأيك؟
الثورة الحقيقية للأب قزّي هي في مجال الحياة الرهبانية: كان ملتزماً جدّاً بالواقع الذي يعيشه، وبالعودة إلى جذور الحياة الرهبانية. وبإظهار صورة للمسيح المجرّد من كلّ تراكمات التاريخ.
أمّا في الإسلاميّات فأنقل عن أساتذتي في السوربون أمثال محمد علي أمير معزّي وغيره أن ما كتبه الأب قزّي أجرأ بحثٍ يتعلّق ببداية الإسلام. أما ما يتعلّق بالأقلّيات والفرق الإسلامية فقد نشر نصوصاً لهذه الفرق من شأنها أن تكون بداية لبحوثٍ معمّقة كثيرة لاحقة.
-سيد وليد: ما هو موقع فكر الأب قزّي في الفكر الديني المعاصر في المشرق العربي وما هو أثره؟
الأب قزّي مفكّر عربي جريء أعتزّ به كصديق. وهو شخصيّة جدلية بيد أنّه منهجي. وقد أغنى المكتبة العربية بما نشر من نصوص للفرق الإسلامية.
–سيّد وليد: ما هي أبرز إسهامات الأب قزي الفكرية، وما الذي سيبقى منها بعد رحيله برأيك؟
تراثه سوف يبقى لفترة طويلة، لا سيّما وأنّه خدم مكتبة التراث الإسلامي والمسيحي بما نشر من نصوص كما أشرتُ. وأنا وإن كنتُ قد خالفته في ما ذهب إليه في عددٍ من أفكاره وبحوثه وكذلك في كتابه “تبرئة الله” فإنّني أنوّه بجرأته في الربط وبتحرّره الفكري.
«»«»«»«»«»([1])
[1] –