نبذة:
يمثّل هذا الكتاب الجزء السابع في سلسلة “اليهودية بأقلام يهودية”. وقد راعت هذه السلسلة التمتع بميزتين: أولهما، جدة الموضوع، بحيث لم يسبق أن خصّص له كتاب منفرد في العربية؛ وثانيهما، تميّز المقاربة، مقاربة من الداخل، مؤلفون يهود يتناولون مواضيع في الثقافة والدراسات اليهودية.
وهذا الكتاب الذي نقلّب صفحاته يستجيب بامتياز لهذين الشرطين: الموضوع الجديد وهوية الكاتب. فالكتاب يتناول ومن خلال دراسة موضوعية تراث اليهود في الدولة الإسلامية وخصوصاً الأندلس. أما بالنسبة للمؤلف “سليم شعشوع” فهو يهودي عربي، ولد في بغداد، ودرس في معاهدها، وتخرّج من كلية الحقوق في جامعة بغداد عام 1950، ثم هاجر إلى فلسطين المحتلة عام 1951، وسافر في أواخر الستينات إلى الولايات المتحدة حيث درس تاريخ الآداب العبرية في القرون الوسطى في جامعة دروبسي في بنسلفانيا. ونال عام 1971 شهادة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية والآداب العربية من جامعة كولومبيا، في نيويورك، كما نال عام 1973 دكتوراه في الحقوق.
لذا يمكن القول إن المؤلف وبكونه قد جمع في دراساته وأبحاثه بين الآداب العبرية من ناحية، والآداب العربية والدراسات الإسلامية من ناحية أخرى، مؤهل للخوض في هذا الموضوع مدار البحث في هذه الدراسة وهو التراث اليهودي في الدولة الإسلامية. والمؤلف سليم شعشوع، وهو اليهودي العربي الأصل، مسكون بفكرة أساسية، لا يتعب من تكرارها من أول الكتاب، من المقدمة، إلى آخره في الخاتمة: وهي أن العلاقات بين العرب واليهود في الدولة الإسلامية كانت دائماً ودية، ووصلت إلى أقصى درجات التعاون عبر التاريخ، ولعله بذلك يقصد أن يقول إنها وكما كانت دائماً علاقة ودّ وتعاون، عبر التاريخ، فهكذا يجب أن تكون اليوم (على أرض فلسطين)، وأن تستمر غداً، وفي المستقبل.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن للكتاب ميزاته وأولاهما، أنه، وعلى الأرجح، الكتاب العربي الوحيد المكرس لمسح تاريخي -نقدي لتراث اليهود المكتوب بالعربية والذي يحتوي على تراجم موسعة ودراسات نقدية لفلاسفة وشعراء وأطباء أمثال يهودا هاليفي، وابن فقودة، وابن غبيرول، وابن تبون، وغيرهم مما كان لهم أثر بيِّن في الفكر العربي، وساهموا في نقله إلى أوروبا. وكانوا جسر تواصل بين الثقافتين العربية واليهودية من ناحية، والحضارتين العربية والغربية من ناحية أخرى.
هذه الميزة تجعل هذا المصنف يأخذ مكاناً له في المكتبة العربية. بالإضافة إلى هذه الميزة، فإن ما يسجّل لهذا الكتاب في خانة الميزات الإيجابية، مساهماته في مجال الأدب والفكر المقارن. هذه المساهمات، وإن لم تكن دراسات معمّقة، فمن شأنها أن تفتح الطرق لمثل هذه الأبحاث.