تأليف: شهاب الدين يحيى السهروردي
تاريخ النشر: 12/10/2009
ترجمة، تحقيق: هنري كوربان
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
السلسلة: مكتبة السهروردي شهيد الصوفية
النوع: ورقي غلاف فني،
حجم: 21×14،
عدد الصفحات: 650 صفحة
الطبعة: 1
مجلدات: 1
اللغة: عربي
نبذة :
يقول شيخ الإشراق شهاب الدين يحي السهرودي، في إنطواء الوجود كله في قهر نور الأنوار: ذلك أن تعلم إذا حققت أن كل حادث مفتقر إلى سبق حوادث مسلوبة النهاية –أنه لولا حركات الأملاك وحصول الإستعدادات شيئاً بعد شيء ما صحت اللانهاية في الممكنات، فإن الأجسام متناهية والعلل والمعلولات واجبة النهاية، ولا يحصل في المتناهي والجهات المتناهية فيه إلا أمور متناهية. فلولا الحركات كان يحصل من العلل أمور متناهية، وكان يثبت الوجود على ذلك المبلغ واقفاً عنده من غير زيادة ولا نقصان، وبقي الإمكان على غير النهاية التي ماكان يصح خروج شيء منها إلى الفعل. فلما كان الجود الآلهي غير قاصر في إفادة الجود على قدر متناه وله القوة الغير متناهية، كان لوازم ذاته هيول مستعدة للقبول إلى غير النهاية، وماكان يتم حدوث الحادثات إلا بمتحركات لشوق أزلي يتبع حركاتها حوادث، وهو نور الأنوار واجب الوجود. نظم الوجود ورتبه وحفظ نظامه باللانهاية. ولسنا نشير إلى الغرض، بل إلى أنه ذات حصل منها الوجود إلى أتم النظام. ومعنى قول الأقدمين ” إن اللانهاية هي البارئ ” معناه أن اللانهاية من جميع الوجوه لا يصح إلا عليه، فإن جميع الموجودات متناهية إلى عللها متناهية إليه كما يقولون ” إن العقل نهاية النفس وواجب الوجود نهاية العقل ولا ينتهي هو إلى شيء آخر “. فليس له نهاية كمية، وليس له نهاية ثبات، وليس له نهاية معلولية، وهو ذاته نورية لا أن النورية زايدة على ذاته – ثم شدة نورية كماليتها، وتلك لشدة – التي هي كمالية – غير متناهية، أي لا يصبح أن يدرك مدرك أتم منها وأكمل، ولا يصح أن يكون بجهة من الجهات تمامية وراءه. وشدة نورييه بحيث يصح أن يكون مبدأ لما لا يتناهى من الأنوار المدركة، وهو قاهر بنوريته جميع الأنوار، وشدة نوريته حجاب لنوريته، فإختفاؤه عنا لشدة ظهوره، وكيف والشمس إحتجبت بظهورها عن الأبصار، فالوجود كله منطو في قهره، فالأجرام إنطوت في قهر النفوس، والنفوس منطوية في قهر نورية العقول، والعقول منطوية في قهر نورية المعلول الأول، وهو منطو في قهر نورية القيوم نور الأنوار، ونورية العقول لا تزيد على ذاتها، وإذا كان فيها أنوار أخرى زايدة لتجلي العالي على السافل تجلياً سرمدياً يعلمه العلماء المشاهدون دون الظاهرين الذين يقلدون الزبر ولا يرتقون إلى المشاهدة. والنفوس في ما هياتها أيضاً أنوار مجردة وقابلة لأنوار قدسية على ما يرى الحكماء. ومما يذكر المتأخرون أيضاً أن التام هو الذي يكون حاصلاً له جميع ما بغي له منتفياً عنه جميع مالا ينبغي له حيث لا يتصور أن يكون ذاته ونوعه أتم مما هو عليه، ولا يصح له شوق إلى أمر منتظر. وهذا حال العقول. وفوق التام ما لا يتوقف شيء منه، لا ذاته ولا كماليته ذاته، على غيره، ووجود جميع ماهو غيره فاضل عن وجوده، ولا يدخل ولا الوجود أتم منه ولا يقرب منه، وهو واجب الوجود، والمكتفي هو الذي أعطي ما به يحصل كمال نفسه وإن كان على سبيل تجدد ودوام شوق، والناقص مادونه. ويتابع السهروردي من التجليات ما حظيت به نفسه النوارنية من كشوف وذلك ضمن كتابه المقاومات والمشارع والمريد والمتفلسف إلى ما في كتابه هذا. وهو يتصح لمن أراد سبرغور ما جاء في هذا الكتاب من نكت ولطائف، قراءة كتابة الموسوم “بحكمة الإشراف ” كما وكتاب التلويحات الذي هو ضمن هذا المؤلف. والذي سبق كتاب المشارع والمطارحات الذي إنتقينا هذا الفصل وهو الذي عرفنا عنه سابقاً في إنطواء الوجود كله في قهر ” نور الأنوار ” ويشير السهرودي، شهيد الصوفية، بأنه لا يقصد من قراءة هذين الكتابين مراعاة الترتيب، ولا إلتزام بموضوع علم، بل إن غرضه هو البحث وإن تأدى إلى قواعد في علوم متفرقة، مضيفاً بأنه إذا إستحكم الباحث هذا النمط فليشرع بالرياضيات المبرقة بحكم القيم على الإشراق حتى يعاين بعض مبادئ الإشراق ثم يتم له مباني الأمور، وإن الأمور الثلاثة المذكورة في حكمة الإشراق فهي أن علومها لا تعطى إلا بعد الإشراق، وأول الشروع في الحكمة هو الإنسلاخ عن الدنيا وأوسطه مشاهدة الأنوار الآلهية، وآخره لا نهاية له، وقد سمى هذا الكتاب كما أشرنا إليه “كتاب المشارع والمطارحات”.