معراج محمد/المخطوطة الأندلسية الضائعة

 
مقدمة المؤلف للطبعة الثانية
ها هو ”معراج محمد“ الجزء الثاني من سلسلة المعراج/النص، الواقع والخيال، يلحق بشقيقه الجزء الرابع ”المعراج من منظور الأديان المقارنة“ فتنفد نسخه من الأسواق، بعد بضعة أشهر من صدوره. ولا يسعني سوى أن أعبّر عن فرحتي بهذا الإقبال والاهتمام. ولكنه أمر يُشعر بالمسؤولية، بقدر ما يسرّ. مسؤولية في اختيار المواضيع وفي جدّية مقاربتها في آن.
وأقلّ ما يُقال في مواضيع سلسلة المعراج أنها دقيقة وحسّاسة. فبين النص والواقع ينسج الخيال الحكايا بل والأساطير. وبعض من هذه الأخيرة يغدو جزءاً من معتقدات الناس وإيمانهم!! فيدخل مجال المقدّسات… بل والمحرّمات.
تحاول هذه الدراسة أن تعبر من النص إلى فهم جذور نظرة الغرب إلى الإسلام. كيف ساهم بعض حكايات المعراج العربية في خلق أساطير بل خرافات عن الإسلام ونبيّه. وهي لا تزال جاثمة حتى اليوم في الوعي الجماعي الغربي. وفي محاولتنا لفهم جذور النظرة الغربية هذه، كان لا بدّ لنا من أن نورد عدداً من الأساطير بل والخرافات الغربية التي سادت في العصور الوسطى عن الإسلام، وكان لنصّ ”معراج محمد اللاتيني“ سهم في نشأتها وانتشارها. ولكن مجرّد الإلماع إلى خرافات تمسّ نبيّ الإسلام، قد يشعر القارئ العربي بشيء من الاشمئزاز. فكيف بذكرها وسرد بعض تفاصيلها.
لم نجد مفرّاً من هذا الخيار الصعب. فأن نضع الإصبع على الجرح، أو نحاول وضعه، خير من أن يستمرّ الجرح نازفاً ولا مَن يحاول أن يفهم السبب.
وإذا كنا قد نقلنا بتحفّظ في الدراسة، ولا سيما في خاتمتها، بعضاً من هذه الأساطير، فذلك على قاعدة المبدأ الفقهي الإسلامي القائل:«ناقل الكفر ليس بكافر». ولسماحة الشيخ السعودي محمد بن صالح العثيمين فتوى بشأن هذا المبدأ تقول:«إن ناقل الكفر لليس بكافر، بمعنى أن الإنسان الذي يحكي قول الكفّار لا يكفر، وهذا أمرٌ معلوم لأهل العلم، وحسب النظر أيضاً، فإنك إذا قلت قال فلان إن الله ثالث ثلاثة أو ما أشبه ذلك، فإنه لا يعدّ ذلك كفراً منك. لأنك إنما تحكي قول غيرك»( ).
وهذا الكتاب ينقل بعض كفريات الغرب القديمة بالإسلام. وذلك في سبيل فهم متأنٍ لخلفية نظرة الآخر. وفي الطبعة الثانية هذه بعض الأمثلة الجديدة على ذلك. كما فيها إضافات في موضوع الأثر الإسلامي في كوميديا دانتي. وإلى ذلك فقد حَوَت عدداً من التصحيحات والتنقيحات اللغوية والطباعية. ما يجعل منها طبعة مزيدة ومنقّحة بالفعل، آملين أن تلقى استحساناً وقبولاً عند القرّاء.
Q.J.C.S.T.B
باريس في 15/10/2008

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *