المعراج في الوجدان الشعبي

Q.J.C.S.T.B
باريس 15/07/2009

[المزيد من الكتاب]

عنـوان الكتاب : المعراج في الوجدان الشعبي
أثـره فـي نشـأة الفِرَق الإسـلاميـة والفنـون والأسـفار المنحولـة
مع تحقيق لِز”معراج النبي“ عن مخطوطة للشيخ داود الرفاعي
مؤلّف المترجم/Auteur : د. لويس صليبا Dr Lwiis Saliba
أستاذ وباحث في الأديان المقارنة/جامعــة السوربون باريس.
Titre : Le Mi’râj dans la conscience collective
عنوان السلسلة : المعراج/النص، الواقع والخيال 3
عدد الصفحات : 378 ص
سنة النشر : 2010 طبعة ثانية/طبعة أولى 2008
تنضيد وإخراج داخلي : صونيا سبسبي
الناشر : دار ومكتبة بيبليون
طريق المريميين – حي مار بطرس- جبيل/ بيبلوس ، لبنان
Byblion1@gmail.com
2010 – جميع الحقوق محفوظة
 
مقدمة الطبعة الثانية
وأخيراً، ها هي الطبعة الثانية من هذا الكتاب. ولقد استغرق إعدادها من الجهد والوقت أكثر بكثير مِمّا كان مقدّراً له.
في هذه الطبعة العديد من الإضافات، وعدد من التعديلات.
ففي الفصل الأوّل من الدراسة، توسّعنا في دراسة بعض الشخصيّات في الفرق الإسلاميّة لا سيما الجعد بن درهم وأبو شمر الحنفي.
وفي الفصل الثاني توقّفنا مطوّلاً عند معراج ابن عبّاس. فهو ظاهرة بارزة في الأدب الإسلامي عموماً ولا سيما في الأدب المعراجي. وهو في هذا الأخير، الأشهر بلا منازع، ولو كره الفُقهاء والمتزمّتون. فكان لا بدّ من دراسة متأنيّة لنسبة هذا الأثر إلى الإمام عبدالله بن عبّاس ودلالاتها ورمزيّتها، والتوقّف مجدّداً عند الأسفار المنحولة في الإسلام (ومعراج ابن عبّاس أبرزها) وأثر روايات المعراج في نشأتها.”معراج ابن عبّاس“ كم أثار هذا الأثر التراثي، ولا يزال، من الجدل والنقاشات الحامية: بعض يغالي في إظهار إعجابه وتقديره له، وآخر يفرط في الاستنكار والتحذير منه ويعتبره مدسوساً وموآمرة بحدّ ذاته. من هنا الحاجة إلى وقفة محايدة تعرض لمختلف الآراء، تغربل وتفنّد، وتجهد أن لا تغمط الأثر المذكور حقّه. ولا ندّعي فصل الخطاب في هذا الجدل، ولكنّنا سعَينا إلى رؤية واضحة وسط عاصفة السجال الحامي وغبارها.
أمّا دراسة التصوير الإسلامي، وأثر المعراج في نشأته وإشكاليّة رسم الأنبياء في الإسلام، فالمادّة الجديدة التي جمعنا من نصوص ورسوم جعلتنا نؤجّل البحث فيها إلى جزء لاحق من هذه السلسلة، وننقل بالتالي الفصل المختصّ بذلك أي المعراج وآثاره في التصوير الإسلامي والإضافات عليه إلى الجزء الخامس من ”سلسلة المعراج/النصّ الواقع والخيال“.
وإذا كنّا قد نزعنا من هذا الكتاب أحد فصوله، فقد عوّضناه عنه بفصل جديد هو الثالث والأخير من الدراسة/القسم الأوّل: مكتبة المعراج أو قاموس ما كتب في الإسراء والمعراج، أنه عمل استغرق إعداده وقتاً طويلاً وآن أوان نشره.
والثبت البيبليوغرافي هذا نقطة محوريّة لا بدّ أن يمرّ بها البحث في مسألة المعراج، إذا شئنا له التوسّع وبُعد الرؤيا. وقد اجتهدنا أن يجمع معجمنا بين الدقّة الشمول ما أمكن، على أن نواصل تنقيحه ورفده بالجديد في طبعات لاحقة.
نصل إلى القسم الثاني من الكتاب أي رواية معراج ابن عبّاس عن مخطوطة الشيخ داود الرفاعي. فقد أولينا الهوامش والتعليقات على المتن، مزيداً من العناية. فأضفنا العديد من الحواشي، بعضها يقارن بين المتن ونصوص أخرى من المعاريج المنسوبة لابن عبّاس، أو أحاديث المعراج في كتب الصحاح وغيرها، لأنّنا وجدنا من الضروري الإشارة إلى حيث يتوافق نصّنا مع الروايات الأخرى للمعراج وحيث يتمايز عنها.
والبعض الآخر من الحواشي يتوقّف عند عدد من رموز النص وأبعادها الميثولوجيّة: الأحجار الكريمة، معاني أسماء الأنبياء، ورمزيّة مقامهم في سماء دون أخرى.. إلخ.
والهدف الأوّل والأخير من هذه التعليقات المساعدة في فهم متأنٍّ للنصّ وخصائصه وميزاته.
هذه الإضافات والتعديلات تجعل من الطبعة الثانية هذه نسخة مختلفة تماماً عن الطبعة الأولى. ولعلّ أبرز ميزاتها، بالنسبة لنا، أنّها كانت مناسبة لتجديد الاهتمام والبحث في موضوع شيّق وشاق في آن:”المعراج الإسلامي“. وبالتالي مواصلة إصدار أجزاء جديدة من ”سلسلة المعراج/النص، الواقع والخيال“. فإلى لقاء قريب في الجزء الخامس منها.
Q.J.C.S.T.B
باريس 15/07/2009

 
مدخل إلى أبحاث هذا الكتاب
ها هو الجزء الثالث من سلسلة ”المعراج/النصّ، الواقع والخيال“ نضعه بين يدَيِّ القارئ. وكُنّا، في الجزء الأوّل من هذه السلسلة، قد نشرنا كتاب المعراج للقشيري مقروناً بدراسة عن المعراج بين المحدّثين والمتكلّمين والمتصوّفين. وبَحَثْنا في تلك الدراسة في الإشكاليات التي يثيرها المعراج عند كل من الفئات الثلاث هذه. وتوقَّفنا عند الصوفيّة وتفاعلهم مع هذا الحدث. فإذا كان المعراج عند المحدّثين يطرح مشكلة السند وصحيح الروايات من ضعيفها وموضوعها، وعند المتكلّمين يطرح مسائل عقائدية عويصة: كيف حصل المعراج: بالجسد أم بالروح فقط؟ وهل حصلت رؤية الله وكيف؟، إلى ما هنالك من مسائل كلاميّة كانت مثار خلاف بين الفِرَق والمتكلّمين. فإن عواصف الجدل والسجالات التي أثارها المعراج، بين المحدّثين وعند المتكلّمين، ارتدّت برداً وسلاماً وسكينة على قلوب الصوفيّة. فبحثوا، انطلاقاً من هذه الحادثة في حياة الرسول، صلعم، عن معراجهم الروحي وصعودهم إلى الحق. تلك كانت حال أبي يزيد البسطامي وابن عربي وغيرهما. ولِمَن شاء التوسّع في موقف كل من هذه الفئات الثلاث فعليه العودة إلى الجزء الأول من هذه السلسلة.
وفي الجزء الثاني نشرنا نصّ ”معراج محمد“ وهو مخطوطة أندلسيّة تُرجمت في القرون الوسطى إلى اللاتينيّة في مملكة قشتالة، وضاع أصلها العربي. فعمدنا إلى ردّ البضاعة إلى أهلها. فأعدنا نقل النص اللاتيني إلى العربيّة. وأرجعناه إلى أصله وبيئته، إذ نشرنا في هوامشه المتون العربية التي استُقي منها النص. وذلك بالعودة إلى كتب الأحاديث وأشراط الساعة والسيرة النبوية وغيرها. وقمنا بدراسة تاريخيّة وتحليليّة للنص. متتبّعين رحلته من المشرق إلى أوروبا، واستقبالها له، وأثره في آدابها، ولا سيما في نظرتها إلى الإسلام في العصور الوسطى. هذه النظرة التي لمّا تزل في جذور الموقف الغربي من الإسلام إلى اليوم.
وهكذا، وفي الجزء الثاني، نكون قد نشرنا نصّاً ثانياً من آداب المعراج ورواياته مصحوباً بدراسة وافية عنه.
فما الفائدة من الجزء الثالث الذي نقدّم اليوم. وما الذي يضيفه إلى أبحاث المعراج ونصوصه؟!
في الحقيقة، كان النصّ الذي ننشر في هذا المجلّد، مجرّد قِسم أو مُلحق في الجزء الثاني أي معراج محمد/وترجمة نصّه اللاتيني.
وكانت فِكرتنا في نشره كَمُلْحَق لنصّ المخطوطة الأندلسيّة تعود إلى اعتبارَين أساسيَّين:
– الأوّل: هو أنّ نصّ المخطوطة الأندلسيّة هو الأبرز والأهمّ، والجديد الذي لا يعرفه القارئ العربي.
– الثاني: إن الرواية المنسوبة لابن عبّاس معروفة ومنتشرة في طبعات شعبيّة وعديدة في العالم الإسلامي. من هنا رأينا في الأساس الاكتفاء بنشر نصّ هذه المخطوطة كملحق للنصّ اللاتيني المترجم، على سبيل المقارنة بينهما ومعرفة نُقاط التشابه والاختلاف.
لكننا وبعد تعمّقنا في نصّ مخطوطة ”معراج النبي“ التي ننشر في هذا المجلّد، وجدنا أنها تختلف عن سائر المعاريج المنسوبة لابن عبّاس. فهي ليست أكثر تفصيلاً وأحكم بنية منها وحسب بل وتحوي عناصر ميثولوجية وفولكلوريّة وشعبيّة، تنفرد لوحدها بها. ما أثار فينا ”الحشريّة“ والفضول للبحث في مصادر هذه العناصر وميزاتها وكَيْفيّة إدخالها في هذا النص. وهكذا استدرَجَنا النصّ شيئاً فشيئاً للتعليق عليه ومقارنته بغيره من نصوص المعراج أو الروايات الميثولوجية المجاورة جغرافياً له. وبالتالي دراسة عناصره وبنيته الروائيّة. وعِلم الملائكة Angélologie فيه.
واتضح لنا أنّ هذا النصّ يعكس حسّاً شعبيّاً متطوّراً، ومفهوماً معيناً لمنزلة الأنبياء والخُلفاء.. إلخ. إضافة لاستيعابه لعناصر ميثولوجية من حضارات مجاورة مثل السماء الدنيا وقيامها على جبل قاف، وحيّة العرش، وحورية المسك والكافور والنور… الخ، وتمثّله لها.
كل هذه الخصائص التي تميّز بها نصّنا جعلت منه نموذجاً راقياً ومتطوّراً لروايات المعراج. والتي يمكن اعتبارها نوعاً أدبيّاً قائماً بذاته، مشابهاً للملاحم والسِيَر أمثال قصّة عنترة وملحمة كلكامش وغيرها، ما أقنعنا بجدارة هذا النص واستحقاقه لأن ينشر ويدرس في مجلّد مستقل وعلى حدة. ويذيّل بتعليقات توضح المتن وتساعد الباحث على فهمه.
وبالإضافة إلى ذلك فإن معراج ابن عبّاس نموذج إسلامي للأسفار المنحولة التي عُرفت في المسيحيّة واليهوديّة. وقد توسّعنا في شرح ذلك في الفصل الثالث من الدراسة.
ولن نتوقّف هنا عند طريقتنا ومنهجيّتنا في نشر النصّ وتقسيمه إلى فصول والتعليق عليه. بل نحيل القارئ إلى الفصل الذي أفردنا لذلك.
ونصّنا هذا، كما أشرنا، ينتمي إلى الأدب الشعبي. ونتاج حسّ تُقَويٍّ شعبيٍّ يُعذَر في مغالاته في تقدير الرسول، وعدم إحجامه عن إيراد أي عنصر من خارج روايات المعراج متى كان مفيداً في التأكيد على مكانة هذا الأخير من ربّه ومنزلته الأولى بين سائر الأنبياء والمرسلين.
وهذا الجو الشعبي الذي أدخلنا فيه النص دفعنا إلى البحث في زوايا وأوجُه ومجالات أخرى من الوجدان الشعبي كان للمعراج أثره فيها. وأبرز هذه الأَوْجُه التي حاولنا تبيّنها كان أولاً أثر روايات المعراج في الفِرَق الإسلاميّة ونشأتها. وهو موضوع لم ينل، إلى اليوم، ما يستحق من دراسة وبحث. فعرضنا لتفاعل الجماعة الناشئة مع روايات المعراج وأحاديثه التي كانت تزداد نموّاً وتفصيلاً وانتشاراً مع نموّ الأمّة وتوسّعها وانتشارها. وتوقّفنا عند استعارة العديد من مؤسّسي الفِرَق الإسلامية ومدّعي الولاية، أو النبوّة، لعناصر وأحداث من روايات المعراج ونسبتها إليهم، وإفادتهم بالتالي منها لتأسيس عقيدة وفرقة خاصة. وهي ظاهرة، كما أشرنا في البحث، تدلّ على تجذّر المعراج حدثاً وعقيدة في الوجدان الشعبي. وتابعنا هذه الحركات الدينية في ما دَعَتْ له وآلَت في النهاية إليه، مع التزامنا المحدّد بدراستها من زاوية علاقتها بالمعراج وتفاعلها معه.
وتجذّر المعراج، حكاية وعقيدة، في الوجدان الشعبي، لم يقتصر مفعوله على نشأة نوع أدبي مميّز وأثره في نشوء بعض الفِرَق الإسلامية. بل كان للمعراج أثرٌ ملحوظ في نشأة الفن الإسلامي ونموّه وتطوّره. ولا سيما فنّ التصوير منه. وفي الحديث عن المعراج وفَنّ التصوير ملامسة للمحظور، أو بالأحرى ما اعتبره الكثيرون محظوراً ومحرّماً. فكان لا بد من عرض هذه المسألة، وآراء وفتاوى العديد من الباحثين التي تنفي تحريم الإسلام للتصوير. ولكن حتى لو سلّمنا جدلاً بتحليل الإسلام للتصوير، ماذا عن رسم الرسول، صلعم، أو بالأحرى الرمز إليه في اللوحات. إنها إشكالية أثارت الكثير من السجالات والنقاشات. ولا تزال الآراء فيها متباينة. ولكن اللافت أن المصوّر الإسلامي تخطّى عتبة المحظورات هذه، وأبدع في تصويره للمعراج فنّاً عالمياً خالداً لا يزال محطّ تأمّل الملايين من محبّي الفَن الراقي مسلمين وإعجابهم وغير مسلمين. فهل يجوز لنا في سلسلة تناولت آثار المعراج من كافة جوانبها، وفي جزء يتناول المعراج في الوجدان الشعبي أن نُهمل هذا الجانب من تأثير المعراج، لا سيما وأن الكثيرين من غير المسلمين لم يعرفوا المعراج، أو يسمعوا عنه، إلا من خلال التصاوير والمُنَمْنَمَات!!
وكيف تملأ هذه المُنَمْنَمَات مئات الكتب الغربيّة التي تتحدّث عن الإسلام وتزيّنها وتدفع القارئ دفعاً إلى اقتنائها رغبة في الاحتفاظ بهذه الصُوَر واللَّوحات، ونجدها مغيّبة كلّياً، أو بشكل شبه تام عن المكتبة الإسلاميّة والكتب العربيّة.
ألم يكن الفنّان الذي رسمها مُسلماً مُؤمِناً برسالة محمد، صلعم، ومنزلته بين الأنبياء ومكانته من ربّه. إن كل الوقائع التاريخيّة والتحليلات النقديّة الفنّية لهذه اللَّوحات تُجيب بِنَعَم عن هذا السؤال. فلِمَ تبقى هذه المُنَمْنَمَات مغيّبة عن المكتبة العربيّة؟!
يقول الباحث د. ثَرْوَت عكاشة بحسرة:«من العار علينا أن نظلّ نستقي معارفنا عن تراثنا الفنّي الإسلامي من المستشرقين وحدهم. وأن نكون لهم في ذلك تبعاً، ليس لنا رأي مستقل تمليه دراسة مستقلة»( ). فأهل مكّة أدرى بشعابها، وقد يكون لدراستنا لهذه الآثار الفنيّة الإسلاميّة رأي القريب الموصول والمتواصل مع تراثه وأمسه. وهل يجوز أن تبقى الآثار الإسلاميّة الفنّية ثَرْوَة لِغَيرنا، ونبقى نحن إزاءها كالغُرباء أو المتغرّبين والمستغربين؟!
كل ذلك دفعنا إلى عرض، أو بالأحرى إعادة عرض لوحات المعراج ومُنَمْنَمَاته. ممهّدين لها بدراسة وتوصيف للتصوير الديني الإسلامي، لا سيما المُنَمْنَمَة الدينيّة التي تمثّل الرسول، صلعم، العائدة إلى 614 ﻫ / 1217 م والمنتمية إلى مدرسة بغداد في التصوير الإسلامي. وتوقّفنا عند ميزاتها استناداً إلى أبحاث مكتشفها بشر فارس. وخصائص ما تلاها من لوحات وصولاً إلى مُنَمْنَمَات المعراج ولوحاته، والتي تعتبر بحق مدرسة بحد ذاتها في التصوير وذروة من إبداعات الفنون العالميّة وتَتْويجاً لها( ).
واستعرضنا هذه اللوحات ضمن نص رواية المعراج كي تُفهم وتُتَذَوَّق في إطارها الروحي والديني. وإن كانت، أحياناً، تخرج عن تفاصيل النص ودقائقه وحرفيّته.
ولا ندّعي أننا في دراستنا لتصاوير المعراج قد أَتَيْنا بالجديد المبتكَر، لا سيما وأننا غير متخصّصين في النقد الفنّي. وتنحصر مساهمتنا هنا بمحاولة إعادة هذا الفنّ الإسلامي الرفيع إلى جوّه وإطاره الديني والحضاري، وفهمه كأثر من مؤثّرات المعراج العديدة في الوجدان الشعبي، وعمل تَقَوِيّ إبداعي عبّر فيه الفنّان المُسلم عن عمق تعلّقه بدينه وحُبّه لرسوله، صلعم، وإجلاله له، وإن على طريقته الخاصة وبفرشاته وألوانه. هذه الطريقة التي قد يستغربها، أو حتى يستهجنها، البعض، ومع ذلك فسيستحسنها ويجلّها الكثيرون مِمَّن يشاركون الإيمان والتبجيل.
وما نأسف له حقاً هنا، أن الإمكانات التقنيّة لم تَتِح لنا، في هذه الطبعة، إخراج اللَّوحات المذكورة بحلّتها الملوّنة. لذا نأمل إنجاز ذلك في طبعة أخرى.
وبحثنا الأوليّ في التصوير الإسلامي وميزاته نبّهنا إلى ثغرة في الأبحاث والدراسات في هذا المجال. فموضوع مثل: المسيح في التصوير الإسلامي أو الأنبياء في التصوير الإسلامي.. إلخ. أمور غير مطروقة وتستحقّ دراسات مستقلّة ومعمّقة. فاللَّوحات الإسلاميّة التي تصوّر حياة المسيح وتعاليمه من المنظور الإسلامي، ووفق العقيدة والرواية الإسلاميّة عديدة ورائعة الجمال، وتنتظر مَن يجمعها بين دَفَّتَي كتاب ويدرس خصائصها. عسانا نقوم بذلك في وقت لاحق، أو يتنبّه للأمر أحد الباحثين ويتولّى القيام به.
تلك باختصار أبرز معالم هذا الكتاب، وأهم مواضيعه.
وقد حرصنا فيه ألاّ نُكرّر ما ذكرنا في أجزاء أخرى من هذه السلسلة، وأن يتناول موضوعها العام: المعراج/النصّ، الواقع والخيال. من زاوية أخرى ومميّزة. فيضيء جوانب من هذا المَعْلم الروحي/الحضاري/ الديني الشامخ الذي هو المعراج. ويساهم في تقريبه إلى القارئ والتنبيه له.
ومُبتغانا دائماً، وفي كل ما نكتُب، أن نِضيف شيئاً وإن يسيراً، لا أن نكرّر ليس إلا.
وللقارئ الحَكَم في جُدَّة ما نقدّم وجدواه.
والله من وراء القصد.
Q.J.C.S.T.B
باريس في 14/01/2007

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *