انبهار المسيح بعظمة الحسين عليه السلام

انبهار المسيح بعظمة الحسين عليه السلام

ان الروح الفلسفية التي يتمتع بها مفكروا المسيحية تقودهم إلى إلتفاتات جميلة ورائعة في تصوير كثير من الاحداث بإعطائها لمسة فتية خلابة ، وبحكم دراستي في الاديان جمعتني جلسات وحوارات مع عدد من علمائهم وتتبعت نتاجات مفكريهم ، ففي بغداد كان الاب يوسف توما عالم اللاهوت المسيحي بالعراق من ابرز الشخصيات التي حاورتها وهو يحمل فكر متعمق في لاهوت المسيح ، وكان يرى أن مشاكل المسيحيين لا يمكن أن تحل بالعراق مالم ينتهي النزاع الطائفي بين السنة والشيعة الذي يسعى لتأجيجه بعض السياسيين ، والأصابع الخفية من وراء الحدود العراقية ، ويعد البروفيسور بيير لوري المفكر المسيحي المختص بالدراسات الاسلامية في فرنسا نموذج عبقري للمتعمقين بالبحوث الاسلامية وكتبه تشهد له ببراعته في هذا المجال ، ولعل الذي استهواني من مصر هو ابراهيم الطرزي القبطي الذي كرس وقته لترجمة المخطوطات القديمة من النصوص والاناجيل الممنوعة فوفر لنا نصوصاً تتوافق في طرحها كثير من القضايا التي تنسجم مع الرؤية الاسلامية ، ويبقى الدور الريادي للعلامة اللبناني الخوري بولس الفغالي الذي يعد من أوسع المختصين بدراسات الكتاب المقدس بعهديه وقد انتج يراعه تحقيق كثير من المخطوطات إضافة لشروحات بسطت الفهم لنصوص التوراة والانجيل فبلغت مؤلفاته العشرات ، ولو أردت أن أستقصي علماء المسيحية الذين كتبوا في اهل البيت فهم كثر ولعل بحث الدكتور لويس صليبا في مهرجان ربيع الشهادة الثامن الموسوم بالحوار الامامي المسيحي قد أستطرد لهم واستعرض كتاباتهم في ذلك .

 ولعل المكانة التي نالها الكاتب المسيحي إنطوان بارا  السوري المقيم في الكويت من تاليف كتابه ( الحسين في الفكر المسيحي ) لايمكن أن ينالها من مؤلف آخر ولعل الضجه الاعلامية التي رافقت اصدار الكتاب والدعاوى القضائية التي أقيمت ضده كانت تصب في بروز انطوان بارا على الساحة العلمية ، الذي لم يتوقع ان كتابه عن الحسين سيعطيه هذه الريادة ، جمعتني الليالي الجميلة في كربلاء في مهرحان ربيع الشهادة السابع مع انطوان بارا لنتحدث عن الحسين وال الحسين ، فكان يقول لي ( أنا مسيحي ولكني شيعي الهوى ) وأذهلتني رؤيته بأنه يرى أن أولاد فاطمة عليها السلام هم أقدس بشر في الكون ،  وكم شدني وهو يشرح لي كتابه الجديد عن زينب بنت علي ، وكيف قرأ أكثر من ثلاثمائة مصدر وكتاب ليكتب عن زينب ، وما شدني أكثر هو الفصل الذي خصصه لشرح عبارة مهمة للعقيلة زينب عليها السلام حينما قالت عن واقعة كربلاء (( ما رأيت إلا جميلا)) فيحلق أنطوان بارا في سماء الوصف ليشرح ماهية الجمال ومعناه في فكر زينب ، وكيف يمكن التوفيق بين مأساة أبكت ملائكة السماء ، واقشعرت لها الابدان ، وبين الشيء الجميل في نظر زينب ، وأي قوة في العقيدة تتمتع بها هذه المرأة لترى الفداء والتضحية من اجل الرب والمبادئ جميل وهذه الضحايا في عرس جماعي ، وكثير من الاوصاف والمعاني أسهب بها انطوان في فصله هذا

وفي هذه المرة بالمهرجان الثامن ، شدني إهتمام الدكتور لويس صليبا بعظمة الحسين وأخيه أبي الفضل وكيف كان يصر على زيارة مرقديهما ، وكيف أنه المسيحي الذي لم يتردد أن يحترم عقيدتنا في وقت الصلاة ليقف يصلي معنا جماعة ، والطريف أنه كان يصلي على مذهب اهل السنة فلما استفهمت منه ذلك ، قال لي / لانه درس الاسلام في الازهر وهكذا تعلم كيفية الصلاة والذي اثار استغرابي انه لم يتعرف على التشيع الا في سنة 2008 ولم يكن يتوقع ان هناك خلافاً في الرؤى بين المذهبين ، بينما هو تحسن ملفظه العربي بقرائته لنهج البلاغه ، ودعنا لويس عائداً الى لبنان وهو مشدود الى كربلاء والى الحسين ، ليكتب لي حين وصوله أنه ألف  دراستين سيكملهما وينشرهما الاولى اسمها: مسيح الفداء وحسين الشهادة ، دراسة مقارنة . والبحث الثاني : العباس أخو الحسين محاولة في الانثروبولوجية الدينية

السيد وليد البعاج

شاهد أيضاً

مطالعة في كتاب توما الأكويني والإسلام: ما يدين به توما الأكويني لفلاسفة الإسلام للدكتور لويس صليبا/ بقلم الأستاذ الدكتور عفيف عثمان

  مطالعة في كتاب توما الأكويني والإسلام: ما يدين به توما الأكويني لفلاسفة الإسلام للدكتور …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *