بين الدروز والموارنة في جبل لبنان أواسط القرن 19
تأليف: جيراردو نرفال
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
النوع: ورقي غلاف فني،
حجم: 21×14،
عدد الصفحات: 233 صفحة
الطبعة: 1
مجلدات: 1
اللغة: عربي
نبذة :
ولما تقدمنا بضع خطوات فيما وراء النافورة، ونحن ما نزال تحت ظلال الصنوبر؛ ألفينا أنفسنا لدى مدخل قرية “بيت مري” التي تقع على هضبة يمتد منها المنظر من ناحية نحو الخليج، ومن ناحية أخرى على وادٍ عميق تبدو من ورائه قمم جبال جديدة وسط الضباب المائل للزرقة، … وكنا قد تركنا إلى يسارنا بيتاً كبيراً يدل سقفه المنهار وأعمدته الخشبية الملطخة بالدخان الأسود على حريق قريب العهد، وأخبرني الأمير أن الدروز هم الذين أشعلوا النار في هذا المبنى في الوقت الذي كان فيه عدد كبير من الأسر المارونية متجمعاً بمناسبة عرس. ولحسن الحظ استطاع المدعوون الهرب في الوقت المناسب. ولكن أغرب ما في الأمر أن المذنبين كانوا هم أنفسهم سكان البيت.
وكانت قرية بيت مري، كقرية مختلطة تضم تقريباً مائة وخمسين مسيحياً وستين درزياً. وكانت بيوت هؤلاء يفصلها عن بيوت الآخرين ما لا يزيد عن مائة خطوة. ونتيجة لهذه العداوة حث بينهما صراع دام، وسارع الباشا بالتدخل فأقام وسط الفريقين معسكراً صغيراً للألبانيين كانوا يعيشون على نفقة السكان المتنافسين. وكنا قد انتهينا من تناول طعامنا حينما عاد الشيخ إلى البيت، وبعد المجاملات الأولى بدأ حديثاً طويلاً مع الأمير، وشكا كثيراً من وجود الألبانيين، ومن نزع السلاح العام الذي أُقرَّ في بندره. وكان يبدو له أن هذا الإجراء ما كان ينبغي أن يتم إلا بالنسبة للدروز، فهم وحدهم المسؤولون في الهجوم الليلي والحرائق. ومن وقت لآخر كان الرئيسان يخفضان صوتيهما، ورغم أنني لم أستطع أن أفهم نقاشهما كل الفهم، فقد رأيت من الأنسب أن أبتعد قليلاً بحجة الذهاب للنزهة. وأخبرني مرشدي في أثناء السير أن المسيحيين المارونيين في مقاطة الغرب، حيث كنا، قد حاولوا طرد الدروز المنبثين في عدد كبير من القرى، وأن هؤلاء قد دعوا لنجدتهم إخوانهم في الدين في جبل الشام (الموازي لجبل لبنان)، ومن ثم فقد بدأ الكفاح الذي كان يتجدد كل يوم. لقد كانت الثورة الكبرى للمارونيين في مقاطعة العشروان التي تقع خلف الجبل وطرابلس، كما كانت أقوى فئة من الدروز تسكن المقاطعات الواقعة من بيروت إلى عكا…”.
وهكذا يتابع جيراردو نرفال، الرحّالة والشاعر الفرنسي سرده لأخبار رحلته التي شملت جبل لبنان وذلك في أواسط القرن التاسع عشر. في هذا النوع الأدبي “أدب الرحلات” يسلط الرحالة ومن خلال أسلوب أدبي رائع، الضوء على طبيعة جبل لبنان الجغرافية والسياسية والتاريخية، بالإضافة إلى سرديات تعطي فكرة عن عادات وتقاليد المجتمع اللبناني في تلك المنطقة في تلك الفترة. هذا ويمكن اعتبار جيراردو هذا مصدراً يمكن العودة إليه بالنسبة للباحثين الذين هم بصدد إجراء دراسة تاريخية وجيوسياسية لمنطقة جبل لبنان في القرن التاسع عشر.
وتجدر الإشارة بأن هذا الكتاب قد ضمّ ملحقين، أولهما ضم صفحات عن لبنان والموارنة والدروز لفرنشيسكو سوريانو، والثاني وقد احتوى على قصة عن رحلة دومينيكو ما جرى المالطي إلى جبل لبنان.