نبذة :
الكتاب هو السادس من سلسلة “أديان وكتب مقدسة” والتي تهدف تقديم أي كتاب مقدس، لأية ديانة أو ملّة مشفوعاً بدراسة جادّة هدفها التعريف لا النقض. وإنّ هذا الكتاب كما غيره في هذه السلسلة، يعتمد المقاربة التي التزمها د.لويس صليبا في دراسة الأديان المقارنة وتدريسها: أي دراسة الأديان من الداخل. فالظاهرة الدينية تتناول أعمق ما في فكر الإنسان، ووجدانه. ولا يمكن بالتالي، دراستها وفقهها كما لو كنا ندرس أية ظاهرة طبيعية كسقوط المطر مثلاً. هذه المسافة بين الذات والموضوع هي المسافة الضرورية في العلوم البحتة، وقد تكون عائقاً في علوم الأديان. فالظاهرة الدينية والروحية تختلف، نوعاً وجوهراً، عن الظواهر الطبيعية وحتى الاجتماعية وغيرها. ومقاربة الأديان من الداخل تعني أن نفهم الدين (أي دين) كما يفهمه أهله ويعيشوه. وأولى شروط هذه المقاربة “أن نصغي للآخر كآخر ومختلف، وأن نجتهد لندعه يتكلم، لا بل حتى أن نفرض الصمت لحين على وجهات نظرنا. وذلك كي نفهم هذا الآخر كما يفهم هو نفسه، وليس كما نتخيل، أو نتمنّى فهمه قبل أن يتكلم. لذا فإن الباحث أعطى الأولوية في كتابه هذا لنصوص ديانة السيخ ومعلميها ومفكريها. كيف يفهم هؤلاء جميعاً عقيدتهم ويعيشونها، وكيف يميزونها عن سائر العقائد والديانات. ويشير الباحث أن إفساحه المجال أولاً لمفكري السيخ ومعلّميهم ونصوصهم المقدسة لا يعني بتاتاً أن يكون الكتاب الذي يقدمه مصنف دعوة وتبشير ونقد لسائر الأديان ، فكتابه هذا يعرف بالسيخية كما يعرفها اهلها ويعيشونها، ولكن عرضه يبقى تقريرياً موضوعياً، ولا يتجاوز ذلك مطلقاً الى الدعوة الى الدين الذي يعرف، فهذا ليس من العلم بشيء. والكتاب يفسح مجالاً رحباً للنص المقدس. وهو ينقسم بشكل طبيعي الى قسمين: القسم الأول: دراسة ومدخل الى ديانة السيخ ومعلميها عقائدها وطقوسها وتاريخها. واذا كانت النزعة المقارنة أمراً ضرورياً في دراسة أي دين، فهي في البحث في السيخية أمر إلزامي لا جدوى للدراسة بدونه. من هنا كان التوقف الطويل للباحث في هذا القسم عند التفاعل بين السيخية والاسلام، من ناحية، والسيخية والهندوسية من ناحية أخرى. فكان لا بد له من وضع الكثير من النقاط على الحروف بشان العديد من المفاهيم السائدة في هذا الشان. فبين ان تأثير الاسلام في السيخية أمر محدود، في حين أن الصراع بين العقيدتين والجماعتين المتجاورتين كان له أبعد الأثر في التكوين الاجتماعي للجماعة الدينية الناشئة (السيخية) وتحويلها من جماعة مسالمة الى مجتمع عسكري محارب. وبالأحرى مدافع عن وجوده واستمراره. نصل الى القسم الثاني من الكتاب وهو يتناول النصوص المقدسة عند السيخ. فالباب الأول منه مدخل ضروري لفهم “الفورو غرانت” صاحب كتاب السيخ المقدس، ليتم من ثمّ إختيار نصوص أكثر تمثيلاً للسيخية وعقائدها. وقد برر الباحث اختياراته هذه وقدّم لها، مجتهداً أن تكون الأنطولوجيا التي تقدّم هي كافية لاعطاء فكرة دقيقة وصحيحة عن ديانة السيخ عبر النص الأصلي. وليس هناك من مبالغة في القول أن هذا الكتاب هو الأول والوحيد حتّى الآن الذي يتيح للقارىء العربي، جوعاً الى النصوص السيخية المقدسة الأصلية