عنوان الكتاب : يقظة العالم اليهودي
المؤلّف : ٍإيلي ليفي أبو عسل
عنوان الكتاب : يقظة العالم اليهودي
مؤلف الكتاب / الردّ : د. لويس صليبا
أستاذ وباحث في الدراسات الإسلامية / باريس
عنوان الكتاب : بحث في جذور الصهيونية في أرض الإسلام
دراسة لجذورها في المشرق وتلفيقاتها لتاريخه
السلسلة : اليهودية بأقلام يهودية
عدد الصفحات : 319 ص + 320 ص.
سنة النشر : 2007
تنضيد وإخراج داخلي: صونيا سبسبي
التجليـد الفنـي : تراث للتجليد
بيروت 453456/01 – 368662/03
الناشر : دار ومكتبة بيبليون
طريق المريميين – حي مار بطرس- جبيل/ بيبلوس ، لبنان
Byblion1@gmail.com
2007 – جميع الحقوق محفوظ
مقدمة الكتاب
لا بدّ، في مستهل كتابنا هذا، من الإقرار أن مواد كتاب ”يقظة العالم اليهودي“ وموضوعاته، وما تضمّنتها من مغالطات وتلفيقات، استدرجتنا رويداً رويداً، إلى تصنيف كتاب يماثل الأول حجماً. وما كان هذا هدفنا في الأساس. إذ كانت الغاية تنحصر في دراسة بعض طروحات مصنَّف إيلي ليفي، وتسجيل عدد من الملاحظات عليها. ومع أننا لم نتعدَّ البحث في بعض موضوعاته، لا سيما ما يرتبط منها بالمشرق العربي وأرض الإسلام، فتحليل هذه المسائل تطلّبت عودة إلى المصادر، وتفحّصاً متأنّياً لها، لتبيّن الخيط الأبيض من الأسود، كما يُقال، وفصل الوقائع والحقائق عن التلفيقات. ففي الكتاب، كما سنرى، عددٌ من الوقائع، والعديد من التركيبات والتلفيقات التي قد تبدو للوهلة الأولى صادقة، لاستنادها إلى هذه الوقائع. ولنأخذ موضوع نابوليون ونداءه المزعوم كمثل، فنجد أن الكتّاب الصهيونيون، وعنهم أخذ إيلي ليفي، مؤلف يقظة العالم اليهودي، استندوا إلى برقية Dépêche أوردتها مجلة فرنسية زمن حصار عكّا، وتوسّعوا في هذا الخبر، الذي يبدو أنه كان مغلوطاً وغير دقيق، ليبنوا عليه أن نابوليون وجّه نداءً إلى اليهود، لمساعدته لاستعادة فلسطين. ثم لفّقوا نصّاً لهذا النداء. وادّعوا أن هدف نابوليون من الحملة على فلسطين هو إقامة دولة يهودية فيها.. وكل هذه المزاعم، التي لا أساس لها من الصحّة، تبتغي إظهار أن أطماعهم في فلسطين ليست مجرّد طموحات بحت صهيونية، بل أن الأوروبيين كالإنكليز، والفرنسيين قبلهم، قد سبقوهم إلى الاعتراف بحق اليهود في فلسطين وشرعية مطامعهم فيها. فقدّموا نابوليون بثوب صهيوني. وجعلوه السبّاق في التعبير عن المشاريع الصهيونية، والسعي إلى تحقيقها. وأقنعوا الكثير من الباحثين، ومنهم العرب، بصوابية مقولتهم هذه في نابوليون. ولكن البحث المدقّق يظهر أن هذه المقولة مجرّد هراء. وجزء من الدعاية الصهيونية، ليس إلا. فكان لا بدّ من التوقّف ملياً عندها، وعرض ما استجدَّ من أبحاث في هذا المجال، بيّنت تهافت هذه النظرية.
وما ذكرنا عن نابوليون، ينطبق أيضاً على حاييم فارحي، خازن الجزّار، ودوره البطولي المزعوم في الدفاع عن عكّا بوجه نابوليون. ورفضه لإغراءات هذا الأخير، إلى ما هنالك. فكان من الضروري العودة إلى المصادر التاريخية، وروايات الكتّاب المعاصرين لحاييم فارحي عنه. لإظهار الملامح الحقيقية لشخصيته، وواقع الدور الذي لعبه زمن الجزّار وخَلَفه سليمان باشا. وما مارسه، هو وأقاربه، في دمشق واسطنبول، من أثر في تعيين حكّام الولايات. مما يؤشر إلى بداية تكوين نوع من ”اللوبي اليهودي“ داخل الدولة العثمانية، كان له الأثر في العديد من الأمور. فلتوضيح أمور بهذه الأهمية والخطورة، لم نرَ بُدَّاً من التوقّف مطوّلاً عند حاييم، وسائر أفراد عائلة فارحي، واستقراء ما تقوله المصادر التاريخية بشأنهم.
وهكذا فمن مجرّد مدخل وتقديم للكتاب، استدرجتنا الوقائع، أو بالأحرى تزوير الوقائع، إلى تصنيف كتاب ثانٍ يردّ على الأول، فز”يقظة العالم اليهودي“ نموذج صارخ وجلي لأساليب الدعاية والترويج والتعبئة التي اعتمدتها الحركة الصهيونية. وأهمية هذا النموذج تكمن في أنه صدر من داخل العالم العربي وأرض الإسلام. وبيّن حقيقة أساسية يشير إليها المثل اللبناني القائل:«دود الخلّ منه وفيه». وهي أن الخلل الأساسي الذي أدّى بالنتيجة إلى ظهور دولة إسرائيل ”الوطن القومي اليهودي“ كامن هو في الداخل. ولا يقتصر الأمر على الخطر الخارجي الذي شكّلته الحركة الصهيونية، وتحالفها مع الإنكليز والأتراك وغيرهم. فلهذه الحركة جذور عميقة في أرض الإسلام، كان لها دورها في العمل الدؤوب والتحضير ”للوطن القومي“، في ظلّ غفلة من محيطها. ما يذكّر بقول عامل الأمويين في خراسان نصر بن سيّار، في رسالة له إلى آخر خلفائهم مروان بن الحكم يحذّره مما يُحضّر ضدّهم في ولايته:
أرى خلَلَ الرمادِ وميضَ نارٍ
ويُوشِكُ أن يكونَ لها ضِرامُ
فإن النارَ بالعودين تَذْكى
وإن الحربَ أوّلُها كلامُ
فقلتُ من التعجّبِ ليتَ شعري
أَأَيقاظٌ أُميّةُ أم نِيَامُ( )( )
وهذا الدور الآتي من داخل أرض الإسلام، هو ما حاولنا إبرازه في كتابنا هذا. ومن هنا يأتي العنوان:«من تاريخ الصهيونية في أرض الإسلام: دراسة في جذورها في المشرق وتلفيقاتها لتاريخه» مع التزامنا بعدم الخروج عن مواضيع الكتاب الأساسي ”يقظة العالم اليهودي“ ومناقشتها. بل والاقتصار على ما يتناول المشرق العربي وأرض الإسلام منها.
وفي كل ما بحثنا، التزمنا جانب الموضوعية والحياد، ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً. فلسنا من معاديي اليهودية، بأي شكل من الأشكال. وأبحاثنا في هذه السلسلة ”اليهودية بأقلام يهودية“ دليل على ذلك. ولا نحن ممن يدمج بين اليهودية كدين، والصهيونية كحركة سياسية/ استعمارية. كما نَحْذر أن نشطح في التحليل لنصل إلى القول أن كل يهود البلاد العربية وأرض الإسلام، تعاطفوا مع الحركة الصهيونية وأيّدوا مشاريعها. فلنا من يهود العراق، مثلاً، نموذج معاكس لهذه المقولة. وقد أعطى الكاتب المسيحي العراقي يوسف غنيمة، شهادة قيمة في هذا الصدد، إذ قال عام 1924: «وآخر حسنة أعدّها ليهود العراق، أنهم يشعرون بأن البلاد وطنهم. وبأن الحكومة العربية العراقية هي الحكومة التي يجب عليهم معاضدتها. ويتوقون أن يروها عزيزة الجانب، ثابتة الأركان. وفوق ذلك كله يبذلون ما في وسعهم، كالمسيحيين، ليعيشوا مع أبناء وطنهم المسلمين في الإخاء الوطني»( ).
ويقول الشاعر العراقي اليهودي أنور شاؤل في وطنه:
يا دياراً حبّها تيَّمني
لك في قلبي غرامٌ أبدي( )
وختاماً، إذا نجحت دراستنا هذه في تنبيه الباحثين والقرّاء، وحفزتهم لمزيد من البحث في جوانب من أمسنا، كان لها أثر في صناعة حاضرنا والغد، نكون قد بلغنا القصد.
Q.J.C.S.T.B
د. لويس صليبا
باريس 09/09/2006
هذه الطبعة المنقحة
أثبتنا نص”يقظة العالم اليهودي“ كاملاً، دون أيّ اجتزاء.
ولكننا عمدنا إلى تصحيح الكثير من الأخطاء الطباعية والإملائية التي شابت الطبعة الأولى.
فمن شوائب تلك الطبعة أنها لا تميّز بين همزة القطع وهمزة الوصل، كما أنها تثبت تنوين النصب (اً) حيناً وتغفله أحياناً. وتغفل لحظ الإدغام (الشدّة ّ ) فوق الحروف، مما قد يسبّب لُبساً في المعنى أحياناً.
ومن نواقص تلك الطبعة سوء استعمال علامات القطع لا سيما الفاصلة(،) والنقطة(.). فإما أن تغيب كلّياً، مما يطيل الجمل، وإما أن تُستعمل حيث لا يجب، فتضرّ بالمعنى.
لذا عمدنا في طبعتنا هذه إلى تصحيح هذه الأخطاء، آملين أن نكون قد وُفقنا في الجمع بين الأمانة للنص وضبطه وتنقيحه، بما لا يخلّ بالمعنى، بل يساعد على فهمه.
Q.J.C.S.T.B
في 10/08/2006