دار بيبليون
كلمة في لقاء قدامى مدرسة الفرير ماريست/جبيل خرّيجو 1977/ألقاها د. لويس صليبا على Zoom الأحد 24 نيسان 2022، ولائحة بأسماء المتحدّثين في هذا اللقاء
يمكن مشاهدة وقائع هذا اللقاء وما جرى فيه من مقابلات على الرابطين Links التاليَين
المشاركون في اللقاء
شارك في هذا اللقاء وتحدّث فيه على التوالي كل من السادة:
1-لويس صليبا. 2-إميل أبي سمعان. 3-كمال ميشال صفير. 4-هنري غوش. 5-أنطوان قسطنطين. 6-أنطوان الدكّاش. 7-بشارة مونّس. 8-شارل معنّق. 9-فرنسيس قزّي. 10-ناجي القدّوم. 11-جاك حاتم. 12-مارون الدكّاش. 13-سليم مراد. 14-سيمون سعيد. 15-تيدي شختورة. 16-وجيه يزبك. 17-رفيق مارون. 18-سليمان إبراهيم سليمان. 19-غسطين غسطين.
كما شارك فيه كلّ من السيدات والسادة: غسّان غانم، مارلين عطالله، جان ورشا، وبولس أبي رميا.
مشاهد من اللقاء عبر Zoom
كلمة لويس صليبا
خمسةٌ وأربعون عاماً مَضَت وكأنّها ومضةُ عين!!
خمسةٌ وأربعون عاماً عَبَرت، وكأنّنا بالأمس البارح تركنا مقاعدَنا في الصفّ الثالث 3ème في مدرستنا الحبيبة الفرير ماريست/جبيل لنعود إليها اليوم. وكأنّ ما حدث لنا بين هذَين اليومَين حُلمٌ صحونا للتوّ منه، فوجده بعضنا مزهراً بديعاً، في حين رأى البعض الآخر أنّه كابوس، أو أقلّه رؤيا مزعجة. لكن ومهما اختلف تقييمُنا وحكمُنا على ما مرّ فالكلّ يشترك ويُجمع على الحنين إلى تلك الأيّام الدراسية.
فلماذا نَحِنّ دوماً إلى سنوات المدرسة وأيّامها وكأنّها أحلى أيّام حياتنا؟!
أهي حقّاً الأحلى أم أن حنينَنا إليها يجعلُنا نتصوّرها كذلك؟!
شرشرَت عمري عَ دروبِك يا دني دخّان سيكارة
هاتي بدالو نُصّ عهد الولدني وراضي بالخسارة([1])
يُنشد الشاعرُ الجبيلي يوسف أسعد غانم (1901-1965). ولكن هيهات ثم هيهات أن تعود تلك الأيّام الراحلة، ولو بذلنا في سبيلها كلّ غالٍ ورخيص. فمتى كان الزمنُ بمركبتِه الهائلة، بل بدبّابته المريعة الطاحنة يعود إلى الوراء؟! والشاعر عينُه مدركٌ أن شطحة الحنين هذه مجرّد أضغاث أحلام، لذا فهو يُنشد في قصيدةٍ أخرى مناجياً نفسه ومنادياً وطالباً منها أن تعود إلى الواقع:
وما لكي غير يوم إنتي فيه/
لا تدقدقي عَ باب الله وتسألي/
الله غلق بابو وسَندو بمحدلي/
وكلّ إنسان رِزقتو عاطيه. (صليبا، زجل، م. س، ص372).
خمسة وأربعون عاماً والوطن وكلٌّ منّا مرّ بأحداثٍ جسامٍ أو كان أقلّه شاهداً لها. ولكن تبقى ذكرى المدرسة واستحضارها يُشعراك بدفء حنينٍ غريب ونوستالجيا محبّبة. فالضغوطات فيها أقلّ، أو بالحري كان الأهل يتولّون حمل أكثرها عنّا. وقد خالج عمرَ التفتّحِ ذاك الكثيرُ من البراءة التي نفقدها مع الزمن وتوالي الأيّام وتراكم المشاكل والتبعات والمسؤوليّات.
إنها، وبكلمة مختصرة مفيدة، حرارةُ العلمِ في الصغر الذي قيل عنه إنّه كالنقش في الحجر! لذا يبقى راسخاً في الوجدان وفي الذاكرة كذلك.
أساتذتُنا معظمُهم رحل. وأوّل الراحلين أستاذ الرياضيّات الحبيب نبيل خوري ورئيس المدرسة الأخ فرنسوا جوزف غادرا باكراً وفي العام 1980، وآخرهم أستاذ التاريخ الياس عازار الذي تركنا في آب من الصيف الماضي 2021. وبين هذين التاريخَين تكرّ سبحة الأسماء والأساتذة: نعيم يزبك، جان الديك، إبراهيم جبر، ظافر رستم، الأخ دزيره والأخ أندريه دو لالاند، وغيرهم كثير ممّن لم تُسعف الذاكرة في استحضاره.
وعددٌ من زملائنا على مقاعد الدراسة رحل بدوره أيضاً: جورج يونس كان أوّل الراحلين، ومن أواخرهم الدكتور جورج حنّا.
والخلاصة “ما بقي من العمر أكثر ممّا مضى” يقول المثل اللبناني. ونحْنُ كلّنا صرنا في المقلب الثاني من زيارتنا لهذا الكوكب. ونظرةٌ إلى الأمس البعيد من شأنها أن تحفّز على المضي قُدُماً في المشوار.
ولقاءُ أحبّةِ الأمس يفتحُ في النفسِ آفاقاً لسبر أغوار الذات، ولا سيما عبر استكشاف خبايا عميقة وانطباعات هاجعة. ولعلّ في إيقاظها صحوةً للوعي.
ولهذا كان هذا اللقاء الذي من شأنه، وعبر هذه التقنية الحديثة، أن يعبُر المسافات الشاسعة والمحيطات ليجمع المقيمين بالمغتربين، وكأنّنا وكما أسلفتُ عُدنا جميعاً إلى مقاعد الدراسة المحبّبة. وعساه تتلوه لقاءات أخرى نستضيف فيها أساتذة وزملاء.
فباسمي وباسم من أعانني في التحضير له أي الزميلين كمال صفير وإميل أبي سمعان أرحّب بكم جميعاً راجياً أن يكون لقاءً تعارفيّاً وتذكّرياً نافعاً وممتعاً في آن.
«»«»«»«»«»([2])
[1] -صليبا، لويس، زجل لبنان: تاريخ وأعلام وآثار، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط1، 2021، ب8/ف11، البرج الأخضر للشاعر يوسف أسعد غانم (1901-1965)، ص372.
[2] –