وقائع ندوة الإمام الرضا
نظّمت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان ندوة بعنوان “الإمام علي بن موسى الرضا المؤسس للحوار المسيحي-الإسلامي”. وذلك في المركز الدولي لعلوم الإنسان/الأونسكو-جبيل، يوم السبت 24 أيلول الساعة 8:30 مساءً.
حضر الندوة الحاج عباس هاشم نائب جبيل، وقاضي المحكمة الجعفرية في جبيل الشيخ الدكتور يوسف محمد عمرو، والشيخ أحمد اللقيس إمام مسجد جبيل، والأب الدكتور حنا اسكندر، وحشد من الباحثين والطلاّب الجامعيين وأبناء المنطقة.
افتتح الندوة المستشار الثقافي الإيراني الدكتور محمد مهدي شريعتمدار، فرحّب بالحضور، وأكّد على أهمّية الحوار المسيحي-الإسلامي أساساً لسلم أهلي في
لبنان وسائر دول المنطقة، ونوّه بدور الإمام علي بن موسى الرضا في وضع أسس حوار مثمر وبنّاء بين الديانتين.
ثمّ تلاه مدير المركز الدولي لعلوم الإنسان البروفسور أدونيس العكره، فعرّف بالمركز، ذاكراً أهدافه في نشر ثقافة المواطنة والحوار بين الثقافات والأديان، وختم نحن المسيحيون العرب نفتخر بأن القرآن أنزل باللغة العربية لغتنا.
وبعده تحدّث مدير الندوة الدكتور خضر نبها، وممّا قاله: «أول حوار مسيحي إسلامي كان على عهد الرسول محمد،ص. وهو عندما استقبل وفد نجران المسيحي فرش السجّاد الأحمر تكريماً له، مفتتحاً بذلك تقليداً في حفاوة الاستقبال لا يزال يُعمل به إلى اليوم. ومن هذا الحوار الصريح والبنّاء جاءت العبارة الشعبية “خلّي البساط أحمدي” بمعنى يسّر الأمور ولا تعقّدها. وذكر بشأن تيسير الحوار المسيحي-الإسلامي نصائح وأحاديث للإمام جعفر الصادق إلى تلامذته ومريديه، يقول في واحد منها لتلميذه أبي بصير:«لا تفتّش الناس على أديانهم، فتبقى بلا صديق.» وفي حديث آخر يقول: «ثُلث التعايش التغافل.»
وجاء في مداخلة المحاضر الأول البروفسور لويس صليبا: «في رواية “مجلس الرضا مع أهل الأديان”، عناصر عديدة يمكن أن نستفيد منها ونستعبر من أجل حوار بنّاء، وأوّلها جوّ الحرية. وهذه الحشرية التي حفزت للتفتيش والتنقيب في نصوص الآخر، هي نفسها يجب أن تحثّنا اليوم على البحث من جديد فيها، لا عن عناصر جدلٍ وإفحام وحسب، بل عن معطيات حوار جدّي، وقيَم مشتركة، ووجوه شبه ومشتركات ونقاط تقارب ولقاء. ولن نعدم أن نجد الكثير منها إذا فتّشنا بموضوعية وصدق. (…) والتحدّي كبير، والعيش المشترك يبدو اليوم في خطر حقيقي، رغم أنه يفرض نفسه، وأكثر من أي وقت مضى، حتمية تاريخية، ليس في شرقنا وحسب، بل وفي الغرب أيضاً. فهل نعي ضرورة الحوار الملحّة؟ أم نستمرّ في تجاهلها والتمويه؟!
الخيار، يلوح لنا، ينحصر في احتمالين لا ثالث لهما: إما أن ندخل معاً في الحوار، أو نحرج معاً من التاريخ.»
أما المحاضر الثاني الشيخ الدكتور جعفر المهاجر، فممّا قال في مداخلته: «ليس من عقبات لا في الفكر المسيحي ولا الإسلامي لحوار مثمر. فعناصر الحوار موجودة ومتوفّرة، ولكنها مع الأسف معطّلة. وما هو بين الإسلام والمسيحية أقرب ممّا هو بين الإسلام والغرب، وكذلك بين المسيحية والغرب العلماني والملحد.
وتحدّث عن مفهوم الكفر في القرآن فأكد أنه مفهوم سلوكي، وليس مفهوماً نظرياً. وفي حديث للرسول،ص، يقول:«لا تكونوا بعدي كفّاراً يقتل بعضكم بعضاً» كافر يقول الحديث النبوي لأنه يقتل، فمفهوم القرآن للكفر سلوكي.
ثم طرح الشيخ الدكتور المهاجر السؤال التالي: هل في نفس المسيحي شيء يعيق الحوار؟ وهل في نفس المسلم كذلك شيء؟ وأجاب:
نعم أنا المسلم على مستوى الذاكرة لا أستطيع أن أنسى الحروب الصليبية، ولا أزال أدفع إلى اليوم فاتورة هذه الحروب.
وكذلك فمن حق المسيحي أن يقول أنا لا أنسى الفتوحات الإسلامية. وأضاف: الفتوحات الإسلامية كانت أكبر ضربة وجّهت للمشروع الإسلامي، فهؤلاء الناس الذين خرجوا إلى العالم فاتحين، ليستولوا على بيت الآخر ورزقه، وهذه الفتوحات معاكسة للقسط الذي دعا إليه القرآن.
فهل أستطيع أن أنقّي ذاكرتي ممّا فعلته أنت بي، وأن تنقّي ذاكرتك ممّا فعلته أنا بك؟!
وخُتمت الندوة بقصيدة في الإمام الرضا للشاعر الدكتور ميشال كعدي