الصمـت فـي اليهودية

مقدمة الأستاذ
إميل عقيقي
أستاذ وباحث في الدراسات العبريّة/جامعة الكسليك
1. الصمت، هي عبارة مدوّية كالصوت والنبرة والكلمة، تحمل في طيّاتها ”ظاهرة إنسانيّة“ تناولتها الحضارات والثقافات المتنوّعة، في آدابها، وفلسفاتها، جاعلة إيّاها بأهميّة الكلمة المتوسَّلَةِ للتخاطب والتواصل بين الإنسان وذاته، وبينه وبين آخرين من جنسه… يبرز الصمت في سلوك الإنسان في نواحي عديدة ومتنوّعة: ففي حياته الشخصيّة، يحتاج المرء إلى الصمت للتركيز في أعماله، وللخلوة مع ذاته، ولصفوة باله. وفي حياته العامّة، لا بدّ للمرء من أن تكون له مواقف تواصليّة مع آخرين، يكون فيها للصمت حيّز متى دعت الحاجة إلى ذلك: فهو قد يصمت إصغاء إلى حديث، وإن شاء، قد يترك للصمت الحقّ، إلى جانب النطق، بالتعبير عن ردّة فعله ونواياه؛ وقد يواجه أيضًا صمتًا عفويًّا مصدره عنصر المفاجأة، وهذا مألوف في الحياة، مثل سماع كلمة غير متوقَّعة، أو رؤية مشهد غير مسبوق، يُبكمه عن الكلام علّه يستوعب ما يسمع أو يفهم ما يرى… أو قد يواجه المرء عينه صمتًا قمعيًّا، وهو يتأتّى عن سياسة الاقتصاد في الكلام والتعبير عن الرأي، بسبب القمع الفكري والسياسي، وهذا ما نشهده في الأنظمة التوتاليتاريّة القمعيّة التي تفرض الصمت وتخشى الكلمة… أو قد يواجه صمتًا نفسيًّا مصدره حزن عميق، أو غضب شديد، أو خوف رهيب، حالات يعجز المرء أمامها عن الفهم والتعبير والحركة، فيلوذ إلى الصمت والسكون للدلالة عن حالته وشدّة تأثّره بها. ويبقى للإنسان أن يواجه لا محال صمتًا وجوديًّا هو الأخير، صمت الموت ورهبته، الدليل الساطع على مدى تأصّل الصمت في حياة الإنسان، فهذا الأخير إن بدأ حياته بصرخة استقبال، ينهيها بصِمْتَةِ وداع.
2. وللصمت، هذه ”الظاهرة الإنسانيّة“، بُعد آخر روحاني يُدخل الإنسان في عالم المطلق، تبنّته الأديان المدعوّة سماويّة (اليهوديّة، والمسيحيّة، والإسلام)، وغيرها من الأديان الفلسفيّة والعرفانيّة (الأديان السريّة اليونانيّة، والبوذيّة، والتاويّة، والهندوسيّة…). فكان الصمت، بالنسبة لها، إلى جانب الكلمة، الحافز إلى تواصل أكيد وعميق بين الإنسان والله، كما شهد أحد فلاسفة اليونان البيتاغوريين قائلاً إنّ «التكريم الوحيد اللائق بالله، هو الصمت الخالص» (أبولونيوس التياني – القرن الأوّل للميلاد)، وكذلك شهد فيلسوف آخر من المدرسة الأفلوطينيّة أنّ ”الحكيم عندما يصمت، يكرّم الله“ (بورفيريوس الصوري – القرن الثالث للميلاد). لقد اعتمدت هذه الديانات والتيّارات الروحانيّة ظاهرة الصمت هذه الإنسانيّة، لتحوّلها وسيلة تصعيديّة تواجه من خلالها ضوضاء العالم وقرقعته، إذ بات المرء يظنّ أنّ العالم يقوم بضجيجه وبصخبه ليس إلاّ، وراحت تخفاه حقيقة أنّ عالمنا هذا، في سرّه وفي عمقه، إنّما هو ثابت بصمته وبهدوئه، وبالذين يصغون إلى هذا الصمت الأوّلي originaire، صمت الخليقة، في السماء، وعلى الأرض، وفي البحار، ويحنّون إليه ساعين إلى اكتساب هذه الحالة الأوّليّة، لتكون لهم وسيلة تسهّل عليهم ولوج هذا العالم فهمًا لأسراره، علّهم يصلون إلى علّة وجوده، ذاك المطلق الجاذب إليه الجميع ”بصوته الصامت الدقيق“ (1 ملوك 19)؛ وهذا ما حدا بالناسك المسيحي يوحنّا السلّمي إلى القول إنّ ”بداية الصمت هي العزلة عن كلّ ضوضاء مزعجة للنفس… ونهايته قلّة الاكتراث بأيّة ضوضاء وعدم التأثّر بها“؛ وكذلك المتصوّف المسلم الرومي (1207-1247 م.) يعلن عمّا خبره بالصمت ناصحًا وقائلاً:«أطبق شفتيكَ، وافتح قلبكَ، لأنّكَ هكذا تتمكّن من التحدّث إلى النفوس… إحفظ الصمت لكي تصغي إلى إلهامات الله»؛ فمن اختبر الضوضاء يهجع إلى الصمت ليمحوه من ذهنه وقلبه، ومن اختبر الصمت يهجع بعقله وبقلبه إلى الله. هكذا هو الصمت، عودة إلى الذات، إلى الأصول والجذور، إلى المطلق، إلى الله، ذلك الحاضر المستتر، والمتكلّم الصامت: هو الحاضر لأنّ العالم لا يقوم إلاّ به، والمستتر لأنّ الإنسان لا يستوعب رؤيته (”فستر موسى وجهه خوفًا من أن ينظر إلى الله“ خر 3: 6 )؛ هو المتكلّم لأنّ الإنسان ضلّ سبيله (فكانت الشريعة)، وهو الصامت لأنّ الإنسان صمّ أذنيه (لأنّه انجذب إلى عبادة غريبة).
3. أمّا في اليهوديّة فعبارة ”الصمت“ هذه (שְׁתִיקָה)، هي محوريّة في علاقة الله الخالق بالإنسان المخلوق ”على صورته كمثاله“، نجدها في صلب أسفارها وكتبها المقدّسة، ومنها تنهل أسرار الوحي الإلهي، وتختبره تارة بالصمت، وطورًا بالكلمة (דָּבָר وهي تحمل أيضًا معنى الحدث الذي يرافق الكلمة). لا صمت مجّاني في اليهوديّة، بل هو مرتبط ومتبوع دومًا بالكلمة، يهيّئ لسماعها وللإصغاء إليها ولفهمها: فاليهودي لا يصمت إلاّ ليسمع الله يكلّمه كاشفًا عن ذاته وعن إرادته:«إسمع يا إسرائيل، الربّ إلهنا، الربّ واحد» (تثنية 6: 4). يمكننا أن نفهم معاني الصمت في اليهوديّة من خلال ثلاثة مصادر أساسيّة وهي التوراة الكتابيّة (الكتاب المقدّس)، والتوراة الشفهيّة (التقليد المقدّس)، والتاريخ اليهودي: فمن خلال معطيات هذه المصادر نفهم معنى الصمت في تفاصيل الوحي الإلهي المكتوب والمعاش من خلال صمت الله، وصمت إسرائيل، وصمت العالم:
أ – صمت الله نقمة ونعمة
يصمت الله لتأديب شعبه على قلّة أمانته من جهة، وليدفعه إلى البحث عنه، ليجده بعد توبة حقيقيّة، من جهة أخرى، فيدرك هذا الأخير عمق حاجته لله فيستغيث به مترجّيًا إيّاه أن يخرج عن صمته، ويعلن عن قدرته أمام الشعب، ويخزي الأعداء الشامتين القائلين:«أين الله إلههم؟» (مز 115: 2)، وذلك إنقاذًا لاسمه:«لا لنا يا ربّ لا لنا، بل لاسمك…» (مز 115: 1). وفي موضع آخر من التوراة الكتابيّة، يتوجّه حبقّوق النبي إلى الله صارخًا ومستغيثًا:«إلى متى يا ربّ أستغيث ولا تسمع؟ إلى متى أصرخ من الجور ولا تخلّص؟» (1: 2). وفي الوتيرة ذاتها يصرخ صاحب المزمور راجيًا الربّ قائلاً:«يا إلهنا لا تكن ساكتًا، لا تصمت ولا تهدأ يا الله. فها أعداؤك يضجّون، ومبغضوك يرفعون رؤوسهم…»(مز 83: 2-3)… لكن هذا لا يعني أنّ الله هو دومًا صامت، ولا يكلّم شعبه أبدًا، بل أحيانًا كثيرة يكلّمهم بأشباه شتى، ووسائل متنوّعة (عب 1: 1)، لكنّهم لا يجيبون إذ «لهم آذان ولا يسمعون، لأنّهم شعب متمرّد» (حز 12: 2)… كثيرة هي الشواهد الكتابيّة الدالة على هذا ”الصمت الإلهي“ الذي أقلق إسرائيل وحلّ عليه كالنقمة من جهة، وكالنعمة، من جهة أخرى، حاثًّا إيّاه للبحث دومًا عن وجهه وبشغف قائلاً: «وجهك يا ربّ ألتمس، فلا تحجب وجهك عنّي» (مز 27: 8)، إذًا، لا سبيل للتواصل مع الله لالتماس وجهه، لالتماسه في ذاته، سوى الصمت، والإصغاء، والفهم، فالعيش.
ب – صمت إسرائيل إصغاء لله وتجاهل له
في التوراة الكتابيّة شواهد كثيرة عن صمت إسرائيل أمام الله. فهو يصمت ليسمع كلمة الله، وقد أشرنا أعلاه أنّ الصمت في اليهوديّة لا يمكن أن يكون لذاته، بل يهدف إلى ما هو أسمى منه: سماع كلمة الله والإصغاء إليها لتبيان مشيئته والعمل بها (الوجه الإيجابي لصمت إسرائيل). نجد في النبي صموئيل مثالاً في ذلك، عندما دعاه الله، في صمت الليل والرقاد، أجابه:«تكلّم يا ربّ لأنّ عبدك سامع» (1 صم 3: 10)؛ وكذلك سليمان الملك الحكيم يشكر الله لأنّه وهبه ”قلبًا صاغيًا“ ليحكم شعبه مميِّزًا بين الخير والشرّ… (1 مل 3: 9). وإيليّا اختبر الله عندما سمع ”صوت صمت دقيق“ (1 ملوك 19: 12). ويقول سفر المراثي أنّه «خير أن ينتظر الإنسان خلاص الربّ بصمت» (3: 26). وصفنيا النبي كتب قائلاً:«اصمتوا أمام السيّد الربّ فيوم الربّ قريب…» (1: 7). والمزمور 65 يصلّي قائلاً:«لكَ الصمت تهليلاً يا الله في صهيون» (آ 2). لصمت إسرائيل أيضًا، ناحية سلبيّة، يعبّر فيها عن رفضه لكلمة الله، فيصمّ أذنيه عن سماعها، وقلبه عن فهمها، ليجذبه ويضلّله صمت الأصنام والأوثان القابعة على المرتفعات في هياكل الكنعانيين، فيكون صمته صمت الخائن والخائف والتائه عن التحدّث إلى الله، متحوّلاً عن عبادته الحقيقيّة في هيكله وقدس أقداسه.
أمّا في التوراة الشفهيّة فإنّنا نجد تواصلاً في المفاهيم حول الصمت مع التوراة الكتابيّة، إذ بتأثير مباشر من هذه الأخيرة (خاصّة الأسفار الحكميّة) أخذ الربّانيم، حكماء إسرائيل منذ سنة 70 م. يعتبرون الصمت مرادفًا للحكمة. فقد جاء في ”فصول الآباء“( ) أنّ رابي شِمْعُونْ بِن جَمْلِيئِل قال:«ترعرتُ جميع أيَّام حياتي بين الحكماء، فما وجَدتُ أفضل من الصَّمت فائدة للجسد…» (1: 17). وكذلك قال رَابِي عَقِيبَا:«الضّحك وخفَّة الرّأس يُؤَدِّيان إلى التفلّت… وسِياج الحكمة الصَّمت» (3: 17)، وقد وافقه الحكماء قائلين:«جيّد هو الصَّمت للحكماء، وكم بالأحرى للجهّال…» (تلمود بابلي، فسحيم 99 أ).
ولكنّ للصمت وجه آخر مؤلم اختبره إسرائيل في تاريخه، وتحدّث عنه في كتاباته على مرّ أجياله، ونعته بصمت الجهل، وبصمت الاضطهاد والقمع والتمييز، إلى أن وصل إلى ذروته بصمت ”المأساة“ الذي تواطأ به الله إله إسرائيل، مع أعداء شعبه المختار ليمحوه من الوجود، لكن الله والمتواطئين معه، عادوا فندموا على صمتهم، فكانت كلمتهم ”لدولة إسرائيل“ وصمتهم ”لدولة فلسطين“!
ج -صمت”المأساة“: تواطؤ الله، والعالم على إسرائيل
هذا الصمت، كثيرًا ما تتحدّث عنه الأوساط اليهوديّة عامّة والإسرائيليّة (كدولة) خاصّة، منذ الحرب العالميّة الثانية التي شهدت اضطهادًا واسعًا ضد اليهود أوّلاً، وضد كلّ من لا اعتبار له في عين العقيدة النازيّة العنصريّة ثانيًا، وصولاً إلى المسيحيّة في تعاليمها وثقافتها ثالثًا. ينظر اليهود بخشوع أحيانًا، وبنقمة أحيانًا أخرى، إلى هذا الصمت وقد تلاقى فيه صمت الله، وصمت إسرائيل، بصمت العالم: صمتُ الله تجلّى في أقسى معانيه، وكأنّه تخلّى، نهائيًّا، عن شعبه تاركًا إيّاه لقمة سائبة بين أنياب أكثر أعدائه شراسة وضراوة في تاريخه، وقد أوقد بحقده محرقةَ إبادةٍ وصلت ضحاياها إلى ستة ملايين يهودي من مختلف الأعمار (حسب إحصاءات يهوديّة)؛ صَمَتَ الله في كلّ هذا، ولم يفتقد شعبه، وكأنّه، في هذه المرّة، استبدله بأعدائه المنتصرين المنتشين. وقد تهيّئ لكثيرين من بين اليهود، أنّ الله مات مع من ماتوا في هذه ”المأساة“ (שׁוֹאָה)، في أفران الغاز، إثر قرار ”الحلّ النهائي“ الذي أبرمه هتلر ومجلسه العسكري بحق يهود أوروبا وصولاً إلى يهود العالم. صَمْتُ الله الرهيب هذا، ألزم إسرائيل الذي بات لا مصير له ولا نصير، بالصمت المؤلم والمكبّل، أمام جزّاريه لذلك «كشاة سيق إلى الذبح، وكحمل صامت أمام الذين يجزّونه ولم يفتح فاه…» (أش 53: 7-8)، تمامًا كعبد يهوه الذي اختير ليكون كبش محرقة عن البشريّة برمّتها (حسب التفسير اليهودي)، يقابله صمت يسوع على الصليب أمام صالبيه، راضخًا لله أبيه الذي كان ينظر إلى جهاده من السماء صامتًا، فكان يسوع يتماهى بعبد يهوه هذا الذي يفتدي البشريّة بآلامه وبموته العنيف (بحسب التفسير المسيحي). كذلك العالم، فقد تواطأ بصمته مع صمت الله، فصمت هو أيضًا شامتًا ناظرًا إلى من يتألّم، دون أن يفتح فاه مدافعًا عنه، وعن حقّه بالحياة، وقد سلبها منه النازيون؛ لذلك يتّهم اليهود الأوروبيين الذين أمام عيون حكوماتهم وكنائسهم الصامتة والشامتة، فعل بهم النازيون ما فعلوه من قبائح لا سابق لها في تاريخ البشريّة. وهذا ما يتقصّدون إعلامه وتعليمه، بحقّ أو بغير حقّ (لا مجال هنا للمناقشة)، لأولادهم ولزوّار متاحفهم حيث أنصابًا تذكاريّة ”للمأساة“ أو ”للمحرقة الكاملة“ (Holocauste) كتبوا عليها:«… حدث كلّ هذا والعالم غافل وصامت عنه…». هذا الصمت الذي عانى منه اليهود، لربّما هو في أساس عنف الإسرائليين ضدّ الفلسطينيين الذين هم أيضًا، بدورهم، يعانون من صمت شبيه بنتائجه بصمت المأساة. من المسؤول عن هذا الصمت الذي يجرّع كأسه لأبرياء يموتون وهم يلتمسون الحياة؟ ألا من ”كلمة سواء“ تكسر هذا الصمت؟
4. ننتقل من الحديث عن الصمت إلى الحديث عن كتاب هو جزء من سلسلة كتب تبحث في ظاهرة ”الصمت في التصوّف والأديان“. وعنوان هذا الكتاب هو ”الصمت في اليهوديّة، تقاليده في التوراة والتلمود وعند النبي إيليّا والحسيديم“، وقد شرّفني مؤلّفه حضرة الدكتور لويس صليبا، الباحث في الدراسات الهنديّة والأديان المقارنة، بقراءته وبتقديمه. فحاولت جاهدًا بعد قراءته بإمعان أن أقدّمه بما يليق به وبمؤلّفه المشكور على هذا الطرح في اليهوديّة وغيرها، فنادرًا ما نجد باحثًا يغامر بمواضيع باتت في عالمنا الحاضر من الهوامش أو من الكنوز العتيقة إلاّ في أماكن مختصّة كدور العبادة والأديار والمناسك، وأيضًا في دور الكتب والمطالعة، لما لا! فهناك لا يزال الصمت يسود في خشعة المعرفة والعلم والبحث والتنقيب، والدكتور لويس صليبا نذر حياته للكتب وللبحث، ولما لا للصمت فالإبداع! فلا عجب إذًا، أن يختار المؤلّف الكريم موضوع الصمت ليعالجه في تيّارات روحانيّة مختلفة، ليكشف فيها عن سرٍّ مشترك يحرّكها جميعًا، هو سرّ الصمت الملازم للكلمة، فهما معًا يشكّلان سرّ التواصل مع المطلق، مع الله، في شتى كشوفاته.
قرأت الكتاب بشغف لأنّه يعالج الموضوع بطريقة شاملة شيّقة، وجدت فيه بساطة الطرح وعمق المعالجة، ممّا يجعل القارئ المهتمّ، ينجذب إلى قراءته، مكتشفًا معاني جديدة للصمت، نهلها الكاتب العارف من مخزون علمه وكتبه، فقدّمها لنا في كتابه هذا مخفّفًا عنّا مشقّة البحث الطويل والمضني. فقد اعتمد للدخول في صلب موضوعه، الأسلوب الكلاسيكي في معالجة مواضيع كهذه، إذ بادر إلى المصادر الإيمانيّة اليهوديّة دون غيرها، مستندًا أحيانًا على كتّاب ومؤلّفين يهود، ليحافظ على موضوعيّته، بعيدًا كلّ البعد عن الانجرار خلف الأحكام المسبقة، والنعوت المعلّبة. أراد أن يكون طرحه ”يهوديًّا“، ”توراتيًّا“، ”تلموديًّا“، و”حسيديًّا“ صرفًا، جامعًا بين معطيات التوراة الكتابيّة، والتوراة الشفهيّة، ركنَي العبادة اليهوديّة، وهذا ليس بالأمر السهل في محيطنا المشرقي العربي، للأسباب التي يعرفها الكثيرون، وأمّا الذين يتخطّونها بموضوعيّتهم فقليلون.
إنّنا في الختام، نهنّئ الدكتور لويس صليبا على ثمرة أتعابه هذه، ونتمنّى له المزيد من النشاط، ليقدّم إلى المكتبة العربيّة كنوزًا تحتاجها ليزداد غناها الفكري والإنساني…
الأب إميل عقيقي ر ل م
دير كفيفان في 29 آب 2008

مدخل إلى أبحاث الكتاب
المكتبة العربية تعاني من تخمة في الكتب المعادية للساميّة . والتخمة تسبّب عسر هضم، بل وتسمّماً أحياناً. وهذا ما يحصل بالفعل في عالمنا العربي والإسلامي. فعشرات الكتب، بل مئاتها، التي تصدر بشكل متواصل كل عام في أرجاء هذا العالَم عن اليهود واليهوديّة، يجمع بينها غالباً قاسم مشترك: العداء السافر والبحث عن النقض… بل والشتم أحياناً. أما الموضوعيّة، أو الأسلوب التقريري على الأقل، فقد أطلق تأجّج الصراع العربي الإسرائيلي رصاصة الرحمة عليها، فقضت غير مأسوف عليها، كما يبدو.
قد يصعب على الباحث أن يعزل نفسه عن أجواء الصراع المحتدم هذا، ولكن ذلك لا يبرّر اللهجة العدائية السافرة والدائمة في كل الأبحاث العربية عن اليهودية. وهل يُعقل أن لا يجد الباحث شيئاً إيجابياً في ديانة هي، شئنا أم أبَيْنا، أم الديانات الإبراهيميّة/الساميّة. فخلفيَتَنا الثقافيّة والدينيّة، مسيحية كانت أم إسلامية، لا تُفهم، بكامل أبعادها، دون فهم متأنٍ ومعمّق لليهوديّة. لا بل إن الفهم لوحده غير كافٍ، فلا بدّ من تفهّم وتفقّه ووعي عميق لليهوديّة. ما يسهّل إدراك جوانب عديدة من إرثنا وتقاليدنا الدينية واستيعابها.
ما تحاوله هذه الدراسة، كما سائر الدراسات التي تصدر في سلسلة ”الصمت في التصوّف والأديان المقارنة“، هو تحديداً مقاربة للتقاليد الدينيّة، تعرض وتحلّل وتحاول أن تفهم متجنّبة النقد والنقض.
الصمت، كما اتّضح لنا، حاضر ومؤثّر في كل هذه التقاليد. قد تختلف مفاهيمه أو اختباراته بين تقليد وآخر حيناً. وقد تتشابه وتلتقي أحياناً. هذا التشابه أو التأثّر نحاول أن نتبيّنه، دون أن نغفل التمايز الخاص بكل تقليد. ولكن ما نسعى دائماً لتجنّبه هو المفاضلة. فقد نجد مثلاً أن الصمت أكثر حضوراً في التقليد المسيحي منه في التصوّف اليهودي. وذلك بنتيجة انتشار الحياة الرهبانيّة في الأوّل وغيابها في الثاني. ولكن ذلك لا يعني مطلقاً لنا تفوّق تقليد على آخر، حتى ولو كان ذلك في مجال معيّن ومحدّد. ما نلحظه ونعرض له هو الاختلاف والتمايز دون الانجراف وراء المفاضلة. فالمكتبة العربية مثقلة رفوفها، بل ومتخمة كما ذكرنا، بكتب المفاضلة… وليس كتب مقارنة الأديان كما يسمّي العديد من المؤلّفين العرب أبحاثهم غالباً ويصفونها. هذا دين مُوحَى.. وذاك محرّف. هذا سماوي… وذاك وضعي. إلى ما هنالك من نعوت وأوصاف. ليست من علم مقارنة الأديان ولا من مقاربته في شيء.
التخمة قد تُحدث تسمّماً قلنا. وهو غالباً ما تسبّبه الكتب المعادية للساميّة في المكتبة العربية. فهي تحشو فكر القارئ ووجدانه حقداً وكراهية. وتسمّم خواطره. وتحجب عنه الحقيقة كما هي.
ما أردناه في هذ ا الكتاب، وقفة أمام اليهوديّة، بعيدة عن أجواء الصراع الدائم والمحتدم. دون أن يعني ذلك، بالضرورة، موقفاً سلبياً منه أو محايداً. فالمطلوب برأينا هو أن لا نُقحم هذا الصراع في كل ما يكتب عن اليهوديّة. فتكون النتيجة بالتالي مجموعة إسقاطات وأحكام تمليها ضروراته وظروف تفاقمه. وذلك على حساب البحث الرصين، الهادئ والرزين.
هذا البحث لم نشأه قصيدة مدح وتمجيد وتغنٍّ باليهوديّة، ولكنه ليس بالمقابل قصيدة هِجاء. فالتصوّف اليهودي لا يقلّ روحانيّة وشموليّة وعمقاً وإنسانيّة، عن تصوّف سائر الأديان. قد يختلف عنها ويتمايز، وهذا أمر طبيعي. ولكنه مثلها لا يفتقر إلى الشموليّة كما قد يتوهّم البعض. وإيليا والتيّار الإيليائي الذي نتناول في الباب الثاني، بيّنة على ما نقول. وأثر التصوّف اليهودي في التصوّفَين المسيحي والإسلامي، وفي مناحٍ معيّنة (علم الحروف… الخ) لا يمكن إنكاره ولا التغاضي عنه… كل ذلك يحتمّ ضرورة الدراسة المتأنّية والرزينة له، لنفهم الآخر كما هو، بل وحتى لنفهم كذلك جوانب من شخصيّتنا الثقافيّة والدينيّة.
لا تدّعي هذه الدراسة الإحاطة بموضوعها من كافّة جوانبه، وكل أبعاده. فتقاليد الصمت في اليهوديّة، شأنها شأن سائر الأديان، عميقة ومتجذّرة، وتضرب بعيداً في التاريخ والممارسة. فكان لا بدّ من الاختيار. وإلا احتجنا إلى تدبيج سلسلة كتب، لا كتاب واحد. ولكن ثمّة أمور حتميّة، لا يمكن تجاهلها في دراسة من هذا النوع. ألا وهي الأصول. فهل يمكن البحث في الصمت في اليهوديّة، دون التوقّف جليّاً عند تقاليده ومفهومه في التوراة، أو أسفار العهد القديم، وفق التعبير المسيحي؟ بالطبع لا. ظِلُّ التوراة يخيّم على غالبيّة أقسام هذه الدراسة، وليس على الباب الأوّل منها وحسب. وهذا أمر طبيعي. فالثقافة اليهوديّة تَتَمَحْوَر بمجملها حول التوراة. وليست المشنا والتلمود وغيرها سوى تفاسير لها.
والتوراة كما نورد في الباب الأوّل، ليست كتاب الكلمة بامتياز، وحسب، بل كتاب الصمت كذلك. لا تنقل كلام الله فقط، بل وصمته كذلك. فما هي مدلولات هذا الصمت ومعانيه؟! هذا ما نتناوله في الفصل الأوّل من الباب الأوّل. وصمت الإنسان بالمقابل، كيف فهمته التوراة وإلى ما يشير؟! إنه موضوع القسم الثاني من الفصل المذكور. وللإجابة على هذَين السؤالَين كان لا بدّ من جولة متأنّية في مختلف أسفار العهد القديم، أو التناخ، كما يسمّيها اليهود، في سبيل استقصاء مختلف معاني صمت الله، وصمت الإنسان كذلك والتي تختلف، وقد تتناقض حتى. من صمت هو علامة حُبّ حيناً، إلى دليل غضب أحياناً، كما يرد في الفصل الأوّل الباب الأوّل. إلى ما هنالك من مدلولات يتناولها الفصل المذكور. ولكن التوراة ليست كتاب صمت وحسب، كما طالعَتنا في هذه الدراسة. بل هي كتاب تلقين له. فالله لا يعلّم أنبياءه الكلام وحسب. بل والصمت أيضاً. هذا كان شأنه مع نبيّه حزقيال مثلاً، كما نشرح في الفصل الثاني/الباب الأوّل. وفي التوراة رواية تلقينية Récit initiatique لتعاقب الصمت والصوت ومفاعيل ذلك. إنها قصّة سقوط أريحا الواردة في سِفر يشوع بن نون. لذا توقّفنا عندها، ذاكرين بعض شروح المفسّرين لها. مسلّطين الأضواء على رمزيتها ومغزاها.
أمّا الفصل الثالث/الباب الأوّل فخصّصناه لآداب الصمت واللسان في التلمود، محاولين أن نمحو من ذهن القارئ الكثير مما علّق من إجحاف وسوء فهم لهذا الكتاب.
وبهذا الفصل ننهي الباب الأوّل. ولكن دون أن نتوقّف عن الغوص في بحور التوراة واستخراج كنوز الصمت وذهبه منها.
فالباب الثاني مخصّص لشخصيّة تَوراتيّة احترفت، كما يبدو، اختبار الصمت والإصغاء إليه. إنها إيليا النبي. مَن تجمع التقاليد الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلامية على تكريمه وإجلاله. ودورة إيليا بمجملها كما تبيّن لنا، واستناداً إلى أبحاث عالِم اللغة العِبريّة ميشال ماسون Michel Masson، تتمَحْوَر بمجملها حول عبارة من التوراة بقيت أزمنة وأجيالاً مبهمة وغير مفهومة: قُل ديمانا دقّة Qol Demana Dacca، (1 ملوك 19/12). وكان لأبحاث هذا العالِم دور حاسم في إزالة الالتباس عن هذه العبارة/المفتاح فإذا هي ”صوت صمت دقيق“ (مرهف). ما يعني أن اختبار إيليا للتجلّي على حوريب كان، وعلى النقيض من اختبار موسى على الجبل عينه، اختباراً داخلياً، لا شهوداً لظواهر خارجيّة خارقة، كما هي حال موسى. اختبار إيليا تجربة صوفيّة بامتياز. بل هي أرقى هذه التجارب وأكملها وأكثرها توحّداً. إنها اختبار للصمت الداخلي وإصغاء إليه. فوصف الصمت بأنه دقيق ومرهف يعني تأمّلاً واختباراً له. وصمت حوريب نقطة محوريّة في سيرة إيليا ومسيرته النبويّة. قبله كنا نرى هذا النبي الغيور يقضي بالسَيف على 450 نبيّاً للبعل، ويركض أمام عربة الملك مسافة ثلاثين كلم. بعده نجدنا أمام نبي من نوع مختلف تماماً، يقضي معظم أيّامه متأمّلاً على الجبل، لا يتدخّل إلا في عظائم الأحداث لينذر ويصحّح. لا بل إن مفهوم النبوّة برمّته تغيّر مع اختبار حوريب. إيليا الثاني (بعد حوريب) نبي يختلف تماماً عن إيليا الأوّل (قبل حوريب). وهذا التغيّر سيكون له تأثير على النبوّة بشكل عام في إسرائيل.
اختبار إيليا صوفيّ شخصيّ، يعني في أبرز ما يعنيه أن الطريق إلى الله مسيرة شخصيّة واختبار ذاتي متاح لكل إنسان. ولا يرتبط بشعب ولا بأرض. نصّ سيرة إيليا في التَوراة لا يشير أبداً إلى اختيار الشعب اليهودي. وهذا الصمت له دلالات عميقة: كل إنسان قادر وعليه أن يسعى لخلاصه، دون واسطة أو عهد مميّز. وإنما بنتيجة مسلك يتعلّق به وحده. وهنا تبدو العقيدة الإيليائيّة، وعلى عكس الشريعة المُوسَويّة، شموليّة وعالميّة. إيليا يتوجّه إلى أرملة صربتا الوثنيّة ويشفي ابنها. ومسيرته التي أفضت إلى رفعه إلى السماء تعتمد الخطّ عينه الذي اعتمده موسى للدخول بالشعب إلى أرض الميعاد، ولكنها في الاتجاه المعاكس. من هذه الأرض إلى خارجها.
اختبار الصمت على حوريب أسّس لرسالة تطال كل البشر، ولا تقتصر على شعب أو أرض. وإيليا الثاني (بعد حوريب)، نموذج للنبي صاحب الرسالة الشاملة والتي تتوجّه إلى الناس والشعوب. نموذج سابق ومُمَهِّد لرسالة المسيح ابن مريم الشموليّة المنحى، هي الأخرى. وقد وعى يسوع طابع رسالة إيليا هذا وحيّاه، وسار على خطاه «الحقّ أقول لكم إن أرامل كثيرات كنّ في إسرائيل في أيام إيليا(…) فلم يبعث إيليا إلى أي منهن، بل إلى امرأة في صرفت صيدون»، يقول ابن مريم، (لوقا 4/25 – 26).
كان لا بدّ من التأمّل والتفكّر مليّاً في خطّ النبوّة الجديد الذي رسمه إيليا في سيرته بعد صمت حوريب. ولعلّ شموليّة الرسالة هذه كانت أحد أبرز أسباب ما نراه من انتشار لتكريم النبي إلياس عند أتباع الديانات الساميّة الثلاث: اليهوديّة والمسيحيّة والإسلاميّة. اليهود لا يزالون في ذروة الانتظار الإيليائي، ومتصوّفوهم يعتبرونه مؤسّس القبالة أبرز تيّارات التصوّف اليهودي. والمسيحيّون يعتبرونه شَيخ أنبياء العهد القديم بلا منازع، وأحد زعيميهم مع موسى. فالإثنان وحدهما من بين هؤلاء الأنبياء، مَن شهد تجلّي يسوع على جبل ثابور. وهو أكثر أنبياء التوراة تكريماً وتعبّداً في الأوساط المسيحيّة إلى اليوم، في حين أن شخصيّته كنبي بتول ومتوحّد ألهمت ألوف الرهبان والرهبنات للسَيْر في طريقه. فاعتبروه شفيعاً ونموذجاً لهم. بل ومؤسّساً للظاهرة الرهبانيّة، كما تقول التقاليد الكرمليّة. والتي تؤكّد أنه أسس جماعات رهبانيّة استمرّت مئات السنين لتكون الرهبانيّة الكرمليّة امتداداً لها. وهكذا، فكما الصمت الذي بقيَ في قلب إيليا، بقي إيليا في قلب الرهبانيّة المكرّسة للصمت.
هذا الأثر الإيليائي الحاسم في المسيحيّة، خصّصنا له فصلاً طويلاً من الباب الثاني هو الفصل السابع.
أما في الإسلام فتَتَماهى شخصيّة إيليا مع أخرى في غاية الأهمّية، إنها الخضر، معلّم موسى، كما جاء في القرآن سورة الكهف 18/65 – 66، وملهم الصوفيّة والتيّارات الباطنية والغنوصيّة. وللأمر دلالاته البعيدة والعميقة. فكأن الخضر (النبي إلياس) هو موسى الجديد صاحب شريعة الباطن مقابل موسى القديم صاحب شريعة الظاهر. وكم تلتقي شخصيّة الخضر هذه مع شخصيّة إيليا الثاني (بعد حوريب).
ويصعب أن يكون الأمر مجرّد صدفة. فهل يكون مؤشّراً لاستمراريّة تقاليد إيليائية معيّنة، وصلت إلى عصر القرآن، فردّد هذا الأخير أصداءً لها؟! هذا ما نعرض له في الفصل الثامن والأخير من الباب الثاني.
أما فصول الباب الثالث، فتنقلنا من عصور التوراة القديمة إلى العصور الحديثة. وذلك لنستطلع تقاليد الصمت في واحد من أبرز تيّارات التصوّف اليهودي المعاصر. إنها فرقة الحسيديم. والتي ترتبط جذورها وعقائدها بتيّار القبالا وكتابه الزوهار. أما اختيارنا لهذه الفرقة بالذات، فيعود أوّلاً لتأثيرها الفاعل في اليهوديّة المعاصرة وحضورها الراسخ في إسرائيل اليوم دليل على ذلك. وثانياً لتجذّر اختبارات الصمت ومفاهيمه في تقاليدها وأدب حياتها.
ولم نتناول فرقة الحسيديم في بحثنا إلا من هذه الزاوية بالذات. فعرضنا لِسِيَر معلّميها منذ المؤسّس بعل شيم طوب، حتى رابي مندل من وركي/النمّوذج العالمي للمعلّم الصامت.
وتناولنا تعاليم هؤلاء في الصمت. وتوقّفنا خصوصاً عند ما يُروى عنهم من أخبار وحكايات Anecdotes ملهمة ومعبّرة في الصمت. وكيف عاشوا مع تلاميذهم آداب الصمت وتعاليمه. خصّينا كل معلّم ومدرسة بفصل. لنخلص إلى نظرة إجماليّة على تيّار ”الصرخة الصامتة“ وفق التعبير الحسيدي الذي سعى لا إلى أن يخرج إسرائيل من المنفى وحسب، بل بالأحرى أن يخرج المنفى من إسرائيل. ما يشير إلى انفتاح وسعة أفق في النظرة. ونقارن في خلاصتنا بعض تعاليم الحسيديم في الصمت والحياة الروحيّة بتعاليم ”زملاء“ لهم من متصوّفة المسيحية والإسلام.
تلك باختصار أبرز محاور هذه الدراسة، ومعالم مقاربتها ومنهجيَتها. لقد كان الغوص في هذه المحاور فرصة للكاتب للتحقّق من أن في التيّارات الروحيّة والصوفيّة اليهوديّة أبعاداً عميقة من الصمت واختبارالواحد لا تقلّ عما في غيرها من الثقافات والتقاليد. اليهوديّة في هذا الكتاب تُعرَض بوجهها المشرق الإنساني وذي النزعة الشموليّة العامة. وهذا أمر لم يألفه القارئ العربي. وقد يصعب عليه الأخذ به. ولكنه وجه أصيل في التَوراة. وإن عُزل غالباً، وبقيَ في الظلّ. وجه يصلح ليكون موضع لقاء وتحاوُر بين الأديان الإبراهيميّة/الساميّة المتناحرة والمتصارعة اليوم. وهل اختلاف الإيمان والعقائد، مصدر صدام بين الشعوب والثقافات ليس إلا؟!.
Q.J.C.S.T.B
د. لويس صليبا
السوربون/باريس في 14/07/2008

شاهد أيضاً

الفكر اليهودي بين الخصوصية والشمولية

نبذة:عرف كتاب “خلاصة الفكر اليهودية” روجاً، وانتشاراً ملحوظين. تدل على ذلك طبعاته المتتالية. فتجاوز عدد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *