أ. د. لويس صليبا/ “علوم الأديان بين الأمس واليوم: من ابن كمّونة إلى د. داهش”. محاضرة في مؤتمر علوم الأديان والتنشئة على المواطنية، جبيل، مركز تموز للدراسات، 20 /5 /2023

أ. د. لويس صليبا/ “علوم الأديان بين الأمس واليوم: من ابن كمّونة إلى د. داهش“. محاضرة في مؤتمر علوم الأديان والتنشئة على المواطنية، جبيل، مركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنية، السبت 20 أيار 2023

مقالة نشرت في مجلّة “الدراسات الأمنية” المحكّمة، بيروت، عدد 96، ت1- 2023

أشرتُ في الكلمة الافتتاحية لهذا المؤتمر إلى مسألة التسميات والمصطلحات، وهي لمّا تزل مثار نقاشٍ وجدل، كمثل تعبيرَي علوم الأديان وتاريخ الأديان، وكثيراً ما يُخلط بين هذين المصطلحين. لا سيّما وأن حال الأديان وتاريخها كحال الفلسفة وتاريخها. فلا يمكن فهم الفلسفة وتدريسها بمعزل عن الإلمام العميق والمفصّل بتاريخها وتطوّرها، وكبار الفلاسفة من أمثال هيغل وغيره كانوا من كبار مؤرّخي الفلسفة. وذلك خلافاً للعلوم البحتة كالرياضيّات والفيزياء والكيمياء بل وحتى الطبّ، إذ نجد متخصّصين كباراً في هذه المجالات لا يعرفون الكثير عن تاريخ العلم الذي تخصّصوا فيه.

لا يمكن الفصل بن الدين وتاريخه قلت، وإشكالية التمييز بين إسلام النصّ وإسلام التاريخ أو الإسلام التاريخي مثل على ما أقول، وكثيراً ما ينأى الدين في تجسّده التاريخي وتطوّره عن النصّ المؤسِّس، فيتوجّب على الباحث أن لا يغفل ذلك ولا يُقصر دراسته ومقاربته على النصّ المقدّس وحسب.

ومن أبرز ما واجهتُ من صعوبات في تدريسي الجامعي لعلوم الأديان تعويد الطلّاب على التمييز بين الحقيقة التاريخية والحقيقة الإيمانية، أو الحدث التاريخي والحدث الإيماني. وتوضيحاً لما أقول سأضرب مثلاً مستقى من المسيحية وآخر من الإسلام أي من الديانتَين التي يفترض أننا نعرفهما إيماناً وممارسات وعقائد أكثر من سائر الديانات.

صَلبُ المسيح هو بالحري وعلى الأرجح حدثٌ تاريخي. ونحن في ذلك لا نأخذ بالرواية المسيحية التي تتّفق الأناجيل الأربعة على سردها رغم أهمّيتها بل نعود بالأحرى إلى روايات المؤرّخين غير المسيحيين بل وأعداء المسيحية من حوليّات رومانية وقصص تلمودية وغير ذلك.

وبالمقابل فقيامة المسيح ليست حدثاً تاريخيّاً من منظور علوم الأديان. إنها بالحري حدثٌ إيماني. وهذا لا يعني أن علوم الأديان تُنكر وقوعها. إنها، في الحقيقة، لا تُنكر ولا تؤكّد، إذ لا تملك شهادات وروايات تاريخية واضحة من خارج المسيحية تقطع في ذلك. ولن أتوسّع في الشرح وأتبسّط فقد سبق أن فعلت في دراسة موثّقة عنوانها: يسوع في شهادة مؤرّخ عاصره: يوسيفوس اليهودي([1])، وبحوث المؤرّخين وعلماء الأديان في هذا المجال عديدة.

أنتقل إلى مَثَل من الإسلام: الإسراء والمعراج، هل هما حدثٌ تاريخي أم إيماني؟

درستُ الإسراء والمعراج في سلسلة كتبٍ صدر منها حتى الآن أربعة مجلّدات في نحو 1600ص. وما يمكنني أن أؤكّده في هذا المجال أن المعراج أي الرحلة العمودية إلى السماء لا ذكر له في القرآن، أمّا تأويل سورة النجم على نحوٍ يجعلها تتحدّث عن هذا الحدث فمتأخّر ولا أثرَ له في التفاسير القديمة كالطبري وغيره. إنه بالحري تأويل صوفي لاحق لبعض آيات هذه السورة: {ثم دنى فتدلّى فكان قاب قوسَين أو أدنى} والتي تصف تحديداً نزول الوحي وليس عملية صعود، كما أوضحتُ في دراسة ضافية([2]).

أما الإسراء، أي الرحلة الأفقية فمذكورة في آية وحيدة من المصحف (سورة الإسراء/1) واختُلف في تفسيرها لا سيما وأن المسجد الأقصى في القدس لم يكن له أيّ وجود في العهد النبوي. فيبقى الإسراء والمعراج حدثاً إيمانيّاً يصعبُ تأكيده تاريخيّاً لا سيما وأنّنا لا نملك أيّة شهادةٍ عنه من خارج الإسلام!!

تلك، باختصار لا يُخلّ، بعض الأسس والمبادئ التي لا بدّ منها لفهم دراستي هذه. ووسط انشغالي في التفكير والتفتيش عن مَثَلٍ تطبيقي يوضح كيف تُقارب علوم الأديان الظواهر والمسائل والمعضلات الدينية، وأهمّية وفرادة مقاربتها هذه اتّصلَتْ بي مُخرجة ومُعدّة برامج في قناة الجزيرة هي السيدة هلا مراد من طرابلس، وقالت إنّها بصدد إعداد فيلم وثائقي عن شخصية لبنانية طرحت ولا تزال الكثير من الإشكاليّات والتساؤلات هي سليم موسى العشّي (1909-1984) المعروف بالدكتور داهش([3]). وطلبَتْ منّي أن أشاركَ في هذا الوثائقي لأتّحدث من منظور علوم الأديان عن ظاهرة داهش في مقابلة لا تتعدّى الثلاث دقائق. فأجبتُها أنتِ تطلبين منّي، وطبقاً لتعبير القديس أغسطينوس الفلسفي، أن أضع المحيط بأسره في دلو ماء، وهذا أمرٌ من رابع المستحيلات. بيد أنّها أصرّت وألحّت وطيلة نحو أسبوع على مشاركتي في هذا الوثائقي، عارضةً أن تُجري مقابلة مطوّلة معي عن الموضوع تختارُ منها ما تراه مناسباً لبرنامجها في حين تبقى المقابلة وثيقة يمكن أن توضع على اليوتيوب أو غير ذلك. ولن أدخل في تفاصيل ما دار بيننا من حوارات، فالمهمّ أنّ إلحاحها المشكور جعلني أهتف كما الكثير من قدامى الباحثين: وجدتها Eureca، أي وجدتُ ضالّتي والموضوع أو المثل التطبيقي الذي أفتّش عنه. فالدكتور داهش ظاهرة دينية رغم أهمّيتها ووقعها ودوّيها الذي لم ينقطع إلى اليوم لم تحظَ بما تستحقّ من بحث، وفي ذلك يقول الباحث السفير فؤاد الترك([4]): “الظاهرة الداهشية لم تُدرَس إلى الآن دراسة علمية موضوعية، برغم ما صدر في موضوعها من مؤلّفات، فقد غلب على الكثير منها النزعة التبشيرية أو المقاربة الأدبية أو المعالجة الصحافية. ولعلّ خير خطوةٍ تُتَّخذ بعد انقضاء قرنٍ على مولده الشروع بها. وإلى أن يقام بهذه الخطوة الضرورية، فإنّه من الصعب جدّاً أن يُحكم له أو عليه”([5])

وهذه الصعوبة هي تحديداً ما واجهتُ مراراً في مقاربتي لظاهرة داهش. وكنت قد دُعيتُ مراراً في برامج تلفزيونية ومحاضرات ودروس جامعية للتحدّث عن داهش، فكنتُ ألبّي حيناً وأعتذر أحياناً كما في الحالة الأخيرة مع قناة الجزيرة. وقد شعرتُ اليوم أنّه آن الآوان أن أقول أقلّه كلمةً أولى موضوعية وموثّقة تعتمد منهجية علوم الأديان في ظاهرة داهش لا سيما وأنّها تتوافق تماماً مع موضوع مؤتمرنا هذا. فمسألة داهش عرفت ذروة التأزّم في أيلول 1944 حين جُرّد سليم العشّي من جنسيّته اللبنانية، وأصدر الشيخ بشارة الخوري رئيس الجمهورية اللبنانية في 8 أيلول 1944 مرسوماً جمهوريّاً يقضي بإخراجه من الأراضي اللبنانية، فأُبعد في اليوم التالي إلى حلب ومن ثمّ إلى أعزاز على الحدود التركية. نحن مع ظاهرة داهش إذاً في صُلب مسألة المواطنية والتنشئة عليها، وفي علاقة كلّ ذلك بعلوم الأديان أي موضوع مؤتمرنا، والأمر يستحقّ المغامرة وتكبّدَ بعضِ المشقّات.

ولا بدّ في البداية من أن أوضح لماذا يُطلب منّي أنا تحديداً، وفي كثير من الأحيان، التحدّث عن داهش وإبداء رأيٍ في الداهشية؟!

لم أعرف سليم العشّي شخصيّاً بيد أنّني نشأتُ في كَنَف كاهنٍ فاضل عرفه جيّداً. كان عمّي الخوري فرنسيس صليبا (1916-1996) ([6]) وكما هو مذكورُ في سيرته: “قد جمعَته بالرئيس الشيخ بشارة الخوري صداقةٌ متينة، إذ جعله هذا الأخير المعرّفَ له، فكان يُقيمُ له القدّاس فـي القصر والمنزل فـي أثناء الولاية وبعدَها. وأرسله الرئيس الخوري في مهمّات عديدة إلى الخارج وخصوصاً إلى سورية”.

كان الخوري فرنسيس أبي الروحي ومعلّمي الأوّل. وكان سرُّ الاعتراف، وكم كان يقدّسه عمّي، يحولُ دون أن يبوح لي بما يختزن قلبه وذاكرته من أسرار حكم الشيخ بشارة وخفايا مهمّاته هو في سوريا، ولا سيّما منها ما يتعلّق بظاهرة داهش. وكنتُ يافعاً في السبعينات، ومهتمّاً جدّاً بالمسيحية وعلاقتها بسائر الأديان. فكنتُ أطرحُ على الخوري فرنسيس العديد من الأسئلة عن داهش وخوارقِه وما تثير من علامات استفهام. واللافت في المسألة أنّه، ورغم قُربه من الشيخ بشارة الخوري ومعرفته الوثيقة بزوجته السيّدة الأولى لور، ما كان يهاجم سليم العشّي ولا كان ينعتُه بأشنع النعوت كما كان يفعل أنصار الشيخ بشارة. وأنا كنتُ أستغرب في الحقيقة ذلك من كاهن ماروني، لا سيما وأن الأوساط الكهنوتية الكاثوليكية عموماً كانت تُظهر عداءً سافراً وشرساً لداهش. وتوضيحاً للمسألة أقول: لم يكن عمّي بتاتاً من مُحبّي داهش، ولا من أنصاره، وقد فهمتُ لاحقاً موقفه اللافت والمحايد هذا ممّا سيلي ذكره. وعندما كنتُ أسأله:

-صحيح عمّو هيك عمل داهش؟!

كان يبتسم ابتسامته الساحرة والمعبّرة ويجيبني باقتضاب:

-هيك بيقولو.

وأذكر أنّه قال لي مرّة، وإثر إلحاحٍ متواصل منّي:

-اللي بِقدر قلّك ياه قلتو، وهلّق عليك إنت تفتّش بنفسك.

وهذه الكلمة الأخيرة هي التي أثارت المزيد من حشريّتي للمضي في البحث والتفتيش عن سرّ داهش وخوارقه وما يُتداول عنه.

ثمّ جاءت الحرب اللبنانية بأهوالها وويلاتها فأنسَتْني هذه الشخصيّة اللغز. وما عدتُ ذكرتها إلا في بدايات الألفية الثالثة. كنتُ يومها أحضّر أطروحة دكتوراه ثانية عن فيلسوف يهودي ملحد هو سعد بن منصور بن كمّونة (ت683هـ) وكتابه المقتضب واللافت “تنقيح الأبحاث للملل الثلاث”. وكان ابن كمّونة([7]) بمثابة معلّمٍ ثالثٍ لي في علوم الأديان، بعد الخوري فرنسيس المعلّم الأوّل والبيروني المعلّم الثاني الذي كتبتُ عنه أطروحةً أولى.

ما لفتني في ابن كمّومة موقعُ الحياد الذي اتّخذه، أو حاول، في دراسته لليهودية والمسيحية والإسلام. فهو لم ينطلق بتاتاً من انتماءٍ ديني لا يستطيعُ أن يخفيَه، بل سعى دوماً أن يقفَ على مسافةٍ واحدة من الملل التي يدرس. وهو لم يساير بتاتاً عندما كان يسوق الاعتراضات والشبهات بشأن مؤسّس المسيحية ولا بشأن نبي الإسلام، بيد أنّه بالمقابل لم يذكر مرّة هذا الأخير دون أن يُقرن هذا الذكر بالصلاة والسلام عليه وإظهار ما ينبغي من توقير لمقدّسات الآخر: ثباتٌ ورسوخ في الموقف الأساسي وليونةٌ ونبرة رزينة في التعبير عنه. والموقف الرزين والمحايد واللاإنفعالي الذي كنتُ قد عرفته مع عمّي الخوري فرنسيس في مقاربته لمسألة داهش، والظاهرة الدينية المغايرة عموماً تبلور واتّضح مع ابن كمّونة. يومها أدركتُ لماذا كان الخوري فرنسيس يعتمد معي هذا الموقف التعليمي اللافت من خصمٍ لدود لعقيدته هو داهش.

وتعلّمتُ من ابن كمّونة مسألةً أخرى أعادتني حكماً إلى داهش وتساؤلاتي بشأنه في الصبا. فهو في الباب الأول من كتابه يعرض ويشرح ما اختصرتُه بصيغة: المعجزات دليل على النبوّات، فيقول: “ممّا يدلّ على صدق المدّعين للنبوّات: المعجزات. والمعجِز على موجب اللغة هو ما عجز البشر عنه، ولم يتمكّنوا منه. والمعجِز في مصطلح جمهور أهل الشرائع هو الدالّ على صدق النبي في دعواه النبوّة”([8])

وواقع الأمر أن ابن كمّونة لم يبتكرْ شيئاً جديداً في هذا الفصل التمهيدي لكتابه، بل هو اكتفى بعرض وشرح خلاصة علم الكلام الإسلامي في النبوّة ودلالاتها والبيّنة عليها، وكذلك جوانبَ من اللاهوت المسيحي الدفاعي ومقاربتَه ومفهومَه للمعجزة.

وفي أطروحتي عرض مفصّل وتحليل مبسّط لذلك ممّا يحول دون عرضه ضيق المجال. ويومها تفكّرت كثيراً وتحقّقتُ أنّنا ننشأ ونتربّى في وعينا ولاوعينا الديني على علاقة سببيّة بين النبوّة والمعجزة. ونعيشُ حياةً برمّتها بحثاً في المعجزات وعنها كدعامة لإيمانٍ في الماورائيات تعرضه وتقترحه علينا الأديان. وتذكّرتُ وتفكّرت في ظاهرة د. داهش التي حيّرتني في الصبا وألهبت مخيّلَتي وشغلت فكري ردحاً من الزمن. وصمّمتُ على العمل على أطروحة جديدة أو أقلّه بحث موسّع يكون عنوانه:

عُقدة المعجزة في الديانات الإبراهيمية: داهش نموذجاً.

بيد أنّني اصطدمت مع بداية عملي بعُقدة كأداء، وخلاصتُها أن الفريق الأوّل في الصراع أي داهش وأتباعه وثّقوا وحفظوا الكثير عن تاريخ دعوته وما واجهت من عوائق واضطهادات وغير ذلك، في حين أن الفريق الخصم أي الرئيس الشيخ بشارة الخوري (10/8/1890-11/1/1964) وزوجته السيدة لور شيحا وشقيقها المفكّر اللبناني الشهير وأحد واضعي الدستور ميشال شيحا (1891-1954) وسائر أفراد الفريق المعادي لداهش لم يتركوا شيئاً مهمّاً في هذا الصدد يوضح موقفهم وخلفيّاته. فلم أجد مثلاً في مذكّرات الشيخ بشارة الخوري الموسّعة “حقائق لبنانية” وتقع في نحو 1250ص أيّة إشارة إلى داهش. ولا وجدتُ شيئاً من ذلك في مؤلّفات ميشال شيحا وتضمّ آثاره الكاملة بالفرنسية أكثر من عشرة مجلّدات. لماذا هذا الإغفال المتعمّد على الأرجح؟! أهو تعتيمٌ مقصود أم ازدراء أم ماذا؟ وكلّ الكتب التي صدرت في الأربعينات والخمسينات ونقضت العقيدة الداهشية وفنّدتها لم يعد لها أيّ أثر ولا حتى في المكتبات العامّة الكبرى في لبنان: لا في الجامعة الأميركية، ولا في المكتبة الشرقية ولا في غيرها. وأمام نُدرة الأصول والوثائق أقلعتُ عن مشروعي هذا وانشغلتُ بمشاريع فكرية أخرى.

واليوم، وجدتُ لزاماً علي أن أقولَ كلمةً في قضيّة داهش، وذلك لأسباب عديدة أبرزها:

1-تكرار طرح الأسئلة عليّ من جهات متعدّدة، كمثل ما ذكرتُ في بداية هذا البحث.

2-كتَبَ مؤلّف مصري باحث عن الشهرة اسمه سامح الجبّاس رواية مطوّلة عن داهش عنوانها “رابطة كارهي سليم العشّي” صدرت 2021 وأثارت عاصفة من التساؤلات والاهتمام والنقد. وهو يؤكّد ويبيّن أنه كان لسليم العشّي أي داهش تأثير على قامات روائية مصرية عظيمة مثل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس، وعلى الفنّان يوسف وهبي. وفي روايته يختلط الواقع بالخيال ما يُحوج إلى جلاء الكثير ممّا أبقاه الراوي مبهماً أو ملتبساً عن قصدٍ أو عن جهل، أو عن رغبة واضحة في الإثارة والتشويق.

ولا أودّ البحث في ما نُسب إلى داهش من خوارق ومعجزات، وذلك لأسباب عديدة أبرزها التالي:

1-التحقّق من الخوارق التي جرت على يد سليم العشّي أمرٌ عسيرٌ جدّاً. إذ مضى عليها زمنٌ طويل وأكثرها حصل في الأربعينات من القرن الماضي أي منذ نحو ثمانين سنة، ويصعب تبيّن واقعه. في حين نجد أن هذه الخوارق توقّفت نسبيّاً في الستّينات وانقطعت في السبعينات والثمانينات، ولم نعُد نسمع شيئاً مهمّاً عنها. هذا علماً وأن الكثير من خوارق داهش يمكن أن ينطبق عليه صفة لزوم ما لا يلزم كمثل إحضار كتاب من مكتبة أو صخرة من حديقة إلى ما هنالك. ومجمل خوارق داهش يمكن بالحري إدراجه في خانة الأحداث الإيمانية الآنفة الذكر.

2-وهذا هو السبب الأبرز والأهمّ: تُقدّم اليوغا عموماً ولا سيما في كتاب مؤسّسها باتنجلي وعنوانه “اليوغا سوترا” تفسيراً علميّاً ومنطقيّاً مدعوماً بالأمثلة العديدة القديمة والراهنة للقدرات الخارقة والمعجزات. وقد توسّعتُ في عرض ذلك في عددٍ من مؤلّفاتي السابقة([9]) لا سيما في تلك التي ترجمتُ فيها كتاب اليوغا سوترا وقمتُ بشرحه([10]). وباتنجالي وسائر الحكماء يوصون السالك، ويشدّدون التوصية بوجوب إخفاء القدرات الخارقة. وممّا يقوله غوتاما بوذا في هذا المجال أن السالك في طريقه نحو التحقّق يلقى ويصطدم Il Croise بالقدرات الخارقة وإذا توقّف عند هذا المستوى فذلك سيحول دون متابعة الطريق ويحرمه من الوصول إلى الهدف. كما أن مخزون الطاقة القادرة على اجتراح المعجزات يفرغ من فرط الاستخدام. ولنا أن نتساءل إذا كان هذا ما حصل مع داهش. وممّا يقوله بوذا أيضاً: ” أيها الرهبان امتنعوا عن اللجوء إلى الرقيّات والتعاويذ والسحر والأدعية لأنّها أعمال غير ذات نفع، ولأن قانون الكارما يحكم كلّ شيء. ومن يحاول صنع المعجزات لا يكون قد فهم تعليم بوذا”([11]).

ومعجزات داهش عموماً، ومن منظور اليوغا، تجد تفسيراً مقنعاً لها بعيداً عن الإعجاز الموهوم، وهي لا تُبهر بتاتاً ابن الهند أو الشرق الأقصى لأنّه ألِف معاينة الكثير منها. والفرق الأساسي بيننا وبين الهنود يعود إلى أنّنا تربّينا على اعتبار المعجزة بيّنة على النبوّة أو أقلّه القداسة، في حين أنها بالمفهوم الهندوي والبوذي دليل انحراف إذا صحّ التعبير.

والمفارقة الكبرى تكمن في أن معظم الدراسات التي تناولت د. داهش مؤيدةً كانت أن ناقضة ناقدة انصبّ اهتمامها حصراً على ظاهرة الخوارق. فإذا كنتُ قد أسقطتُّ هذا الجانب البارز كلّياً من حسابي واعتبرته غير ذي بال، فإلى ماذا سأستند؟!

خياري واقعيٌّ وبسيط، وينبثقُ من صُلب مناهج علوم الأديان الأكاديمية. قلتُ في نفسي أنطلقُ من نصّ داهش نفسه، وأحاول أن أتبيّن منه مدى أصالة رسالتِه وصدقِ مزاعمه. وقد ترك داهش أكثر من مئة كتاب يعتبرُها أتباعُه مثالاً نموذجيّاً للإعجاز البياني وهي، من منظور الداهشية، تضارع بإعجازها ما اجترح صاحبها من معجزاتٍ وخوارق. وأمام غزارة النتاج الداهشي لا بدّ لي في هذه العجالة من أن أكونَ انتقائياً وأُقصرَ بحثي على بضعة نماذج من هذه المؤلّفات.

وأوّل ما استوقفني كتاب “مذكّرات يسوع الناصري” ويقول داهش وأتباعه إنه كُتب في جزئه الأوّل سنة 1943، في حين أنه لم يصدر مطبوعاً إلا في 1980!! علماً أنه ليس هناك أيّ ذكرٍ للجزء الثاني الموعود بين مؤلّفات داهش المطبوعة ولا حتى المخطوطة!!

والداهشيّون يعتبرون “مذكّرات يسوع الناصري” إنجيلاً خامساً يتمّمُ الأناجيل الأربعة كما جاء في مقدّمة د. غازي براكس([12]) أبرز دعاة الداهشية للكتاب([13]).

إنّه بالحري إنجيل برنابا الثاني، إذا صحّ التعبير، فالنفَس البرنابيّ واضحٌ فيه. فكما جعل إنجيل برنابا المنحول يسوع يتنبّأ بمجيء رسولٍ من بعده، يجعل داهش المسيح في المذكّرات التي نسبها إليه يتنبّأ بمجيئه هو وبالدعوة الداهشية، إذ جاء في فصل “رحيل المسيح” على لسان يسوع مخاطباً مدينته الناصرة (ص51): ” سأعودُ إليكِ بعد عشرين جيلاً (…) وسيضُمُّ ثراكِ، بعد هذه الأجيال العشرين، أحد تلامذتي الذين لم أنتخبهم بعد حتى ساعتي هذه”.

يقول د. براكس مفسّراً (ص12-13): “أما عودة المسيح الثانية، فهو يعلن أنّها ستتمّ بعد عشرين جيلاً، بعد أن يكون قد أتمّ دورته في الكواكب قاطبة. (…) الزمن القريب وحده كفيل بكشف القناع عن رجل الروح العجيب وسرّه المدهش الغريب”.  والمقصود هو داهش طبعاً.

ونختار من “مذكّرات يسوع الناصري” نصّاً أو فصل يسوع وقائد الشرطة، وبشأن هذا الفصل يعتبر براكس أن الإعجاز الداهشي اكتشف (ص11): “أن معجزة يسوع الأولى لم تكن في عرس قانا الجليل، بل كانت في مخفر الشرطة. لقد كانت معجزة عدالة وجزاء”. فما هي هذه المعجزة؟!

نقرأ في النص الداهشي عن المعجزة المزعومة الحوار التالي بين يسوع وقائد الشرطة:

-أخبرني يا صغيري من أيّةِ قريةٍ من القرى أنت؟

-أنا من قرية الناصرة، غادرتُها منذ أسبوعَين.

-وهل يعرف والداك بمكانِ وجودِك؟

-كلّا إنهما يجهلان مكاني.

-وكيف؟ هل أنت متمرّد عليهما؟

-أنا لا أتمرّد إلا على الظالمين أمثالك.

-يا شقيّ اصمتْ.

-أنت الشقي، أمّا أنا فأضرعُ إلى أبي أن يجرّدَ عليك سيفَ حقيقته البتّار، لترى من منّا سيصمت.

وللحال هوى قائد الشرطة دون أن ينبسَ ببنتِ شفة. فعلا الهرجُ والمرج، ثم عندما تأكّد لهم موتُه صمتوا” (ص35-36).

أهي المعجزة الأولى، أم بالحري الجريمة الأولى. جعل داهش من يسوع مجرماً، وهو الذي غفر واستغفر حتى لصالبيه: {اغفر لهم يا أبتاه لأنّهم لا يعلمون ماذا يفعلون} (لوقا23/34).

تُذكّرني هذه المعجزة بنكتة كان يحلو لعمّي الخوري فرنسيس صليبا الآنف الذكر، وفي إشارةٍ خفيّة منه وغمزٍ من قناة داهش، أن يرويها لي وتقول: أراد بعض المؤمنين أن يشيّدوا كنيسة على اسم قدّيسٍ معيّن، وشرعوا بجمع التبرّعات من المؤمنين في هذا السبيل. فسألهم أحد الوجهاء: -حكولي عجيبة من عجايبو. فأجاب أحدهم: إن فلّاحاً سرق له يوماً دجاجة من دجاجات الدير، فما أن وصلت إلى معدته حتى قتلته. فقال لهم الوجيه عندها:

-هيدي مش عجيبة، هيدي رزالة، وقلّة حيا. حدا بيقتل زلمة كرمال دجاجة؟!”

أليس هذا تحديداً ما حصل لقائد الشرطة في المعجزة الأولى المزعومة: قُتل لأنّه قال ليسوع: يا شقي اصمت”

وسنرى أن ردّات الفعل الانتقامية الشرسة هذه، والتي تبلغ أضعافاً مضاعفة من الفعل نفسه ستكون من ثوابت المسلك الداهشي!!

أما الإعجاز الداهشي في البيان والبلاغة، والذي يُكثر الداهشيون من الحديث عنه والتباهي به فحدّث ولا حرج، وهاكم نماذج منه من مذكّرات يسوع:

-فقد اكتفينا من الاضطهادات التي تقع على عاتقنا كلّ يومٍ من أجلك. (ص48). لا يقال تقع الاضطهادات على عاتقنا! وإنما تلمّ بنا أو تصيبنا، ولا يقال اكتفينا من الاضطهادات، بل كفانا اضطهادات تصيبنا بسببك.

-فإن هذا الأمر قد تمّ كتجربة لتُعجَم بواسطته صلابة إيمان سمعان”. (ص40). تُعجَم بواسطته!! كان من الأولى والأصحّ أن يقال لتُمتَحن به، وليس بواسطته”.

-وهكذا مضت الأيّام يسابق بعضُها بعضاً تتلوها الأسابيع والشهور حتى اكتملت إلى عام. (ص43). جملة نموذجية في ركاكتها.

فهذه الأمثلة، وغيرها كثير دفعتني إلى اعتبار د. داهش رائد الأدب الركيك!! ولا يغربن عن بالنا هنا أن بضاعته من العلم والدراسة كانت قليلة، فمجمل ما أمضاه في المدرسة لا يتجاوز الستّة أشهر في ميتم غزير([14])، ورغم ذلك اتّخذ لنفسه لقب دكتور، وقبل ذلك لقب داهش بك!

ونموذجٌ آخر من “الإعجاز الداهشي”، إنها مقطوعة نثرية عنوانها الضباب وزعم داعش وأتباعه أن روح جبران خليل جبران أوحتها إليه في إحدى الجلسات، وقد تُليت في جلسة في 12 أيار 1942([15])([16])([17]) وهي المحاضرة الأولى عن الداهشية، ألقاها “المؤمن الأول” يوسف الحاج، وفيها قرأ مقطوعة “الضباب” هذه، وهذا لوحده دليل على ما يولي داهش والداهشيّون هذه المقطوعة من أهمّية، ويرون فيها من إعجازٍ بلاغي. وممّا جاء فيها:

ضباب!

ضبابٌ كثيفٌ يحيط بنفسي… ويكبّلُها بقيوده!

يحتاطُني مثلما يحتاطُ السِّوارُ مِعصَمَ الحسناء!

ضبابٌ جميل! يتجمّع ليعودَ ثانيةً فيتبدّد!

وآلافٌ من العيون الناريّة ترمقُني!

ويتبدّدُ هذا الضبابُ المكفهرّ

ليعودَ ويتجمّعَ بألوانٍ بيضاء مشوبة بالصُفرة

كالقطن المندوف!

ومن خلاله تظهر لي وجوهٌ ناعمة، ولكنّها حزينة!

وأيادٍ… لا يمكن معرفةُ عددِها لكثرتها!

بعضها منبسط القبضة! والآخر مقفل!” (براكس، جبران، ص541-542).

لا يمكن معرفة عددها لكثرتها: توضيح الواضحات، وهو نقيضٌ للبلاغة.

وتمضي المقطوعة على هذا المنوال لصفحات (ضاهر، م. س، ص26-30).

وأذكر أنّني عندما قرأتُها للمرّة الأولى، وأنا الذي يعرف جبران وأدبَه عن كثب، ولي فيه كتابَين اثنين، قلتُ في نفسي: لو عرف جبران المسكين أن هذا النص الركيك سيُنسب إليه لكسّر أقلامه وريَشه واعتزل الكتابة!

بيد أنّ الأدهى من ذلك كلّه أن المقطوعة تنتهي بتهديد واضحٍ ونبوءة مرعبة:

-يا أبناء الأرض المساكين! منذ عشرات الآلاف من السنين وأنا أشاهد أعمالَكم، (…) تتهالكون على المادّة، وتعبدون السلطة، وتكفرون بالسماء! (…) لهذا صمّمتُ اليوم أن أبلغَكم أمري الذي لا يُردّ! والقاضي بتدمير عالمِكم الحقير هذا… الذي لوّثتموه بجرائمكم وأطماعِكم، وشهواتِكم!! (…) لقد مللتُ شمسَكم وقمرَكم وأفلاكَكم ونجومَكم! وكلَّ ما تراه العين ويصلُ إليه الإدراك في عالمكم الملوّث. سأمحو عالمكم من الوجود، وأجعله نسياً منسيّاً” (ضاهر، م. س، ص39-30).

حقدٌ ليس على البشرية برمّتها وحسب، بل وعلى الكون الشاسع الواسع بأسره، والنبوءات بالويل والثبور وعظائم الأمور عديدة في النصوص الداهشية، أما تحقُّقها فمسألةٌ أخرى. عام 1997 كتب د. براكس تحت عنوان “نبوءة خراب لبنان” ما يلي: “في 4 كانون الثاني 1948 نشرت جريدة الحياة البيروتية وبعضُ الصحف اللبنانية الأخرى نبوءة للدكتور داهش مفادها أن بيروت ستحترق بالكبريت والنار وأن الخراب سيعمّ لبنان من أقصاه إلى أقصاه، وذلك نتيجة لاضطهاد الدولة لمؤسّس الرسالة الداهشية، ولسكوت الشعب الممثَّل بنوّابه وقُضاته وأدبائه وصحافيّيه عن هذه الجريمة. ولأن أبعاد هذه النبوءة الرهيبة تخطّت منطق المراقبين، فقد وقفت الصحافة منها، آنذاك، موقف الساخر. لكن التاريخ اليوم بعد نكبة لبنان وشعبه هو الذي يستهزئ بأولئك الساخرين”([18])

لو سلّمنا جدلاً أن سليم العشّي تنبّأ سنة 1948 فعلاً بحرب لبنان، رغم أن د. براكس لم يقدّم الدليل القاطع على ذلك، فهل يصدّق عاقل أو يقبل بهذا المنطق الانتقامي التعسّفي الظالم القائل إن هذه الحرب التي سقط بسببها مئات ألوف الضحايا ودُمّرت بيروت وسائر المدن اللبنانية قد وقعت لمجرّد أن د. داهش قد جُرّد من جنسيّته اللبنانية في أيلول 1944، هذا علماً أنها أعيدت إليه في عهد الرئيس شمعون بقرار من مجلس الوزراء في 6/2/1953!!

وختاماً سبق أن أشرتُ إلى أن السنوات الأخيرة لداهش يكتنفها الغموض. فلم نعد نسمع بالخوارق طيلة أكثر من عقدَين ونيّف من وفاته، ولعلّه توقّف عنها وانصرف إلى الرحلات وأدب الترحّل. ويروي المفكّر المعروف هشام شرابي([19]) لنا عنه كلاماً يسترعي الانتباه والتفكّر. يقول شرابي في مذكّراته: “كان اجتماعي الأخير بداهش في المرّة الأخيرة قبل وفاته بمدّة قصيرة في أحد مقاهي الروشة في إحدى فترات الهدوء الأولى بعد انفجار الحرب. (…) سألتُه إذا كان يذكر كتابه “ضجعة الموت أو بين أحضان الأبدية”، فابتسم وقال بصوتٍ خافت: حماقات شباب”([20]).

إنّه حقّاً تصريحٌ لافتٌ وخطير: داهش نفسه يقول عن أحد أشهر كتبه حماقات شباب. ونتابع مع شرابي روايته، فهو يُردف متحدّثاً عن داهش وناقلاً عنه: “ثم ابتسم [داهش] ابتسامة فاترة، وقال: لا تظلمني. ولا تظلم الناس. أنا لم أكذِبْ على أحد. الناس تريدُ الهرب إلى الماضي. إلى المستقبل. إلى العالم الآخر. الناس تريد الاتّصالَ بالأرواح للخروج من كابوسِ الحياة. الصوتُ الذي يسمعونه من عالم الموتى هو صوتُهم، صوتُ الموت الصادر من أعماقِهم”.

يتحدّث داهش في كلامه الأخير هذا وهو من أواخر ما نُقل عنه، بلهجة حكيم يوغي. فهو يعتبر كما اليوغا المعجزات والخوارق والوحي والإيحاءات كلّها تأتي من داخل الإنسان، وليست من عمل أرواحٍ ولا أيّ تدخّلٍ خارجي آخر. إنه ببساطة كلامٌ ينسفُ العمود الفقري الذي قامت عليه العقيدة الداهشية من أساسه!!

بينّا في بحثٍ آنفٍ لنا أن المؤمن الأوّل في الداهشية أي الشاعر والأديب يوسف الحاج (1883-13/6/1955) والد الفيلسوف كمال الحاج مات غير داهشي، وذلك بعد أن ابتعد عن الداهشية طيلة نحو خمس سنوات قبل وفاته. بيد أن بوح داهش الأخير هذا يجعلنا نطرح سؤالاً مركزيّاً بجدّية وموضوعية وحياد ألا وهو: هل مات داهش نفسُه داهشيّاً؟!

«»«»«»«»«»([21])

[1] -صليبا، د. لويس، الإسلاموفوبيا، نحو صدامٍ بين عالمَين: بحث في علاقات الإسلام المعاصر بالمسيحية والغرب، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط2، 2018، ب3/ف2: يسوع في شهادة مؤرّخ عاصره: يوسيفوس اليهودي، ص245-281.

[2] -صليبا، لويس، المعراج بين المحدّثين والمتكلّمين، دراسة وتحقيق لكتاب المعراج للقشيري (ت465هـ)، سلسلة المعراج: النص الواقع والخيال 1، جبيل/لبنان، درا ومكتبة بيبليون، ط5، 2017، فق: القشيري وتفسير سورة النجم، ص87-97.

[3] -يصعب التعريف بدقّة بـ سليم موسى العشّي المعروف بالدكتور داهش لتضارب الآراء والمعطيات بشأنه وتناقضها، ولمّا كان إيراد نبذة تعريفيّة عنه ضروريّاً في بحث أكاديميّ عنه كهذا لذا نكتفي هنا بالرواية “الرسمية” التي يتداولها الداهشيّون عنه. والده موسى إلياس أليشي نسبة إلى أليشع النبي، وقد حُرّف الاسم لاحقاً إلى العشّي. والدته شموني بنت حنّا مراد كانون. أصل العائلة من طور عبدين في جنوب تركيا الحالية، وقد تحوّلت من المذهب السرياني الأرثوذكسي إلى المذهب الإنجيلي. وفي سنة 1906 سافر والداه إلى فلسطين للحجّ، وهناك ولد سليم في القدس في الأوّل من حزيران 1909. ثم انتقلت العائلة إلى بيروت حيث استقرّت في حي المصيطبة 1911. توفّي الوالد سنة 1920، ووضع سليم في ميتم ببلدة غزير تابع للإرسالية الأميركية، لكنّه لم يمضِ فيه إلا بضعة أشهر لسوء صحّته. وتقول الرواية الداهشية إنه حصل على الجنسية اللبنانية في 7/3/1923 بعد أن حازتها والدته. تعلّم على نفسه مستأجراً الكتب، وحصل مع الزمن على ثقافة شخصية واسعة. وابتداء من 1929 بدأ يُعرف باسم داهش نظراً لما ظهر على يدَيه من أعمال غريبة خارقة. وفي سنة 1930 قصد باريس حيث أقام فيها أربعة أشهر درس فيها في معهد ساج Sage Institut العلوم النفسية وحصل على شهادة فيها، فصار يُعرف بالدكتور داهش. وذاع صيته بعد ذلك، وفي كلّ بلدٍ كان يزوره، من مصر إلى أوروبّا إلى بغداد راح الناس ومنهم كبار المثقّفين يتجمّعون حوله، وراحت الصحف تكتب المقالات المستفيضة عن أعماله العجيبة. وفي 23 أذار 1942 أعلن داهش في بيروت رسالته الإنسانية الروحية الداعية إلى الإيمان بالعدالة الإلهية ومبدأ الثواب والعقاب والتقمّص ووحدة الأسرة البشرية ووحدة الأديان الجوهرية. وقد راقت هذه العقيدة فئة غير قليلة من مختلف طبقات المجتمع اللبناني، وكان من بينهم أسرة الرسّامة والأديبة ماري شيحا حدّاد (1889-1973) شقيقة لور زوجة رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك الشيخ بشارة الخوري، فحاربه رجالات السلطتَين الدينية والسياسية. وفي 8 أيلول 1944 أصدر الشيخ بشارة الخوري مرسوماً يقضي بإخراج داهش من الأراضي اللبنانية بعد أن جرّده من جنسيّته اللبناني، فأُبعد في اليوم التالي إلى حلب ومن ثمّ إلى أعزاز. وفي 9/10/1944 استطاع داهش العودة سرّاً إلى بيروت، وباشر حملة قلميّة، فأصدر عشرات المناشير والكتب السوداء يعرض فيها الظلم الذي نزل به، ويفضح مفاسد عهد بشارة الخوري. وبعد سقوط حكم الشيخ بشارة، وفي 6/2/1953 اتّخذ مجلس الوزراء قراراً أعاد بموجبه إلى داهش جنسيّته اللبنانية. وفي 24/3/1953 أصدر رئيس الجمهورية كميل شمعون مرسوماً ألغى بموجبه مرسوم الإبعاد. فعاود داهش حياته الاجتماعية، وصارت دارته في بيروت ملتقى الأدباء والمفكّرين، وانصرف إلى تأليف الكتب وقام بسفرات عديدة إلى ما يزيد عن عشرين بلداً. شحن إلى نيويورك مقتنياته الفنّية بسبب اندلاع الحرب 1975. ثم عاد إلى لبنان في 14/12/1978 ليشرف على طبع مؤلّفاته. وفي 1/9/1980 غادر لبنان لاستئناف رحلاته العالمية فزار أميركا الشمالية وأوروبا والهند. وتوفي في 9/4/1984 في الولايات المتّحدة حيث دُفن. يحصي الداهشيّون له أكثر من مئة كتاب في الأدب والشعر المنثور والقصّة والرواية والفلسفة والدين وأدب الرحلات، أبرزها ممّا طُبع: 1-ضجعة الموت، أو بين أحضان الأبدية، 1936. 2-مذكّرات يسوع الناصري، ج1، بيروت، 1980. 3-مذكّرات دينار، أشهر كتبه، ط2، 1986. 4-بروق ورعود، ط4، 1946، كُتب 1942. 5-جحيم الدكتور داهش، ج1، ط2، 1989، وهو رحلة متخيّلة إلى الجحيم. 6-عشتروت وأدونيس، 1943. 7-نشيد الأنشاد، ط2، 1985، إعادة صياغة لنشيد الأناشيد من الكتاب المقدّس. 8-ناقوس الأحزان أو مراثي إرميا، 1983، إعادة صياغة لمراثي النبي إرميا في مدينة أورشليم. 9-الرحلات الداهشية حول الكرة الأرضية في 22 مجلّداً. 10-الرسائل المتبادلة بين الدكتور داهش والدكتور محمد حسين هيكل، بيروت، 1981. 11-نبال ونصال، قطع وجدانية، بيروت، 1971. 12-عواطف وعواصف، قصائد نثرية، بيروت، 1971. 13-قصص غريبة وأساطير عجيبة في أربعة أجزاء، بيروت، 1979-1983.

[4] -فؤاد الترك (1932-2012) ولد في زحلة، تلقّى دروسه الابتدائية والتكميلية في الكلّية الشرقية في زحلة، والثانوية في معهد الحكمة في بيروت. درس التاريخ والجغرافية في الجامعة اللبنانية وحاز على الإجازة 1955. انضمّ إلى سلك التعليم الثانوي أستاذاً 1956. دخل السلك الدبلوماسي 1957 وأخذ يتبوّأ المركز تلو الآخر: ملحق في سفارة لبنان في كندا، 1959، سكرتير أوّل في سفارة لبنان في كولومبيا 1964-1966، قائم بالأعمال في كولومبيا وبوليفيا والإكوادور والبيرو 1966-1969. رئاسة دائرة الشؤون الدولية في الإدارة المركزية في الخارجية في بيروت، 1969. قنصل عام في نيويورك ومستشار في البعثة اللبنانية الدائمة لدى الأمم المتّحدة 1971، سفير لبنان في الأرجنتين وسفير غير مقيم في التشيلي والأوروغواي والباراغوي، 1973. سفير لبنان في إيران وسفير غير مقيم في أفغانستان، 1978. أمين عام وزارة الخارجية 1983-1988. رأس وفد لبنان إلى الأمم المتّحدة 1983-1984. سفير لبنان في فرنسا 1988. سفير لبنان في سويسرا 1990-1995. تقاعد 1995، انتُخب رئيس منتدى سفراء لبنان سنة 2000. له: 1-السلام في لبنان وانعكاساته الخارجية، محاضرة ضمن كتاب المفاوضات بين لبنان وإسرائيل، جامعة اللويزة، 2000. 2-مقالات في مجلّات: صدى الحق، أوراق رهبانية، نهار الشباب، الرعية، ودنيا الأحداث وغيرها. 3-خطب ومحاضرات ومقالات جُمع بعضها في كتاب أعدّه أنطوان فضّول وأمل شعيا، وصدر بعنوان: فؤاد الترك، بيروت، 2007، 808ص. كُتب عنه المؤلّفات التالية: 1-آفاق لبنانية-فؤاد الترك، تأليف جوزيف السخن، بيروت، 1993. 2-سعادة السفير فؤاد الترك: عنه، منه، معه، إعداد ريبوراما، لبنان، 1996.

[5] -الدكتور داهش بأقلام نخبة من معاصريه بمناسبة الذكرى المئوية لمولده، نيويورك، الدار الداهشية للنشر، ط1، 2010، فؤاد الترك: رأي في الظاهرة الداهشية، ص236.

[6] – الخوري فرنسيس صليبا (1916-1996) ولد في سبرين/جبيل، وهو ابن كاهن رعيّتها والوكيل عليها من البطريركية المارونية الخوري يوسف صليبا. درس اللاهوت في كلّية اللاهوت في جامعة القديس يوسف للآباء اليسوعيين/بيروت، ورُسم كاهنا نحو 1938. جاء في كتاب الحقائق الجليّة في تاريخ العشيرة الصليبية عنه (ص285): “أرسله المطران عبدالله الخوري سنة 1939 إلى مدرسة الطائفة في يافا أستاذاً ومن ثم مديراً. ثم عيّنه البطريرك أنطون عريضة في المحكمة البطريركية الاستئنافية عام 1942. وأثناء أحداث فلسطين عاد إلى لبنان حيث عيّنه البطريرك عريضة واعظاً في بلاد جبيل لإلقاء الرياضات الروحية في المدن والقرى، ثم عيّنته اللجنة الرسولية عام 1947 مديراً أعلى على التلامذة الإكليريكيين في مدرسة عين ورقة البطريركيّة”. فخرّج جيلاً من الكهنة ترقّى بعضهم إلى الدرجة الأسقفية. أمضى أكثر من ثلاثين عاماً أستاذاً ومديراً للدروس العربية في مدرسة إخوة المدارس المسيحية المعروفة بفرير فرن الشبّاك، وكاهناً في أبرشية بيروت يخدم في رعية مار نهرا في فرن الشبّاك. بدأ بنشر مقالاته من الخامسة عشر من العمر، ومنها “كلّنا للرحيل من أجل الوطن”، “النملة والصرصور”، “إلى حضرة رئيس الجمهورية المقبل”. “ألَم ينقضِ عهد التجارب في لبنان”. جمعته بالرئيس الشيخ بشارة الخوري صداقة متينة، فجعله هذا الأخير معرّفه، وكان يقيم له القدّاس في القصر الجمهوري أثناء الولاية، وفي منزله بعدها. وأرسله الرئيس الخوري في مهمّات عديدة إلى الخارج وخصوصاً إلى سوريا. كما كان من المقرّبين إلى الرئيس اللواء فؤاد شهاب. بعد تقاعده من التدريس في مدرسة فرير فرن الشبّاك عيّنه المطران عبدالله البارد ثم المطران بشارة الراعي خادماً لرعايا عدد من بلدات جبيل لا سيما حصارات وشامات، كما تولّى الإرشاد الروحي والاحتفال اليومي بالذبيحة الإلهية في مدرسة فرير جبيل.

[7] -سعد بن منصور بن كمّونة: لا تذكر المصادر التي وصلتنا عنه سنة ميلاده. ويرجّح موشي برلمان، وهو من أكبر المختصّين بابن كمّونة إذ حقّق تنقيح الأبحاث وترجمه إلى الإنكليزية، أنه وُلد حوالي سنة (1215م أي 612ﻫ). أما سنة وفاته فيتّفق ابن الفوَطي مع كاتب الحوادث الجامعة، أنها كانت سنة (683ﻫ/1285م). وذلك على عكس ما أورده حاجي خليفة في كشف الظنون أنه توفي سنة (676ﻫ/1278م). وممّا لا شك فيه أن حاجي خليفة أخطأ في ذكر سنة وفاة ابن كمّونة. ومع ذلك فقد نقل عدد من المراجع الحديثة مثل معجم المؤلّفين ودائرة المعارف للبستاني تاريخ الوفاة هذه عن حاجي خليفة من دون تدقيق فيها.

ويقول الباحث لانجرمان المذكور سابقاً إن ابن كمّونة قضى قسماً من حياته في حلب. وإن حضوره في هذه المدينة التي كانت مركزاً ثقافياً مهمّاً من شأنه أن يفسّر بعض وجوه نشاطاته الفلسفيّة. ويضيف هذا الباحث أن ابن كمّونة، كانت تربطه علاقات مراسلة بالعديد من مفكّري عصره، ولا سيما منهم نصير الدين الطوسي (ت672هـ).

كان ابن كمّونة طبيباً. وعُرف له كتاب في الكحالة (طب العيون). كما عمل في الكيمياء وله كتاب فيها. وكان أديباً شاعراً. وقد ذكر له ابن الفوَطي أبياتاً ثلاثة. وكان من كبار الموظّفين في حقبة الحُكم المغولي. هذا ما يشير إليه لقبه “عزّ الدولة”. وقد حظِيَ بكثير من ألقاب التبجيل. وهذا ما نلمحه في مقدّمات عدد من مخطوطات كتبه. فهو: «الشيخ الفاضل المؤيّد في مطالبه، مشيّد حجج المحدثين ومرشد فِرَق الباحثين عزّ الدولة». وهو في مقدّمة أخرى: «الشيخ العالِم الفاضل، المؤيّد في مسالكه بأشرف شهم، علاّمة الأمم، مشيّد حجج الأقدمين والمحدثين، ومرشد كافّة فِرَق الباحثين، سيدنا ومولانا عزّ الدولة سعد بن منصور وهو “أوحد عصره وفريد دهره” و “علاّمة العراقين، و“الشيخ الأجلّ العالِم الكامل عز الدولة .يبقى أن ابن كمّونة، عُرف، أكثر ما يكون، كمصنّف في الملل والأديان، وذلك بكتابه تنقيح الأبحاث، وكفَيلسوف ومنطقي. ويذكره ابن الأكفاني (ت749ﻫ/1348) بين المنطقيين مسمّياً كتبه في هذا المجال: “الحِكمة الجديدة” و”شرح التلويحات”. طبيب، كيميائي، حكيم ومنطقي، أديب وموظّف مرموق، ومن عائلة عريقة في العِلم والوظيفة، هذا باختصار جلّ ما نعرفه عن حياة ابن كمّونة. (صليبا، لويس، مقدمة تحقيق تنقيح الأبحاث، ب1/ف1، فق: ابن كمونة في المراجع الحديثة، ص37-39).

[8] -ابن كمّونة، سعد بن منصور (ت683ه)، تنقيح الأبحاث للملل الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام، دراسة تعليق وتحقيق د. لويس صليبا، تقديم سحبان أحمد مروّة، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط4، 2016، ب1/ف2: المعجزة بيّنة النبوّة، ص301.

[9] -صليبا، د. لويس، اليوغا في المسيحية: دراسة مقارنة بين تصوّفين، تقديم د. بيتسا استيفانو، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط3، 2018، ب4: القدرات الخارقة ودلالاتها في اليوغا وعند القديسة تريزا، ص172-218.

[10] -صليبا، د. لويس، اليوغا في الإسلام مع دراسة وتحقيق وتفسير لكتاب باتنجلِ الهندي للبيروني، جبيل/لبنان، دار ومكتبة بيبليون، ط3، 2020، 350ص.

[11] -Saliba, Lwiis, Meditation, mysticism and the art of living in the Buddha’s teaching, Prefaces by Tenzin Palmo & Jacques Vigne, Jbeil/Lebanon, Editions Byblion, 2023, 9/13.

[12] -غازي براكس (1936-2014) ولد في زحلة/لبنان في 2/5/1936. أستاذ الأدب العربي في كلّية الآداب في الجامعة اللبنانية. اعتنق العقيدة الداهشية ودافع عنها. هاجر إلى الولايات المتّحدة 1986، وعمل مدير التحرير في الدار الداهشية. وتوفي هناك في 28/12/2014. من مؤلّفاته: 1-أنا والله والعالم، ديوان شعر، بيروت، دار مجلّة شعر، 1963. 2-معجزات الدكتور داهش ووحدة الأديان، بيروت، دار النسر المحلّق، 1970. 3-الداهشية حقيقة روحية تؤيّدها المعجزات، بيروت، دار النسر المحلّق، 1971. 4-صراع النسر والعاصفة أو ابن خلدون، تمثيلية تلفزيونية، بيروت، دار الأسبوع العربي، 1971. 5-معراج المعرفة أو ابن طفيل، تمثيلية تلفزيونية، بيروت، دار الأسبوع العربي، 1971. 6-جبران خليل جبران في دراسة تحليلية تركيبية لأدبه ورسمه وشخصيّته، وهي أطروحته لنيل الدكتوراه في الأدب، بيروت، دار النسر المحلّق، 1973، ط3، 1981. 7-فنّ الكتابة الصحيحة، بيروت، المؤسّسة العربية للدراسات والنشر، 1984. 8-الدكتور داهش الأديب المعجز: مقارنة بين كتابين عملاقين جحيم داهش وجحيم دانتي، بيروت، 1981. 9-في هيكل الدكتور داهش ومحراب أدبه، بيروت، 1982. 10-أضواء جديدة على مؤسّس الداهشية ومعجزاته الروحية، بيروت، 1997، بالاشتراك مع فارس زعتر وملحم شكر. 11-مدخل إلى الداهشية، بيروت، 1992. 12-أضواء على الدكتور داهش والداهشية، بالإنكليزية، بيروت، 1986. 13-حدائق الآلهة وفراديس الإلهات، دراسة أدبية لعدد من كتب الدكتور داهش، بيروت، 1981. 14-له مقالات وقصائد في مجلّة الكلمة/حلب، 1959، ومجلّة شعر، خريف 1960، وملحق النهار.

[13] -داهش، مذكّرات يسوع الناصري، بيروت، دار النسر المحلّق، 1980، ص12.

[14] -زعتر، المحامي خليل، جريمة القرن العشرن: دراسة تاريخية وثائقية قانونيّة تتناول الجريمة الرهيبة التي أوقعها الشيخ بشارة الخوري رئيس الجمهورية اللبنانية بحق الدكتور داهش، نيويورك، الدار الداهشية للنشر، ط1، 2018، ص193.

[15] -دمّوس، حليم، معجزات مؤسّس العقيدة الداهشية ومدهشاته الخارقة، بيروت، دار النار والنور، د. ط، 1983، ص39.

[16] -براكس، غازي فؤاد، جبران خليل جبران في دراسة تحليلية-تركيبية لأدبه ورسمه وشخصيّته، بيروت، دار الكتاب اللبناني، ط2، 1981، ص541-545.

[17] -ضاهر، نقولا، الداهشية وأثر الأخلاق في حياة الأمم، بيروت، دار النسر المحلّق، ط1، 1973، ص26-30.

[18] -براكس، غازي وآخرون، أضواء جديدة على مؤسّس الداهشية ومعجزاته الروحية مع فضحٍ ونقضٍ للعلوم الكاذبة ولمزاعم روجيه الخوري الباراسيكولوجية، بيروت، ط1، 1997، ص32-33.

[19] -هشام شرابي مفكّر فلسطيني معروف ولد في يافا في 4/4/1927 وتوفّي في بيروت في 13/1/2005. درس المرحلة الابتدائية في مدرسة الفرندز للبنين في رام الله، وأكمل دراسته في الإنترناشيونال كولدج في بيروت، وتخرّج من الجامعة الأميركية في بيروت سنة 1947. وفي فترة دراسته في هذه الجامعة انضمّ إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، فكان رفيقاً لأنطون سعاده، وبعد هجرته إلى الولايات المتّحدة إثر إعدام أنطون سعاده ظلّ مسؤولاً عن فرع الحزب هناك حتى 1955 حين انسحب منه. عمل أستاذاً لتاريخ الفكر العربي في جامعة جورج تاون في واشنطن، ونشر مؤلّفات عديدة بالإنكليزية. انتقل إلى بيروت 1970 وعمل في مركز التخطيط الفلسطيني وأستاذاً زائراً في الجامعة الأميركية في بيروت، ثم غادر بيروت عند اندلاع حرب لبنان. مع توقيع اتّفاقية أوسلو تمكّن هشام شرابي من زيارة يافا، وكان من المتحمّسين للاتّفاق، لكنّه لم يلبث أن تحوّل إلى أحد أهمّ معارضيه. توقّف عن العمل في جامعة جورج تاون 1998 وانتقل إلى بيروت حيث توفّي بمرض السرطان في 13/1/2005. من مؤلّفاته: 1-المثقّفون العرب والغرب، عصر النهضة 1875-1914، نيويورك، 1970، نقله إلى العربية وصدر في بيروت عن دار النهار 1970. 2-مقدّمات لدراسة المجتمع العربي، 1975. 3-البنية البطركية ، 1988. 4-النقد الحضاري للمجتمع العربي، 1991. 5-صور من الماضي، سيرة ذاتية، بيروت، 1993.

[20] -شرابي، هشام، صوَر الماضي: سيرة ذاتيّة، بيروت، دار نلسن، ط1، 1993، ص63.

[21]

شاهد أيضاً

Notes from a videoconference by Lwiis Saliba on Zoom, May 2024, about Alzheimer’s and its prevention.

Notes from a videoconference by Lwiis Saliba on Zoom, May 2024, about Alzheimer’s and its …

تعليق واحد

  1. كل التقدير، عزيزي د. لويس، على هذا المقال مبنى ومعنى: موضوعية مثالية، حجج مفندة، أسلوب جلي، رحابة أفق. أوافق على كل ما جاء فيه، وأحيي روح التقصي العلمي الرزين التي تميز كل ما قرأته لك حول هذا الموضوع وغيره. بورك قلمك المترسل للحقيقة بلا مساومة. مع المحبة والتقدير.

    يوسف كمال الحاج
    ١ حزيران ٢٠٢٣

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *